تحذيرات علب السجائر .. هل تخيف المدخنين¿


■ وضع صور عن الأمراض الناتجة عن التدخين على علب السجائر يتأثر بها غير المدخنين والمدخنون بشكل متقطع

■محاولات مستمرة للترغيب في الإقلاع عن التدخين والترهيب من أضراره .. لكن الظاهرة تتسع

■ برنامج التثقيف الصحي:
المجتمع لا يعي الإرشادات التحذيرية والتأثير وقتي ومحدود لديهم لانعدام الأنشطة المكثفة حول التوعية من خطورة الظاهرة

التدخين من أكثر العادات التي تحذر منه وزارات الصحة في جميع بلدان العالم وفي محاولة للحد من التدخين تم فرض كتابة جمل تحذيرية على علب السجائر ولكن بعد تجاهلها من قبل المستهلكين قامت وزارة الصحة في بلادنا شأنها شأن البلدان الأخرى بوضع صور منفرة لبعض الأمراض التي يسببها التدخين لتصل الرسالة بشكل أوضح وأسرع وقد تم اعتماد وضع الملصقات التحذيرية بنسبة تصل إلى 50 % من حجم العلبة لتكون واضحة ومؤثرة إلا أن الظروف حالت دون تطبيق القرار مبكراٍ في حين يتسم دور التثقيف بعدم الوضوح والاهتمام الموسمي من قبل وزارة الصحة.
صراع داخلي
في البداية عبر البعض من المدخنين عن استيائهم من هذه الصور التي تبين أضرار التدخين والتي أثارت اشمئزازهم مما ساعدهم على الاقلاع أو التخفيف من تعاطيها .. وأن الخطوة التي فرضتها منظمة الصحة العالمية مؤخراٍ بإلزام كافة الدول بشأن مكافحة التدخين ومعالجة أضراره ورفع الضريبة عن منتجات التبغ أدى إلى ارتفاع أسعار علب السجائر والتبغ مما ساهم بشكل كبير وإيجابي في عزوف الكثيرين عن التدخين نظرا لارتفاع أسعارها.
( عابد .ي ) شاب في مقتبل العمر اعتاد على التدخين تدريجيا حتى أصبح يتعاطى أكثر من باكيت في اليوم وسألناه إذا ما كان للصور والعبارات التحذيرية الموجودة على علب السجائر أثر في نفسه فقال: إنها تؤثر في كل مدمن للتدخين ولكن بسبب عجزه عن ترك التدخين أصبح يتغاضى أو يتعامى عن مشاهدتها إلا أننا وجدنا وراء ذلك ندماٍ في قرارة نفسه بعد أن صار أسيراٍ للتدخين ولا يمكنه الإقلاع عنه حسب اعتقاده .
أما الشاب فؤاد المنصوري فيقول: إن مثل هذا القرار عزز من رغبتي في الإقلاع عن التدخين فكلما شاهدت تلك الصور انتابني الخوف مما قد يحدث لي فزادت قناعتي في تركها رهبة من أضرارها ورغبه في الحفاظ على صحتي .
مكافحة القات
بالمقابل وجدنا كثيرين متفاعلين مع موضوع الحد من التدخين حيث قال (س. ن): إن الخطوة التي اتخذتها وزارة الصحة بإلزام مصانع التبغ والسجائر بوضع صور تحذيرية في علب التدخين تعتبر إيجابية في طريق مكافحة التدخين وقد ساهمت وأثرت بشكل كبير في الكثير من المدخنين وساعدتهم على الاقلاع عنه أو كحد ادنى التقليل من استهلاكهم للتبغ وأضاف: إن مكافحة التدخين في اليمن تبدا بمكافحة القات والذي ساهم في انتشار الظاهرة في أوساط الشباب حيث إن تناول القات يعمل على زيادة الإقبال على التدخين وممارسته بشراهة .
أثر في نفس المدمن
ويوافقه الرأي (محمد الغانمي): بالقول: لهذه الصور والعبارات أثر في نفوس مدمني التدخين وأضاف: هناك في الواقع من أقلعوا عن تعاطي السجائر خاصة المبتدئين في التدخين أو من أصبح في حالة متوسطة من الإدمان وصار الشعور بالحسرة والخوف ينتاب كل من يشاهد تلك الصور .
ومن جانبه فهمي العمري – عامل بقالة أكد أن الكثير من الشباب يأتون لشراء علب السجائر ويشمئزون من الصور الموجودة في العلبة فلا يرغبون بشرائها ويطلبون البحث عن أخرى لا تحمل صوراٍ في حين لم تعد مثل تلك العلب من السيجارة موجودة في الكثير من المحلات معللا ذلك بالقول: إن السبب قد يكون بفعل نفاد الكميات التي كانت مخزونة قبل صدور القرار بضرورة وضع الصور ..
التنفيذ الفعلي للقرار
وأوضح الدكتور محمد الخولاني – مدير البرنامج الوطني لمكافحة التدخين بوزارة الصحة العامة والسكان أنه تم وضع تصور مع مجلس التعاون الخليجي منذ خمس سنوات لإرفاق صور إلى جانب العبارات التحذيرية عن التدخين وعملوا بالتنسيق مع الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وتم إعداد اللائحة الفنية للصور التحذيرية على علب السجائر بالإضافة إلى تحديد نسب المواد التي يحتوي عليها التدخين.
وأضاف: لقد تم إقرار اللائحة عام 2011م ليكون التنفيذ في 2012م – ولكنه تأخر نتيجة الظروف السياسية والاقتصادية التي مرت بها البلاد في 2011م وتم التنفيذ الفعلي وتطبيقه في شهر أغسطس – 2014م .
تعطي تأثيراٍ جيداٍ
ويرى الخولاني أنه إذا تم عرض هذه الصور والتحذيرات بشكل دوري فإن التأثير سيكون أفضل لأن وجودها قد يعطي قناعة مع الأيام للمدخن بسبب تكرار الرؤية إلى أن العلبة تحتفظ في العقل الباطن وتعطيه قناعة نفسية وعقلية لينوي الإقلاع عن التدخين تدريجيا ومن ثم تركها وقال: إنها جاءت ضمن حزمة السياسات التي أسستها منظمة الصحة العالمية والتي ستثمر عند تطبيقها بشكل متكامل حيث سيقومون بعمل التقييم لمعرفة مدى تأثير الملصقات التحذيرية بالنسبة للمدخنين بعد أن يمر عام على الالتزام بالقرار ومن ثم عمل دراسات علمية واستبيان حول نجاح ذلك والتخفيف من عدد المدخنين .
انحسار في نسبة المدخنين
وأكد الدكتور الخولاني أن المسح الذي قامت به وزارة الصحة عام 2013م حول نسبة التدخين يبين أن هناك انحساراٍ في نسبة المدخنين نتيجة التوعية والإجراءات التي نقوم بها كالتحذيرات المصورة ورفع الضرائب ورفع السعر ومنع التدخين مستقبلا في أماكن العمل أو وسائل النقل ومكان الاجتماعات والصالات ونحن الآن في طور التوعية لتطبيق القانون ومنع التدخين ومن أجل حماية المدخن من نفسة وغيره من التدخين القسري.
وفي ختام حديثه شدد على أهمية تكاتف الجهود مع هذا القرار وتوعية المواطنين بالآثار الخطرة والسلبية للتدخين وأن تتفاعل جميع الجهات الحكومية أو الخاصة بتطبيق القانون وتبني حملات توعوية في وسائل الإعلام والكليات والمدارس والمساجد وضرورة تطبيق القوانين التي تحظر التدخين في الأماكن العامة.
ويدعو وزارة المالية إلى إعطائهم الواحد بالمائة بحسب نص القانون من أجل القيام بالمهام وعمل الدراسات والأعمال الميدانية والتثقيف في هذا الجانب .
دور غير واضح
ومن جهته يقول سيف الشامي – مدير البرنامج الوطني للتثقيف الصحي: إن التدخين مسألة شائكة في حين يكاد يكون دور البرنامج الوطني لمكافحة التدخين في اليمن غير واضح بالشكل المطلوب نتيجة لعدة ظروف يمر بها البرنامج حيث لا يوجد لديه نفقة تشغيل إلى جانب أن الاهتمام من قبل الوزارة قد يكون موسميا مواكباٍ للاحتفال باليوم العالمي للتدخين الذي يصاف 31 مايو من كل عام مما يعني أن الأنشطة المكرسة لمكافحة التدخين في اليمن إن لم تكن منعدمة فهي ضعيفة .
أولويات الوزارة
وعن الإجراءات التوعوية في هذا الجانب أشار الشامي إلى أن هناك أولويات لوزارة الصحة باعتبار التدخين لا يقل خطورة عن بقية المشاكل الصحية في اليمن كون ضررها ملحوظاٍ حيث تظهر الدراسات والأبحاث أن نسبة 30 % من أمراض السرطانات نتيجة التدخين وأن مجتمعنا اليمني لا يعي مثل هذه الإرشادات أو النصائح إلا عندما يصاب شخص بالسرطان فتكون صدمة ولكن التأثير وقتي ومحدود مضيفاٍ بالقول: إن الجميع مقر بأن التدخين مضر لكنه أصبح عادة تأسر الكثير منهم وأن الإشكالية في تأثيرها السلبي على المحيطين بالشخص المدخن.
ردود فعل
وحول ما إذا كانت هذه الصور والعبارات تؤتي ثمارها ويتفاعل المواطنون معها أكد الشامي أن تأثيرها وقتي لعدم وجود أنشطة مكثفة بشكل أكبر في الوقت الذي قد تقوم شركات مصنعة للسجائر بردود فعل مضادة للحملات الإعلامية التي نقوم بها سواء بعمل بعض النشرات أو الصور لمكافحة التدخين عبر وسائل المواصلات أو في المهرجانات وقد حدث ذلك عندما نجد مندوب الشركة يقوم بتوزيع دعاية عن التدخين إلا أن البعض لا يهتم للمخاطر التي تضر المجتمع والأمراض التي يصاب بها الكثير وتكلف مئات الملايين من الدولارات سنويا نتيجة للتأثير السلبي للتدخين.
وزاد بالقول: إن المشاكل الصحية كثيرة ومتعددة جداٍ ولازلنا نرزح تحت وطأة الفقر والجهل والمرض والمركز الوطني للتثقيف الصحي يحدد الأولوية وفقاٍ للأولويات التي تحدد من قبل وزارة الصحة ونحاول أن نكرس الجهود في الأسبوع الخاص باليوم العالمي للتدخين حتى تؤتي ثمارها .
دراسات وتوصيات
فيما رأت إحدى الدراسات أن الصور التحذيرية التي يجرى وضعها على علب السجائر للتحذير من مخاطر التدخين والتنفير منه لا يكون لها تأثير كبير على المدخنين من الشباب حيث أن تأثير الصور على المدخنين ضعيف جدا وينظر اليه بعض المدخنين باشمئزاز دون التفكير في الغرض منها أو أنه قد يصاب بتلك الأمراض والبعض الآخر قد فقد حساسيته تجاهها واعتاد على رؤيتها وفي كلتا الحالتين لم يتعظ أي منهم ولكن الشيء الإيجابي في هذه الدراسة أنها اكتشفت أن لهذه الصور تأثيراٍ على غير المدخنين أو المدخنين الجدد الذين يودون تجربة التدخين وهذا ما خلص إليه العديد من الباحثين في فترة إجراء الاستطلاع بين عامي 2008 و2011م وأثرها لدى الأشخاص الذي لا يدخنون أو الذين يدخنون ليلا وبشكل متقطع وكما أوصت الدراسة أن توضع الصور والتحذيرات في أكثر المواضع التي تقع عليها عين المدخن من علبة السجائر وأن يجرى التقيد بتوصيات منظمة الصحة العالمية بأن تحتل الصور والتحذيرات نصف واجهة العلبة .
علوم نفسية وسلوكية
فيما يرى علماء النفس أن قرار وضع الملصقات على منتجات التبغ يعد أمرا ضروريا وخطوة جيدة لأن العبارات التحذيرية التقليدية أصبحت فاقدة لتأثيرها على المدخنين في حين أنه قد يكون أكثر تأثيراٍ على نفسية المدخنين في إقناعهم بالإقلاع عن التدخين وهذا الأمر معروف في العلوم النفسية والسلوكية أن للصور تأثيرا أكبر في الإقناع وتعديل السلوك .

قد يعجبك ايضا