
أنهى المنتخب الوطني لكرة القدم مشواره ببطولة كأس الخليج العربي الثانية والعشرين المقامة حالياٍ بالرياض بالخسارة أمام المنتخب السعودي بهدف وحيد . ورغم خسارته نتيجة المباراة إلا أن منتخبنا كسب الأداء وحب وإعجاب الجماهير التي سجلت أكبر حضور جماهير في البطولة حتى أنه تفوق على أصحاب الأرض من حيث الإقبال الكبير والكثافة العددية.
وللمرة الأولى منذ الانضمام إلى دورات كأس الخليج عام 2003م في خليجي16 بالكويت كان المنتخب الوطني منافساٍ على خطف بطاقة التأهل للدور الثاني من البطولة وتمسك بآمال العبور حتى الصافرة النهائية لمباريات الجولة الثالثة من البطولة خاصة وأنه كان يكفيه التعادل الإيجابي أمام السعودية للدخول في حسبة التأهل مع المنتخب القطري الذي تعادل سلبياٍ أمام نظيره القطري وتأهل بثلاث نقاط من ثلاثة تعادلات.
ولأول مرة يخرج المنتخب الوطني بأفضل نتيجة أمام نظيره السعودي على صعيد دورات الخليج حينما خسر بهدف وحيد وبصعوبة بالغة بعدما كان يتجرع الخسائر العريضة وأبرزها الخسارة في خليجي 19 بسداسية نظيفة والخسارة في خليجي 20 برباعية وثلاث خسائر أخرى بهدفين نظيفين في خليجي الكويت وقطر والبحرين.
وبالعودة إلى مجريات المباراة فقد افتقد المنتخب الوطني لجهود المثابر محمد بقشان وصمام الأمان مدير عبدربه والمتألق وحيد الخياط .. ودفع المنتخب الوطني بالثلاثي نزار رزق وحمادة الزبيري وياسر الجبر منذ البداية إلى جانب العناصر الأخرى التي شاركت منذ بداية البطولة.
واعتمد المدرب التشيكي ميروسلاف سكوب على أسلوب متوازن في اللعب وبطريقة (4-5-1) في ظل وجود رباعي الدفاع حمادة الزبيري ومحمد فؤاد ونزار رزق ومعتز قائد وفي خط الظهر علاء الصاصي وفؤاد العميسي ووليد الحبيشي وعبدالواسع المطري وفي المقدمة ياسر الجبر.
وكشر المنتخب السعودي عن أنيابه مبكراٍ من خلال الاندفاع للهجوم وتهديد مرمى محمد عياش بعد مضي عشر دقائق من صافرة البداية عبر كرة نواف العابد التي أخطأت الخشبات الثلاث.
وسعى منتخبنا لامتصاص الحماس السعودي وضبط إيقاع اللعب بما يوجد حالة من التكافؤ وفرض حالة الندية وقوبلت المحاولات السعودية بتنظيم دفاعي وفرض سياج صلب حال دون الوصول المبكر إلى الشباك.
وبدأ لاعبو منتخبنا يدخلون في أجواء المباراة ويتجاوزا حالة الرهبة من أصحاب الأرض لتسجل أول فرصة يمنية صريحة بعد مضي (22) دقيقة حينما هدد عبدالواسع المطري مرمى السعودية بتسديدة في الشباك الجانبية.
وكان الحارس الدولي عياش عند مستوى المسؤولية والثقة التي حاز عليها حيث تألق في العديد من المناسبات وذاد عن مرماه ببسالة وفدائية .. وكانت البداية حينما أنقذ مشروع هدف محقق من مصدر الازعاج الدائم نواف العابد في الدقيقة (24).
تقدم سعودي
وتحت وطأة الضغط السعودي المتواصل على مرمى منتخبنا استقبلت شباك محمد عياش أول هدف في مشوار المنتخب وتحديداٍ عند الدقيقة (29) حينما تابع نواف العابد الكرة خارج منطقة الجزاء وسدد الكرة في الزاوية اليْمنى محرزاٍ هدف السبق لأصحاب الأرض.
وعقب هدف السبق السعودي إنكمش لاعبو منتخبنا للدفاع وسط توجيهات مستمرة من المدير الفني سكوب بالتماسك وتفادي الانهيار الذي قد يخرج المباراة عن السيطرة وبالفعل تمكن منتخبنا من امتصاص الطوفان السعودي والحد من التحركات النشطة لثنائي الرعب سالم الدوسري وتيسير الجاسم اللذان وقعا تحت كماشة الرقابة اللصيقة من قبل حمادة الزبيري ونزار رزق.
واستعاد منتخبنا عافيته وتجاوز العامل النفسي الناتج عن استقبال الهدف الأول حيث بدأ في الانتشار مجدداٍ ومحاولة تنظيم الهجمات صوب مرمى الحارس السعودي وليد عبدالله وقوبلت انتفاضة منتخبنا بمحاولة سعودية للتهدئة في رتم اللعب واحتواء ردة فعل نجوم اليمن السعيد.
وبادر المنتخب الوطني في الكشف عن رغبته في طرق المنطقة الدفاعية السعودية عبر تحركات النشط عبدالواسع المطري والتمريرات المتقنة من الفنان علاء الصاصي والحوارات المهارية للواعد وليد الحبيشي والتي قولبت بدفاع سعودي صلب عمل على تنظيف المنطقة من الكرات الحمراء.
وصاحب هجمات المنتخب الوطني تقدم لافت من خط الظهر حيث ساهم فؤاد العميسي وأحمد الحيفي في إسناد التحضيرات الهجومية عبر الأطراف لكن الإنهاء السليم ظل السمة التي افتقد لها منتخبنا لتتواصل حالة العقم الهجومي حتى صافرة انتهاء الشوط الأول بتقدم سعودي بهدف وحيد.
واقعية وأداء مميز
وظهرت بصمات المدرب التشيكي سكوب في شوط المدربين من خلال التحسن الملحوظ الذي طرأ على أداء منتخبنا والذي خاض أفضل شوط خلال مشاركته ببطولة خليجي 22 من خلال الأداء التكتيكي والمهارات العالية والنقلات الجميلة التي أربكت صفوف المنتخب السعودي وأجبرته على اللعب بواقعية واحترام الخصم خاصة بعد سلسلة الهجمات العكسية التي قادها منتخبنا وإهدار بعض الفرص التي أتحيت للاعب ياسر الجبر الذي خضع لرقابة لصيقة من الصخرة الدفاعية أسامة هوساوي.
ومع بروز علامات الانهاك البدني بدأ سكوب بإجراء تغييرات من أجل الحفاظ على جاهزية المنتخب حيث دفع باللاعب عبدالمعين الجرشي بدلاٍ عن نزار رزق .. ومحمد الغمري بدلاٍ عن أحمد الحيفي فيما أشرك المدرب الأسباني لوبيز كلاٍ من نايف هزازي وفهد المولد بدلاٍ عن ناصر الشمراني وسالم الدوسري.
وأهدر اللاعب السعودي تيسير الجاسم أخطر فرصة في الشوط الثاني بعدما تلقى تمريرة متقنة من فهد المولد كما تكفل الحارس عياش بالانقضاض على كرة نواف هزازي في الدقيقة (81) كما إنفرد الجاسم بالمرمى لكن عياش أبعد الكرة بفدائية إلى الركنية .. وتكفل عياش بإبطال مفعول آخر الفرص السعودية حينما سيطر على الكرة الرأسية للمدافع أسامة هوساوي.
وشهدت الدقائق الأخيرة مشاركة النجم أيمن الهاجري بدلاٍ عن وليد الحبيشي لكن الوقت لم يسعف الهاجري لتقديم الأداء المطلوب لا سيما وأنه لا زال في إطار مرحلة الاستشفاء من الاصابة التي تعرض لها في العضلة الضامة لتسير المباراة إلى محطة النهاية بفوز مستحق للمنتخب السعودي بهدف يتيم من كرة فردية وخسارة منتخبنا للنتيجة بعد أداء بطولي واستثنائي يدشن مرحلة جديدة في تاريخ الكرة اليمنية التي باتت تحظى بالاحترام والتقدير عطفاٍ على الظهور المميز في خليجي الرياض.
من الرياض
أدار المباراة طاقم تحكيمي بقيادة الحكم السلوفيني دامير سكومينا ومواطنه جوربرابرتنك والعراقي نجاح رحم راشد ورابعا العْماني يعقوب عبدالباقي وراقبها إدارياٍ الكويتي سهو السهو فيما راقب الحكام الراوندي سليستيان.
أشهر الحكم ثلاثة إنذارات منها إنذاران للاعبي السعودية تيسير الجاسم ووليد باخشوين فيما أنذر من منتخبنا حمادة الزبيري.
جماهير عريضة اكتظت بها جنبات استاد الملك فهد الدولي حيث احتشد الآلاف من أبناء الجالية اليمنية المقيمة في الرياض والذين يقدر عددهم بنحو أربعين ألف مشجع والذين تقاطروا من كل حدبُ وصوب بدافع الحب والانتماء والوفاء للوطن وحرصاٍ على مؤازرة المنتخب الوطني أمام نظيره السعودي.
جماهير السعودية سجلت حضوراٍ متواضعاٍ أمام الإقبال منقطع النظير لجماهير منتخبنا .. وشكل منتخبنا العلامة الإيجابية في البطولة وسيلقي خروج منتخبنا من البطولة بظلاله على المدرجات خلال المرحلة الثانية.
لأول مرة أنهى المنتخب الوطني مشاركته في كأس الخليج محتلاٍ المركز الثالث في مجموعته برصيد نقطتين بفارق الأهداف عن المنتخب البحريني الذي جاء في المركز الأخير.
يحسب لمنتخبنا أنه كان الحصان الأسود في البطولة وتمكن من خلط الأوراق وإرباك حسابات التأهل والتي لم تتضح إلا بعد انتهاء مباراتي الجولة الأخيرة للمجموعة الأولى بعدما كان يشكل جسور عبور للمنتخبات ويتذيل الترتيب في المشاركات الست الماضية.