الإسلام يدعو إلى جمع الكلمة والتماسك وتوحيد الصف


استطلاع/ هاشم السريحي –
ديننا الحنيف مليء بالقيم الحضارية السامية والأخلاق الفاضلة التي لا تكاد تجدها في دين كديننا الإسلامي والتي تدعونا إلى جمع كلمة المسلمين ولم شملهم وإلى بث روح الإخاء والتعايش.. حتى وإن اختلفت في الرأي مع غيرك فيجب أن لا يفسد ذلك الاختلاف للود قضية.. الاستطلاع الصحفي التالي يناقش الموضوع.

البداية كانت مع الدكتور عبدالرحمن الوعيل, أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة صنعاء الذي استهل حديثه بقوله: ديننا الحنيف غزير بكثير من القيم الحضارية التي تدعونا إلى جمع الكلمة ورص الصفوف والتوحد كالحب والسلام و الصدق والإيثار والمؤاخاة و الشعور بما يشعر به الآخر من المعاناة والإيمان بما يحب لأخيه كأنه يحبه لنفسه أيضا قيمة الوفاء ولين الحديث والصبر على الآخر والعذر له والنصيحة والبيان لتصحيح المفاهيم وبيانها هو الأسلوب الأمثل في معالجة الأخطاء.
ويضيف الدكتور الوعيل: كما أن هناك صفات يجب الابتعاد عنها كإشاعة الفتن والغيبة والنميمة وسوء الظن ونشر الأكاذيب والتي دعانا ديننا الحنيف إلى عدم الوقوع فيها.

بقاء الأمة بتوحيد كلمتها
من جهته يقول فضيلة الشيخ أسامة الأسطى خطيب جامع الرشد: إن من أهم ما يدعو إليه الدين بعد التوحيد هو جمع الكلمة وائتلاف القلوب والمشاعر واتحاد الغايات وتوحيد الهدف والاعتصام بحبل الله المتينº لأنه بتوحيد الصفوف واجتماع الكلمة ضمان لبقاء تماسك الأمة ولهذا يتفق العقلاء من الناس على أن الاجتماع والائتلاف مطلب ضروري لا غنى عنه لأمة تريد الفلاح.
وأضاف: لذا فقد شرع لنا ديننا الإسلامي الحنيف كل ما يقوي عوامل الألفة والاتحاد ويزيل عوامل البغضاء والكراهية والاختلاف والفرقة فأمرنا بالسلام وربط بينه وبين الإيمان وبين دخول الجنة فقال عليه الصلاة والسلام: (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم¿ أفشوا السلام بينكم) إنه السلام أعظم تحية تقدير واحترام كما نهانا عليه الصلاة والسلام عن الهجرانº لأنه يسبب الكراهة والبغضاء والبعد والحقد والتناحر والتدابر والتنازع والتفرق فقال: (لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام).
ويؤكد الشيخ الأسطى: أن الأصل في الأمة طهارة قلوبها وسلامة صدورها واجتماع كلمتها وائتلاف رأيها وتوحيد خططها وخطتها ولذلك وصف الله المؤمنين والمؤمنات بأنهم سيرحمهم الله فقال في سورة التوبة: (وِالúمْؤúمنْونِ وِالúمْؤúمنِاتْ بِعúضْهْمú أِوúليِاء بِعúضُ يِأúمْرْونِ بالúمِعúرْوف وِيِنúهِوúنِ عِن الúمْنكِر وِيْقيمْونِ الصِلاِةِ وِيْؤúتْونِ الزِكِاةِ وِيْطيعْونِ اللهِ وِرِسْولِهْ أْوúلِـئكِ سِيِرúحِمْهْمْ اللهْ إنِ اللهِ عِزيزَ حِكيمَ) وأما الاختلاف في الرأي مع طهارة القلب وسلامة الصدر فهو طارئ علينا وإذا كان كذلكº فلا يجوز أن يدفعنا إلى التنازع والخصومةº بأن يتعصب كلَ منا لرأيه وينتصر لنفسه بل يجب أن يقودنا هذا الاختلاف في الرأي إلى بذل المزيد من الجهد في الألفة والتراحم والتماس العذر والاعتذار لا تِلِمْس الخطأ وتمحل الأعذار وقد سار بين الركبان القولْ الحسنْ: ( الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية) ولنا في السلف والخلف الصالح الأسوة والقدوة الطيبة: فقد اختلف الأنبياء من قبل في الرأي فاختلف موسى وهارن كما اختلف الخضر وموسى واختلف سليمان وداود في شأن المرأتين اللتين اختصمتا في الابن ولم يكن هذا الخلاف موجباٍ للفرقة والاختلاف.

الأخوة الإسلامية
أما خطيب جامع مسيك الشيخ الدكتور إسماعيل السلفي فيقول: من القيم التي تجمع ولا تفرق نشر روح الأخوة الإسلامية بشروطها وحقوقها العامة والخاصة ونشر حق الجوار بين الناس فكم من جار في هذه الأيام لا يعرف جاره ولا يتفقد أحواله ونشر احترام الكبار وحب الصغار واحترام العلماء وإنزالهم المنزلة اللائقة بهم ونشر العدل بين الناس.
ويضرب الدكتور السلفي لنا مثلاٍ بعده علامة تعجب كبيرة: أنظروا إلى الواقع المحيط كيف توحدت أوروبا بأفكارها وديانتها المختلفة ولغاتها وعملتها ونحن لنا من قيم التوحد أعظم منهم فالرب واحد والكتاب واحد والنبي واحد واللغة واحدة فلماذا لا نتوحد¿!

نفوس نقية
ويقول الشيخ عبدالغني الشميري خطيب جامع الإحسان: رغم أن الخلاف في الرأي كان يحصل بين الصحابة إلا أن نفوسهم كانت صافية نقية. فقد خالف ابن مسعود عمر بن الخطاب رضي الله عنهما في مسائل بلغت المائة ومع ذلك فحين أتى ابن مسعود اثنان أحدهما قرأ على عمر والآخر قرأ على غيره فقال الذي قرأ على عمر: أقرأنيها عمر ابن الخطاب فجهش ابن مسعود بالبكاء حتى بلِ الحصى بدموعه وقال: اقرأú كما أقرأك عمرº فإنه كان للإسلام حصناٍ حصيناٍ وبالمقابل قال عنه عمر قولته المشهورة: «كنيف مْلئِ علماٍ». إنها النفوس التي صفت وتسامت على حظوظها فلم يجد الهوى بينهم مكاناٍ وحين يحصل بينهم ما يحصل بين البشر لا يمنعهم ذلك من العدل ولا يقودهم إلى تتبع الزلات وملاحقة العثرات.
ويضيف الشميري: الخلاف وارد والله تعالى قال : (وِلا يِزِالْونِ مْخúتِلفينِ* إلاِ مِن رِحمِ رِبْكِ وِلذِلكِ خِلِقِهْمú) لكن لابد من التفريق بين الخلاف في الرأي واختلاف القلوب: لا بد أن يحصل الخلاف في الرأي وتتعدد الاجتهادات لكن من واجب المسلم أن يحذر من أن يؤدي ذلك إلى اختلاف القلوب وقد حذر النبي أصحابه من ذلكº فعن ابن مسعود قال: سمعت رجلاٍ قرأ آية وسمعت النبي يقرأ خلافها فجئت به النبي فأخبرته فعرفت في وجهه الكراهية وقال: «كلاكما محسن ولا تختلفواº فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا».

قد يعجبك ايضا