تقرير/محمد عبدالسلام –
سباق التسلح النووي في العالم وفي منطقة الشرق الاوسط بالذات يثير مخاوف كثير من الدول من هذا السلاح الذي يعتبر اقتناؤه مشكلة بحد ذاتها باعتباره سلاح ردع فقط كما هو حاصل بين الجارتين الدولتين الهند وباكستان ,وفي المنطقة العربية دولة الكيان العبري الوحيدة التي تمتلك اكثر من 200 رأس نووي ولم توقع حتى الآن على معاهدة الحد من انتشار الاسلحة الذرية الذي جاء ليضع القوانين ويخضع منشآت الدول النووية ويخضع منشآت الدول النووية للتفتيش من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي مقرها فينا ,, في حين يثير البرنامج النووي الايراني جدلا واسعا الآفاق مع الغرب بالاشتباه إن ايران تسعى لتصنيع قنبلة ذرية وهو ما يثير هواجس دول المنطقة ودولة اسرائيل المارقة.
وبلغ عدد الدول الموقعة على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة الذرية (189) دولة باستثناء إسرائيل.
التقرير التالي يوضح أبعاد ومفاهيم الاسلحة النووية واتجاهات معاهدة منع انتشار الاسلحة الذرية وبنودها .
منذ الخمسينيات القرن الماضي برزت أصوات مناهضة لعمليات الاختبار والتسلح النووي في ديسمبر 1953م اقدم رئيس الولايات المتحدة دوايت د. آيزنهاور إلى الدورة الثامنة للجمعية العامة للأمم المتحدة اقتراحه المعروف بـ ”الذرة مقابل السلام“ والذي حث فيه على إنشاء منظمة دولية تعمل على نشر التكنولوجيا النووية السلمية وتسهر في الوقت نفسه على منع استحداث قدرات تسلح في بلدان إضافية.
وقد أسفر مقترحه في عام 1957م عن إنشاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي كْلفت بمسؤولية مزدوجة تتمثل في تعزيز التكنولوجيا النووية ومراقبتها حيث بدأت أولى المحاولات للحد من الأسلحة النووية في عام 1963م حيث وقعت 135 دولة على اتفاقية سْميت معاهدة الحد الجزئي من الاختبارات النووية وقامت الأمم المتحدة بالإشراف على هذه المعاهدةº علماٍ بأن الصين وفرنسا لم توقعا على هذه المعاهدة وكانتا من الدول ذات الكفاءة النووية.
اتفاقية عدم انتشار السلاح النووي معاهدة دولية بدأ التوقيع عليها في 1 يوليو 1968 للحد من انتشار الأسلحة النووية التي تهدد السلام العالمي ومستقبل البشرية . حتى الآن وقع على الاتفاقية 188 دولة .
ومنذ دخول المعاهدة حيز النفاذ في عام 1970م عقدت مؤتمرات استعراضية للمعاهدة مرة كل خمس سنوات. وقد سعى كل مؤتمر إلى الاتفاق على إعلان نهائي يقيم تنفيذ بنود المعاهدة ويقدم توصيات بشأن التدابير الآيلة إلى المضي في تعزيزها. وقد تم التوصل إلى توافق في الآراء بشأن الإعلان الختامي في المؤتمرات الاستعراضية التي عْقدت في أعوام 1975م و 1985م و 2000م لكن ذلك لم يتحقق في أعوام 1980م و 1990م و 1995م. وقد تركزت الخلافات على مسألة ما إذا كانت الدول الحائزة للأسلحة النووية قد وفت كفاية بمتطلبات المادة السادسة (نزع السلاح النووي) وكذلك على مسائل من قبيل الاختبار النووي والتطوير النوعي للأسلحة النووية والضمانات الأمنية المقدمة للدول غير الحائزة للأسلحة النووية من جانب الدول الحائزة لهذه الأسلحة والتعاون في ميدان استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية.
ومع ذلك ما زالت خارج الاتفاقية دولتان نوويتان أكيدتان (تملكان تجارب نووية مصرح بها ) هما الهند وباكستان ودولة نووية محتملة هي إسرائيل (لم تصرح إسرائيل حتى الآن عن امتلاكها للسلاح النووي رغم الكثير من المؤشرات التي تؤكد ذلك) . أحد الأطراف التي يحتمل امتلاكها لقوة نووية هي كوريا الشمالية أيضا مازالت خارج الاتفاقية . تم اقتراح الاتفاقية من قبل ايرلندا وكانت فنلندا أول من وقع عليها .
وتسمى أيضا معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية وقع عليها 87 دولة ولكن الهند و باكستان وهما دولتان تملكان الأسلحة النووية لم توقعا على المعاهدة.
وكانت ايرلندا وفنلندا من أولى الموقعات على المعاهدة .وقعت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي والمملكة المتحدة عام 1968وقعت فرنسا و الصين عام 1992م وانسحبت كوريا الشمالية منها في عام 2003م.
وفي عام 1995م وصل عدد الدول الموقعة إلى 170 دولة ثم امتد العدد بعد ذلك ليصل إلى 189 دولة حتى الآن ولا تزال المعاهدة مفتوحة للتوقيع.
معاهدة الحد الكلي من الاختبارات النووية
* فْتحِت مْعاهدة جديدة في سبتمبر 1996م للتوقيع سِميت معاهدة الحد الكلي من إجراء الاختبارات النووية وفيها مْنع إجراء أي تفجير للقنابل النوويةº حتى لأغراض سلمية. تم التوقيع على هذه المعاهدة من قبل 170 دولة حتى الآن. لكن لغرض تحويل هذه المعاهدة إلى قرار عملي يجب ان يجب وعلى الدول 44 الرافضة للتوقيع أن توقع في المعاهدة.
التوتر يحول دون التصديق
حتى يومنا هذا قامت بعض الدول الأربع والأربعين التي يجب أن تْصادق على المعاهدة بالتوقيع. لم توقع الهند وباكستان و كوريا الشمالية وقامت دول أخرى بالتوقيع ولكنها لم تتخذ قرارا بالتصديق على المعاهدةº وهذه الدول هي الصين وكولومبيا ومصر وإيران وإسرائيل والولايات المتحدة وإندونيسيا وفيتنام. ولا يتوقع ان تقوم أي من هذه الدول بالتصديق على المعاهدة في المستقبل القريب حيث تشهد معظم هذه المناطق توترا سياسيا يحول دون التصديق على هذه المعاهدة.
كما تحوط الشكوك بمدى التزام الدول ذات الكفاءة النووية بهذه المعاهدة فعلى سبيل المثال قامت الولايات المتحدة بتزويد دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي بما يصل إلى 180 سلاحا نوويا. ولم توقع حتى يومنا هذا إسرائيل والهند وباكستان على المعاهدة وقامت كوريا الشمالية بالانسحاب من المعاهدة عام 2003م وقامت إيران بتوقيع المعاهدة إلا أن الولايات المتحدة اتهمت إيران بخرق المعاهدة وتقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية حاليا بمحاولة إجراء تفتيش على المفاعلات النووية الايرانية .
الرعب النووي
تمتلك كل من الولايات المتحدة وروسيا خصمها في الحرب الباردة أكبر ترسانات نووية في العالم حيث تستطيع الدولتان إطلاق الأسلحة النووية عن طريق الجو والبر والبحر.
وحسب تقديرات مركز «اتحاد العلماء الأمريكيين» فإن عدد الرؤوس النووية التي تملكها الولايات المتحدة يبـلغ 7650 رأساٍ منها 2150 رأساٍ جاهزاٍ للعمل و2500 رأس احتياطي و3000 رأس لا تعمل أو فى انتظار تفكيكها. بينما تتفق أغلب التقارير أنها تمتلك 4075 رأساٍ فقط».
وفى روسيا بدأت التجارب النووية عام 1949م باستخدام نفس تصميم القنابل الأميركية وآخرها عام 1990م ويقدر عدد الرؤوس النووية التي تمتلكها ما بين 5192 و8420 رأساٍ منها 1720 راسا جاهزا للعمل و2700 احتياطي و4000 رأس لا تعمل.
وتمثل فرنسا ثالث قوة في العالم من حيث امتلاك الترسانة النووية ولكنها خفضت أسلحتها النووية في 1996م إلى النصف ولديها نحو 300 رأس نووي 290 جاهزاٍ للتشغيل و10 رؤوس تحتاج إلى الصيانة. وقامت باريس بـ210 تجارب نووية بدأت عام 1960م وآخرها عام 1996م.
وتتعاون أميركا وبريطانيا في مجال التجارب النووية حيث إن أكثر من نصف التجارب البريطانية تشاركها مع أميركا. وتمتلك لندن 4 غواصات تحمل صواريخ نووية وبالتالي أصبح إطلاق الصواريخ النووية عن طريق البحر الطريقة الوحيدة التي تستخدمها البلاد بعدما أوقفت الصواريخ التي يمكن إطلاقها جوا عام 1998.
ويتراوح عدد الرؤوس النووية الإنجليزية بين 192 و255 رأساٍ أقل من 160 رأساٍ جاهزاٍ للتشغيل ونحو 65 رأسا احتياطيا وقامت بـ45 تجربة نووية الأولى بدأت عام 1952 والأخيرة عام 1991م.
ورغم التخفيضات الكبيرة التي قامت بها الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا لقواتها النووية مقارنة مع مستوياتها خلال الحرب الباردة لاتزال جميع الدول الحائزة للأسلحة النووية تحدث قواتها النووية وتوسعها.
وهناك دول بدأت سعيها لامتلاك سلاح منها الصين تملك الآن 240 رأسا نوويا 180 منها يمكن إطلاقها برا وجوا والباقي يتم العمل عليه ليكون جاهزاٍ للإطلاق بحرا.
وقررت الهند إنشاء برنامجها النووي الخاص الهند فعليا نحو 100 رأس نووي جميعها مخزن وليس هناك أي منها جاهز للتشغيل وبدأت أولى تجاربها عام 1974م وقامت بـ6 تجارب كانت الأخيرة عام 1998م.
وقررت باكستان سرا امتلاك برنامج نووي لمجاراة الزيادة في القوة النووية للهند وردت باكستان على تجارب الهند النووية بـ6 تجارب مثلها تحت الأرض على حدودها مع إيران وتواصل باكستان العمل لامتلاك عدد أكبر من الرؤوس النووية وتشير بعض التقارير إلى أنها تمتلك الآن 15 رأسا بينما تشير تقارير أخرى إلى أن عدد الرؤوس يصل إلى نحو 110 رؤوس ليصبح توتر العلاقات بين الهند وباكستان مصدر تهديد دائماٍ للعالم.
أما كوريا الشمالية فهي مصنفة من قبل اتحاد العلماء الأميركيين بأنها من الدول التي تسعى لامتلاك السلاح النووي وقامت بـ3 تجارب نووية آخرها كان في فبراير الماضي.
وتصنف إسرائيل أنها مشكوك في امتلاكها السلاح النووي وترفض إسرائيل تأكيد أو نفى الاعتقاد السائد أن لديها قنبلة نووية ولكن يعتقد أن لديها نحو 80 سلاحاٍ نووياٍ وما يكفى من البلوتونيوم لتصنيع 200 قنبلة نووية وفقا لاتحاد العلماء الأميركيين.
وتشترى إسرائيل على مر السنين الغواصات والطائرات القادرة على حمل رؤوس نووية ولكن لم يتم التأكد ما إذا كان قد تم تعديلها للقيام بذلك.
أما إيران فمشكوك في سعيها لامتلاك البرنامج النووي وعلى مدى السنوات العشر الأخيرة كان هناك قلق في جميع أنحاء العالم بشأن برنامج إيران النووي بينما تصر إيران على أنها تخصب اليورانيوم للأغراض السلمية فقط.
وتطور طهران صواريخ باليستية منذ عام 1980م لكن الخبراء يقولون إن هذه الصواريخ ليست جاهزة كسلاح نووي.
ويتضح أن التقارير المعلوماتية حول القوة النووية المتوفرة عن كل بلد تختلف اختلافا كبيرا بدءاٍ من دولة تمتلك أسلحة نووية علنيا مثل الولايات المتحدة وصولا إلى أكثر البلاد تعتيما على برنامجها النووي مثل كوريا الشمالية.