الثورة / متابعات
في مشهد يجسد مأساة إنسانية تفوق التصور، دفعت ظروف الجوع القاسية عائلة الطفل عبد الرحمن نبهان (5 أعوام) إلى إرسال صغيرها إلى إحدى التكايا التي تُقام لمساعدة النازحين في جنوب قطاع غزة.
حمل عبد الرحمن قدرًا فارغًا في محاولة للحصول على ما يسد رمق أسرته، لكنه لم يكن يعلم أن هذا اليوم سيحمل له نهاية مأساوية.
سقوط في القدر المشتعل
وصل عبد الرحمن إلى مركز الإيواء وسط تدافع العشرات حول قدر الطعام. جسده الصغير لم يكن قادرًا على تحمل الزحام، فسقط في القدر الساخن الذي كان يغلي بدرجات حرارة مرتفعة.
أصيب الطفل بحروق من الدرجة الثالثة غطت 60% من جسده، ليُنقل إلى المستشفى في حالة حرجة، حيث بقي في العناية المركزة لمدة أربعة أيام قبل أن يفارق الحياة.
الأب المكلوم يروي التفاصيل
يقول نبيل نبهان – والد الطفل، وهو أب لأربعة أطفال – “نزحنا خمس مرات خلال العدوان الإسرائيلي المستمر، وفي كل مرة كنا ننجو من الموت بأعجوبة. الآن نقيم في مخيم النصيرات حيث يوجد تكية تقدم الطعام للجائعين، اعتاد عبد الرحمن الذهاب يوميًا لجلب الطعام، لكنه هذه المرة لم يعد”.
صوت الأب يختنق بالدموع وهو يضيف: “رن هاتفي من المستشفى، وأخبروني أن طفلي مات، هرعت إلى هناك لأجد جثمانه مسجى، ودعته كما لم أودع أحدًا من قبل”.
أم مفجوعة.. وصمت قاتل
والدة عبد الرحمن تعيش حالة من الصدمة الشديدة. لا تقوى على الحديث، وتغرق في شرود دائم. تتذكر طريقة وفاة طفلها فتدخل في نوبات من الصراخ والبكاء، وسط محاولات من الأهل لتهدئتها دون جدوى.
انتشرت التكايا في أنحاء قطاع غزة نتيجة الجوع المتزايد، حيث يتزاحم آلاف المواطنين يوميًا – معظمهم أطفال ونساء وكبار سن – للحصول على بقايا الطعام.
ورغم جهود الإغاثة، فإن الاحتلال الإسرائيلي يواصل فرض قيود مشددة على دخول المساعدات الإنسانية، ما أدى إلى أزمة غذائية خانقة.
بحسب تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإن المساعدات الغذائية التي تكفي لسد احتياجات القطاع لمدة ثلاثة أشهر لا تزال عالقة خارج غزة، فيما تعاني مستودعات الشركاء الإنسانيين من نفاد الإمدادات.
عدوان مستمر وآثار كارثية
منذ 7 أكتوبر 2023، يشن الاحتلال عدوانًا داميًا على غزة أدى إلى استشهاد وجرح أكثر من 150 ألف شخص، غالبيتهم أطفال ونساء، فضلاً عن آلاف المفقودين تحت الأنقاض. مع استمرار القصف وعرقلة وصول المساعدات، يحذر المجتمع الدولي من كارثة إنسانية غير مسبوقة، وسط معاناة سكان القطاع الذين يواجهون خطر المجاعة.
*المركز الفلسطيني للإعلام