تنظيف كشف الراتب ومحاربة الفساد أولوية لا يمكن تأجيلها

سوء الإدارة في الكهرباء والمياه يكبد الدولة 70 مليار ريال سنوياٍ
■ 442 مليار ريال خسارة الدولة في قطاع النفط والغاز
يطرح وكيل وزارة المالية المساعد لقطاع التخطيط أحمد حجر -من وجهة نظر شخصية- بدائل أمام الحكومة لتقليص حجم عجز الموازنة العامة للدولة وتوفير موارد مالية جديدة وفي مقدمتها اتخاذ إجراءات صارمة وعملية ضد المعتدين على شبكات نقل النفط والغاز والكهرباء كونها كبدت الخزينة العامة خلال الفترة (2011 – 2013م) تريليوناٍ و482 مليار ريال.
ويشير حجر إلى وجود زيادة في معدل النمو السنوي المتوسط لنفقات دعم المشتقات النفطية عن معدل النمو السنوي المتوسط بنحو (9.4 %) وهذا يعني تحمْل الدولة خسارة نتيجة الفساد في مجال دعم المشتقات النفطية قد تصل خلال الفترة (2002 – 2013م) إلى نحو (442) مليار ريال بما نسبته (18.3 %) من إجمالي النفقات الاستثمارية للجهاز الحكومي و(16.3 %) من إجمالي عجوزات هذه الفترة.. إلى التفاصيل.

* بداية هل كان تصحيح أسعار المشتقات النفطية الخيار الوحيد والأمثل أمام الحكومة لإنقاذ الوضع الاقتصادي من الانهيار.. وهل كانت آلية التصحيح والتوقيت مناسبتين أم أن الحكومة كان أمامها بدائل وآلية أخرى مناسبة¿
– في ضوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية نرى أن الحكومة كان لديها العديد من الخيارات الأكثر منطقية وواقعية من تصحيح الأسعار للمشتقات النفطية من أهمها تحقيق الناحية الأمنية من خلال اتخاذ إجراءات صارمة وعملية ضد المعتدين على شبكات نقل النفط والغاز والكهرباء كون الخسارة التي تكبدتها الخزينة العامة خلال الثلاث السنوات (2011 – 2013م) هي ( 1.482.564) مليون ريال وبمقارنة هذه الخسارة بعجز الموازنة الصافي لنفس الفترة والبالغ (1.315.479) مليون ريال نجد أن العجز الصافي للموازنة خلال الثلاث السنوات كان يجب أن لا يتجاوز (71.915) مليون ريال أي بنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لا تتجاوز في المتوسط خلال الفترة (0.34 %) أي أن تكون الموازنة في حالة توازن وبالتالي يظل حجم الدين العام الداخلي نهاية (2013م) (1.618.551) مليون ريال بما نسبته ((75.4 %)) من إجمالي الموارد العامة و(21.7 %) من الناتج المحلي الإجمالي والفوائد المستحقة عليه (260) مليار ريال بما نسبته (9.3 %) من إجمالي النفقات العامة وليس كما هو عليه الآن بنسب تصل إلى (132 %) من إجمالي الموارد العامة و(38 %) من الناتج المحلي الإجمالي وأعبائها بما نسبته (16.9 %) من إجمالي النفقات العامة, وأيضاٍ من البدائل المطروحة استكمال عملية نظام البصمة والصورة بهدف تنظيف كشف الراتب من الوظائف الوهمية والمزدوجة وعلى افتراض أن عدد الوظائف الوهمية والمزدوجة لا يقل عن (60) ألف وظيفة ومتوسط الراتب الشهري للشخص (40) ألف ريال ما يعني توفير الموازنة ما يقارب (30) مليار ريال سنوياٍ.

الفساد
* الكثير يتحدث عن محاربة الفساد.. لكن الواقع يحتاج لجهود وحكومة قادرة وسنوات من العمل¿
– صحيح ولكن هناك ممارسات يمكن اتخاذها مثلاٍ إيقاف الفساد المستشري في مختلف أجهزة الدولة وبالأخص في مجال إنتاج وتوزيع ودعم النفط والغاز حيث تظهر البيانات وجود زيادة في معدل النمو السنوي المتوسط في الاستهلاك المحلي من مادتي البنزين والديزل خلال الفترة (2002 – 2010م) عن معدل النمو السنوي المتوسط للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لنفس الفترة (1.7 %) هذا إلى جانب زيادة في معدل النمو السنوي المتوسط لنفقات دعم المشتقات النفطية عن معدل النمو السنوي المتوسط بنحو (9.4 %) وهذا يعني تحمل الدولة خسارة نتيجة الفساد في مجال دعم المشتقات النفطية قد تصل خلال الفترة (2002 – 2013م) إلى نحو (442) مليار ريال بما نسبته (18.3 %) من إجمالي النفقات الاستثمارية للجهاز الحكومي و(16.3 %) من إجمالي عجوزات هذه الفترة أما لو أضفنا تكاليف الفساد في مجال الإنتاج والنقل وبالأخص الغاز لوصلنا إلى مؤشرات أكثر من هذا بكثير وهذا يعكس بما لا يدع مجال للشك مدى الخسائر التي تتكبدها الموازنة العامة خاصة والاقتصاد عامة جراء الفساد المستشري في أجهزة الدولة خاصة والمجتمع عامة وأيضاٍ رفع كفاءة إدارة العديد من المؤسسات الهامة وبالأخص مصانع الأسمنت والكهرباء والمياه فعلى سبيل المثال نجد أن نسبة الفاقد من إنتاج كل من مؤسسات الكهرباء والمياه تتجاوز (30 %) من إجمالي حجم الإنتاج الفعلي لهما هذا إلى جانب عدم تحصيلهما لجزء هام من موارد هما المستحقة وجزء من الإنفاق غير ضروري وهذا ما أدى إلى تكبيد الاقتصاد الوطني عامة وخزينة الدولة خاصة خسائر كبيرة فإذا ما افترضنا أن ما لا يقل عن (20 %) من الإنتاج لمؤسسات الكهرباء والمياه يعتبر فاقداٍ غير مبرر وكون إيرادات النشاط الجاري الفعلي لهذين المرفقين عام 2012م بلغ نحو (90) مليار ريال فإن الخسارة الناجمة عن ذلك خلال عام 2012م تصل إلى نحو (18) مليار ريال فإذا ما أضفنا الخسائر الناجمة عن عدم تحصيل الموارد والنفقات العبثية في هذه المؤسسات فقد تتجاوز (20) مليار سنوياٍ بل قد يصل الدعم المستهلك في إنتاج الفاقد من الطاقة الكهربائية والمياه إلى نحو (50) مليار ريال عام 2012م وفي ضوء ما سبق نلاحظ حجم الخسارة الناجمة عن سوء الإدارة في هذين المرفقين فقط سنوياٍ إلى ما يقارب (70) مليار ريال سنوياٍ وهذا ما يعني تجاوز هذا الرقم بكثير في حالة كافة وحدات القطاع الاقتصادي.
فاقد ضريبي
* هل تتفق مع من يقول إن الإيرادات الضريبية والجمركية لو تم تحصيلها وفقا للقانون وحجم النشاط التجاري لغطت باب الأجور والمرتبات¿
– هناك مؤشرات تقول إن هناك فاقداٍ ضريبياٍ ولو تم العمل على إيجاد قاعدة بيانات فعلية ومتجددة تكفل إيجاد حصر فعلي لكافة المكلفين في مختلف أنواع الإيرادات العامة وعلى كل المستويات بما يساهم في تقديم الحجم الفعلي للأوعية الإيرادية المتاح في مختلف أنوع الإيرادات وبالتالي معرفة حجم ونسبة المحصل الفعلي من كل نوع إلى إجمالي الوعاء المتاح فعلاٍ ليتسنى طرح المعالجات العملية لرفع كفاءة ونسبة التحصيل وهذا ما سيسمح بتحقيق قفزة كبيرة في الإيرادات ورفع كفاءة رسم وتنفيذ ومتابعة وتقييم ليس السياسة المالية فحسب بل والسياسة الاقتصادية والنقدية أيضاٍ فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد أن نسبة الامتثال الضريبي لكبار المكلفين تقارب (50%) من إجمالي المسجلين أما بالنسبة لمتوسطي وصغار المكلفين فالمؤكد أن النسبة ستكون أكبر وهذا ما يعني أن هناك جزءاٍ هاماٍ من الضرائب لا يتم تحصيله وفي ضوء المعايير الدولية نجد أن نسبة الضرائب المحصلة إلى الناتج المحلي الإجمالي للقطاعات غير النفطية تقارب (10%) بينما تتراوح في الدول المقاربة لوضع اليمن ما بين (15% – 20%) وبأخذ المتوسط وهو (17%) فسنجد أن نسبة مالم يتم تحصيله إلى إجمالي الوعاء الضريبي المتاح تصل إلى (41.2%) وفي ضوء إيرادات عامي (2012 – 2013م) يتوقع أن يصل المبلغ الذي تفقده خزينة الدولة سنوياٍ من الضرائب إلى نحو (222) مليار ريال وهو ما يتطلب إعادة النظر في الإعفاءات الضريبية والجمركية بحيث يتم حصرها على المجالات التي تخدم عملية التنمية أو الفئات الفقيرة حيث تصل نسبة المعفي من السلع المستوردة إلى ما يتجاوز (33%) من إجمالي قيمة الواردات أي ما يقارب (34) مليار ريال عام 2013م فقط ورفع كفاءة تخصيص واستخدام القروض والمساعدات الخارجية حيث لا يتجاوز ما يتم الاستفادة منها فعلاٍ (30%) من المتاح الفعلي منها أي ما يقارب (150 – 200) مليار ريال سنوياٍ.

الفقر
* كثير من الاقتصاديين يؤكدون أن رفع الدعم عن المشتقات النفطية هو ضمن جهود محاربة الفساد¿
– ربما يكون ذلك صحيحاٍ لكن الوضع المعيشي المتردي للغالبية العظمى من السكان إلى جانب عدم وجود رؤية علمية وواقعية لدى الحكومة لإنعاش الاقتصاد على الأمد المتوسط واستمرار تفشي الفساد وكذا فشل الحكومة في تحقيق الحد الأدنى من أهداف برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري والخطط والبرامج الاقتصادية المنفذة خلال الفترة (1996 – 2014م) كانت إلى جانب الوضع السياسي غير المستقر هي العوامل الرئيسية لرفض المجتمع قيام الحكومة بتصحيح أسعار المشتقات النفطية, وفي ضوء التدني الكبير في مستوى معيشة الغالبية العظمي من السكان وتفشي ظاهرتي الفقر والبطالة واستمرار مظاهر الفساد إلى جانب عدم امتلاك الحكومة رؤية واقعية واضحة الأهداف والخطوات لإنعاش الاقتصاد على الأمد المتوسط ومحاربة الفساد تعطي مؤشر واضح لعدم ملامسة متخذ القرار الاقتصادي للواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الصعب والمضطرب القائم وبالتالي عدم واقعية تقديره للآثار السلبية التي سيتحملها غالبية أبناء المجتمع نتيجة رفع الدعم وكذا رد فعل المجتمع وقواه السياسية على ذلك القرار كما أن تنفيذ سياسة تصحيح أسعار المشتقات النفطية في ظل محدودية دور الدولة في إدارة وتنظيم السوق المحلية سوف يؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم عما كان متوقعاٍ قبل التنفيذ بما نسبته (8% – 10%) عام 2014م و(3% – 5%) عام 2015م.
وفي ضوء توقع عدم حدوث أي تحسن حقيقي في مستوى دخل الغالبية العظمى من السكان على الأمد المتوسط من المؤكد من مستوى الدخل الحقيقي للغالبية العظمى من السكان وبالأخص الفقراء وذوى الدخول الثابتة سوف ينخفض خلال عامي (2014-2015م) بما لا يقل عن (15%) وهذا ما يعني ارتفاع نسبة السكان تحت خط الفقر من (54%) خلال السنوات (2011-2013م) إلى نحو (63%) وهذه كارثة اجتماعية واقتصادية وسياسية ومن المعلوم أن المستهلك الأكبر من المشتقات النفطية هم من الطبقات الغنية التي ينتمي إليها كبار رجال المال والأعمال ومافيا الفساد وكبار رجال الدولة والذين هم من يمتلك المصانع والمزارع والشركات الكبيرة في مختلف المجالات الاقتصادية وهذا ما يسمح لهؤلاء عكس الجزء الأكبر من التكاليف الإضافية الناجمة عن تصحيح أسعار المشتقات النفطية من المنتج إلى المستهلك النهائي للسلع والخدمات وهذا ما يجعل الطبقات المتوسطة إن وجدت والفقيرة هي التي تتحمل العبء الرئيسي لسياسة رفع الدعم وبالأخص في ظل عدم قيام الحكومة بدروها في تنظيم ومراقبة عمل السوق وهذا ما تم إخفاؤه على متخذ قرار تصحيح أسعار المشتقات النفطية.

قد يعجبك ايضا