تحقيق/ أسماء حيدر البزاز –
البيئة هي الإنسان نفسه فهي تعكس صورته الحقيقية ونمطه المعيشي وسلوكه ومقدار ثقافته وبها يمارس نشاطاته الحياتية المختلفة وعلاقته العديدة مع غيره من الكائنات والمكونات.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه أولاٍ على من يعود رفع تنمية الوعي البيئي بين أوساط الناس وكيف يمكن تحقيقه على أرض الواقع¿ وهل حقاٍ تم غرس الثقافة البيئية في نفوس طلابنا في المدارس وأصبح سلوكاٍ ومبدءاٍ راسخاٍ في حياتهم¿!! وهل كان للإعلام دوره البارز في تعميق هذا المبدأ لجميع أفراد وفئات المجتمع¿
وفي الحقيقة تضاربت أقوال الناس وآراؤهم حول هذا الموضوع كلاٍ حسب وعيه وتثقيفه البيئي حيث يقول لنا الأكاديمي مروان خليل: إن مسألة تفعيل الوعي البيئي بين الناس قد يكون في أساسه أمراٍ فطرياٍ ينشأ عليه الفرد بطبيعته التي تعشق البيئة الجميلة والخلابة والحسنة وبالمقابل فإن جميع أعمال وتصرفات الإنسان الحياتية هي من أجل تحقيق عملية التكيف مع البيئة من أجل إحداث عملية التوازن الطبيعي والبيئي.
ويخالفه في ذلك سليمان القاضي -موظف- موضحاٍ: الوعي البيئي مكتسب دائماٍ ويختلف من بيئة إلى أخرى باختلاف المجتمعات وهنا تظهر دور الجهود المختلفة للجهات والمؤسسات المعنية وأخص بالذكر هنا التربوية والصحية والاجتماعية والبيئية في تفعيل هذا الجانب وإيقاظ أهمية واحترام هذه البيئة في نفوس أجيالنا.
منذ الصغر
ومن جهتها أفادت التربوية أحلام الصنعاني بأن الوعي البيئي بين أوساط الناس تتحمل المدرسة مسئوليتها الكبيرة في تنميته وتوضيحه فنحن دائماٍ ما نقيم ونحيي احتفالات يوم البيئة وننظم مسابقات ومنافسات وفعاليات كثيرة بالاشتراك مع مختلف المدارس بالإضافة إلى استقطاب مواهب الطلاب سواء الفنية والمسرحية أو العلمية من أجل إحياء هذه المناسبة وتعزيز شعور الانتماء والحب لبيئتنا مع بيان الطرق الصحيحة والإرشادية في كيفية تطويرها والاعتناء بها.
وأضافت الصنعاني: وبالطبع كان لتلك الفعاليات والنشاطات المقامة صداها وأثرها سواء أكان ذلك على البيئة المدرسية أو الشارع والحي وحتى المجتمع بشكل عام.
وأشدد على مختلف الجهات المعنية بضرورة توفير مناهج تصويرية من شأنها تعميق مفهوم الوعي البيئي في نفوس الطلاب والطالبات.
وهذا ما ذهبت إليه وأكدته بشرى المتوكل (موجهة) – موضحة: للأسف كنا نشكو ونعاني من انعدام التثقيف البيئي في نفوس بعض الطلاب الذين يجعلون من ساحة مدرستهم وشارع حيهم قالباٍ كبيراٍ للنفايات والمخلفات المتبقية من الأطعمة والأشربة بالإضافة إلى حرق الإطارات والنفايات في الأماكن العامة إلا أننا قمنا بعقد مجلس الآباء للتوعية البيئية وبيان خطورة تصرفات أولادهم سواء الصحية أو البيئية ولمسنا نجاحاٍ وتقبلاٍ كبيراٍ من جهتهم ومن ثم قمنا بتوعية الطلاب وهذا من شأنه عزز احترام الطلاب وتقديسهم لبيئتهم وكفوا عن تلك التصرفات العشوائية.
مسئولية إعلامنا
مازال إعلامنا قاصراٍ بشكل كبير في دوره المحوري بخصوص هذه المسألة الغاية في الخطورة والأهمية – هكذا استهلت الصحفية زهور السعيدي صحيفة “الثورة” حديثها حول هذا الموضوع موضحة: لأن أكثر الناس وأغلبيتهم يأخذون من الإعلام ثقافتهم ومعلوماتهم في شتى مجالات وميادين الحياة .. ولكن للأسف إلى الآن لم يصل إعلامنا إلى هذه المسئولية التي ألقاها عليه الكثير من الناس فما نلاحظه اليوم في قنواتنا ومحطاتنا الفضائية مجرد استكشات توعوية موسمية وإرشادات بيئية لا تفي بالوعي والغرض المطلوب .. فكم هي تلك الأحياء والبيئات التي تفتقد لأي مقومات العيش السليم والتي لابد من تضافر كل الجهود لمناقشتها وحلها ودعمها وذلك لما لها من خطورة بالغة على حياة الناس وصحتهم فمات منهم من مات وعانى من عانى ومع ذلك لم يحرك الإعلام لها ساكناٍ..
وأضافت السعيدي: ولكننا لابد أن نأمل إثر هذه التغيرات بحيادية الإعلام وقربه أكثر من واقع المشاكل البيئية وسرعة حلها بالتعاون مع الجهات المختصة!!
دور الخطباء
ومن جهتها أوضحت تسنيم المعلمي – داعية إسلامية- أن الدور في الأول والأخير في هذا الموضوع وبدرجة أساسية يقع على عاتق خطباء المساجد لأن الناس تتقبل من الخطيب والداعية كل ما يقوله وتؤمن بحديثه أيما إيمان وبالمقابل على خطبائنا إدراك هذه المسئولية الكبيرة ليس من الناحية الدينية فحسب بل في مختلف النواحي الصحية والعلمية والبيئية من خلال تعزيز التنمية والوعي البيئي في خطبهم ودعواتهم ومحاضراتهم والتكاتف مع عقلاء الحارات وأعضاء المجالس المحلية في مختلف الأحياء في تعزيز هذا المفهوم لإرساء بيئة طيبة حسنة خالية من الأمراض والأعراض المرضية المتدهورة التي قد تصل إلى حد الموت.
وأضافت المعلمي: ولا يكفي أحياناٍ المنهج النظري من توزيع منشورات توعوية أو مطويات فحسب بل إن للجانب التطبيقي دوره البارز والفعال من خلال إنشاء وتكوين جماعات بيئية تقوم بدور الإشراف والتوعية سواء أكان ذلك في المدارس أو الأحياء والجامعات والمساجد ليتحقق هذا المفهوم على أرض الواقع وليصبح سلوكاٍ حضارياٍ فعالاٍ ومنهجاٍ ذا مبدأ ثابت في حياة الناس فلماذا نجعل خطبنا تصب في مجرى واحد دون التطرق إلى هذه القضايا البيئية الهامة التي تعكس شعباٍ واعياٍ ومثقفاٍ سواء أمام أنفسنا أو أمام العالم أجمع.
Prev Post
Next Post
قد يعجبك ايضا
