إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق

استطلاع /أمين العبيدي –

ارتضى الله الإسلام ديناٍ لجميع الخلق إلى أن يرث الأرض ومن عليها , فالإسلام هو وحده الذي جاءت هدايته شاملة لكل ما في الحياة ومعالجة لكل قضايا الإنسان وهو الصالح لكل زمان ومكان.. لهذا جاءت هذه الدعوات الخالصة والصادقة من العلماء والدعاة لإحياء فضائله وخصائصه الحميدة وتعزيز أواصر المحبة التي جاء بها.. نتابع :

في هذا الموضوع أوضح العديد من العلماء والدعاة والواعظين أن أمتنا بحاجة ماسة إلى إحياء كل ما جاء به الإسلام من ممارسات وأخلاقيات ومعاملات في حياتها اليومية .. والتحفيز بشدة على تطبيقها في أرض الواقع مع المسلمين وغير المسلمين.
أوضح الدكتور محمد العولي إمام وخطيب جامع السلام أن تشريع الإسلام جاء شاملاٍ وكاملاٍ وخالداٍ لا يختص بزمان دون زمان ولا بخلق دون غيرهم ,وهذا ما جعل المسلمين الأوائل ينطلقون في الأرض يفتحون قلوب العباد قبل حصون وأسوار البلاد, فأقبل الناس على الإسلام أفواجا ودخلوا في دين الله متأثرين بأخلاق من حمل إليهم هذا الدين.
وأشار العولي إلى أن قيم الإسلام هي أساس مبادئ العالم اليوم ولكن أين من يحمل هذا الدين بحق وأين من يكون باطنه وظاهره سواء فيتأثر به الناس.
ونوه العولي بأن الله عز وجل لم يخلق الخلق عبثا وهملاٍ تعالى الله عن ذلك علواٍ كبيراٍ وإنما خلقهم لعبادته وحده سبحانه لا شريك له ثم بعد ذلك يعودون إليه ليجازيهم بأعمالهم . قال تعالى: (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاٍ وأنكم إلينا لا ترجعون) وقال تعالى: (فمن يعمل مثقال ذرة خيراٍ يره. ومن يعمل مثقال ذرة شراٍ يره) .. فكل مجزي بعمله يوم القيامة فآخذ كتابه بيمينه وآخذ كتابه بشماله أو من وراء ظهره. فمن أطاع الله عز وجل فقد فاز بالجنة والحسنى.
واختتم العولي حديثه قائلاٍ: “الدين المعاملة” فيا من تهتم الصلاة والصدقة والصيام والعبادات بشكل عام اعلم أن امرأة دخلت النار لأنها كانت تؤذي جيرانها فالاهتمام بالعبادات دون المعاملات ليس من الإسلام في شيء.
وأما الشيخ محمد الأهدل -خطيب جامع التوحيد- فاستهل بالحديث الذي يرويه معاذ بن جبل رضي الله عنه حيث قال: كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال لي: “يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله¿” فقلت: الله ورسوله أعلم. قال: “حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاٍ وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاٍ” فقلت: يا رسول الله أفلا أبشر الناس¿ قال: “لا تبشرهم فيتكلوا” أخرجاه في الصحيحين.
“لا تدخلوا الجنة حتى تحابوا”
وأوضح الأهدل أن حق الله ورسوله يتمثل في حب الخير للناس والوقوف مع المحتاجين من الفقراء والعاجزين من المسلمين وغير المسلمين.
وأشار إلى أنه من برئت ذمته من التفريط في جنب الله وسلمت من الوقوع في ما يغضب الله فحذار من الاستطالة في حقوق العباد أو التقصير فيما أوجب الله عليك صرفه لهم فإنك موقوف ومحاسِبَ عن كل اقتراف أو مجانبة للحق والإنصاف. روي في المسند عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الدواوين عند الله عز وجل ثلاثة º ديوان لا يعبأ الله به شيئاٍ وديوانَ لا يترك الله منه شيئاٍ وديوانَ لا يغفره اللهº فأما الديوان الذي لا يغفره الله فالشرك بالله قال الله عز وجل: (ومن يْشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة). وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئاٍ فظلم العبد نفسِه فيما بينه وبين ربه من صوم يوم تركه أو صلاة تركها فإن الله عز وجل يغفر ذلك ويتجاوز إن شاء وأما الديوان الذي لا يترك الله منه شيئاٍ فظْلمْ العباد بعضِهم بعضاٍ: “القصاص لا محالة” ومعنى لا يعبأ أي ما كان له عندي وزنَ ولا قدرَ.
وأضاف الأهدل:- إن حقوق العباد لا يستهين بها إلا غر مغبون جاهل بالعواقب والخواتيم أما من اصطفاه الله وتولاه ووفقه لما فيه رضاه فلا يفرط في شيء منها وأقلها ما جاء التأكيد عليه في السنة تخصيصاٍ وهو حق المسلم المتعين الأداء على المسلم .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس) متفق عليه .
والأمر بالسلام مطلقاٍ على من يلقاه المسلم من المسلمين وليس مجرد رد السلام على من ابتدأه به لما لإفشاء السلام في إشاعة المحبة والألفة بين أفراد المجتمع فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تدخلوا الجنة حتى تحابوا ألا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم¿ أفشوا السلام بينكم).
“في كل كبد رطبة أجر”
وأما الداعية ياسر الجابري فيقول: الإسلام دين الرحمة والقلوب الصافية التي لا تحمل الحقد على أحد وشعارها في الحياة “سنقاتل الناس بالحب”.
مشيرا إلى أن من نزعت الرحمة من قلبه فقد خسرها عند ربه مستدلاٍ بقول الرسول صلى الله عليه وسلم “الراحمون يرحمهم الرحمن” وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته بعض القصص المتعلقة بالرفق والرحمة حتى مع الحيوان مرشداٍ لهم على تطبيق ذلك السلوك السوي الذي يحقق رحمة الله العامة بكل مخلوقاته في الدنيا ليس للانسان فحسب.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بينا رجل يمشي فاشتد عليه العطش فنزل بئرا فشرب منها ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي فملأ خفه ثم أمسكه بفيه ثم رقيِ فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له. قالوا: يا رسول الله! وإن لنا في البهائم أجرا¿ قال: (في كل كبد رطبة أجر).
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أن الله غفر لامرأة بغي لسقيها كلبا اشتد عطشه.
كما في حديث أبي هريرة: (أن امرأة بغيا رأت كلباٍ في يوم حار يطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش فنزعت له بموقها فغفر لها) هذه بغية سقت كلباٍ ودخلت الجنه فكيف بمن يسعى في حاجة أخيه المسلم.
وأضاف الجابري إذا كان الله تعالى يغفر بعض كبائر ذنوب المسلم برحمة الحيوان والرفق به فإنه تعالى يعذب من نْزعت الرحمة من قلبه فيعذب الحيوان كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض).

قد يعجبك ايضا