اغتالوا هنية ولكن لا ولن يغتالوا القضية..

آسيا العتروس

 

 

منذ عقود وكيان الاحتلال يستهدف القيادات الفلسطينية من سياسيين وباحثين وجامعيين ومفكرين وشعراء ومنذ عقود والاحتلال يراهن على ان يدفع اغتيال القيادات إلى اغتيال القضية وتبخيرها وتخلي الشعب الفلسطيني عن أحلامه.. في الأيام القليلة الماضية جاء الدور على القيادي في حركة حماس الشهيد إسماعيل هنية وقبله استهدف الاحتلال جيلين من أبنائه وأحفاده.. جريمة أخرى بالتزامن مع استهداف القيادي في حزب الله فؤاد شكر .
لقد جربوا كل أنواع السلاح وجندوا العالم لدعمهم والإعلام العالمي لخدمتهم ولم تسقط القضية ولم تختف فلسطين وبقيت أرضها المحاصرة التي تعاني العطش وتواجه كل أنواع التنكيل ولادة تقدم ولا تزال تقدم مزيدا من الإبطال وكلما وقع شهيد وارتقى ولد بطل جديد يواصل حمل المشعل. وكلما أمعن الاحتلال في جرائمه كلما أصر الشعب الفلسطيني على كسب معركته والصمود في وجه كل القوى الإقليمية والدولية التي اجتمعت عليه لتهجيره وتجويعه وإبادته والأكيد ان اغتيال إسماعيل هنية لن يكون آخر الاغتيالات في مخططات الاحتلال الذي لا يمكنه باي حال من الأحوال اغتيال القضية.
قبل اسماعيل هنية اغتال الصهاينة القسام والوسيط السويدي برنادون في تفجير فندق داوود في القدس وقصفوا الشيخ ياسين المقعد على كرسي متحرك وهو يتجه لصلاة الفجر وحاصروا عرفات وسمموه وقتلوا أبو نضال وأبو جهاد والقائمة تطول ولم يتغير موقف الشعب الفلسطيني من قضيته ولم تتراجع الشعوب عن دعمها للشعب الفلسطيني الأبي..
نعم يوم أسود الذي عاش على وقعه الفلسطينيون ومعهم كل العالم بين اغتيال القيادي في حركة حماس إسماعيل هنية في طهران واغتيال الصحفي إسماعيل الغول والمصور رامي الريفي على المباشر في غزة وهما يغطيان الأحداث في غزة وبين استمرار مسلسل اغتيال عشرات الأطفال والنساء والمدنيين والمصابين والمرضى في غزة.. مشاهد الموت القادم من غزة لا تتوقف على مدار الساعة .
أكيد أن هناك حلقة مفقودة في جريمة الاغتيال الإرهابية التي اقدم عليها الاحتلال في طهران ..صحيح ان المشهد حتى الآن على درجة من الغموض وليس من الواضح كيف امكن للاستخبارات الإسرائيلية ان تصل إلى مكان هنية الذي نزل ضيفا على طهران .ليس من الواضح أيضا كيف سترد ايران وهل ستدفع إسرائيل بكل المنطقة إلى حرب تأتي على الأخضر واليابس .
ان قناعتنا أن إسرائيل ما كانت لتتورط وتقدم على مثل هذه العملية الإجرامية الإرهابية دون ضوء اخضر أمريكي ومهما نفى وزير الخارجية الأمريكي بلنكن علم واشنطن بالجريمة فكل المؤشرات تؤكد العكس.. بدءا من رقصة نتنياهو المثمول في الكونغرس الأمريكي على أشلاء الأطفال والنساء والضحايا وإصرار البيت الأبيض على تزويده بمزيد السلاح والقنابل الحارقة لإبادة الفلسطينيين فتواطؤ إدارة بايدن الشريك في هذه الحرب امر لا يخفى على مراقب اما محاولات الضغط على ايران ومطالبتها بعدم الرد على الجريمة فهي تشجيع لهذا الكيان للمضي قدما في استراتيجية الدعم والحقد والتدمير والإبادة ..وقد وجب الإشارة ان اغتيال القيادي في حركة حماس إسماعيل هنية وأبناءه وأحفاده تكذيب لما دأب بعضهم على ترويجه من ان قادة المقاومة يعيشون في قصور مؤثثة محميون من كل عدوان ..
لقد عمت كيان الاحتلال نشوةٌ عارمةٌ بعد اغتيال إسماعيل هنية هزت الرأي العام الإسرائيلي وفي مقدمته جنرالاته المتطرفين الذين يتباهون بما تحقق لهم من قتل للأطفال والنساء والشيوخ والمرضى.. وسائل الإعلام العبريّة، المرئية، المسموعة والمكتوبة، بدورها هللت بالعملية وأعربت عن فرحتها الشديدة لاغتيال إسماعيل هنية وقبل ذلك اغتيال القيادي في حزب الله فؤاد شكر , نشوة تعكس عقلية المجتمع الإسرائيلي الذي يبحث عن انتصار مزيف على أكداس الجثث ..انتصار بتوقيع مجرم الحرب ناتنياهو الذي يحاول إخفاء فشله الذريع قبل طوفان الأقصى وفشله بعد ذلك في تحقيق أهدافه في القضاء على قيادات حماس واستعادة الأسرى .
كل المقابر الجماعية و قوافل الشهداء وحجم الخراب والدمار لم يمنع كيان الاحتلال من الاحتفال والتباهي بإجرامه تحت أنظار العالم وهو الذي تعود ومنذ نشأته على سياسة الاغتيالات واستهداف القيادات الفلسطينية من كل الفصائل وحيثما يكونون بين أهاليهم على ارض فلسطين المستباحة أوفي العواصم العربية أو الغربية فآلة القتل الإسرائيلية المدعومة من الغرب لا تقف عند حد وقرار الاغتيالات دوما على مكتب مختلف رؤساء الحكومات الإسرائيلية المتواترة ..لا خلاف ان الرد الإيراني هذه المرة غير كل المرات السابقة وسيكون فارقا في تحديد البوصلة ..ايران في مرمى الاحتلال وتم اختراق أرضها وسيادتها وأجواءها وأمنها وإراقة دم ضيفها إسماعيل هنية الذي كان في حمايتها..

كاتبة تونسية

قد يعجبك ايضا