نعمان.. «إذا بُليتم فاستتروا»

أحمد يحيى الديلمي

أحمد يحيى الديلمي

 

 

كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يدعو دائماً بحسن الخاتمة، وهذا القول المأثور فعلاً نجد له اليوم صدى كبيراً فيما يجري من أحداث وتقلُبات في سلوكيات وأمزجة الرجال ، فالدكتور ياسين سعيد نعمان «رحمه الله» ظل على مدى نصف قرن من الزمن يتخفى خلف الاشتراكية ليؤكد وطنيته التي لا تُجارى وصَدّقه الناس في هذا الجانب وأخذ السبق في المزايدة والإدعاءات الكاذبة ويا لها من سوء خاتمة من قرأ رسالة المذكور الأخيرة حول إيران ومحور المقاومة سيجد العجب العُجاب ، فالرجل كشف عن كل سوءاته وتحدث عن المقاومة وكأنه محامي موكل شرعياً عن الكيان الصهيوني .
وكم كان جميلاً أن يُرسل الزميل العزيز الاشتراكي المعتق فيصل عبدالجليل العريقي إليّ رسالة المذكور وأعقبها بالبيان الصادر عن الحزب الاشتراكي اليمني الذي أدان فيه بشدة اغتيال القائد الرمز والشهيد العظيم حسن نصر الله ، فمن خلال المقارنة البسيطة بين الموضوعين تحس مدى انغماس الرجل في العمالة وأنه بريطاني النشأة والعمالة منذ زمن بعيد، ولكنه استطاع أن يتخفى كما قلنا بالانتماء الاشتراكي المزعوم ، إلى أن جاءت اللحظة الفارقة التي أفصح فيها عن شخصيته الحقيقية ، وكأنه يُطبق قول الشاعر :
ومهما يكن عند امرئ من سجية
وإن خالها تُخفى عن الناس تُعلمِ
بينما نجد أن الاشتراكيين المنتمين فعلاً إلى هذا الحزب العريق متمسكين بموقفهم الثابت الداعم لقضية العرب والمسلمين الأولى قضية الشعب الفلسطيني كما اتضح ذلك من البيان ، وهكذا كانت خاتمة الرجل وأفصح بنفسه عن ذاته الحقيقية ليؤكد أن مثل هذه الزعامات الورقية دائماً وإن استطاعت أن تفرض نفسها على البسطاء والمخدوعين ، إلا أن الصورة الحقيقية سرعان ما تنكشف وهذا ما يتفق كلياً مع ما أشار إليه قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي وهو يتحدث عن العمالات والخيانات التي تستهدف الوطن وتتحمل وزر الإساءة إلى هذا الوطن العظيم نيابة عن الأعداء الحقيقيين ، فقد كان الرجل رائعاً كل الروعة ودقيقاً كل الدقة وهو يتحدث عن خطورة الحرب الإعلامية والإدعاءات الكاذبة على الواقع ومسارات الثورة ويحث أصحاب الأقلام الشريفة على التصدي الحازم للحملات الدعائية الخبيثة من قبل الأشخاص، كما هو حال صاحبنا نعمان أو القنوات المرتبطة بغرف التوجيه الأمريكية والبريطانية وامتداداتها الصهيونية ، فكلها تقذف لهب الحقد على كل ما هو جميل وتحاول أن تُثبط الهمم وتعصف بالمقاومة باتجاهات غير سليمة خدمة لرغبة الأعداء المتربصين بالمقاومة ، وفي المقدمة الكيان الصهيوني الطارئ على الحياة بما هو عليه من حقد دفين للعرب والمسلمين ، ومن الغريب جداً أن الدكتور ياسين سعيد نعمان مرت عليه انتفاضتان في الأراضي المحتلة وهو رئيس وزراء في الجنوب سابقاً ولم يُقدم لهذه الانتفاضة أي مساعدة رغم أنه كان دائماً يستقبل جورج حبش ونايف حواتمه وخليل حاوي وكلهم كانوا يعتبرونه مكملاً لجبهة المقاومة ، مع ذلك لم يقدم حتى الحجارة لأطفال الانتفاضة ، وحينما جاء الآن محور المقاومة الحي اليقظ الذي يقول ويتبع القول بالفعل باتوا يتندرون عليه ويسوقون مثل هذه الاتهامات الباطلة ضد إيران ، وها هي إيران الركن الأكبر للمقاومة قد فضحت الرجل وبادرت إلى الرد الذي أفزع كيان الصهاينة ، رغم أنه راهن بأن إيران لن تعمل شيئاً فسقط رهانه في سوق النخاسة، كما هو معتاد ، وكم يُحز في النفس أن تسقط هذه الهامة إلى الحضيض في مثل هذه الظروف الصعبة ، وكأن الخيانة المتأصلة دفعتها إلى كشف مكنوناتها واتجاهاتها الطبيعية الخاضعة لبريق الجنيه الإسترليني والدولار الأمريكي والريال السعودي، فيا له من ثمن بخس ، وكم كُنا نتمنى لو أن الرجل احتفظ ولو بجزء بسيط من كيانه الذي عُرف به ردحاً من الزمن لتكون الخاتمة سوية، لا أن تتحول إلى خاتمة غير مرضية ، والنصيحة لهذا الرجل وأمثاله أن يستتروا ويلوذوا بالصمت ، والله من وراء القصد .

قد يعجبك ايضا