حكومة بحاح .. توجه جاد لكسب ثقة المانحين


استطلاع/ أسماء حيدر البزاز –

■ تجفيف منابع الفساد .. وتوفير مناخات الاستثمار وتقديم برامج لمشاريع تنموية .. من أبرز الأولويات

■ يجب إصلاح الهيكل الاقتصادي ومضاعفة مقدرة المؤسسات الإيرادية ورفد الخزينة العامة لتحقيق التنمية المستدامة

كسب ثقة الدول الداعمة مسؤولية كبيرة تقع على عاتق حكومة بحاح الساعية لمحاربة منظومة الفساد التي استغلت الموارد الوطنية والمساعدات الخارجية لصالحها دون الاهتمام بحاجة المواطن للتعليم والصحة وغيرهما من المتطلبات والبدء بتوفير مناخات الأمن والاستقرار وخلق بيئة مناسبة لاستثمار آمن يحقق استغلالاٍ أمثل للموارد المالية الخارجية ويعزز من حجم الموارد المحلية.

منذ بداية عمل الجهاز التنفيذي في ديسمبر وحتى الآن لم يألو فريق الجهاز التنفيذي جهداٍ في وضع وتنفيذ خطط عمل واقعية وتدخلات مناسبة وخطط متابعة قيمة وتنسيق فعال بين الجهات المعنية المختلفة من أجل تحقيق إنجازات ملحوظة في تنفيذ سياسات الإصلاحات المتعلقة بالإطار المشترك للمسؤوليات المتبادلة وفي متابعة سير تنفيذ واستيعاب تعهدات المانحين. وبالرغم من التقدم المتواضع المحرز من قبل الجهاز التنفيذي في الفترة المنصرمة وسط التحديات المتعددة التي تعيق تنفيذ هذه الإصلاحات وتسريع استيعاب التعهدات .

مشاريع وطنية
الأستاذ الدكتور سعاد سالم السبع – جامعة صنعاء ترى أنه لكسب ثقة الدول المانحة يلقى على الحكومة دور يتمثل في الجدية في العمل وعمل خطط لمشاريع وطنية والبدء بتنفيذ برنامجها فورا أما التأجيل والتسويف والانتظار فهذا سيجعل الدول المانحة تفقد الثقة بالحكومة الحالية وتعاملها معاملة الحكومات السابقة ..
وأضافت: إن العمل الجاد المنظم السريع هو الذي سيكسب الحكومة ثقة الجهات المانحة وكذلك التزام الشفافية في تقدير التكاليف للمشروعات بعيدا عن اللجوء للفاسدين والعمولات وغيرها .

خطوات جدية
الدكتور نبيل الشرجبي أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة الحديدة قال: بإمكان الحكومة أن تتخذ العديد من الخطوات في الجوانب الأمنية والاقتصادية والسياسية ففي الجاني الأمني يجب عليها أولا تطبيق اتفاق السلم والشراكة بشكل فاعل وان تضع حدا للتجاوزات المنافية للقانون وأن تعمل على بدء تطبيع الحياة العامة العادية من خلال تواجدها في الشارع أو المؤسسات والعمل على انتهاء الازدواج الذي تقوم فيه بعض القوى في إصدار الأوامر .
مؤكدا على ضرورة إنزال الحكومة مشروعات اقتصادية متطابقة مع متطلبات الدول المانحة وان تجعل منها شريكا مباشرا في اعتماد المخصصات المالية لكل المشروعات المتفق عليها وان تزيد من عملية الرقابة المالية والاقتصادية بشكل يجعل من الدول المانحة تشعر بجدية التحرك وثالثا العمل على إجراء تغييرات في الكثير من القوانين التي تعمل على تجاوز الكثير من الصعوبات الني تقف أمام العملية الاقتصادية.

رزمة حلول
وأما الأكاديمي هاشم علي علوي – مدير عام قسم البحث العلمي بجامعة إب فقد أوضح جملة من الحلول لجذب ثقة المانحين منها: مكافحة الفساد وتجفيف منابعه باعتباره من أهم أولويات الحكومة والذي بسببه فقدت الحكومات السابقة الثقة الشعبية وثقة الدول المانحة على حد سواء ولن تستطيع الحكومة كسب ثقة الدول المانحة من جديد إلا بأن تضمن وصول تلك المنح والمساعدات والهبات والقروض إلى تحقيق الأهداف التي رصدت لأجلها بحيث تحدث تنمية يلمسها الشعب وأن إيجاد دراسات جادة لمشاريع تنموية لم يعد مقنعا مادامت أيادي الفساد تعبث بالأموال الممنوحة والمقدرات الوطنية ناهيك عن الفشل في استيعاب تلك المنح ونهبها والعبث بها وتحميل الشعب والأجيال القادمة أعباءها دون الاستفادة منها وهنا يجب إصلاح الوعاء المتلقي للمنح وتسخيرها للأهداف التي خصصت لها ومن أجل أن تسهم في تخفيف الفقر والبطالة وتوفير فرص عمل للشباب والخريجين في مختلف المجالات.
موضحاٍ أن الحكومة أمام تحد كبير مع منظومة الفساد التي أتقنت استغلال الموارد الوطنية والمساعدات الخارجية ومن الضرورة بمكان إعادة النظر بالمنظومة القانونية والتشريعية التي تحمي كبار مسؤولي الدولة وتقف عائقا أمام إخضاعهم للقانون ومحاسبتهم ومساءلتهم والتحقيق معهم في قضايا الفساد التي مارسوها وإن كل ذلك سيوجد أرضية صلبة لاستغلال الموارد الخارجية ناهيك عن الموارد الوطنية التي تحتاج إلى إصلاحات لأجهزتها الإيرادية وتحسين وسائل تحصيلها واستغلالها وتسخيرها لتحقيق التنمية.

توفير المناخات
مشددا على ضرورة توفير مناخات الأمن والاستقرار والأمان وتطبيع الأوضاع الأمنية ومكافحة الجريمة السياسية وتجفيف منابع الإرهاب وتوفير بيئة استثمارية آمنة تحقق استغلال الموارد المالية الخارجية وتعزز من زيادة الموارد المحلية التي لا يمكن الاستهانة بها في حال استغلت الاستغلال الأمثل وتحسين وعائها الايرادي بالإضافة إلى تقديم برامج ودراسات مشاريع تحقق التنمية للشعب اليمني وليس تحقيق أهداف الدول المانحة التي تهدف من منحها ومساعداتها تحميل الشعب اليمني أعباء هو في غنى عنها وتوجيه الأموال في أغراض مشبوهة عبر منظمات المجتمع المدني التي تحقق أهداف المانحين في برامج وهمية¿ تحقق على أرض الواقع أي شيء ملموس .

بناء المؤسسات
من جانبه أوضح الناشط الحقوقي نجيب الغرباني أن المانحين لديهم رؤية تقييمية لبرنامج الحكومة وعملية تنفيذه لينال ثقتهم وكون حكومة بحاح حكومة جاءت من رحم الأزمات, ولذلك تتعاظم فوق كاهلها المسؤوليات فتوفير الأمن والأمان في مقدمة الأولويات لإيجاد الاستقرار والنجاح والتشجيع على العودة لتطبيع الحياة فلا يعقل أن تسمى دولة وما تزال بعض مناطقها ساخنة بالصراعات والمواطن لم يشعر بعد بالأمان ولا يتم ذلك إلا بإعادة بناء مؤسستي الجيش والأمن بناء وطنيا بعيدا عن النفوذ المناطقي والعائلي والقبلي وبعيدا عن التجاذبات السياسية ولابد من فرض هيبة الدولة وحضور الدولة وبسط نفوذها على كافة أراضيها وكذا مؤسساتها المدنية والعسكرية وألا يكون ذلك الحضور شكليا بل فعليا والنهوض بالاقتصاد وعودة عجلة التنمية والبناء وتحسين المستوى المعيشي للناس ورسم استراتيجية لامتصاص ارتفاع معدل البطالة وتشجيع الاستثمار والنهوض بالقطاعين الخاص والمختلط والعودة إلى تنفيذ المشاريع المتعثرة لاسيما تلك التي تحتل الأولوية بالنسبة للتطور الاقتصادي وحياة المواطن, وكذا الاهتمام بالمؤسسات الاقتصادية والثروات المختلفة .
مؤكدا على ضرورة أن يحتكم الجميع للقانون حكاما ومحكومين ومحاربة الفساد بكل أشكاله والقضاء على الإرهاب بكل صوره وضرورة تفعيل الدبلوماسية اليمنية لتغيير صورة اليمن خارجيا وللنجاح في كسب ثقة المانحين والداعمين وضرورة الحضور في كافة المحافل الدولية لتعزيز حضورنا الخارجي وبذل الجهود لإقناع الأصدقاء والشركاء في الإقليم والعالم لتقديم العون لإخراج اليمن من أزماته.

التنمية الحقيقية
فيصل المجيدي – رئيس مؤسسة الفيصل للمحاماة والاستشارات القانونية يرى أن على الحكومة اليمنية دوراٍ هاماٍ في إعادة ثقة المانحين التي تأثرت جراء ممارسات الحكومات السابقة لعوامل عدة لعل أهمها عدم وجود تنمية حقيقية تضيق الفجوة بين الأقوال والأفعال إذ أن مشاكل البلد لم تزل في بدايتها كما كانت في السابق من عدم توفر البنية التحتية كالكهرباء والطرقات وعدم وجود تعليم حقيقي غير أن الأهم من كل ذلك هو استعادة الأمن واستعادة الدولة من أيدي المليشيات المسلحة وفرض هيبة الدولة وسطوة القانون على الجميع دون استثناء
بالإضافة إلى إيجاد جيش وطني يتأسس على أن الوطن هو الواجهة الممثلة للجميع يمكن أن يسهم في استعادة ليس فقط المانحين بل المواطنين أنفسهم في الدولة والجيش والأمن.

تقارير سابقة
وقال : إن المواطن منذ عقود يرى ترهلا في أداء الدولة لكن ثمة إشكالاٍ لمؤسسات الدولة كانت بادية للعيان قبل أن تسقط هذه المؤسسات وعلى رأسها الجيش إذ أن وجود الحكومة لم يغير حتى اللحظة من الواقع شيئاٍ فنحن نعيش ما قبل الدولة ولهذا يجب ان تدرك حكومة بحاح أنها أمام موقف تاريخي مصيري لا يمكنها التغني بوجود الدولة على الورق دون ان توجد لها اساساٍ على ارض الواقع فالمجتمع الدولي والمانحون أصبحوا مدركين لكل ما يدور على ارض الواقع فتقاريرهم تسبق تقارير الحكومة بل انها اكثر دقة ومصداقية …فالمهمة ليست بالهينة لكنها ليست مستحيلة.
وختم حديثه بخلاصة من الحلول قائلا : إن فرض الأمن وإيجاد قضاء حقيقي وعادل وإعادة هيكلة الجيش بل إعادة بنائه على أسس الاحترام للتراب الوطني وليس للولاءات سيعزز من فرص عودة المانحين الذين لن يقبلوا ابدا بدعم دولة فاشلة .

تفاصيل إجرائية
من جانبه يقول عمار السوائي – رئيس مؤسسة تمدين شباب إن حكومة المهندس خالد بحاح هي الوحيدة المعنية بهذا الدور كسب ثقة المانحين والتفاصيل الإجرائية كثيرة بهذا الخصوص لكن بالإمكان أن نتحدث عن دور الجهاز التنفيذي لتسريع استيعاب تعهدات المانحين الذي ترأسه الدكتورة أمة العليم السوسوة فمن واقع التباحثات الدائمة بين الجهاز ممثلا الحكومة وبين دول المنح يضع المانحون عددا من الملاحظات الجوهرية أهمها : وجود مصفوفة واضحة لاستيعاب المنح المقدمة لتمويل البرامج التنموية والاستثمارية بحسب الأولوية وهذه التي واجهت بعض العراقيل في منحة التعليم الفني والتدريب المهني بقيمة 234 مليون دولار بسبب بطء استجابة الجهات المعنية للإفصاح عن احتياجاتها. والإصلاحات الإدارية التي تقتضي إعادة النظر في الجهاز الإداري للدولة وتشكيل جهاز الإصلاح المالي والإداري والتخفيف من الكادر الوظيفي واعتماد خطة تحديث إدارية شاملة. واعتماد آليات أكثر نجاعة وحسما في التعامل مع الفساد المالي والإداري حيث وأن الفجوة كبيرة بين الآليات المعتمدة حاليا وبين النتائج المتحققة وشخصيا أجد أن إعادة النظر في تشكيلة ووظيفة هيئة مكافحة الفساد هي مهمة عاجلة لا ينبغي تأجيلها لكنها من مسؤوليات رئيس الجمهورية.

إصلاحات هيكلية
ومضى السوائي يقول : ويجب إجراء إصلاحات هيكلية وقطاعية عاجلة لبعض المؤسسات الهامة وقطاعات الكهرباء والطاقة والنفط والضرائب للحد من تسرب الموارد. وتفعيل دور المجتمع المدني في مراقبة أداء الحكومة وتعزيز الشراكة بين الجهتين في إصلاح السياسات العامة , ولهذا على عاتق الحكومة مسؤوليات أكثر أهمية من تلقي مساعدات الدول المانحة وهي إصلاح الهيكل الاقتصادي ومضاعفة مقدرة المؤسسات الإيرادية على تحصيل إيرادات الدولة ورفد الخزينة العامة والمعالجات اللازمة في طريق الاستغناء التدريجي عن الهبات والمنح والدعم والدين الخارجي التي لها آثار خطيرة كتحفيز مخاطر الاتكالية وتعطيل التوجهات الإحيائية لصيانة الاقتصاد وخفض استقلالية القرار السياسي.
فيما اكتفى أمين الربيعي – المدير التنفيذي لمنظمة سواسية للتنمية والعدالة بالقول: الوضع باليمن لا يقاس بالحكومة ورئيس الوزراء بقدر ما يقاس بالقوة الفعلية التي تحكم البلد وتتحكم في قراراته المصيرية.

قد يعجبك ايضا