من تابع أو يتابع خطابات مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة فواحدة من الاستنتاجات التي لا يختلف عليها اثنان هو كأنما لازال الكيان الإسرائيلي يعيش أوضاع وأجواء ما قبل الحرب في أوكرانيا بما مثلته من تغيير في واقع العالم وقد بات يسير إلى عالم متعدد الأقطاب، فيما وضع القطب الواحد أنتهى في أهم تفعيلاته في الواقع..
إسرائيل لازالت تعيش ذلك ويبدو أن روسيا والصين لا يمارسان إزاء ما يسمى الشرق الأوسط ضغوطاً مرتفعة وكأنما يريدان لأمريكا وليس فقط الكيان الإسرائيلي أن تعيش في ذات الوهم وفق أولويات وتكتيات روسيا والصين للتعامل مع الصراع العالمي..
النظام السعودي وهو الموازي لإسرائيل ويشترك معها في علاقة عضوية وبنيوية، يحاول الاستفادة من المتغير العالمي مصلحياً واقتصاديا في العلاقة بالمتغير أو بروسيا والصين ويرضي أمريكا مقابل ذلك بالارتهان لها استراتيجياً وسياسياً وهو يتحرك كما حالة إسرائيل في ظل متغيرات التموضع غربياً بين الاستعمار القديم الأوروبي والجديد الأمريكي..
النظام السعودي سار في تطبيع علاقته مع إيران بإشراف وتبني الصين فيما التطبيع مع إسرائيل بات متراكماً منذ تأسيس النظامين فوق الحاجة لعلنية التطبيع أو عدم حاجة للعلنية، فالنظام السعودي سار في تطبيع محدود مع إيران كأنه اضطرار فيما التطبيع مع إسرائيل هو خيار أسياده له “بريطانيا ثم أمريكا”، ويستحيل عليه التراجع عنه لأن مصيره كنظام ربط بالعلاقة العضوية البنيوية مع إسرائيل فيما التطبيع مع إيران تكتيكي ومؤقت لتجنب الاصتطدام مع المتغير العالمي فيما يظل أمريكي وإسرائيل الهوى والهوية..
مؤسس النظام السعودي “عبدالعزيز” قال في أشهر تصريحاته سأظل مع بريطانيا حتى قيام الساعة، والنظام السعودي هو مع وإرث بريطانيا “أمريكا” حتى قيام ساعة النظام لأنه لا يتصور أنه سيظل يحكم أو يظل نظاماً بدون تحالف سياسي استراتيجي مع أمريكا وإسرائيل..
ربطاً بهذا يقال إن ملف علمية التطبيع مع الكيان الإسرائيلي أغلق من قبل إدارة بايدن حتى ما بعد الانتخابات الأمريكية، ومع ذلك فالرئيس الأمريكي بايدن أعلن أن النظام السعودي أعلن موافقته على التطبيع مقابل معاهدة تلتزم أمريكا بموجبها بحمايته من دولة جارة “لم يسمها” ومقابل إقامة منشأة نووية للاستعمال السلمي دون ذكر شرط أو اشتراط إقامة دولة فلسطينية..
هذه الدولة الجارة لن تكون إلا إيران أو اليمن وهذا يذكرنا بجمهورية اليمن الديموقراطية ودخولها عضوية حلف وارسو وهي واقعياً انتهت بانتهاء حلف وارسو وتم معالجة ذلك بالهروب إلى الوحدة..
النظام السعودي لم يربط بحلف الناتو لكنه ربط عضوياً وبنيوياً بإسرائيل، ومن خلال تموضع بريطانيا ثم أمريكا وهو لا يستطيع بل ويستحيل عليه التحرر من أمريكا وإسرائيل مهما تطورت المتغيرات والصراعات العالمية، لأن تحرره من ثنائية أمريكا وإسرائيل تعني زوال زوال النظام وليس مجرد انتهاء صلاحيته كما حدث في عدن..
النظام السعودي سيمارس المراضاة لروسيا والصين بمستوى أو سقف من المصالح ولكنه يظل سياسياً واستراتيجياً مع أمريكا وإسرائيل وفي استمرارية لما صرح به المؤسس والنقلة من تموضع بريطانيا العظمى إلى تموضع أمريكا الأعظم هي تحصيل حاصل في ربط تصريح المؤسس..
لو أن هذا النظام لازال يملك ذرة من الحياء أو حتى حمرة “خجل” ما كان يسمح للخرف “بايدن” أن يتحدث عن موافقته على التطبيع مع الكيان الإسرائيلي في هذا التوقيت بالذات وحتى انتهاء الحرب وجرائم الإبادة الجماعية الصهيونية في غزة..
ولهذا فخطاب مندوب النظام السعودي في الأمم المتحدة هو تخريجات للتغطية على فضحته تصريحات “بايدن” والخطاب الفعلي والحقيقي للنظام السعودي في الأمم المتحدة هو خطاب المندوب الإسرائيلي لأن ذلك ما يمارسه هذا النظام وما يعمله في الواقع..
النظام السعودي تآمر على القومية، وتآمر على الإسلام كافة وهو الأكثر تأثيراً في التآمر على فلسطين كشعب وقضية، ولكن أكثر من يخاف منه هو اليمن حتى لو لم يكن اليمن يمتلك أي سلاح أو قدرات، أتعرفون لماذا؟..
لأن النظام السعودي يمارس كل مؤامراته على العرب وعلى المسلمين وحتى على فلسطين بشكل غير مباشر، فيما يمارس تجاه اليمن كل الإجرام والجرائم والمجازر والإبادة بشكل مباشر منذ قتل أربعة آلاف من حجاج اليمن حتى العدوان الأبشع لتسع سنوات منذ 2015م..
النظام السعودي يعرف أن كل اليمنيين يحملون هذا المتراكم تجاهه ويعرف أنه حتى مع مرتزقته في الخارج والداخل قد ينقلبون عليه في أي لحظة ولأي سبب..
النظام السعودي تاريخه في اليمن ليس فقط مؤامرات وتآمرات ولكنه إجرام وجرائم لا يمكن نسيانها حتى ممن تسعود وبات يحمل الجنسية السعودية، ولابد أن يخاف ويظل يعيش هذا الخوف حتى حين تكون اليمن غير قادرة أو غير مؤهلة لمواجهة هذا النظام أو الحرب معه، فهل اليمن كانت هي المقصودة بالدولة “الجارة” كما جاء في تصريحات بايدن أمريكا.