الرسول.. القائد والقدوة!

يكتبها اليوم / حمدي دوبلة

هذا العنوان العظيم كان شعار ندوة علمية إعلامية أقامتها مؤسسة الثورة للصحافة والطباعة والنشر في صنعاء يوم الثلاثاء الماضي ضمن احتفالات وزارة الإعلام بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف.

-كل ما تناولته الندوة من أوراق عمل ضافية ونقاشات مستفيضة من قبل عدد من الأكاديميين والمؤرخين والباحثين الموصوفين كانت مهمة وتلامس بشكل عميق مدى احتياج الأمة اليوم للعودة إلى النهج النبوي القويم والسير الدقيق على سنته عليه أفضل الصلاة والسلام وسيرته الزكية وجهاده المقدس فأمة الإسلام باتت تعيش حالة من التيه والتخبط وصارت فريسة سهلة لأعدائها.

-من روائع ندوة مؤسسة الثورة تلك الورقة التي أعدّها واستعرضها الدكتور/ أحمد الشامي – وكيل وزارة الإعلام، وجاءت تحت عنوان” أسس صياغة السيرة النبوية” والتي أشار فيها إلى أن كثيرين من كتاب السير المعاصرين والقدامى ركزوا على السرد المجرد للتاريخ والأحداث وغفلوا عن موضع الدرس والعبرة حتى أصبح التاريخ عبارة عن أحداث جامدة لا يُستلهم منها ما يفيد المسلمين في حياتهم السياسية والاجتماعية والنفسية وغيرها , موضحا بأن القرآن الكريم أكد على أن الهدف الأهم من القصص القرآنية هو موضع الدرس والعبرة ( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ) , ولذلك نلاحظ أن الله سبحانه في القرآن عندما يتحدث عن الأحداث التاريخية قد يذكر حدثا قبل آخر دون مراعاة التسلسل الزمني, لأن الأهم بالنسبة للقرآن هو موضع الدرس والعبرة لا التسلسل الزمني.

ويضيف الشامي: التاريخ ليس مجرد مجموعة من الأحداث الماضية الخارجة عن دائرة الأسباب والمسببات كسنن إلهية أودعها الله في الكون، فهو يخضع لسنن إلهية علمية، وبما أنه كذلك فهو ساحة مهمة، نستفيد منها الكثير من الدروس والعبر.

ومما جاء في هذه الورقة العلمية بأن القرآن أكد فيما يتعلق بالتاريخ والسيرة على أمرين:

أولهما أن التاريخ والأحداث التي هي لب التاريخ محكومة بسنن وضوابط وموازين عامة، فالقرآن رفض بشدّة النظرة العبثيّة إلى التاريخ: ﴿فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً).

والثاني أنه وعلى الرغم أن حركة التاريخ محكومة بسنن وقوانين عامة، إلا أن الدور الحاسم في تعيين حركة التاريخ هو للإنسان، وهذه قاعدة تربوية أكد عليها القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾

ويؤكد الباحث الشامي على أهمية القراءة التحليلية وعدم الاقتصار على الكم ولغة الأرقام. موضحا ضرورة البحث في ماهية الأحداث والمواقف وربطها بأسبابها ونتائجها وتفكيك مفرداتها بطريقة تحليلية تجعل من قراءة السيرة قيمة مهمة بدلا عن القراءة الكمية البحتة التي لا تراعي سوى الشكليات.

ويشدد الدكتور احمد الشامي على أهمية أن يعمد كتاب السيرة النبوية الشريفة إلى إبراز عظمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من بين ركام الأرقام والأحداث التي تذكر في كتب السير والتاريخ , لأن الملاحظ هو أن شخصية النبي كرجل قرآني عظيم غابت عن كتب السير وحل محلها الكثير من الأرقام والأعداد والأحداث المسرودة سرداً تاريخياً كمياً بعيداً عن إبراز جوانب العظمة بالشكل الذي يبعث على الثقة به والارتباط به وما لهذه الثقة من تصحيح مسار الأمة تربويا ونفسيا واجتماعيا وسياسيا, وبذلك يكون طوق النجاة للأمة وليس شيئا آخر فهو صلى الله عليه وسلم القائد والقدوة والمعلم في كل زمان ومكان.

 

 

 

قد يعجبك ايضا