فوهةالفقـر والبطالـة تتسـع


انطوى العام 2014م حاملاٍ على كاهله الكثير من المعاناة الإنسانية الصعبة للمواطنين جراء الأوضاع المتقلبة وغير المستقر للبلاد والتي أثرت بشكل مباشر على وضع الأسر اليمنية بما فيها أصحاب الدخل البسيط والمحدود.

عبدالعزيز هارون مواطن يمتلك الكثير من الخبرة في العديد من الأعمال اليدوية وذلك لكثرة بحثه عن مصدر الرزق الذي يأويه ويكفي حاجة أسرته المكونة من 5 أفراد والماكثة في أحد بيوت الإيجار والتي تفتقر للعديد من مقومات لقمة العيش والاحتياجات الأساسية للعيش بسلام كبقية الأسر اليمنية , ومع ذلك لم يستطع منذ بداية العام 2014م الحصول على عمل مستمر يدر عليه دخلاٍ بسيط إلا في الأشهر الأخيرة من هذا العام نظراٍ لهدوء الأوضاع السياسية نسبياٍ وتحرك الحكومة الجاد نحو الإصلاحات الاقتصادية في جميع قطاعات الدولة وهذا بدوره فتح المجال أمام المواطن عبدالعزيز في تلبية متطلبات أسرته وسد حاجتهم الأساسية وتحسين وضع المعيشة التي كان عليها من قبل , وهذا الحال ينطبق على الكثير من الأسر داخل البلاد .
وتعد الأزمة الاقتصادية في اليمن المشكلة الأولى في تردي الأوضاع المعيشية لدى المواطنين وازدادت الأزمة مرارة مع الصراعات السياسية التي انشغلت بها الحكومة والمواطن مما أدى إلى اتساع فجوة الفقر بين المواطنين وازدياد معدل البطالة الحاصلة بين الشباب إلى درجات كبيرة وذلك منذ أزمة 2011م حسب خبراء اقتصاديين , وقد تلتها العديد من الأزمات التي ألقت بظلالها على المواطن وفاقمت صعوبة المعيشة لدى عامة الناس , وأوضح الخبراء أن العام 2014م شهد أزمات حادة في العديد من جوانب المعيشة لدى المواطنين وبالذات مع قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية والذي أثر على أسعار بعض المواد الغذائية والعديد من المنتجات الاستهلاكية للمواطنين الأمر الذي دفع بالمواطنين إلى الخروج للشارع للمطالبة بإلغاء القرار , وقد قامت الحكومة حينها بإلغاء القرار وحاولت منذ ذلك الوقت البحث عن سبل لرفع اقتصاد البلاد والدفع بعجلة التنمية إلى الأمام وذلك عبر خطوات استثنائية تنتظر التطبيق وهي اتفاق السلم والشراكة بين جميع الأطراف السياسية وأيضاٍ برنامج الحكومة الجديد وركزت الخطوات السابقة على الإصلاحات الاقتصادية بدرجة أساسية وهذا ما عملت عليه الحكومة خلال الأشهر الأخيرة من العام 2014م من شأنها إصلاح اقتصاد البلاد ووضع خطط واستراتيجيات اقتصادية جديدة للعام 2015م .

مخاض عسير
ويتحدث المواطن أحمد القيفي بالقول: إن العام 2014م كان بمثابة المخاض العسير للأوضاع التي تعيشها البلاد وقد بدأت تسوء وذلك بقرار الحكومة لرفع الدعم عن المشتقات النفطية من أجل رفد ودعم الميزانية العامة للدولة الشبه منهارة بسبب تكدس ديون الحكومة وعدم كفاية الميزانية لتغطية العجز الاقتصادي الحاصل في قطاعات الدولة , ويضيف القيفي : مالبثت الأمور حتى تفجرت ثورة 21 سبتمبر والتي عملت على إلغاء قرار الحكومة بالتدرج وشكلت العديد من اللجان الرقابية في الكثير من مؤسسة وقطاعات الدولة لمراقبة العمل فيها وإصلاح وكشف الكثير من قضايا الفساد وهذا بدوره أوقف الاستنزاف الجائر للميزانية العامة للدولة وأوقف الكثير من الفاسدين عن مواصلة نهب الأموال التي هي من أموال الشعب نفسه وساعد الحكومة على توفير مبالغ مالية كبيرة من شأنها حل العجز الحاصل في الميزانية العامة .

أولوية قصوى
وهناك العديد من المنظمات والمؤسسات والجمعيات التي تحدثت عن الأوضاع المعيشية الصعبة للمواطن اليمني وأبدت آراءها ومقترحاتها من خلال ورشات عمل ودراسات ميدانية وبلاغات صحفية ومنها الجمعية اليمنية لحماية المستهلك والتي طالبت جميع السلطات التنفيذية الحكومية بمضاعفة جهودها والارتقاء بأدائها إلى مستوى يشعر معه المستهلكون بأن أوضاعهم المعيشية صارت أولوية قصوى لدى الحكومة وليست مجالاٍ للمناكفات السياسية وغطاء للصراع السياسي الذي يجري خارج منطق الوفاق الوطني ويكاد يأخذ البلاد بعيداٍ عن استحقاقات التسوية والتوافق ووثيقة الحوار .
وذكرت الجمعية في بلاغ صحفي لها نشرته خلال الأشهر الماضية ان التضييق المعيشي قد وصل الى مستوى يفوق تحمل المستهلكين وفي مقدمتها أزمة المشتقات النفطية وعدم توفر الغاز المنزلي إضافة إلى مشكلة الكهرباء التي شكلت عبئاٍ ثقيلاٍ على محدودي الدخل والفقراء من المواطنين , مؤكدة أن هذه الأعباء المعيشية تلقي تأثيراتها على حياة المستهلكين اليومية والتي تفاقمت خلال السنوات الأخيرة مخلفة الكثير من المشاكل الاجتماعية وتوسع نسبة الفقر والبطالة وسوء التغذية بين المواطنين .

فقر وبطالة
ويصنف البنك الدولي معدل البطالة في اليمن الأعلى في الشرق الأوسط وشمال أفريقياحيث وصل إلى 35 % متوقعاٍ أن يبقى عند مستوى مرتفع خصوصاٍ بين الشباب مع تفشي الفقر وكذلك سوء التغذية التي تغطي نحو نصف السكان الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية حسب تقديرات الأمم المتحدة . وأفاد الموجز الاقتصادي ربع السنوي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الصادر عن البنك الدولي بأن هذا المعدل بلغ 17 % عام 2010 وكانت النسبة حينها بين النساء تزيد على 54 % وبين الرجال 12 % وظل مرتفعاٍ بين الشباب بالغاٍ 60 %مقدراٍ تسجيل هذه الزيادة بعد أزمة عام 2011م ,وقد ساهم أيضاٍ توجه دولة الجوار السعودية العام الماضي نحو تشديد قوانين العمل في تفاقم مشكلة البطالة في اليمن حيث عاد نحو 300 إلى 400 ألف يمني إلى البلاد مما ضاعف من نسبة البطالة وضخم حجم المسؤولية الملقاة على عاتق الحكومة .
وبالنسبة لمشكلة الفقر في اليمن فتشير تقديرات البنك الدولي إلى أنه أيضا أعلى معدل للفقر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث أن نسبة الذين يعيشون على أقل من 1.25 دولار للفرد يومياٍ ماتزال في زيادة منذ العام 1998م من نحو 13 % إلى 17 % عام 2010م وكان نحو نصف السكان يعيشون على أقل من دولارين للفرد يومياٍ في نفس العام , وأشار التقرير إلى أن حدة الفقر تفاقمت بعد أحداث عام 2011م حيث بلغ نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقرفي اليمن 54 % عام2012ممقارنةبـ 42 % قبل ثلاث سنوات وذلك نتيجة سوء إدارة الاقتصاد وضعف الوحدة السياسية وتهجير اليمنيين بفعل الاقتتال الداخلي فضلاٍ عن ازدياد أعداد اللاجئين القادمين من دول مجاورة.

قد يعجبك ايضا