بدون إصلاح التعليم لن تتحقق مقتضيات الأمن القومي الشامل


الثورة تفتح نافذة على أهم قضايا أمن اليمن القومي الشامل… التعليم (عام – جامعي – تطبيقي) منظومة محورية في بناء المجتمع وتكوينه المعرفي والتنويري وأساس نهضته
ضيفنا في هذه الحلقة أكاديمي ضليع بالرد على أسئلة مفتوحة حول قضايا التعليم ومعطيات ومتطلبات تطويره فهو أستاذ الاقتصاد الإداري وباحث أكاديمي في البرامج التعليمية يملك تجربة تراكمية بدأت بالعمل أستاذاٍ محاضراٍ في الاقتصاد الإداري (بكالوريوس- ماجستير) في جامعة عدن وبعدها أستاذاٍ في جامعة الملك عبد العزيز آل سعود في المملكة العربية السعودية ثم أستاذاٍ ورئيساٍ في الجامعة الإماراتية الكندية في أم القْوين بالإمارات..
الدكتور جلال عبد الله حاتم الذي يشغل حالياٍ منصب رئيس الجامعة الإماراتية الدولية قدم في حوار صحفي لـ الثورة رؤىٍ هامة شخصت معضلات التعليم العام والجامعي والتقني في اليمن بأطره الحكومية والأهلية والخاصة.. مؤكداٍ أنه لا أمن قومي يمني شامل دون أجيال مستنيرة قادرة – بالعلم والمعرفة والعمل – على تأمين سْبل العيش الكريم للمجتمع اليمني من الغذاء والماء والصحة إلى حماية أمن اليمن المعلوماتي.. مشدداٍ – من أجل تحقيق ذلك- على ضرورة الاتساق والتكامل بين أضلاع العملية التعليمية اليمنية الثلاثة:(العام وزارة التربية والتعليم والجامعي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتطبيقي وزارة التعليم الفني والتدريب المهني).. متطرقاٍ إلى مجمل القضايا ذات البعد الثقافي والاجتماعي والسياسي المؤثرة في مسار العملية التعليمية وسبل معالجتها والفكاك من أغلال التعثر… إلى التفاصيل:
■ تسييس التعليم والنفوذ السياسي والقبلي وغياب ثقافة الإدارة المرتكزة على القوانين مشكلات أضرت بمسار العملية التعليمية

■ الحكومة مدعوة لإرساءثقافة القانون في مفاصل المجتمع ومؤسساته
■ ثقافة الحصول على شهادة ستتلاشى لأن سوق العمل لم يعد يكتفي بالمؤهل بل باختبار القبول والفترة التجريبية للموظف

■ توحيد مناهج التعليم العام ضرورة قصوى لتكون قاسماٍ مشتركاٍ يجمع التنوع الفكري تحت مظلة المعرفة واحترام العلم

■ ما لم تتسق أضلاع التعليم الثلاثة “عام جامعي تطبيقي” ستذهب كل الجهود هباء
● بداية دكتور جلال.. كيف تنظرون لأهمية التعليم (عام- جامعي- تطبيقي) في مسألة تحقيق الأمن القومي الشامل لليمن… ¿
– الحديث عن واقع التعليم بأضلاعه الثلاثة كقاعدة صلبة يقوم على أساسها أمن البلد القومي يتطلب ساعات ويتطلب دراسات أيضاٍ.. لكن الخلاصة التي يجب إدراكها هي أن بناء الأمن القومي الشامل لن يتحقق في بلدُ من بلدان العالم.. ما لم يتم إصلاح مثلث النماء والتطور والنهوض بالأجيال نفسها.. الضلع الأول في هذا المثلث يتمثل في التعليم العام وتمثله وزارة التربية والتعليم.. والضلع الثاني هو وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ويقابله -كي يلتقيا معاٍ في القمة- الضلع الثالث المتمثل في وزارة التعليم الفني والتدريب المهني.. بمعنى أدق يجب إصلاح بنية التربية والتعليم إصلاحاٍ مؤسسياٍ وبنيةٍ تحتيةٍ علمية تفتح مدارك النشء على المعرفة الحقيقية…كمدخل ضروري لإصلاح بنية التعليم العالي والتعليم الفني والمهني.

● هل نفهم من هذا أن معضلة التعليم تبدأ من وزارة التربية والتعليم .. ¿ وكيف يمكن إصلاح هذا الأساس ..¿
– لا شك أن للأسرة دوراٍ هاماٍ لكن وبكل تأكيد يقع على وزارة التربية والتعليم دور أساس.. فمدخلات التعليم العالي والبحث العلمي وكذا مْدخلات التعليم الفني والتدريب المهني هي مخرجات التعليم العام والأساسي وليس ممكناٍ أن نأتي بطلاب من خارج هذا النطاق والنظام التعليمي.. فمدخلات التعليم العالي والبحث العلمي وكذا التعليم الفني والمهني يتم بناؤها على أساس مخرجات التعليم العام.. ولا تستطيع مؤسستا التعليم العالي والبحث العلمي والتعليم المهني والتدريب المهني معالجة الخلل الذي يعتري المدخلات إلا من خلال عمل مؤسسي وتكاملي يجمع الجهات الثلاث.
إن إصلاح نظام التعليم العام (الأساسي-الثانوي) يتطلب – في رأيي – إعادة النظر في منظومة التربية أولاٍ لتتأسس على القيم المعرفية ذات الصلة بتحفيز وغرúس حْب العلم والمعرفة في أطفالنا في الأسرة وصولاٍ إلى الروضة ثم منظومة التعليم الأساسي من بنية تحتية كافية ومناسبة من مدارس تكتمل بنيتها التعليمية من مختبرات وقاعات مناسبة ومكتبة حديثة وغيرها من مقومات البيئة الدراسية الملائمة ايضاٍ إعادة النظر في المناهج والعمل على أن يجمع فيما بينها قاسم مشترك يجمع المتنوع الفكري تحت مظلة المعرفة واحترام العلم.. بحيث يكون التعليم الأساسي رافداٍ لا ينضب يزود التعليم الجامعي بالعقول المتفتحة والتواقة للعلم قبل شهادة التخرج.. وهذا هو جسر الاتساق الأهم بين أضلاع المثلث المذكور. وبدون هذا الاتساق لا يمكن الحديث عن أمن قومي شامل لأن تحقيق ذلك يأتي كنتيجة تراكمية معرفية يأتي من خلالها جيل مستنير مؤهل يمتلك ناصية العلم في مجالات الأمن الغذائي والصحي والمائي والبيئي والفكري والثقافي وصولاٍ إلى الأمن القومي الأمني بشقيه الواقعي المتمثل في وجود دولة لها وجودها المؤسسي ووظيفتها المحكومة بالقوانين.. أو الفضائي المتمثل في أمن اليمن المعلوماتي والبياناتي (الإلكتروني).. وغيرها من المجالات التي تدخل في نطاق الأمن القومي الشامل فهو ليس مصطلحاٍ شرúطوياٍ أو أمنياٍ فقط..
العلم والشهــادة
● صارت مسألة الحصول على الشهادة أو شراء الشهادة.. ثقافة سائدة إلى حد التهكم على رسالة التعليم بمثل يمني يقول:”الشهادة للجميع والعلم لمن يريد”.. برأيكم ما أساس وجود هذه الثقافة.. ¿ وما السبيل إلى تغييرها.. ¿
– في الفترات الماضية وحتى الآن طغت هذه الثقافة واستفحلت وكان الأساس يتعلق بمجرد وظيفة أو ترقية معينة ونتاج لما يسمى بثقافة وأنظمة المحسوبيات في بعض الدول العربية بشكل عام واليمن بشكل خاص لكني متفائل الآن بأن واقع الحياة وتطورها المتسارع سيقضي على هذه الثقافة خصوصاٍ في اليمن سواء أرادت مخرجات التعليم أن تعمل في السوق اليمنية أو الخليجية أو الدولية فقد بات من يضع معايير نجاح العملية التعليمية هو سوق العمل وهي الوظيفة نفسها.. فمثلاٍ في الخليج وبالذات في دولة الإمارات العربية المتحدة لم يعد سوق العمل (الوظيفة العامة – والقطاع الخاص) في ظل الحوكمة الإدارية والاقتصادية والإنتاجية يكتفي بالشهادة والسيرة الذاتية والمؤهلات التي يأتي بها من يريد الوظيفة بل هناك اختبار قبول وفترة تجريبية ليثبت جدارته المهنية والعملية.. ولم يعد بمقدور أي جامعة أو معهد تطبيقي إغفال هذا المعيار الهام معيار سوق العمل.. وهذا النمط سيسري في اليمن وقد بدأ بكل تأكيد..
رؤى ومقارنات
● وأنت كنت ولم تزل في الخليج كأستاذ جامعي وأكاديمي وإداري.. هلا وضعتنا أمام مقارنة بين اليمن ودولة الإمارات -على الأقل- يمكن لليمن الاستفادة منها لتطوير وتحديث مثلث التعليم العام والعالي والمهني.. ¿
– في دولة الإمارات العربية المتحدة ومنذ حوالي 4 سنوات تم إنشاء الهيئة الوطنية للمؤهلات تتبع مجلس الوزراء وهي تغطي التعليم والتدريب معاٍ بما فيه التعليم الفني والتدريب المهني وعلاقتها بالاقتصاد وسوق العمل وهي هيئة تتبنى وضع ضوابط ومعايير مؤهلات التعليم العام والتعليم العالي والتعليم الفني والتدريب المهني وتعمل على تطويرها باستمرار حتى تواكب التقدْم العلمي والتقني ومتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدولة.. في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في دولة الإمارات تم تأسيس هيئة الاعتماد الأكاديمي في 1999م التي تعمل وفق معايير وضوابط واشتراطات صارمة يتم مراجعتها ودراستها قبل اعتماد البرامج الأكاديمية للجامعات..

● ماذا تشترط هيئة الاعتماد الأكاديمي على الجامعات مثلاٍ ¿!
– تشترط هيئة الاعتماد الأكاديمي معايير كثيرة تبدأ برسالة الجامعة ورؤيتها وأهدافها ونظم السياسات واللوائح الخاصة بها والمرافق والتجهيزات والمصادر التعليمية وأنظمة تقنية المعلومات واستخداماتها وأعضاء هيئة التدريس والطلاب ونظام مراقبة الجودة فيها إضافة إلى وجود دراسة جدوى جيدة وموارد مالية مناسبة إضافة إلى البحث العلمي والتفاعل المجتمعي وجميع هذه المعايير منصوص عليها ضمن محتويات كتيب معايير الترخيص والاعتماد يتم تحديثها من فترة لأخرى وجميعها تتسق مع المعايير العالمية المعترف بها لضمان الجودة في التعليم العالي . .تأخذ بعين الاعتبار مواصفات وخصائص البرنامج الأكاديمي والمساق وتقاطع الأهداف مع مخرجات التعلم للبرنامج والمساق.. وتنتهي باشتراط توفر أدوات ووسائل التقييم لقياس مدى مطابقة الواقع مع معايير ومتطلبات الاعتماد الأكاديمي ليس على مستوى البرنامج أو المساق فحسب بل يمتد ذلك إلى البنية المادية للجامعة كالقاعات والمعامل والمختبرات والمكتبة وغيرها فضلاٍ عن البنية البشرية المتمثلة في الهيئة التدريسية الأساسية والمساعدة والإدارة والمهن الفنية والمساعدة.. ولعله من المفيد الإشارة إليه أن هناك في دولة الإمارات مدارس وليس جامعات فقط صارت تسعى للحصول على الاعتماد الأكاديمي وتعمل على تطبيق المواصفات الدولية القياسية كافة في أدائها التعليمي..
كما تسعى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في دولة الإمارات إلى مساعدة الطلبة على عملية اتخاذ القرار وتسهيل انتقالهم من المرحلة الثانوية إلى مرحلة التعليم العالي وتهيئة المناخ المناسب لتحصيلهم العلمي من خلال وضع قائمة بأسماء الجامعات المعتمدة على موقعها الإلكتروني لضمان تقديم نوعية مميزة من التعليم العالي يماثل الجامعات المعتمدة لدى هيئات الاعتماد الأكاديمي العالمية .
وكمقارنة اليمن بهذا الوضع التعليمي في دولة الإمارات تْجúدر الإشارة في هذا المقام إلى أن وزارة التعليم والبحث العلمي في اليمن بدأت مؤخراٍ وعلى نحو ملحوظ بإيلاء هذا الجانب اهتماماٍ بالغاٍ ولعل اللقاء التشاوري مع رؤساء الجامعات والكليات الأهلية الذي دعا إليه الأستاذ الدكتور محمد بن محمد المطهر وزير التعليم العالي والبحث العلمي المنعقد في نوفمبر الماضي قد كشف كثيراٍ جداٍ من الواقع الذي تعيشه الجامعات الأهلية.. وانطلاقاٍ من روح الإخلاص والمهنية تمكن الأخ الوزير بالفعل من وضع خارطة طريق تستهدف إصلاحاٍ هيكلياٍ حقيقياٍ سيؤدي في الأخير إلى رفع مستوى التعليم وتحسين وترصين مخرجاته.. ولا شك أن تلك مجرد خطوة أولى ستليها خطوات أخرى لتشمل كذلك التعليم العالي الحكومي أيضاٍ.

● ما الذي ينقص اليمن في ما يتصل بالتعليم العالي والبحث العلمي.. ¿
– أعتقد أن هذا السؤال المحوري هو مربط الفرس.. فلا يختلف اثنان على أن البنية التحتية لكثير من الجامعات سواء في التعليم العالي أو التطبيقي غائبة تماماٍ أو ضعيفة إلا ما ندر. والحديث عن بنية تحتية يعني الحديث عن معامل مختبرات تجهيزات وقاعات تصلح لأن تكون بيئة تعليمية عن مكتبة تتكامل فيها وسائل المعرفة الورقية والإلكترونية المواكبة لأحدث ما ينتجه العقل البشري وهذا ما تفتقر له كثير من جامعاتنا اليمنية.. الأمر الثاني مسألة الاعتماد الأكاديمي وضمان الجودة لا زال غائبا أو مغيباٍ.. والمشكلة أن هذا الأمر يترك للجامعات لأن تتقدم بشكل طوعي .. في رأيي حان الوقت لأن يكون الاعتماد ملزماٍ ويمكن تطبيق ذلك تدريجياٍ. لا بد أن ندرك أن الاعتماد الأكاديمي وضمان الجودة ليس ديكوراٍ أو مسألة شكل بل هو مضمون وقيمة نوعية يجب أن تعمل الجامعات كلها على تحقيقه وتطبيقه لكي تنتج مخرجات ذات جودةٍ عاليةٍ.. بدلاٍ من أن نبذل جهدا ووقتا وربما مالاٍ في مماحكات والإساءة إلى بعضنا البعض في تنافس غير شريف.
المشúكل الآخر أن هناك فجوة في ثقافة اتخاذ القرارات فقد تصدر قرارات جيِدة في أي مجال لكن طبيعة الصراع السياسي والنفوذ الاجتماعي يعطل هذا القرار بسبب حاجته للغطاء السياسي.. مثلاٍ مستوى الثقافة القانونية -التي تحكم القانون في معزل عن التأثير السياسي والنفوذ القبلي-متدنُ جداٍ.. فقد يكون لدى المسئول الصلاحية القانونية في إغلاق جامعة لا تلتزم بمعايير الجودة أو باللوائح القانونية الحاكمة والضابطة للعملية التعليمية لكن يدخل عنصر السياسية والنفوذ فيفشل المسئول وبالتالي القانون..
السياسة والتعليم
●برأيكم إلى أي مدى أثر هذا المستوى من الثقافة القانونية والإدارية.. في تأخير اليمن في مجال التعليم العالي والعمل الأكاديمي..¿
– تأثيره كبير جداٍ.. بل صارت معضلة تعطيل القانون بالنفوذ والصراع السياسي ثقافة قائمة بحد ذاتها تسري على العمل الإداري.. وهذا ما أثر تأثيراٍ سلبياٍ أوصلنا إلى مستوى ضعيف يتطلب منا فترة زمنية لتجاوزها سعياٍ إلى مواكبة ما وصل إليه الآخرون….

● إشارة إلى تأثير السياسة على سيادة القانون.. ما هي دعوتكم للأطر السياسية الحاكمة للقوى السياسية أولاٍ وثانياٍ الحاكمة لليمن بشكل عام فيما يتعلق بتنمية ثقافة القانون وتعزيز وجودها كأساس في التعليم..¿
– أمام الأطر السياسية اليمنية خصوصاٍ تلك التي تقود الأحزاب فرصةٍ ثمينةٍ لرسúم مستقبل اليمن الجديد من خلال تعزيز ودعم جهود القيادة السياسية اليمنية التي تسعى وتعمل جاهدة على إرساء ثقافة القانون وبناء اليمن الاتحادي الجديد من منطلق قاعدة التعليم والتكوين المعرفي السليم.. وبالتالي أجد أنه من الملائم دعوة كافة الأطر السياسية اليمنية الدنيا والوسطى والعليا إلى أن تبتعد عن تسييس التعليم في المؤسسات التربوية والتعليمية والمهنية من المدرسة إلى المعهد إلى الجامعات التي صارت مسرحاٍ لا يليق بتاريخ اليمن الحضاري الأصيل بما تعكسه من استفحال معضلة السياسة… ويجب على كل اليمنيين ساسة وقيادات وأكاديميين ومنظمات وأفراد أن ندرك أنه بدون أن يكون ولاؤنا للوطن ستبقى المؤسسة التربوية والتعليمية اليمنية تصنع أجيالاٍ مصبوغة بعقد السياسة كالتعصب العقدي والفكري والثقافي وهذا سيسري في مفاصل السلك الأكاديمي.. وفي الوقت ذاته أوجه دعوة للقيادة السياسية ولحكومة الكفاءات والسلم والشراكة أن تتجه صوب إرساء ثقافة القانون في كل مفاصل المجتمع وخاصة في المؤسسة التربوية والتعليمية والمهنية.
التعليم الجامعي
●عودة إلى التعليم الجامعي.. كثيراٍ ما يؤخذ الباحثون على التعليم الجامعي اليمني أنه يخرج بطالة مؤهلة كونها تعتمد على التعليم النظري.. كيف تنظرون لهذه المسألة ¿
– أرى أن المسألة تكاملية لا فكاك لها من تعزيز وإثراء خيوط وجسور الاتساق النظري والتطبيقي.. فنحن بحاجة للعلم النظري في الإدارة في التاريخ في الإعلام وفي كل مجال والحديث عن ثورة التقنية والبرمجيات ليس من باب تقليل شأن ذلك العلم النظري فهو أساس المعرفة بل وأساس ثورة التقنية والبرمجيات والمعضلة أن عدداٍ من جامعاتنا تعاني من قصور في إدراك أهمية هذه المسألة التكاملية وهذا ما يعني وجوب إعادة النظر في مناهجها وموائمة الجانبين.. العالم اليوم يتحدث عن تخصصات حديثة نفتقر إليها في كثير من جامعاتنا كتخصص الميكاترونكس في الهندسة أو التطوير والاستثمار العقاري في الإدارة مثلاٍ.. على الرغم من الحاجة إلى مثل هذه التخصصات في سوق العمل.
المجتمع والتعليم الخاص
● لا يزال المجتمع اليمني ينظر إلى التعليم الخاص بخوف كبير كونه يعتمد على الربحية.. كيف تفندون هذه النظرة.. ¿
– المجتمع اليمني عانى ولم يزل يعاني من مشكلات تتصل بثقافة التحصيل المعرفي والعلمي وهذه سببها الرئيسي طبيعة الحياة المعيشية وتدني مستوى دخل الفرد وبالتالي النظرة إلى التعليم الخاص هي نابعة من هذه الأسباب ناهيك عن بعض المماراسات والإساءات التي طالت العملية التعليمية والمؤهلات.. من قبل بعض الجامعات الخاصة التي لم تكن على مستوى عال من الجودة والمعايير الأكاديمية السلمية مع تعاطي القائمين عليها مع مسائل الطالب كعميل يدفع رسوم ويأخذ محاضرات ومن ثم شهادة وليس كمخرجات سيتم على مستواها المعرفي تقييم هذه الجامعات..
الجامعات الناجحة في العالم هي التي تظل تنفق على العملية التعليمية لسنوات ليست قصيرة بغرض صناعة النجاح حتى تصل إلى مستوى التعادل بين الدخل والانفاق وهناك يكون رأس مالها النجاح فلديها مخرجات وجدت نفسها مؤهلة ووجدت طريقها إلى سوق العمل وعندها كوادر قادرة على العطاء والتجديد.. ولديها اعتماد أكاديمي من الأطراف الأكاديمية العليا في البلد هنا يحق لها الربحية تصبح قدرتها وجودتها التعليمية نقاط بيعية فأنت تشتري المعرفة وأنت على ثقة من النجاح.. من منطلق ما تقدمه من خدمة تعليمية ومعرفية مواكبة لروح العصر.. وهذا عكس ما حصل في اليمن خلال فترة طويلة خلقت نظرة الخسران إلى التعليم الخاص..
الاستثمار التعليمي
● تأتي الجامعة الإمارتية الدولية كأول مشروع إماراتي استثماري تعليمي في اليمن.. هلا حدثتنا عن فكرة هذا المشروع .. ¿!..
– فكرة الجامعة كأول مشروع استثماري إماراتي في اليمن في مجال التعليم جاءت من قبل الأستاذ سلطان عبيد الشايع – مالك الجامعة ورئيس مجلس الأمناء- الذي رغم كل المخاوف التي نقلت إليه عن وضع اليمن والمخاطر التي تواجه الاستثمار في اليمن إلا أن عشقه لليمن كبلد عربي أصيل – كما يعبر دائماٍ – وإصراره جعله يزور اليمن ويطرح فكرة مشروعه الاستثماري على الجهات المختصة والمعنية وبدئ إجراءات العمل البنيوي للجامعة الإماراتية الدولية في اليمن.. وانعكاساٍ لما يكنه مالك الجامعة ورئيس مجلس الأمناء فقد وجه بالتعاطي التشجيعي مع الطلاب المتقدمين من خلال إقرار الرسوم المناسبة فلم تكن الجامعة للطلاب من أبناء النخب الميسورة فحسب بل جسدت معايير القبول والرسوم والمقرة لأن تكون لأبناء الطبقات الفقيرة وهنا نشير إلى أن مجلس الأمناء وجه بإعطاء الفتاة اليمنية منِحúاٍ ومقاعد مجانية تصل إلى 90 ألف دولار حتى الآن.. فيما اعتمدت الجامعة في أطرها الوظيفية والإدارية على معيار اليمننة قدر الإمكان.
● هل كان معيار سوق العمل وارداٍ وقائماٍ في محطات إعدادكم البنيوي والتعليمي للجامعة.. ¿
– بالتأكيد كان هذا المعيار حاضراٍ بل وجوهرياٍ من بداية الفكرة في الإمارات إضافة إلى معايير التعليم العالي والبحث العلمي المقر من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي اليمنية.. وبناء على ذلك ظللنا أكثر من عام في مهمة الإعداد الكامل إعداداٍ علمياٍ بنيوياٍ وعلى أفضل النماذج الناجحة في الإمارات من حيث المعامل والمختبرات والمكتبة بشقيها الإلكتروني والورقي ونظم الإدارة والتدريس والكادر ومواصفات القاعات ومعيارها الاستيعابي لأعداد محددة من الطلاب.. وقد بدأنا العملية التعليمية تحت مظلة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في سبتمبر 2014م هذا العام وفق المعايير المقرة من قبل الوزارة وأغلقنا باب التسجيــل والقبول بعددُ أقل مما حددته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي رغم أعداد المتقدمين وذلك لنستطيع تجاوز معيقات الزحام ونحقق مستوىٍ ممتازاٍ من التعليم من العام الدراسي الأول.. وإيماناٍ منا بأهمية البحث العلمي تجسيدا لرسالة الجامعة سيشهد مايو القادم بإذن الله المؤتمر العلمي الأول تحت عنوان ” جودة التعليم الجامعي ” وذلك تحت رعاية وزارة التعليم والبحث العلمي كما ستشهد الأشهر القليلة القادمة عدداٍ من الفعاليات العلمية والبحثية.

● برأيكم هل سيحـل الاستثمار جزءاٍ من معضلة التعليم في اليمن.. ¿ وما التحديات التي تواجه الاستثمار في التعليم الخــاص.. ¿
– بالتأكيد خصوصاٍ إذا اتكأت الجامعات على احترام معايير الجودة في التعليم ومعايير سوق العمل وإذا تم تفعيل قانون الجامعات.. أما تحديات الاستثمار في اليمن فهي تلك التحديات التي تواجه كل أنواع الاستثمار غياب الأمن والاستقرار والصراعات والحروب وقضايا الأراضي وغيرها.. وبالتالي لن يأتي رأس المال بدون إصلاح بيئة الاستثمار وحمايتها بدولة قوية..
أخيراٍ
● أخيراٍ.. ما مدى التعاون الذي وجدتموه في اليمن.. كأول مشروع إماراتي استثماري في مجال التعليم.. ¿
– وجدنا تعاوناٍ كبيراٍ خصوصاٍ من القيادة السياسية ممثلة بفخامة الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي – رئيس الجمهورية الذي رحِب ويرحب بالاستثمارات الإماراتية والخليجية في أي وقت وقد لمسنا دعمه واستعداده على تذليل كافة الصعوبات.. وربما هناك بوادر لاستثمارات خليجية جديدة ستتولد نتيجة للإرادة السياسية الصادقة في إصلاح وبناء اليمن الجديد وتحريك عجلة التنمية في اليمن الاتحادي.. كما حظينا بترحيب كبير من الحكومة اليمنية ممثلة بوزارة التعليم والعالي والبحث العلمي وكذا الهيئة العامة للاستثمار ممثلة برئيسها الدكتور يحيى صالح محسن الذي بذل ولم يزل يبذل جهوداٍ وطنية كبرى لإنعاش بيئة الاستثمار اليمنية وانتشالها من ركام التحديات..
mibrahim734777818@gmail.com

قد يعجبك ايضا