الثورة / خليل المعلمي
في حلّته الجميلة، صدر عن منشورات مواعيد بصنعاء كتاب لهجاتنا للدكتور إبراهيم محمد طلحة، وجاء الكتاب في 532 صفحة، توزعت على تمهيد وثلاثة فصول، شملت الحديث عن علم اللسانيات وعلم اللهجاتيات، وتناول المؤلف في كتابه – ومن خلال دراسة لغوية تأصيلية – لهجاتنا العربية واللغة والتاريخ، والمجتمع والحياة، والعلم والمعرفة، واحتوى الكتاب على مباحث نمذجة ومعجمة وجدولة، في ضوء الاشتغالات العلمية ونظرية الحقول الدلالية، كما أفرد المؤلف ملاحق للكتاب تمثّل بحد ذاتها مادة إضافية، مع جداول وأشكال ورسوم وصور وخرائط توضيحية وأمثلة ونماذج تطبيقية، وفهارس متعددة ومتنوعة.
يقول الدكتور صلاح جرار، وزير الثقافة الأردني الأسبق، الذي يقول في تصديره للكتاب: «هذا البحث الذي بين أيدينا يتناول اللهجات في بلدان العرب كافَّة، منذ أقدم العصور إلى يومنا هذا، ويتناول موضوعها من زوايا كثيرة وواسعة؛ وهذا جهد لا ينهض به أو يتصدَّى له إلَّا من كان على اطِّلاعٍ ومعرفةٍ واسعَيْنِ باللهجات العربيةِ القديمةِ (أو ما كان يُعرفُ باللُّغات)، ومن كان على اتّصال مباشرٍ مع المتحَدِّثين باللَّهجات العربيَّة المعاصرة من أبناء الأقطار العربيَّة، وهذه شروط لا تتيسَّر إلَّا لقِلَّةٍ من الباحثين العاكفين على العِلْمِ والتَّنْقِيبِ، والمتَّصفينَ بِالجلَد والجدِّ والانتماءِ الصَّادقِ لرسالةِ العِلْمِ. وأستطيع أن أقول من غير تردُّدٍ: إنَّ من قام بهذا البحث وقدَّمه لنا على هذهِ الصُّورة من الإحكام والإتقانِ والدِّقَّةِ قد امتلَك شروط النُّهوضِ بمثلِ هذا البحثِ، وامتلكَ الأدواتِ اللَّازمةَ لِلْخَوْضِ فيهِ مُنطَلِقًا مِنْ معرفةٍ وثقافةٍ ووضوحِ رؤية».
ويضيف: «لقد أسعدني الصَّديقُ العزيزُ الأستاذُ الجامعي، والأديبُ البارعُ، المتخصّصُ في الدِّراسات اللُّغوية واللِّسانيات الحاسُوبيّة، الدكتور/ إبراهيم طلحة، عندما بعثَ إليَّ بهذا الكتابِ النَّفيس كَيْ أصدّره بكلمة منّي؛ لأنَّهُ أتاحَ لي فُرصَةً ثمينةً بقراءة إنجازٍ عِلْميٍّ مُتَميّزٍ وجُهْدٍ يستحقُّ كلَّ الثَّناء والتَّقدير».
ويستأنف كلامه قائلًا: «ثمَّة شهادَةٌ عِلْمِيَّةٌ على هذا الموقف الموضُوعيِّ للمؤلِّف ودَليلٌ ماثلٌ بين أيدينا، وهو هذه اللُّغة الرفيعة الرصينة الصافية الجامعة بين العِلْميَّة والأدبيَّة للمؤلّف الدكتور/ إبراهيم طلحة في هذا الكتاب. وثمَّة – أيضًا – دليلٌ آخَرُ وهو ما عرفناهُ عن الدكتور طلحة من انشغالٍ بالأدب والشعر خاصَّة، بما أصدره من دواوين شعرية ذات لغةٍ عاليةٍ محلّقة».
ويشير البروفيسور جرار إلى تصنيف طلحة اللغوي اللهجي الذي وصفه بالعالمي، فيقول: «وممَّا يعدُّ إضافة مهمَّة وجديرة بالاهتمام في هذا الكتاب ما اقترحه المؤلّف من تصنيف عربيّ للهجات، وأنا هنا أؤكدُ ضرورةَ نسبته إليه، وأن نُطلِقَ عليه اسمَ: «تصنيف طلحة العربيّ»، وذلك بعد أن عرَض لنا المؤلّفُ تصنيفاتٍ أخرى غير عربيَّة للهجات العربيَّة، وما أحرانا أن يكونَ لنا تصنيفنا العربي ما دام الأمرُ يخصُّ لهجاتِنا العربيَّةَ، وأدعو إلى اعتمادِهِ مرجعًا وتصنيفًا عالميًّا».
ويقدّم في تصديره لمحة عن اشتغال المؤلف في الكتاب، قائلًا: «ممَّا يسجّلُ لِهذا الكتابِ أنَّه يَقُوْمُ على منهجٍ وصفيٍّ تحليليٍّ مَشْفُوعٍ بملامح من المنهجِ التقابُليِّ والمنهجِ المقارنِ والمنهجِ الإحصائيِّ، في بناءٍ محكَمٍ، وهندسةٍ دقيقةٍ تخدمُ موضوعَ الدراسةِ وأهدافَها ونتائجَها. كما تتميَّزُ هذه الدِّراسةُ بِدِقَّةِ اسْتِخدامِ المصطلحات، والتَّفريق بينَ دلالاتها، كالتفريق بين اللسان واللُّغة والكلام، والتفريق بين اللَّهجة واللكنة، وغير ذلك. ويُشكَرُ للمؤلِّفِ ما بَذَلهُ من جُهْدٍ في إعدادِ جداولَ لمعْجَمةٍ لُغَوِيَّةٍ دلاليَّةٍ مقاربة، وما ألحقَ بِهِ كِتابَهُ مِنْ فهارسَ تحليليَّةٍ متنوّعةٍ، تُيسِّرُ على الباحثِ والقارئِ الوصولَ إلى مبتغاهُما. أمَّا مصادِرُ هذا الكتابِ ومراجعُه فَهِيَ غَنِّيَّةٌ ومتنوِّعةٌ، وتُواكِبُ الدّراساتِ الحديثةَ، ولا تُغْفِلُ الدِّراساتِ والأبحاثَ العربيَّةَ والأجنبيَّةَ، وتدلُّ على جُهدٍ بالغٍ، واستقصاءٍ واسع، وجاءتِ التَّوثيقاتُ والإحالاتُ دقيقةً ومفيدةً».
ويختتم البروفيسور صلاح جرار تصديره بالقول: «بأنَّ كتاب «لهجاتنا»، تأليف الدكتور/ إبراهيم طلحة، يمثّل إضافة نوعيَّةً متميّزةً في حقْلِ الدِّراساتِ اللُّغَويَّةِ واللِّسانية، وفي موضوعِ اللهجات على وجه الخصوص».