الأمن والمجتمع
في نظامنا الشرطي ( تماما كما في النظام العسكري ) إذا أهملت صغار الواجبات فذلك إيذان بزوال عظائمها , ذلك لأنه منظومة متكاملة يشد بعضها بعضا , وعندما يتساهل القائد في متابعة هندام أفراده يتساهلون بدورهم في تنفيذ خطته بدقة فيحدث الإخفاق والهزيمة , فما بالنا إذا أهمل القادة أساسيات العمل الأمني والعسكري ¿
لا شك أن النتيجة عجز المسؤولين عن التبرير وعجز المحللين عن التفسير !!!
عندما تتوفر الرغبة لاجتثاث الفساد فإننا يجب أولا ان نوفر الظروف الملائمة التي تجعلنا واعين بحق لماهيته ومتسلحين بخطط إزالته دون التفريط بالإيجابيات المكتسبة لأن الإرتجال قد يقودنا الى الأسوأ ولنا في ما مررنا به من أحداث في السنوات الأخيرة عظة وعبرة .
كان بإمكان من تحملوا مسؤولية هيكلة الشرطة والجيش أن يوفروا سبل التطوير التي تجعل الجيش القوي ولائه بعد الله سبحانه للوطن دون الأشخاص وبهذا يكون لنا الجيش الضارب بيد من حديد على كل قوى الشر المعادية لليمن المعتدية على أراضيه وثرواته ومقدراته .
في الجانب الشرطي كان من السهل جداٍ على من تولى هيكلة وزارة الداخلية أن يطور من أداء معسكرات ومراكز وإدارات الشرطة المتماسكة ويجعل منها أكثر تدريباٍ و أكثر احترافية في الأداء , لكن الهيكل كان هشاٍ بفعل عشوائية الفريق الذي لم يكن بمقدوره تجاوز مشكلة تكوينه التي جعلت منه (( هجيناٍ )) بعيدا عن واقع المجتمع اليمني فأنتج مسميات في مخطط بياني لا أكثر !! ورغم ذلك فإن الهيكلة كانت فرصة ذهبية لتصحيح مسار العمل الشرطي باستغلال المسميات الجديدة لإحلال الأكفاء من القيادات وتجاوز كل السلبيات الموجودة وتفعيل دور المفتش العام وجهازه الذي ربما يكون الحسنة الوحيدة للهيكلة , لكن تم تغيير المسميات وإسقاطها على ذات القادة وذات المدراء والأفراد وفي ذات الأماكن وباالتالي استمرت ذات الأخطاء السابقة في العمل الشرطي والأمني بالإضافة إلى ما جادت به النظرية الجديدة لمن تولوا القيادة من ثورات المؤسسات التي انتزعت من الضباط هيبة الأقدمية ومن القادة صلاحيات القيادة .
دائما يكون المستحيل ممكنا إذا وجدت العزيمة المرتكزة على تقوى الله ورغبة البذل من أجل الوطن والمجتمع , وبالتالي فإن الفرصة تعود اليوم إلى يد القيادة العليا للبلد من جديد لبناء جهاز شرطي أمني قوي عبر :
_ محاسبة كل من أخفق من خلال النتائج قياساٍ بامكانات النجاح التي كانت متوفرة .
_ سرعة اصدرا لائحة عمل الشرطة وتطبيقها على الرتب العليا قبل الدنيا .
_ التقرب إلى المجتمع الذي لا غنى عن تعاونه عبر انتهاج استراتيجية شرطة المجتمع ومنحه ( المجتمع ) فرصة المشاركة الفعلية في أعمال الشرطة وحق الرقابة على أدائها.
_ تطبيق مبدأ التدوير الوظيفي لمن تجاوز الأربع سنوات في المنصب , ما يسمح بتطوير الأفكار وتجديد النشاط والابتعاد عن الملل الوظيفي الذي ينعكس من القادة والمدراء على أداء الأفراد والموظفين الإداريين .
_ تطبيق كل لوائح العمل الإداري بما فيها لائحة التقاعد لمن تجاوز أحد الأجلين , ما يفسح المجال للقيادات الشابة النشطة من أخذ فرصها بموجب القانون ويبعد المتنفذين المتجاوزين للقانون .
_ تفعيل مبدأ التدرج الوظيفي وفق الأسس والمعايير الإدارية المعمول بها في الدول المتقدمة لإفساح المجال للأكفأ في تولي المناصب القيادية والإدارية .
_ اعتماد مبدأ الكفائة في التعيينات الوظيفية وفتح باب التنافس لتولي المناصب بما فيها المناصب التي عليها مدراء تعاني اداراتهم من الاخفاق الوظيفي .
_ اعتماد منهجية الرقابة على الأداء الوظيفي لتصفية الأسماء الوهمية والازدواج الوظيفي وإحالة كل من يثبت تورطه ( الموظف و المسئول عنه ) للإجراءات الرادعة التي تكفل إعادة كامل الحقوق التي تحصل عليها منذ بدء عمله إلى خزينة الدولة إلى جانب توقيع الجزاءات الإدارية الرادعة.
علينا ان نتجاوز الماضي لأننا لا نستطيع أبداٍ إعادته و لا يمكننا أن ننظر إلى المستقبل دون التخطيط له منطلقين من لحظتنا الراهنة في حاضرنا الذي نعيشه اليوم .
همسة أمنية :
لا أجد وقتاٍ أفضل من اليوم للبدء بإجراءات تكون نواة للشرطة المجتمعية من وقتنا الحالي , الاختلالات الأمنية التي رافقت الأحداث السياسية هيأت المجتمع للعمل الطوعي مع أجهزة الشرطة التقليدية وتقديم كامل العون من باب أن ( الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى ) .
دام اليمن ودمتم بإذن الله سالمين . قائد شرطة الدوريات الراجلة – سابقاٍ.
alwajih@yahoo.com