الثورة / متابعات
لم يكن التفاؤل بدخول الاتحاد الأوروبي على خط كسر الحصار عن غزة وفتح المعابر في ظل المجاعة التي يعيشها أهل القطاع في ظل حرب التجويع والحصار الخانق والإبادة الجماعية التي يشنّها الاحتلال منذ 651 يومًا، سوى صرخةٍ في وادٍ أو نفخةٍ في رماد الأكاذيب والتواطؤ الدولي “المفضوح”، فيما غزة تلفظ أنفاسها الأخيرة جوعًا ومشاهد الأطفال والكبار والهائمين بحثًا عن طحينٍ بين ذرات التراب ومن يقضون جوعاً من الرضع لا تخطئه عين الإنسانية قبل أن يفقأها الانحياز للإجرام الصهيوني.
“غزة تلفظ أنفاسها الأخيرة جوعًا”.. هو لسان الحال ولسان المقال الذي أكده الدكتور رامي عبده الناشط الحقوقي ورئيس المركز الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، لكن مع وضع مليون خط تحت الشراكة الأوروبية هذه المرة في الجريمة والتواطؤ فيها والتغطية على الجريمة الإسرائيلية التي فاحت رائحتها في كل الدنيا وأصبحت محرجة لأرباب الديمقراطية ومدعي حقوق الإنسان في الغرب، فكانت الشراكة في الجريمة بغطاء مزاعم لا صحة لها حول فتح المعابر ودخول المساعدات.
وزارة الصحة في بيان لها وصل “المركز الفلسطيني للإعلام، أمس الجمعة، أكدت على عمق الكارثة، لافتة إلى أنّ أعدادًا غير مسبوقة من المواطنين المجوعين من كافة الأعمار تصل إلى أقسام الطوارئ في حالة إجهاد وإعياء شديدين.
وحذرت الوزارة بأن المئات من الذين نحلت أجسادهم سيكونون عرضة للموت المحتم نتيجة الجوع وتخطي قدرة أجسادهم على الصمود.
كيف ساهم الأوروبيون في هذه الكارثة؟
بدوره تساءل رامي عبده: كيف ساهم الاتحاد الأوروبي بوصول التجويع لهذا المستوى؟ مجيبا على تساؤله بالقول: إنّه قام إعلامياً بضخ معلومات عن الاتفاق مع الاحتلال على دخول المساعدات الإنسانية؛ فماذا حدث؟
ويتابع الإجابة في منشور له بمنصة إكس رصده المركز الفلسطيني للإعلام: لم تدخل المساعدات بالمطلق، ولم يقم المجوعون بإدارة استخدامهم للطعام اعتقاداً بأن الاحتلال سيدخل الطعام وفقاً لما أعلنه الاتحاد الأوروبي، وقام اللصوص والتجار بجمع المواد الموجودة في السوق بأسعار أقل من البيع.
ويضيف عبده: أنّ ذلك يحدث ولا تجد موقفا لمؤسسات مجتمع مدني فلسطيني أو عربي، ولا تجد مجتمعا فلسطينيا ولا شخصيات تهاجم تواطؤ الاتحاد الأوروبي، ولا تجد جاليات عربية أو فلسطينية في أوروبا تضغط لفضح الاتحاد، ولا تجد وسائل إعلام مستعدة لتغطية هذه الفضيحة.
الإعلان الأوروبي المضلل
من جانبه وصف الكاتب والمحلل السياسي الدكتور إياد القرا، ما يجري في تصريحاتٍ لـ المركز الفلسطيني للإعلام، بالقول: يوم الأحد الماضي، أعلن الاتحاد الأوروبي عن توصّله إلى “اتفاق” لإدخال المساعدات لغزة، فعلِق الناس بالأمل، وامتنعوا عن شراء الطحين من السوق رغم الجوع القاسي، بانتظار ما وُصف بأنه انفراجة قريبة.
واستدرك القرا بالقول: لكن ما الذي حصل؟ لم تدخل مساعدات تُذكر. الإعلان كان كاذبًا ومضللًا، وقامت عصابات الطحين التي خزّنت كميات ضخمة، اغتنمت الفرصة، وبدأت بطرح كميات محدودة في السوق بأسعار خيالية.
وأضاف أنّ تُجّار كبار، اشتروا الطحين من اللصوص، ونقلوه للمخابز والمطاعم، حيث يُباع لاحقًا على شكل معجنات وأطعمة لا يستطيع الفقير على ثمنها.
وتابع بالقول: “بهذه المسرحية، قدّم الاتحاد الأوروبي خدمة للاحتلال، إذ خفّف الضغط الدولي عنه، وغطّى على استمرار المجاعة”، مشددًا على أنّ ما جرى ليس سوء تنسيق، بل خداع متعمّد وتواطؤ في جريمة التجويع”.
وحذر القرا من تصديق وعود الاحتلال ولا الأوروبيين، مشددًا على أنّ ” المجاعة في غزة قرار سياسي بغطاء دولي”.
وخلص الكاتب والمحلل السياسي إلى أنّ الاتحاد الاوروبي دخل في “لعبة” بحثا عن صك غفران من جريمة “التجويع” في غزة، فأصبح “مشاركا” رسميا بها من خلال تراجعه عن فرض “عقوبات” على إسرائيل مقابل “وعد” بإدخالها مساعدات لم تلتزم ولن تلتزم فيه إسرائيل.
الموقف الأوروبي يغذي الإبادة
بدوره أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أنّ “الموقف الأوروبي يُغذّي الإبادة الجماعية في غزة ويكرّس الاحتلال غير القانوني للأرض الفلسطينية”.
وقال في تصريح صادر عنه، وصل المركز الفلسطيني للإعلام، إنّ اكتفاء الاتحاد الأوروبي بـ”مراقبة التزام إسرائيل بالاتفاق الأخير لتحسين وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة عن كثب” يعكس غيابًا مدويًّا للإرادة السياسية في ممارسة أي ضغط فعلي.
حصار إسرائيلي ومجاعة خانقة.
ولفت إلى أنّ الموقف الأوروبي يجسّد تواطؤًا فعليًا مع إسرائيل، ويمنحها ضوءًا أخضر للاستمرار في استهداف المدنيين وتدمير مقومات بقائهم.
وحذر من أنّ الترويج الأوروبي لإدخال المساعدات يرتقي إلى شراكة فعلية في هندسة التجويع، ويشكّل الوجه الآخر للدور الدموي الذي تؤديه مؤسسة “غزة الإنسانية”.
ونوه المرصد بأنّ حصر الاتحاد الأوروبي مطالبه بإرسال صناديق الطعام إلى غزة رغم كل ما يجري فيها من أهوال، يُمثّل خيانة صريحة للإنسانية بأكملها.
وشدد على أنّ الاتحاد الأوروبي مطالب بالانتقال فورًا من بيانات التعبير عن “القلق” إلى خطوات عملية تضغط على إسرائيل لإنهاء الإبادة في غزة.
مؤسسات غزة تفضح كذب تصريحات الاتحاد الأوروبي
بدورها رفضت مؤسسات المجتمع المدني والأهلي في قطاع غزة، ما أعلنه ممثل الاتحاد الأوروبي في فلسطين، ألكسندر شتوتسمان، بشأن فتح الاحتلال الإسرائيلي للمعابر وإدخال المساعدات والبضائع إلى القطاع، مؤكدة أن “هذا الحديث لا أساس له على أرض الواقع”.
ودعت المؤسسات، في بيان صحفي، المسؤول الأوروبي إلى مراجعة تصريحاته والتأكد من معلوماته عبر زيارة ميدانية للمعابر، للوقوف على حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها سكان القطاع، في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي.