المجاعة في جنوب السودان

حذر تقرير دولي خلال اليومين الماضيين من أن 5 ملايين نسمة آخرين معرضون لخطر المجاعة في جنوب السودان وأرجع التقرير أسباب ذلك إلى عدة عوامل مختلفة أبرزها زيادة الصراع فور انتهاء موسم الأمطار, مشيرا إلى أن ذلك قد يقضي على الجهود التي اندلعت في الآونة الأخيرة بهدف تفادي حدوث مثل ذلك ويدفع مناطق في الجنوب إلى المجاعة بحلول مارس 2015م دونما الإشارة للعوامل الحقيقية التي أدخلت السودان وغيرها من الدول في تقلبات اقتصادية وصراعات متواصلة أظهرت سلسلة من الأزمات التي تشهدها معظم البلدان النامية.
وما يثير الدهشة والاستغراب في آن واحد أن القوى الدولية هي السبب الرئيسي لما آلت إليه الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في جنوب السودان هي من تحذر بالظرف الراهن الحالة المعيشية للسكان في تلك الدولة ومن يدعو أيضا لحشد الدعم من اجل الأمن الغذائي وتوفير الرخاء الاقتصادي وكانت حسابات السياسة الدولية تسعى منذ فترة طويلة إلى فصل الجنوب عن السودان لحسابات سياسية وأمنية تندرج ضمن إضعاف السودان فضلا عن أهمية الجنوب الذي تتركز فيه الثروة النفطية لكي يكون نافذة أو عبارة لتلك القوى وتحديدا خدمة للمشروع الصهيوني الذي ينشط بشكل كبير في إفريقيا والسودان على وجه التحديد.
حيث يرى مراقبون أن متطلبات فصل الجنوب عن الدولة الأم كان الهدف منه إعلان قيام دولة لفترة وجيزة تعقبها حرب داخلية كي يتسنى للقوى الدولية وضع أقدامها هناك واستثمار النفط مع ضمان استمرار الصراع بين الجنوبيين الذي أخذ طابعا أشمل في ظل وجود لاعبين جدد في ساحة النزاع خصوصا من الدول المجاورة.
وقد أثبتت الوقائع والأدلة أن سبل وإمكانية بقاء دولة مستقرة في جنوب السودان مسألة تبدو ضئيلة جراء استمرار الحرب الدائرة بين الجيش النظامي لكيان جوبا ونائبة المنشق أريك مشار والذي اخذ طابعا قبليا لأن الطبيعة السكانية القائمة هناك دائما ما كانت تجنح للقتال حتى أثناء الاحتلال البريطاني.
لذلك عملت القوى الدولية عبر مراحل تاريخية مختلفة من خلال صراعاتها المعلنة والخفية على إيجاد أوضاع غير مستقرة أكان ذلك على المستوى السياسي أو الأمني ومن ثم تدعو كما اشرنا إلى إطلاق التحذيرات بحدوث المجاعة والهدنة مما يجري الآن في جنوب السودان وشماله هو إبقاء تلك المنطقة في حالة صراع بعد نجاح تقسيمها إلى دولتين متصارعتين بغرض تحقيق مصالح قوى دولية كبرى هدفها الأول والأخير إضعاف هذه الدولة وإبقاؤها في حالة عدم استقرار والسيطرة على ثرواتها النفطية ومواردها الاقتصادية عبر وسائل متعددة وملتوية وإن كان ذلك تحت ذرائع حقوق الإنسان أو حماية المدنيين أو تحقيق السلم الدولي.

قد يعجبك ايضا