الثورة/ متابعات
على الطريق الممتد من جنوب القطاع إلى شماله، يصطف عشرات آلاف المواطنين في مشهد لا ينسى وللمرة الثانية خلال عام، رجال ونساء وأطفال يسيرون بخطى مثقلة بالغبار، لكن بعيون يملؤها الأمل، هذه المشاهد ليست عودةً عادية، بل إعلان صريح أن مشروع الإبادة والتهجير فشل أمام إصرار الناس على البقاء.
فرحة العودة رغم الوجع
مع إعلان وقف حرب الإبادة، خرجت أصوات الزغاريد من بين مخيمات النازحين في الجنوب، الشباب يرفعون الأعلام ويعلون الهتافات، والأطفال يركضون فرحًا ويرقصون سعادة.
العودة الثانية الكبرى خلال عامين
عودة مئات الآلاف من النازحين إلى شمال قطاع غزة من جنوبه، بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي ودخول الاتفاق حيّز التنفيذ.
إن شاء الله تكون هذه العودة الأخيرة لهم، ولا نزوح بعدها .
وسط هذه الأجواء، تقول المواطنة أم محمود مهنا (45 عامًا) والتي تنزح في مدينة دير البلح، والتي تستعد للعودة إلى حيّ الزيتون في مدينة غزة: “ما في شي بالدنيا بيغنينا عن بيتنا. حتى لو تهدّم، راح نرجع، ونفرش الحجارة وننام فوقها. تعبنا من النزوح، بس الأرض بتعطينا نفس جديد كل ما رجعنا إلها”.
من الغربة إلى الجذور
من خان يونس إلى غزة، تمتد قوافل العودة على طول الطريق الساحلي، يقطع الناس عشرات الكيلومترات سيرًا على الأقدام، حاملين ما تبقّى من حاجاتهم على عربات صغيرة أو عربات أطفال، أو حتى على أجسادهم المنهكة.
نحن شعب الجبارين… فش حد قدنا بغزة.
طفلٌ عاد لتفقد منزله شمال غرب المدينة بعد توقف الحرب، ليجده كومة من الركام، فلم يجد سوى بقايا طعامٍ تركها جيش الاحتلال وراءه بعد انسحابه، يتقاسمها مع صموده وألمه في مشهدٍ يلخّص حكاية غزة التي لا تنكسر في منتصف الطريق، شاهدنا أبو رامي ياغي (52 عامًا)، يجرّ حقيبة ممزقة وبجانبها طفلان: “مش مهم كم تعبنا… المهم نرجع. كنا نحسب المسافة بخطوات الحنين. حتى لو البيت صار تراب، هذا التراب إلنا، مش لحدا تاني”.
الرفض القاطع للتهجير
على أنقاض بيتها في مخيم الشاطئ بعد أن وصلته سيرا على الأقدام من جنوب القطاع، تؤكد ليان مقداد (33 عاما)أنها اجهشت بالبكاء، وهي تقطع طريق الرشيد سيرا على الاقدام، وهي التي أجبرها الاحتلال وأهالي غزة على النزوح تحت القصف والقتل قبل شهر من الآن إبان بدء عمليه عسكرية في المدينة.
“قالوا لنا روحوا على مصر، على الجنوب، على أي مكان. بس إحنا ما بدنا غير غزة. يمكن ما ضل بيت، بس ضل معنى الحياة هون. البقاء هو ردّنا الوحيد على كل محاولات الطرد والإلغاء”، تضيف ليان.
هذا الرفض ليس مجرد شعور عابر، بل فعل مقاومة جماعية، فكل من عاد إلى بيته المهدّم يشارك في كتابة فصل جديد من الصمود الفلسطيني، يثبت أن التهجير القسري لن يتحول إلى واقع دائم.
الدمار شاهد… والناس شهود
في حي تل الهوا جنوب غرب مدينة غزة، تتناثر الأبنية المهدّمة كأنها تروي قصة الألم، ومع ذلك، ترى بين الركام مشاهد تبعث على الدهشة: أطفال يرسمون على الجدران المكسّرة، نساء ينظفن أمام البيوت المدمرة، ورجال يجهزون مساكن وخيام”.
تكبيرات وفرحة غامرة.. أهالي غزة يعودون إلى ديارهم
لحظة مؤثرة من عودة الأهالي إلى مدينة غزة عبر شارع الرشيد، بعد انسحاب قوات الاحتلال ودخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ — مشهد تختلط فيه الدموع بالتكبيرات والفرح، حيث يحتضن الناس مدينتهم مجددًا بعد عامين من النزوح والمعاناة.
هم الذين عادوا للتو من جنوب قطاع غزة سيرا على أقدامهم حاملين همومهم، وإرادة البقاء رغم صلف الاحتلال.
وظهر اليوم الجمعة أعلن دخول وقف إطلاق النار رسمياً، إيذانا بانتهاء حرب الإبادة الجماعية التي استمرت عامين كاملين، ومع اللحظات الأولى ازدحمت جنبات شارع الرشيد بآلاف المواطنين العائدين إلى أحيائهم وقراهم في شمال قطاع غزة.
لحظات تاريخية مع بدء سريان وقف إطلاق النار في غزة، وعودة النازحين قسرًا من جنوب القطاع إلى ديارهم .