مناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي في 5 محافظات يمنية


فتاة نقيل سمارة ذات العشر سنوات والتي عثر على جثمانها خلال الأيام القليلة الماضية في النقيل على طريق صنعاء تعز بعد أن تعرض جسدها الصغير لطلقات نارية ويحمل آثار تعذيب وحشية في جريمة هزت المجتمع اليمني .
هذه الجريمة البشعة التي أشارت التحقيقات الأولية إلى تورط والد هذه الطفلة فيها ماهي إلا واحدة من بين عشرات الجرائم التي تحدث في المجتمع المحلي بسبب العنف الأسري القائم على النوع الاجتماعي .
ويقول مسئولو منظمة المساعدة الإسلامية “بريطانيا” والتي نفذت مؤخرا بتمويل من صندوق الأمم المتحدة للسكان جملة من الفعاليات والأنشطة التوعوية الهادفة إلى رفع مستوى الوعي المجتمعي بأخطار وآثار العنف القائم على النوع الاجتماعي أن نشر الوعي المجتمعي على نطاق واسع هو الطريقة المثلى للحد من هذه الظاهرة الخطيرة.
ويؤكد السيد/خورام جافيد المدير القطري لمنظمة المساعدة الإسلامية- بريطانيا أن المنظمة تبنت مؤخرا مشروع رفع الوعي المجتمعي لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي بتمويل من صندوق الأمم المتحدة للاسكان بالعديد من الأنشطة لبناء الوعي المجتمعي ومن ضمن هذا المشروع حملة الستة عشر يوما العالمية لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي في خمس محافظات يمنية وهي (إب –الحديدة-عمران-الجوف-صعدة) حيث رفعت شعار “السلام في المنزل إلى السلام في العالم لننه العنف القائم على الاجتماعي في كافة الأماكن ” العديد من الأنشطة الهادفة لرفع مستوى الوعي المجتمعي السليم حول هذا الجانب من خلال استهداف العديد من الحالات وصناع القرار والمجتمع والمهتمين في سبيل وقف العنف الاجتماعي في اليمن. حيث قامت المنظمة بعمل العديد من ورشات وتدريبات استهدفت الأخصائيين الاجتماعيين في المدارس والمستشفيات وتدريبهم على كيفية التعامل مع ضحايا العنف الاجتماعي كما تم تقديم مساعدات صحية ونفسية للضحايا تم عمل مسابقات وأنشطة تستهدف رفع الوعي المجتمعي لمناهضة العنف ضد المرأة الطفل المستوى الاجتماعي وغيرة. كما قامت المنظمة بتدريب فرق ميدانية لرصد حالات العنف وكذلك عمل جلسات توعية لمناهضة العنف.
العنف الاجتماعي
ويعرف المختصون العنف القائم على النوع الاجتماعي GBV)) بأنه العنف الذي يرتكب ضد شخص لأسباب اجتماعية ومن أبرز معالمها جنس ولون الضحية ويظهر العنف الاجتماعي بأشكال عديدة ومنها العنف المنزلي والاغتصاب والترصد والاعتداء الجنسي والتحرش والاعتداء على الحقوق الإنسانية والقانونية بسبب الجنس أو اللون .
وتوضح أحلام المتوكل مدير التشغيل بمنظمة المساعدة الإسلامية- بريطانيا في اليمن- أن العنف والاستعباد الاجتماعي عبارة عن أفعال وتصرفات تنتشر عالمياٍ ولا تنتمي إلى منطقة في العالم سواء كانت ريفية أو حضرية دون غيرها لأن العنف موجود في كل بلدان العالم ويختلف بحسب المعرفة والتشريعات .
العنف الاجتماعي في اليمن
يعد العنف القائم على النوع الاجتماعي أحد أبرز أشكال العنف الذي يمارس ضد المرأة اليمنية وعلى نطاق واسع وبات ظاهرة يجب بحث أسبابها وتوفير الحلول ولعل زيارة مراكز الإيواء الاجتماعية سوف تسهم في رصد ومتابعة وتقييم ومعالجة أسباب العنف القائم على النوع الاجتماعي كما أن معرفة رأي الجهات الرسمية والمجتمعية والحقوقية سوف يزيد من وضوح الصورة حول العنف القائم على النوع الاجتماعي .
وتقول (أ ق)وهي إحدى الضحايا للعنف الأسري : عمري خمسة وعشرون عاماٍ قصتي الزواج المبكر لشخص غير معروف في الأسرة تزوجت في سن مبكرة مؤمرة إخواني بعد موت أبي لتزويجي والتخلص من تربيتي وتعليمي فيما أمي تعيش أوضاعاٍ صعبة بعد رفض إخواني قبولها معي والسعي إلى بيع المنزل بعد أن تزوج إخواني وأصبح لهم زوجات وأولاد لقد تم تزويجي بطريقة بشعة لأول من يطرق الباب .. لا أعرف ماهو الزواج حلمي طفولتي اغتيلت في سن مبكرة! بعد سنتين أنجبت طفلين وماتت أمي لقد كان الزوج سيئ الطباع كثير الألفاظ السيئة لقد كان يدمن التدخين والقات والسهر حاولت أن أقول بأن نار الزوج أفضل من جنة أهلي كما يقول المثل ولكن الزوج كان مصيبة أخرى لقد كان يعاملني كخادمة وإذا حاولت أن أتفاهم معه كان يمد يديه بعنف وقوة ليضربني على وجهي أمام أولادي الصغار .
وتضيف: حلمت بالتغيير في حياتي ولكنه بدأ يسهر الليالي ويرفض الخروج للعمل لقد غابت عن حياتي أساسيات البقاء ترك المنزل مع أطفالي إلى بيت أبي لقد استقبلني إخواني وكأني مجرمة¿ لماذا تركت زوجك ¿ لماذا تركت بيتك¿ أخبرتهم: ضربني .. لم نعد نجد ما نأكل أنا وأطفالي ¿ لقد رفضوا مناقشتي .. وطلبوا مني أن أعود لبيت زوجي .. رفضت فامتدت أيديهم إلى لضربي وطلبوا مني أن أبيع نصيبي في البيت مقابل جلوسي معهم لقد قبلت أن أبيع نصيبي وأعيش في حماهم وظلهم ولكن بعد أن قمت بالبيع تغيرت نظرتهم لي¿ أخذوا المال كاملاٍ ولم يعطوني فلسا .. كان أولادهم يضربون أولادي وزوجاتهم يتلفظن علي لقد عاد زوجي يطالب بعودتي لإرضاء غريزته ولم يكن أمامي سوى أن أعود لعلي أجد حلا لإنقاذ نفسي وأولادي .
وتستطرد: حاولت أن أقنع زوجي بتغيير سلوكه وعادته وطباعه ولكنه كان يستمع للآخرين ويريد مني أن أصرف على أولادي من مال أبي وهو لا يعرف بأن إخواني باعو كل ما أملك من مال أبي .. لم يكن أمامي من حل سوى أن أخرج للعمل لقد وافق زوجي بشرط أن أمنحه يوميا حق القات .. لم أكن اعرف من أين أبدأ .. لقد وجدت نساء يعملن في الزراعة ذهبت إلى الحقول للحصاد والري والقطف وفي كل مرة أخرج أضع أولادي عند الجيران وفي طريقي أجد أشنع الكلمات والامتهان من كل من أصادفهم في طريقي لقد كانوا ينظرون إلى جسمي إلى صوتي يريدون أن يجعلوني وسيلة للتسلية مقابل المال لقد كنت أرضى بالقليل من عمل الزراعة وأجمع المحصول وأبيعه لأعطي زوجي قيمة القات وبعض الغداء لأطفالي لقد زادت مطالب زوجي من القات إلى السيجارة إلى مشروبات الطاقة لقد كنت أتحمل مصاريف البيت والزوج ونظرات وعنف المجتمع .
وأتيت بالطفل الثالث وزادت همومي وأوجاعي لقد زاد التحرش بي وزادت مطالب الزوج وعند الرفض يكون الركل واللكم والرفس والعنف هو العلاج لقد أنهكت في تربية الأولاد ومقاومة الزوج والمجتمع ¿ أين أذهب إخواني يرفضون أطفالي يتعرضون للمرض اذهب إلى إخواني بحثا عن المال يرفضون استقبالي .. الزوج نائم يريد متطلباته بالقوة وأخيرا هناك من اتهمني في شرفي وأبلغ زوجي بأني أجمع المال من الحرام لقد تعرضت للضرب ومحاولة القتل من زوجي لقد طردني من البيت مع أولادي وأنا لا أعرف أين اذهب أخذت أولادي ومشيت الطريق أمامي حاولت أن أجد دور رعاية لم أجد من يقبلني مع أطفالي حاولت أن أجد مأوى لم أجد وأخيرا وصلت العاصمة ونمت مع أطفالي أمام المسجد ووجدت أحد رجال الخير فوفر لي عمل محلين إيجار وبدأت أبحث عن عمل كفراشة لعلي أجد طريقاٍ لتربية الأولاد أو الانتحار .
مشاكل متعددة
العنف القائم على النوع الاجتماعي موجود بشكل دائم في المجتمع اليمني مما يسبب مشاكل اجتماعية وسياسية واقتصادية شديدة وهناك محاولات محدودة للقضاء على الأسباب العميقة لهذا العنف وهذا يحدث لأسباب عديدة منها عدم معاقبة حالات العنف الأسري بالمحاكم بالإضافة إلى الممارسات التقليدية ودور الأسلحة في الحد من أصوات النساء في المجتمع اليمني .
رؤية المختصين
كل حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي التي رصدت في مراكز الرعاية الاجتماعية تؤكد أن الأسرة والمجتمع السبب الرئيسي لظهور حالات العنف معددين الأسباب التي تستخدمها الأسرة ومنها الضرب العنيف وإهدار الحقوق غياب الحوار انتقاص المرأة
العاملون في دور الرعاية يرون أن العنف والتفكك الأسري سبب رئيسي للعنف الأسري وخروج الفتيات عن المألوف في التصرفات والسلوكيات.
مراكز الدراسات الاجتماعية تؤكد أن البعد الثقافي والاجتماعي له دور كبير في زيادة أو انخفاض نسبة العنف الاجتماعي ومن هذا العنف الزواج المبكر والزواج بالإكراه العنف الذي يمارس من النساء أنفسهن الجهل بحقوق النساء.
أما مراكز المساعدة القانونية فتؤكد أن الإسلام منح المرأة والقانون حقوقها نصوص ولكنها تهضم بالميراث والحقوق الأخرى وتظل رهينة في بعض المناطق لعرف اجتماعي وتتعرض لعنف من الأقارب لمجرد طلبها حقها القانوني والشرعي بالميراث فيما تتعرض فتيات ونساء كثر للحرمان من التعليم وهذا عنف اجتماعي شنيع .
رفض الأسرة والقبيلة بعرف اجتماعي آخر .. رفض المرأة التي تتعرض لعقوبة قانونية ويتم في أحيان تركها وقتلها .
وتشير مدير التشغيل بمنظمة المساعدة الإسلامية إلى انه يمكن للأفراد والمجموعات في المجتمع اليمني المشاركة وذلك في توفير الخدمات الخيرية والإعالة والسكن والخدمات القانونية والمصالحة العدلية لضحايا العنف وتقديم أي شكل من أشكال المساعدة للضحية أو التدخل للتغلب على العنف الاجتماعي في المجتمع اليمني التدخل الخطوة الأولى للقضاء على هذه المشكلة .
حلول ومعالجات
هناك العديد من الحلول والمعالجات للحد من العنف الاجتماعي في اليمن ومنها كما تقول أحلام المتوكل نشر الثقافة الأسرية حول الاحترام الأسري مع تعريف الرجل بحقوق المرأة وتكريس الاحترام المتبادل وإشاعة لغة الحوار الأسري وقيام المؤسسات الدينية بدور فاعل في تكريس مفهوم الوعظ والإرشاد من خلال الخطب المتنوعة وأهمها الجمعة.
ونشر الوعي الأسري وأهمية التوافق والتفاهم بين الزوجين وأهمية المرأة في قيام الأسرة وسلامتها وكذلك استخدام أساليب التنشئة الاجتماعية السلمية ومضامينها المناسبة .
دور المجتمع المدني
منظمات المجتمع المدني معنية بصورة أساسية في مواجهة الظاهرة والحد من مخاطرها وانطلاقا من هذه المسئولية قامت منظمة المساعدة الإسلامية (بريطانيا ) بتمويل من منظمة الأمم المتحدة للإسكان كما يقول المدير القطري للمنظمة بالعمل على رفع مستوى الوعي المجتمعي من خلال عدة نشاطات توعوية وتثقيفية كما تبنت المنظمة حملة الستة عشر يوما العالمية لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي التي خلالها استهدفت 5 محافظات (إب الحديدة عمران الجوف صعدة) بالعديد من الأنشطة لبناء الوعي المجتمعي حول واستهداف الكثير من الحالات من صناع القرار والمجتمع والمهتمين بوقف العنف الاجتماعي في اليمن . من هذه النشاطات تم عمل دورات تدريبية للفرق الميدانية لرصد حالات العنف الاجتماعي ودورات للأخصائيين الاجتماعيين في خمس محافظات وكذلك عمل مسرحيات تفاعلية عن العنف الاجتماعي وعمل جلسات توعوية للمجتمع ولطلاب الجامعات والمدارس وتشكيل مجاميع مراقبة ومتابعة لمنع العنف وإقامة دورة بعنوان تجديد لمعلومات القابلات التقليدية لعدد 25 قابلة من خمس محافظات (الجوف – صعدة – الحديدة – إب –عمران) عمل مسابقات رسم لطلاب الجامعات في خمس محافظات تحدد رؤية المبدعين والمجتمع لإشكال العنف كما تم تقديم جوائز قيمة للفائزين.

قد يعجبك ايضا