مراقبون: بعض الجهات تتعامل مع المعلومة كملك شخصي وإدارات نظم المعلومات مفرغة من محتواها



● يْقابل الكثير من الباحثين في الجهات الحكومية بحجب المعلومة عنهم في معظم الأوقات دون وجه حق رغم حقهم في الحصول على المعلومة والذي كفله لهم القانون رقم “13” لسنة 2012م بشأن حق الحصول على المعلومات فقد اشتكى باحثون وصحفيون من تعمد مسؤولين حكوميين حجب وإخفاء كثير من المعلومات التي تتعلق بمسائل تعنى بالصالح العام غير أن الغالب افتقار الحكومة والجهات المختلفة للإحصائيات المرجعية الشاملة حول مختلف القضايا. يقول الزميل عبدالناصر الهلالي إنه فوجئ من عدم توفر إحصائيات رسمية لدى وزارة الصحة العامة والسكان حول الأمراض التي تصيب السكان القاطنين في محيط مكب النفايات بمحافظة تعز.

ثمانية من كل عشرة أفراد يقطنون في محيط مكب النفايات الذي يبعد 15 كم إلى الغرب من مدينة تعز يعانون من أمراض في الجهاز التنفسي جراء الدخان المتصاعد من الاحتراق الذاتي للمخلفات التي تلقى في المكب منذ نهاية الثمانينيات يلي ذلك التشوهات الخلقية والتخلف العقلي وقصور كلوي بحسب استبيان وزعه الزميل الهلالي على 100 عائلة في محيط المكب لصالح تحقيق استقصائي نشرته الثورة قبل فترة.
جهات حكومية أخرى حجبت معلومات عن انتصار الجفري مدير عام الإحصاء بوزارة التعليم الفني والتدريب المهني تتعلق بواقع المرأة والعنف المتكرر ضدها مما جعل الأخيرة تطالب بالتعامل بشفافية وإعطاء المعلومات للباحثين.
وتعتقد الجفري أن السبب الرئيسي وراء حجب الجهات الحكومية المعلومة عن الباحثين يرجع إلى قصور الوعي لدى القائمين على الجهات الحكومية بأهمية المعلومة.
ويضيف أمين الحمادي- مدير عام المراقبة والتقييم بالهيئة العامة لحماية البيئة- أسباباٍ أخرى تتعلق بحجب المعلومة من قبل الجهات الحكومية وتتمثل في أن الإدارة في الغالب تقليدية في كثير من الجهات وتجعل من المعلومة ملكاٍ شخصياٍ ومقابل ما تدفع ستحصل أيضا إدارات نظم المعلومات مفرغة من مضمونها وكذا عدم تنفيذ القانون رقم 13 لسنة 2012م بشأن الحق في الحصول على المعلومات وغياب الشفافية وعدم استشعار الدولة لأهمية المعلومة في اتخاذ القرارات الصحيحية المتعلقة بالتنمية وغيرها.
ويؤكد الحمادي أن الهيئة العامة لحماية البيئة تعيش ذات الواقع في المؤسسات الحكومية ونظم المعلومات لديها نسخة من نسخ كثيرة تقف عاجزة عن تلبية طلبات الباحثين عن المعلومة وتجعلهم يركضون وراء سراب.
مخالف للقانون
ترى ياسمين عبده هزاع- من المكتبة المركزية بجامعة صنعاء- أن حجب المعلومات من قبل الجهات الحكومية أمام الباحثين مخالف للقانون رقم “13” لسنة 2012م بشأن الحق في الحصول على المعلومات وتتمنى من الجهات المعنية جعل المعلومات في متناول الجميع وبشفافية.
ويستغرب الكثير ممن التقيت بهم أثناء عمل هذا التحقيق من عدم إفصاح عن المعلومات وبشفافية للرأي العام والتي تتعلق بأسماء المخربين وقطاع الطرق ومقلقي الأمن والسكينة العامة وإيرادات الدولة ومسار العملية السياسية والتنموية.
عدم التفاعل
وكشفت دراسة صادرة عن منظمة (برلمانيون يمنيون ضد الفساد) غياب الاستراتيجيات والثقافة المعلوماتية والتشريعات القانونية فيما أشارت دراسة واقع منظومة المعلومات لدى بعض المؤسسات الحكومية في الجمهورية اليمنية التي استهدفت مراكز المعلومات أو خدمات الجمهور في 26 وزارة من إجمالي 30 وزارة يمنية إلى أن نظام المعلومات ينقصه الانسجام بين أجزائه والتكامل في أداء المهام.
وأكدت الدراسة التي شملت 105 موظفين في تلك المراكز وهي للباحث مراد محمد العواضي ضعف تطوير وتأهيل الكادر البشري في مجال نظم المعلومات.
وأوضحت الدراسة أن المواطن لا يحصل على المعلومات الكافية بسبب عدم التنظيم الفعال للأرشيف وعدم تفاعل القائمين على الجهات الحكومية مع طلبات المواطنين بالشكل الجدي إضافة إلى عدم اطلاع عدد كبير من الموظفين على قانون حق الحصول على المعلومة ولفتت الدراسة إلى أن أغلب وحدات المعلومات (نظم المعلومات) تركز في اهتمامها بالدرجة الأولى على الأنظمة الخاصة بالأمور المالية ثم الأنظمة الخاصة بشؤون الموظفين.
وكشفت نتائج الدراسة في محور وضع المعلومات أن 55.2% من أفراد العينة يقولون إنه لا يوجد أي ارتباط لجهاتهم مع المركز الوطني للمعلومات 46.6% لا تعتبر جهاتهم من ضمن النظام الوطني للمعلومات.
وأوضح 60% من العينة أنه لا يتم استخدام نظام الأرشفة في جهاتهم لأرشفة وجمع المعلومات فيها 73.3% قالوا إنه لا يوجد ارتباط مع فروعهم في المحافظات.
هشاشة نصوص القانون
يؤكد محمد حسان أحمد مثنى- مدير عام المعلومات والنظم باللجنة العليا للانتخابات- أحقية المواطن والباحث في الحصول على المعلومة من الجهات الحكومية كما أن غياب الشفافية وراء حجب المعلومات ويشير إلى هشاشة نصوص قانون حق الحصول على المعلومات حد تعبيره.
فما يرى قانونيون أن قانون حق الحصول على المعلومات يتضمن بعض القصور والثغرات التي يعتقدون أنها قد تعطي السلطة المدخل لتقييد الحق في الحصول على المعلومات من قبل الأشخاص على مختلف مستوياتهم.
ومن تلك الثغرات- بحسب القانونيين- الإجراءات أو الفترة الطويلة (15 يوماٍ أو 30 يوماٍ) للرد على مقدم الطلب للحصول على المعلومات وإعطاء الحق للجهة بإحالة الطلب لجهة أخرى والتي تحتاج لنفس الإجراءات الزمنية ثم بعد ذلك تستطيع أن تقول لك لا توجد معلومة طبقاٍ لقول القانونيين.
كما يروا أن بعض نصوص القانون تستطيع الجهات الحكومية أن تشغلها وتسخرها لصالحها فضلاٍ عن أن القانون منح الجهة ثغرة لحجب المعلومة بداعي شرط احتواء الطلب على المعلومات الكافية أيضا مسألة المعلومات الكافية قد تؤخذ كثغرة إذ من الممكن أن يتحجج الموظف في الجهة التي لديها المعلومة أو أن المعلومات التي قدمتها ليست كافية لكي يعطيك المعلومة فكيف نطلب ممن جاء لطلب المعلومة أن يعطينا المعلومات كاملة¿!
ويؤكدون أن الاستثناءات الواردة في المواد “24 25 26” من القانون فضفاضة وتحتمل أكثر من وجه.
وفيما يتعلق بالمخالفات والجزاءات العقوبات الواردة في القانون التي ستطال حاجبي المعلومات وغيرهم يقول القانونيون إن العيب في نصوصها أنه لم يرد الحد الأدنى مثلاٍ حينما يتحدث أنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة أو بغرامة مالية لا تقل عن 150 ألف ريال كل من حجب معلومات واجبة الاطلاع.. هذا النص يتيح للقاضي أن يحكم بالحبس لمدة 24 ساعة أو بغرامة ربما 100 أو 300 ريال وبالتالي هذه العقوبة ليست رادعة وليست كافية وهذه إشكالية في النصوص القانونية صحيح أن حدها الأعلى ممتاز ورادع لكن حدها الأدنى للأسف لم يحدده القانون وهذه ثغرة قد تستغل أيضا من السلطات الحاكمة.
غياب النماذج
لا تتوقف التعقيدات عند هذا الحد فرغم أن المادة 15 من قانون حق الحصول على المعلومات تنص على أن يقدم طلب الحصول على المعلومات خطياٍ وفق النموذج المعد لهذا الغرض إلى الجهة التي يعتقد مقدم الطلب أنها تمتلك المعلومة إلا أن النموذج الموحد لا يتوفر لدى كافة الجهات الحكومية إلى الآن.
أهمية النموذج تكمن في إضفاء الصفة القانونية على طلب المعلومة وهو باختصار جواز العبور لتقديم شكوى لمفوض المعلومات في حال حجبت جهة ما معلومة عن طالبها حسب مختصين في القانون.
سرية المعلومات
يؤكد عبده عقلان- نائب المسجل العام لشؤون الخريجين بجامعة صنعاء- أن الجامعة تقوم بعملية التسجيل والقبول وإعلان نتائج القبول في الكليات بشفافية ويتمنى من الجهات المعنية التخلص من سرية المعلومات وجعلها في متناول الجميع وبشفافية.
إجراءات
وأكد سمير – أمين مفوض عام المعلومات – أن القانون ألزم الجهات بأن تعطي المعلومات لطالبيها وقال: القانون ألزم الجهة (الموظف المختص) بتمكين طالب المعلومة من الحصول عليها وإبلاغ مقدم الطلب خطياٍ في حال عدم توفر المعلومة لدى الجهة أو إذا كانت مستثناه مع تحديد المواد التي استثنت المعلومات التي لديها يقصد ما استند إليه الموظف المختص لحجب المعلومة وكل هذا يخضع أيضا للتحقيق من قبل المفوض العام للمعلومات حيث لديه سلطة التفتيش في سجلات الجهات وأوراقها وأية ثبوتات لها صلة بالمعلومات المطلوبة وبحسب أمين فإن مكتب المفوض العام مستقل استقلالاٍ تاماٍ يقول: نحن جهة مستقلة نشرف على تطبيق القانون في جميع الجهات الحكومية وجهة تحكمية أيضا.
توصيات
وأوصت الدراسة التي أعدها الباحث مراد العواضي بتدريب الموظفين بغية تعزيز ثقافة الانفتاح وكيفية الاستجابة لطلب الحصول على المعلومات وتوعية الجميع بقانون حق الحصول على المعلومات.
وطالبت المجموعة اليمنية للشفافية والنزاهة رئاسة الجمهورية والمفوض العام للمعلومات والحكومة بالعمل على تطبيق قانون حق الحصول على المعلومات على الواقع وإتاحة المعلومة للناس كي يستفيدوا منها في مواجهة الفساد الجاثم على حياة اليمنيين.
وناشدت المجموعة كل الأطراف الموقعة على وثيقة اتفاق السلم والشراكة ضرورة الالتزام بتنفيذ ما جاء فيها والتعاطي بشفافية مع كافة القضايا الوطنية وحق المواطنين في الحصول على المعلومات المتعلقة بهذه القضايا وإشراكهم في جميع القرارات المصيرية لتجنيب اليمن الانزلاق في حروب سيكون المستفيد منها الفاسدون والناهبون لمقدرات وثروات اليمن.

قد يعجبك ايضا