الحقيقة أن العدوان السعودي على الشعب اليمني لم يبدأ في مارس 2015، بل يعود إلى بداية القرن الماضي، ففي عشرينيات القرن الماضي ارتكب النظام السعودي مجزرة تنومة التي راح ضحيتها ثلاثة آلاف حاج يمني دفعة واحدة، وفي الثلاثينيات أعلن النظام السعودي بدعم بريطاني الحرب على الشعب اليمني سيطر خلالها على نصف مساحة اليمن الحالية، وفي الستينيات أشعل حربا أهلية بين الملكيين والجمهوريين في اليمن استمرت سبع سنوات متتالية، وفي السبعينيات اغتال النظام السعودي الرئيس الحمدي وفي الثمانينيات قدم المال والسلاح للجماعات الإسلامية في اليمن لمواجهة الجبهة الوطنية المناهضة للرجعية السعودية لسنوات عديدة، وفي التسعينيات دفع النظام السعودي السلطة في صنعاء لإعلان الحرب على عدن، وفي العقد الأول من القرن الحالي حشد النظام السعودي السلطة والمعارضة وجماعة الإخوان والوهابية في اليمن للقيام بستة حروب عسكرية على أبناء محافظة صعدة، وفي الحرب السادسة تدخل النظام السعودي مباشرة بطائراته الحربية وقواته البرية، وفي العقد الثاني من القرن الحالي تزعم النظام السعودي بقيادة أمريكية صهيونية تحالفا إقليميا ودوليا مكونا من سبع عشرة دولة من اغنى وأقوى دول العالم للعدوان على الشعب اليمني، استمر هذا العدوان عشر سنوات متتالية، دمرت الحجر والبشر وأحرقت الأخضر واليابس في اليمن، إضافة إلى الحروب والصراعات القبلية والمناطقية الأخرى التي أشعلها النظام السعودي وأدواته في اليمن خلال العقود الماضية، عداوة النظام السعودي وحقده على الشعب اليمني ليس طارئا أو مؤقتا بل هو عداء تاريخي مستمر حتى اليوم، وجرائمه في اليمن ربما تتجاوز جرائم الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، بل إن النظام السعودي كان يعتقد أن استقرار اليمن وتقدمها يشكل خطرا عليه، وأن أضعافها وتدميرها وتجويعها في صالحه، فمنع كافة الشركات العالمية من استخراج الثروات اليمنية أو التنقيب عنها أو الاستثمار فيها، واغتال كافة الشخصيات الوطنية التي كانت تسعى للنهوض باليمن أو تطالب بسيادته واستقلاله، وحول اغلب الشخصيات اليمنية التي كانت تدير الدولة إلى عملاء وخونة يتقاضون رواتبهم من اللجنة الخاصة التابعة للسعودية، ووفر للجماعات الوهابية والإخوانية كافة الإمكانيات المادية والمعنوية لتغيير ثقافة الشعب اليمني وهويته الإيمانية، وظل النظام السعودي خلال خمسين عاما تقريبا يزحف يوميا في الأراضي اليمنية الحدودية الغنية بالثروات النفطية، حتى كانت أدواته المحلية في السلطة والمعارضة تشكو من أطماعه وجرائمه وتدخلاته في الشؤون اليمنية، لذلك لا يستطيع النظام السعودي أن يكفر عن ذنوبه وجرائمه التي ارتكبها خلال قرن في اليمن مهما قدم من الأموال والتعويضات، ومع ذلك لم يطالبه الشعب اليمني إلا بجبر الضرر الذي أحدثه خلال عدوانه تحت مسمى عاصفة الحزم، وسحب قواته وأدواته من المحافظات اليمنية المحتلة، واحترام سيادة الشعب اليمني واستقلاله ووحدة أراضيه، وهي مطالب محقة وعادلة في كافة المواثيق والمعاهدات الدولية، لا تقبل التسويف أو المراوغة أو المماطلة، فالشعب اليمني لم يعد قادرا على أن يظل أكثر من عشر سنوات من دون رواتب، أو أن تظل مغلقة في وجهه كافة الموانئ والمطارات والمنافذ، أو أن تتواجد قوات أجنبية على أرضه ، أو أن تظل موارده وثرواته وخيراته منهوبة، لاسيما أنه بات قادراً على انتزاع حقوقه بالقوة، وعلى النظام السعودي أن يأخذ من البحر الأحمر العظة والعبرة، فمن عجز عن حماية سفنه وبوارجه فهو عن حماية غيره اعجز، وأنه ليس أبعد من الكيان الصهيوني جغرافيا، ولا أكثر منه قوة أو حماية أو أهمية للولايات المتحدة الأمريكية، فالشعب الذي واجهه عشر سنوات بالشجر والحجر والبندقية لن يدخر المسيرات والبالستية والفرط صوتية في الجولة القادمة، ومئات الآلاف الذين تخرجوا من الكليات والدورات العسكرية خلال الأعوام الماضية، بلا شك أن النظام السعودي إن فوت على نفسه هذه الفرصة، وتعامل مع المطالب اليمنية المحقة والعادلة باستعلاء وعنجهية فإن الأثمان التي سيدفعها هذه المرة ستكون باهظة .
أمين عام مجلس الشورى
Prev Post
Next Post
