استطلاع/محمد راجح –
لا يستطيع أن يصف سمير الحمادي عامل في مجال الخياطة حالته النفسية السيئة عند انطفاء الكهرباء لأنها حالة تفوق الوصف تجعله يغوص في سحابة كثيفة من دخان السيجارة التي يشربها بشراسة مع تحول منزله إلى بؤرة توتر.
هذه هي الحالة السائدة في المجتمع اليمني جراء الانقطاعات المتواصلة للكهرباء واستمرارها لأوقات طويلة لأغلب فترات اليوم مما جعل حياة المواطن اليمني في جحيم نفسي وعصبي دائم ألقى بآثار قاتمة على الوضعية العامة للناس اجتماعياٍ واقتصادياٍ ونفسياٍ.
وطبقاٍ لخبراء في المجال النفسي والعصبي ناقشنا معهم هذه القضية الحساسة الهامة فإن الكهرباء مرتبطة بحياة الناس بشكل مباشر وعند انقطاعها المفاجئ ولأوقات طويلة يحدث انفعال عصبي شديد واضطراب نفسي يظهر في الغالب بشكل اكتئاب .
أصبح المواطن اليمني في وضع لا يحسد عليه بسبب هذه المعضلة التي يعاني منها منذ فترة طويلة وهي حتى الآن بدون حلول شلت قدراته الحياتية والإنتاجية والاجتماعية والمعيشية وحتى الحلول البديلة أضافت أعباء واسعة معيشية ونفسية نتيجة الضجيج المستمر من تشغيل المولدات الكهربائية التي لا يكاد يخلو منها منزل حيث أن ساعات الانقطاع الطويلة تسبب العديد من الأضرار والتلفيات يؤتي بثمار سلبية على الصعيد النفسي والاجتماعي حيث أن التوتر والنزاعات أصبحت ظاهرة مصاحبة لانقطاع الكهرباء.
وينبه خبراء إلى خطورة تأثير ذلك على حياة المواطن اليمني الذي أصبح مصاباٍ بالاكتئاب والعديد من الآثار النفسية الأخرى يتعلق بالنفس الإنسانية حيث يشعر الإنسان بالإحباط والضعف والخمول واليأس وعدم القدرة على العطاء والإنجاز وبذل الجهد مما ينعكس على سلوكه مع الآخرين بالإضافة إلى خطورة ذلك على الأطفال الذين يصابون بالحزن والقلق والانفعال.
حالة صعبة
يصف سمير الحمادي عامل في مجال الخياطة وضعه مع انقطاع الكهرباء بأنه يشعر كأن جسمه متكهرب من شدة الغيظ والألم الذي يعتريه في حال انطفائها.
ويقول: أنا عامل في مهنة تتطلب الالتزام بالعمل والإنتاج لكي أحصل على القوت اليومي والمصاريف لأنه عندما أتعرقل أو تشغلني شغلة معينة يتراجع إنتاجي ولا أحصل على الدخل اليومي المناسب الذي يجعلني أعيل أسرة مكونة من ثمانية أفراد.
ويقول: أشعر بوضع نفسي سيئ بعد انقطاع الكهرباء لأنها لاتعود إلا بعد ساعات طويلة والاعتماد على المولد يكلف مبالغ باهظة أكبر من طاقتي ومستوى دخلي.
ويضطر سمير كما يقول عند انقطاع الكهرباء للتدخين بكثافة شديدة الأمر الذي أثر على صحته وكذا الشعور بتوهان شديد يجعله خاملاٍ ويائساٍ وهو ما ينعكس سلباٍ في منزله الذي يتحول إلى بؤرة توتر.
الأمر بالنسبة للأخ خالد الأديمي صعب جداٍ لا يمكن تصوره لأن الحياة بلا كهرباء تنتهي تماماٍ والمسألة كذلك ليست مرتبطة بالانطفاءات لأن هذا حاصل في دول أخرى لكنه يتم وفق ضوابط وآليات محددة وواضحة ولأوقات لاتتعدى الساعتين في اليوم .
ويقول إنه زار بيروت ووجد أن الكهرباء تنطفئ لأوقات قليلة معينة لكن الأهم في ذلك أن الناس قد عندهم فكرة مسبقة حول موعد وتوقيت انطفائها المحدود بإعلان مسبق من قبل الاجهزة المختصة وهو الأمر الذي يغيب في بلادنا لأن انطفاء الكهرباء يتم بفعل اعتداء همجي متواصل ويتسبب بتعطيلها لأغلب فترات اليوم.
تشخيص
يؤكد الدكتور مراد السلامي أكاديمي علم نفس وطبيب مختص في الأمراض العصبية أن الانقطاعات المتواصلة للكهرباء تلقي بظلال نفسية سيئة للمواطن في بلادنا.
ويقول إن السمة السائدة حالياٍ في المجتمع اليمني يغلب عليها طابع التوتر والنرفزة والاكتئاب وهي عوامل متراكمة أفرزها واقع تحاصره العديد من المشاكل والأزمات المعيشية والنفسية والاجتماعية.
الكهرباء مرتبطة بحياة الناس بشكل مباشر وعند انقطاعها المفاجئ ولأوقات طويلة يحدث انفعال عصبي شديد واضطراب نفسي يظهر في الغالب بشكل اكتئاب.
ويضيف: تخيل ردة فعل عامل في مشغل خدمي أو معمل خياطة مندمج في عمله ومطالب بالتزامات إنتاجية يومية مرتبطة بحياته المعيشة وبقوته اليومي أو طالب يراجع دروسه او أعمال منزلية طارئة تحتاج للكهرباء.
ويوضح أن هذه أمثلة بسيطة توضح ردة الأفعال التي تحدث ونتائجها النفسية السيئة التي تظهر على شكل اكتئاب واضطراب وتوتر متواصل وهبوط شديد في المعنويات وتداخل عوامل عصبية يكون لها طابع ممزوج بأزمات داخلية تؤثر على صحة الناس وطريقة حياتهم ومعيشتهم وتعاملاتهم وإنتاجياتهم.
ويقول: الكهرباء مرتبطة بحياة الناس بشكل مباشر وعند انقطاعها المفاجئ ولأوقات طويلة يحدث انفعال عصبي شديد واضطراب نفسي يظهر في الغالب بشكل اكتئاب.
وطبقاٍ للدكتور مراد فإن الكهرباء مرتبطة بحياة الناس ولها آثار خطيرة مدمرة يجب التنبه لها والتعامل معها بجدية لأن استمرار هذا الوضع بالاعتداءات المتواصلة على الكهرباء وقطعها لأوقات متواصلة لأغلب ساعات اليوم تخلق بيئة اجتماعية مشلولة وخاملة ومتوترة.
ويشدد على أن أعصاب البشر مرتبطة بكل تفاصيل الحياة وللأضواء دور هام في تحريك هذه الأعصاب التي يتغافل الكثيرون عنها.