لم تخفِ “إسرائيل” خشيتها من الرد اليمني على الاعتداء الذي نفذته في الحديدة. هي منذ اللحظات الأولى تصرفت على أنه حتمي وواقع وقد اتّخذت سلسلة إجراءات، ورفعت من منسوب الاستعداد والاستنفار لصده، دون أن تكوّن صورة عن ماهيته.
حجم الاستعداد “الإسرائيلي” ورفع مستوى الجاهزية أمنيًّا وعسكريًّا واستخباريًّا يشير بوضوح إلى أن الحسابات “الإسرائيلية” تنطلق من أثر “مسيّرة يافا” والهدف الذي ضربته، وإلا لمَ كلّ الاستنفار الحاصل؟!
في خطابه يوم الخميس، ٢٥/ ٧ / ٢٠٢٤م، أكد السيد عبدالملك الحوثي أن “الرد على العدوان “الإسرائيلي” لا بد منه”، وهو يعني بوضوح أن صنعاء اتّخذت قرارها وهي في مرحلة التجهيز لنوعية الرد وأهدافه ومكانه، والمرجح أن يكون جزء منه في يافا المحتلة، وربما أماكن أخرى، كون السيد أشار إلى تصعيد آت بالاشتراك مع المقاومة العراقية، ويبدو واضحًا أن أحد أهداف الرد المرتقب هو تثبيت المعادلة الجديدة ضمن المرحلة الخامسة من التصعيد وهو جعل يافا المحتلة منطقة غير آمنة.
لكن ما يمكن أن يُتوقف عنده هو كشف السيد عبدالملك الحوثي عن أن “مسيّرة يافا”، ذات القدرة العالية من جوانبها كافة، ضربت هدفًا محدّدًا، وقد أصابته، دون أن يحدد ماهيته، مع ترجيح أن يكون هدفا أمنيًّا.
انطلاقًا مما كشفه السيد عبدالملك الحوثي، يمكن فهم طبيعة الجهوزية والاستنفار “الإسرائيليين”، إذ أن “تل أبيب” تتعامل مع الرد اليمني المرتقب انطلاقًا من الضربة التي تعرضت لها في يافا المحتلة، والتي تكشف عن قدرات استخبارية قد لا تكون صنعاء وحدها من تسعى إلى جمعها، وهنا أيضًا يمكن فهم الإشارة في البيان العسكري اليمني الذي تلا الضربة إلى امتلاك صنعاء بنك أهداف أمنياً وعسكرياً قادرة على ضربها، ووفق ما تقدم، فإن “تل أبيب” تترقب ردًّا مؤذيًا، وربما يحمل رسائل أعمق مما حصل في يافا، وهي تضع نفسها أمام اختبار لجهوزيتها في التصدي لهجوم يأتي من بعيد.
في المقابل، تجد صنعاء نفسها ملزمة بتحقيق أهدافها من وراء الرد، خصوصًا مع الإعلان عن المرحلة الخامسة، وعليه هي تأخذ وقتها وتعد للرد ما يضمن الوصول إلى نتائج تدفع “تل أبيب” إلى مراجعة حساباتها بدقة.