
* وإن كنت غير مهتم بما يحدث وإن وضعت هدفك وحلمك أمامك ومضيت لابد أن تصيبك سهام الأحداث الدائرة حولك ذلك لأن المتخاصمين لا يختارون ميدان صراعهم بعيدا عنك بل يحرصون على إعاقتك وتحويلك إلى طرف وكبح جماح تفكيرك وإرادتك .
وسط المخاوف والقلق لا ينتج الناس غير الانتظار والتوجس ولا يفكرون بغير محاولة النجاة من الموت ويكتفون بتأجيل مشاريعهم إلى يوم ما ومع الوقت يلغونها أو ينسونها تدريجيا .
ها نحن نعيش هذه الحالة تحدد جماعات مسلحة طريقة عيشنا تبعدنا كل لحظة عن إرادتنا في الإنجاز لمشاريعنا الخاصة التي تساعدنا على الحياة المنشودة وتحولنا هذه البنادق إلى متفرجين وتشل قدرتنا على التفكير بما يعنينا بالدرجة الأولى هذه البنادق توقف كل شيء يتحرك سواها اصحابها يسعون نحو مشاريعهم القتالية دون أن يسمحوا لمشاريعنا الحياتية بالنمو هذا اذا لم يوقفوا حياتنا كلها .
غير دقيق من يعتقد أنه قادر على الفصل بين مشاريعه وعمله وبين ما يحدث حوله فلا يمكن لهؤلاء أن يتركوا الحياة على طبيعتها لدى الآخرين .
تعثر
* كل المشاريع الصغيرة التي كانت تجاهد للنهوض تعثرت بفعل الخوف من الغد المجهول ومن الأفكار المظلمة المحيطة مثل الشاب صادق الحيدري الذي أوقف ما كان بدأ بتعلمه حيث كان قد التحق بدورة فن الجرافيك ليصل إلى هوايته التي أرادها منذ كان صغيرا حاول أن يذهب إلى حيث يتدرب ويتجاهل ما يحدث لكنه ارتطم بكل ما هو سيئ المدرب لم يأت لقد منعوه من الاستمرار في طريقه وأنزلوه كغيره من السيارة التي يركبها وعاد سيرا على الأقدام .. المكان الذي وصل إليه صادق مغلق بصورة شبه كامله ما عدا نافذة صغيرة ناداه صوت منه أن يعود بعد يومين ومن يدري ماذا يحدث خلال الثمانية والأربعين ساعة.
حاول الشاب إظهار تصميمه وقوة إرادته إلا أن عينيه أفشلتا هذه المهمة وظهر انكساره وخيبة أمله .
توقف
* الخوف أيضا أجبر كثير من أصحاب الاعمال على التوقف عن مهامهم وعن سعيهم خلف المستقبل عبدالحكيم ياسين الذي أعد تجهيزات متجره الجديد في شارع الجزائر وسط العاصمة توقف عن التقدم نحو الغد.
يقول عبدالحكيم إنه سينتظر ليرى كيف ستسير الامور بعدها وسيحدد أن كان سيتوقف أو يواصل الافتتاح, لديه إيمان بالقضاء والقدر لكنه يخشى أن يغامر بالمال الذي يملكه ويكتشف أن مشروعه ذهب ضحية وهل يشتري الخائفون الورد يسأل وكأنه يعرف الجواب الذي يفيد بالرفض فلن يهتم أحد بمحل ورد صغير ويذهب ليشتري منه باقات لا تصلح إلا للفرح وليس للحزن بل إنه يذهب إلى أبعد من ذلك والاعتقاد أن كل المحلات الموجودة في الشارع الخاص ببيع الزهور ستوقف عملها لأنها لن تجد من يدخلها .
عدم استقرار
* خلال السنوات الثلاثة الماضية أوقف المئات إن لم يكن الآلاف مشاريعهم وظلوا منتظرين علهم يرون الشاطئ ويقفزون نحوه وما زالوا متوجسين لأن الأحداث تسارعت ولم تهدأ أمواجها طبعا هناك من التحق بعمل لا يحبه متخليا عن رغبته الشخصية وإرادته ولم يحصل على مقابل يوازي هذا التخلي والتحق أناس كثيرون بأعمال كانوا يرفضون الاقتراب منها قبل بعض الخريجين بالغربة مقابل الحصول على مبالغ زهيدة ولم يطرحوا أي شروط تتلاءم مع ما يحملون من تأهيل ومهارات لأنهم مجبرين على المغادرة وترك الوطن إلى أجل غير معلوم .
ولأن الأخبار تسبق وصولهم فيتم التقليل من قيمة إنجازهم ويتم إقناعهم أن تشغيلهم ما هو إلا رأفة بحالهم وتلبية لنداء الضمير وهو كلام لا يمت للحقيقة بصلة فحتى مكاتب استقدام العمال في كل أنحاء العالم تضع شروطها المجحفة وتمليها على كل عالم بحسب الحالة التي تعيشها بلده فإن كان يعيش في بلد مستقر توضع شروط لصالحه وتوفر له المزايا ويعامل بشكل مختلف عن غيره القادم من بلد مضطرب فيخضع لكل ما هو قاس ويلحظ من خلال التعامل البسيط كم أن مشاكل بلده تلاحق غربته وتزيد من أوجاعه .
تطلعات
* البلدان التي تشهد ازدهارا تعيش الاستقرار الأمني الذي يفرض نفسه على أحلام وتطلعات الناس وكلما حافظ الاستقرار على ذاته زادت فرص الحياة وتقلصت فرص الموت وأصبحت الأفكار متدفقة وجاهزة للنفاذ وليس للتأجيل والإلغاء ومالم ننتبه لما تبقى لنا من خلايا تعمل في الدماغ وتنتج طرق عيش فقد نكتشف أننا لم نعد قادرين إلا على شيء وحيد هو الموت بطرق متنوعة .