القدرة الشرائية للمستهلكين تتضاءل

تراجعت القدرة الشرائية للمستهلكين في اليمن لمستويات متدنية خلال العام 2014م مختتمة العام بكساد كبير يضرب الأنشطة الاقتصادية التي يديرها القطاع الخاص ويعتقد أن هناك تراجعا يصل إلى 40% مقارنة بالأعوام الماضية .
وفيما يفصح القطاع الخاص عن تأثره بالكساد السائد حاليا يدعو رجال أعمال وخبراء اقتصاد الحكومة للعمل على توفير برنامج تحفيزي يسهم في انتشالها من هذه الحالة ويعولون على العام 2015م أن يكون عام النمو الاقتصادي ومكافحة الفساد ويطالبون بتهيئة البيئة الاستثمارية لجذب الاستثمارات اليمنية من الخارج والمحافظة على ما هو قائم على الأقل.
يؤكد مسئولوا الشركات التجارية والتسويقية حدوث ركود للنشاط التجاري والخدمي في اليمن خلال العام 2014م مقارنة بالأعوام السابقة ويقول رجل الأعمال عبد الله الرويحي تاجر الجملة في المواد الغذائية بمنطقة شعوب بالعاصمة صنعاء: إننا لاحظنا تراجعا في مبيعات بعض المواد الغذائية بشكل ملحوظ وكنا نعتقد في الأشهر الأولى للعام أن السوق سيتحرك الشهر التالي لكننا وجدنا أن السوق في أضعف مستوياته حيث لم تعد القدرة الشرائية نفسها التي كانت موجودة لدى الناس في الأعوام السابقة وأن الناس تركز فقط على شراء موادها الغذائية الضرورية دون انتقاء أو مفاضلة.

المولات
تجار التجزئة على المستوى الكبير (المولات ) كشفوا فعلا هذه الحقيقة المرة فأرقام وحجم المبيعات شهدت انخفاضا غير مسبوق مقارنة بالأعوام الماضية ويعتقد سامي معياد نائب المدير العام بشميلة هاري أن النشاط التجاري للقطاع الخاص شهد تراجعا بنسبة 30-40 % وأكثر مقارنة بالأعوام الماضية ويشير إلى أن مستوى هذا التراجع لم يكن موجودا في العام 2011م إذ تبدو قدرة الأسر على الإنفاق في أدنى مستوياتها.
ويلقي معياد باللوم على الحكومة فهي لم تتخذ الإجراءات الكفيلة للحد من تراجع مستوى دخل الناس فمستوى الأسر اقتصاديا في رأيه شهد انخفاضا كبيرا حيث لم يعد الموظف الحكومي يتلقى استحقاقاته المالية التي كانت سابقا كما أن ضعف وتدهور المستوى الأمني للبلد جعل الكثير من الأجانب والعاملين يخرجون من البلاد وهؤلاء كانوا ينفقون مبالغ كبيرة بالعملة الصعبة على التسوق وشراء المنتجات وتنشيط الحركة التجارية ويؤكد أن هذا الكساد ستكون انعكاساته سيئة على الاقتصاد الوطني ومستوى تشغيل العمالة في المقام الأول.

القدرة الشرائية
تعتبر القدرة الشرائية المتدنية للأسر اليمنية من أهم الأسباب التي تقود للركود في السوق اليمنية حسب ما يؤكد الخبير الاقتصادي نبيل الطيري حيث يشير إلى أن مستوى دخل الأسر تراجع خلال الأعوام الثلاثة بنسبة 30-40% ليس لأن رواتبهم أو مستحقاتهم قلت بل نتيجة للتغيرات التي حدثت في هيكل الأسعار على السلع من جهة وعلى تكاليف النقل من جهة أخرى مما أدى لتراجع المستوى الاقتصادي للفئات متوسطة الدخل بشكل يدعو للدهشة فقد بينت حسابات الإنفاق والاستهلاك أن الأسر في هذه الفئة باتت في مستوى اقل وهي الآن في مستوى الأسر الفقيرة حسب معايير الدخل مما يكشف أن الأسر المتوسطة لم تعد موجودة بالمعنى الاقتصادي.

تسوق
التسوق على المستوى الفردي للأسر انخفض بشكل ملحوظ وهذه رؤية التجار أنفسهم يقول التاجر علي منصور انه يلحظ تدني تسوق زبائنه واقتنائهم سلع كثيرة كانوا يفضلونها إذ باتوا مركزين على سلع اقل ومحددة في كونها تخص الوجبات الغذائية فقط.
ويشاركه الرأي عمار الكتييت مدير المبيعات بالشارقة ستور للتجزئة حيث يقول إن المتسوقين الذي كانوا يأتون للاستور كل أسبوع مثلا لم يعودا يحضرون سوى نهاية الشهر وشراء بعض من تلك الأشياء التي كانوا يسارعون لشرائها وعلى سبيل المثال لم تعد الأجبان غالية الثمن ذات الماركات من ضمن خيارات الكثيرين والسبب في المقام الأول اقتصادي ينعلق بمستواهم المعيشي وهذا كمثال لاشياء وسلع أخرى عديدة.

المستوى المعيشي
تجد الكثير من الأسر أن مستواه الاقتصادي لم يعد كما كان ولهذا قلصت من نفقاتها على الفور وحسب عبد الحكيم خلدون رب أسرة وموظف حكومي فإن راتبه لم يزدد منذ عامين وهو 70 ألف ريال فيما توقفت مستحقات اخرى يتقاضاها هو وزملاؤه كانت تصل إلى حوالي 40 ألف ريال نتيجة لتقشف الحكومة حسب قوله وهكذا انخفضت قدرته على التسوق بشكل كبير.

فوضى
يصف الدكتور إسماعيل الجيلاني الخبير المصرفي وضع نفقات الدولة بأنها مزرية فهي لم تعد تهتم بالإنفاق الاستثماري الذي يعول عليه تنشيط البلاد اقتصاديا بالمعني الاقتصادي إذ اقتصر نفقاتها على رواتب الموظفين وكفي وكأنها لايعنيها بقية قطاعات الاقتصاد وخصوصا مستوى التشغيل الذي يعود بالنفع على القطاع العمالي غير الموظف مع الدولة .
ويؤكد أن الحكومة هي السبب في حصول الركود للنشاط الاقتصادي فمن خلال تصرفاتها غير المهتمة بالنشاط الاقتصادي في البلاد وإلا كيف تسمح لنفسها بوقف مستحقات قطاع كبير كقطاع المقاولات مثلا والذي يشغل المئات من الآلاف من العمال إضافة إلى مهن عديدة تعتمد على حركته فهناك عدم مبالاة وسوء إدارة اقتصادية بالدرجة الأولى ويشير إلى الفوضى التي تتعلق بالمصروفات والنفقات الحكومية ومستوى الفساد والابتزاز الذي يمارس على القطاع الخاص عند تخليص مستحقاته من الحكومة كما يشير إلى ان الخبرة الإدارية في إدارة نفقات الدولة مفقودة فهناك خلال في صرفيات المشروعات فعند صرف تكلفة مشروع 100 مليون ريال يتضح فيما بعد انه يحتاج ل120 مليون ريال وهكذا يتوقف من اجل الحصول على 20 مليون لعدة سنوات ثم يعاد العمل به وتكون التكلفة قد وصلت إلى 50 مليون ريال وهكذا فوضى غير متوقفة ساعد على انتشارها عدم وجود الرقابة الشعبية التي يفترض بها السؤال عن نفقات الحكومة وأين تذهب ولمن تذهب .

قد يعجبك ايضا