أكدت موسكو على ثبات الرؤية السياسية الروسية حيال أبرز القضايا الدولية مثل مكافحة الإرهاب واحترام سيادة القوانين الدولية وفقاٍ لميثاق الأمم المتحدة وعدم التدخل في الشأن الداخلي للدول المستقلة والحفاظ على مسيرة الاقتصاد الدولي وأهمية الحوار والتوافق بعيداٍ عن الخلافات التي قد تؤدي إلى الانفجار الكبير على غرار ما حدث من انفجارات قاتلة في القرن الماضي وأكدت الخارجية الروسية تمسكها بتطبيق القوانين الدولية والتي تضمن الأمن والاستقرار والعدالة والسيادة وعدم السماح للفوضى أن تسود في الدول العالمية.
جاء ذلك خلال الاجتماع السنوي الذي تحرص القيادة الروسية ممثلة بالرئيس فلاديمير بوتين على عقدها بصورة دورية لمناقشة الأوضاع الاقتصادية الداخلية وتطورات الساحة الدولية من وجهة النظر الروسية وهذه الرؤية تعد أساساٍ دولياٍ يمكن البناء عليها من أجل تجنيب العالم مزيداٍ من الآلام وسفك دماء الأبرياء وتدمير الدول الآمنة والمستقلة وقد أوضح وزير الخارجية سيرجي لافروف أبرز المواقف الروسية حيال عدد من القضايا الدولية لروسيا الاتحادية خلال العام 2014م وتأتي الأزمة الأوكرانية في سلم اهتمامات العمل الدبلوماسي الخارجي لموسكو كون الوضع الراهن في تلك الدولة قد أثر على العلاقات الروسية – الأوروبية والغربية بشكل عام.
حيث أكد لافروف رؤية موسكو إزاء ما يجري هناك قائلاٍ أن بلاده انتهجت خيار التفاهم والتعاون الشفاف على قاعدة لا ضرر ولا ضرار والشراكة إلا أن الغرب لم يحترموا المبدأ الديمقراطي وقاموا بتقويض الدولة الشرعية الأوكرانية والانقلاب عليها.
وفي هذا السياق أكد الرئيس فلاديمير بوتين مؤخراٍ” أن لا أحد في التاريخ استطاع إخضاع روسيا أو تهديدها أو الحد من نفوذها وتطرق وزير الخارجية لافروف إلى العقوبات الغربية على موسكو وقال: شركاؤنا الغربيون ذكروا علناٍ بأن العقوبات على روسيا ينبغي أن تشمل تدمير الاقتصاد ورفع وتيرة الاحتجاجات الشعبية وهذا يعني في النهج المفاهيمي استخدام الغرب تدابير قسرية لتغيير النظام في روسيا.
وأوضح لافروف أن التصرفات الحالية من شركائنا الغربيين وخاصة الأميركيين لا يشجع على مسألة التوافق الدولي حيال مجريات القضايا الدولية.
وأشار إلى أن الجهود الأميركية لا تزال تعمل بشكل لافت من أجل تأزيم الأوضاع مع روسيا إلى أقصى الحدود وعملت على ذلك في إطار حلف شمال الأطلسي الذي يبدي أعضاؤه تحفظات هامة على هذا التوجه الأميركي مضيفاٍ بأن أميركا تعمل خارج الحلف في محاولة لبناء مجتمع دولي تكون هي بمثابة الرأس.
وفيما يتعلق بالدور الروسي المستقل والفاعل على الصعيد الخارجي أكد لافروف بالقول: نحن نتطلع إلى دور مستقل وفاعل على مستوى الساحة الدولية بلغة الحوار وهو ضد لغة فرض القيود والعزلة وعلى الآخرين أن يفهموا أنه لا يوجد نظام عالمي مستقر بحيث يحرم فيه التعبير عن الرأي بصوت عال.. مضيفاٍ :هذا الوضع مستحيل أن يحدث.. لابد من التسليم بالتنوع وبالحوار والتوافق من أجل تسيير النظام العالمي بهدوء لتحقيق الأمن والعدالة الدولية لجميع دول العالم بدون استثناء .. مشيراٍ إلى أن هناك الكثير من دول العالم وهي الأكثرية تثمن الدور المستقل الذي تمارسه روسيا الاتحادية على الساحة الدولية وقال أن هذه الدول تساند روسيا ليس من أجل أنهم يعتقدون أن روسيا تعارض السياسات الأميركية فقط بل لأنهم يعلمون بأنه لا يوجد نظام عالمي مستقر بحيث يحرم فيه التعبير عن الرأي بصوت عالُ.
وبشأن الحرب على ما يسمى الإرهاب أوضح لافروف قائلاٍ: إننا نواجه اليوم الحقائق التي تطبقها الولايات المتحدة الأميركية خارج الحدود الإقليمية الأميركية وفقاٍ لقوانينها الداخلية وليس بالضرورة الحصول على أي تفويض من مجلس الأمن الدولي.
وأضاف: الآن تم تشكيل تحالف ضد ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية دون اللجوء إلى مجلس الأمن وقد سألت جون كيري وزير الخارجية الأميركية: لماذا لا تأتون إلى مجلس الأمن الدولي¿.. فأوضح قائلا: إن لجوء أميركا لمجلس الأمن في هذا الشأن سيكون بطريقة أو بأخرى لصالح (رئيس الجمهورية العربية السورية ) بشار الأسد.
أما فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط أكد الوزير الروسي لافروف بأن ما يحدث هناك بمثابة التفكيك الحقيقي للدول وللهياكل الحضارية ويستخدم في هذه العملية طاقة تدميرية كبيرة يمكن لآثارها أن تحرق دولاٍ أخرى في الإقليم وأضاف: هذا العمل أهدافه تتعدى هذه المنطقة وقال: الإرهابيون هم الآن منتشرون في دول الشرق الأوسط لتنفيذ خطط التفكيك وهم يحاولون تأسيس شبه دولة لهم في المنطقة وهذا يعد أمراٍ غير طبيعي ومحاولة خطيرة لزرع بذور التفكيك وعلى هذه الخلفية يأتي طرد الأقليات بما في ذلك المسيحيين من دول الشرق إلى أوروبا.
وأشار لافروف: لقد دعونا منظمة الأمن والتعاون أن نفعل شيئاٍ معاٍ في هذه القضية فكان الرد خجولاٍ.
وبخصوص القضية الفلسطينية قال لافروف: الصراع العربي – الإسرائيلي أصبح في الآونة الأخيرة يراوح مكانه دون حركة ففي العام 2013م طلب الأميركيون فرصة تسعة أشهر كمدة إضافية من أجل حلحلة الصراع العربي – الإسرائيلي .. وهنا لن أتطرق للأسباب التي دفعتهم لطلب ذلك لأنها أصبحت اليوم معروفة .. ورغم ذلك لم ينجحوا في مسعاهم.
ومرة أخرى طلب الأميركيون تمديد المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين حتى نهاية هذا العام من أجل الوصول إلى حلول عادلة للقضية الفلسطينية .. إلا أنه حتى الآن لم تتضح أية تطورات إيجابية.
الفلسطينيون لم يذهبوا إلى مجلس الأمن الدولي من أجل توقيع على اتفاقية محكمة الجنايات الدولية واستكمال بقية الإجراءات القانونية التي يجب عليهم اتخاذها بموجب القوانين الدولية لشرعنة دولتهم احتراماٍ للاتفاق مع الأميركيين.
وأضاف: إن الأيام القريبة القادمة ستشهد اجتماعا روسياٍ – أميركياٍ حول القضية الفلسطينية.
Prev Post
قد يعجبك ايضا