
تخوض المعارضة العلمانية في تونس الانتخابات التشريعية المقررة الأحد القادم مشتتة الصفوف وذلك للمرة الثانية بعد انتخابات 2011 التي فازت فيها حركة النهضة الاسلامية مستفيدة وقتئذ من انقسام منافسيها.
ويخوض هذه الانتخابات نحو 1300 قائمة تمثل نحو 13 الف مترشح موزعة على 33 دائرة انتخابية (27 في الداخل وست دوائر في الخارج).
وينص القانون الانتخابي على أن “يتم توزيع المقاعد (البرلمانية) في مستوى الدوائر على أساس التمثيل النسبي” وهي طريقة تدعم نظريا التكتلات الحزبية الصغرى.
ويرى الباحث خالد عبيد المختص في تاريخ تونس المعاصر أن المعارضة في تونس “لم تأخذ العبرة” من انتخابات المجلس الوطني التأسيسي المكلف صياغة دستور جديد لتونس التي أجريت في 23 اكتوبر 2011م وفازت فيها حركة النهضة الاسلامية بنسبة 37 % من الاصوات و41 % من مقاعد البرلمان.
وقال الباحث إن هذه الاحزاب تعاني من “نقص في الوعي بحساسية المرحلة الحالية وبأن تشرذمها يخدم حركة النهضة”. وأشار في هذا السياق الى “نرجسية” أحزاب المعارضة العلمانية إذ “يرى زعيم كل حزب نفسه في السلطة”.
وتوصف حركة النهضة بأنها الحزب الأكثر انضباطا وتماسكا في تونس رغم إقرار راشد الغنوشي رئيس الحركة بأن حزبه أصيب بـ”التهرئة” بعد قيادته حكومة “الترويكا” التي حكمت تونس عامي 2012 و2013 م.
ومطلع 2014م تخلت “الترويكا” عن الحكم وتركت مكانها لحكومة غير حزبية برئاسة مهدي جمعة وذلك تطبيقا لبنود خارطة طريق طرحتها المركزية النقابية القوية لإخراج تونس من ازمة سياسية حادة فجرها اغتيال اثنين من قادة المعارضة العلمانية في 2013م.
ويبلغ عدد المنضوين في حركة النهضة حوالي 80 ألفا حسب ما اعلن راشد الغنوشي في نيسان الماضي.
وتشير استطلاعات للرأي محلية أجريت في وقت سابق الى أن فرص حركة النهضة وافرة للفوز بالانتخابات التشريعية.
ويعتبر حزب نداء تونس (وسط) الذي أسسه في 2012م رئيس الحكومة الاسبق الباجي قائد السبسي أبرز حزب منافس لحركة النهضة الاسلامية.
ويضم هذا الحزب منتمين سابقين لحزب “التجمع الدستوري الديموقراطي” الحاكم في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ويساريين ونقابيين حشدهم قائد السبسي لمعارضة حركة النهضة.
ويحظى حزب نداء تونس بحسب استطلاعات للرأي محلية بشعبية موازية لحركة النهضة وفرص كبيرة مثلها للفوز بالانتخابات التشريعية.
ويتنافس نداء تونس مع أحزاب علمانية أخرى بعضها يضم مسؤولين في النظام السابق مثل حزب الحركة الدستورية. ويقول مراقبون إن التشتت الانتخابي للأحزاب العلمانية قد يكلف نداء تونس المركز الاول في الانتخابات التشريعية.
وبحسب الدستور التونسي فإن “الحزب أو الائتلاف الانتخابي” الفائز بالمرتبة الاولى في الانتخابات التشريعية هو الذي سيشكل الحكومة.
ووعد الباجي قائد السبسي (87 عاما) مرشح نداء تونس للانتخابات الرئاسية المقررة في 23 نوفمبر بتشكيل تحالف حكومي مع المعارضة العلمانية بعد الانتخابات التشريعية.
وتحذر الاحزاب السياسية من يمين الوسط الى اقصى اليسار من خطر “الاستقطاب الثنائي” في الحياة السياسية بتونس وتعدد فضائل طريقة الاقتراع التي تضمن تمثيل الاحزاب الصغرى.
وأكد محمد الحامدي الامين العام لحزب التحالف الديموقراطي (وسط) أن “التونسيين والتونسيات يستحقون تمثيلية سياسية أوسع”.
ويرى سمير الطيب الذي يرأس قائمة انتخابية بالعاصمة تونس عن ائتلاف الاتحاد من أجل تونس أن “التصويت المفيد” الذي دعت اليه الاحزاب الكبرى خلال الانتخابات “هو خداع وكسل سياسي” على حد تعبيره.
وكانت أحزاب سياسية تونسية بينها نداء تونس شكلت ائتلاف الاتحاد من اجل تونس للضغط على حركة النهضة وحمل حكومة “الترويكا” على الاستقالة بعد اغتيال اثنين من قادة المعارضة العلمانية في 2013م.
واعلنت الاحزاب التي لا تزال منضوية في الاتحاد من أجل تونس استعدادها تشكيل تحالف مع نداء تونس بعد الانتخابات.
وتقدم احزاب سياسية أخرى نفسها كبديل لحركة النهضة ونداء تونس وتعتبر أن هذين الحزبين يبحثان عن تقاسم السلطة بعد الانتخابات باسم “التوافق السياسي”.