■ تحقيق / أسماء حيدر البزاز –
معانــاة الناس تتصاعد.. وحركــة الشارع ليـلاٍ محــدودة
العديد من المواطنين تعطلت أعمالهم وفقدوا مصالحهم نتيجة الانقطاعات المستمرة للكهرباء , خاصة وأن أكثر أعمالهم يقضونها ليلا في أيام شهر رمضان الكريم , وآخرون يتكبدون مآس صحية ومادية مما ينذر بكارثة إنسانية إن صح إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه في ظل عجز واضح في تأمين خدمة الكهرباء للمجتمع , أو من خلال ما قد تخلفه الوسائل البديلة من ضحايا بالجملة ..
وتبقى الصورة العامة هكذا المواطنون يشتكون ووزارة الكهرباء تبرر والحكومة تعد والوضع باق على ما هو عليه !!
عبدالسلام أحمد ياسين صاحب محل كمبيوتر طباعة وتصميم يشتكي بمرارة من سوء حال الكهرباء يقول : عملي كله معتمد على الكهرباء غير أن انقطاعها المتكرر خاصة في الليل ولساعات طويلة عطل أعمالنا وأصابنا بالإحباط وأثر على دخلنا اليومي الذي هو شبه معدوم وأضاف ما نريده هو الكهرباء ولو في الليل فقط لأن في عودتها عودة أرزاقنا ومصالحنا
رأفة بهؤلاء
سلوى شولي من محافظة الحديدة تحكي عن معاناتها إثر الانقطاعات المستمرة للكهرباء في مدينة ساحلية تشتد فيها درجة الحرارة وتقول : لا يمكنكم أن تتخيلوا مقدار العناء والشقاء الذي نكابده خاصة في ليالي رمضان الموافقة لفصل الصيف مع انعدام الكهرباء وكأننا في بركان أضف إلى ما يكابده مرضى الضغط والكلى والسكر وخاصة ممن يعانون من ضيق في التنفس فيدخلون في مرحلة إغماء متكررة , وختمت بتساؤل هل يعي أولئك المخربون عظمة وحرمة هذا الشهر على الأقل رأفة بهؤلاء المساكين¿!
ويبدو أن حال أم ولاء – أرملة وأم لستة أبناء لا يختلف عمن سبقوها غير أن الأخيرة أشد خاصة وأن ماكينة الخياطة باب رزقها ومصدر قواتها وكلما غابت الكهرباء زاد بهم الحال سوءاٍ بالنسبة لها حيث تقول: هذه الماكينة تكفل لنا رزق كريم ومنها أصرف على أولادي وأوفر من خلالها وجبة الإفطار وإيجار المنزل وملابس للأولاد ولكن ما إن تغيب الكهرباء حتى تتوقف كل التزاماتي ونحن أسرة متعففة لا تمد يدها للسؤال ولا ترفع صوتها للشكوى ولا نريد من الدولة سوى حقوقنا الأساسية في تأمين الكهرباء!
أين الحلول ¿
أصحاب محلات وشركات ومصانع هم الآخرون تضررت أعمالهم وضعف إنتاجهم جراء الاعتداء والتخريب المتكرر الذي يطال الكهرباء
من جهته يقول الأكاديمي عبد الرحمن صالح : إن الانطفاءات المتكررة تؤثر على أعمال الناس ومصالحهم خاصة وأن الاستهلاك يزيد في رمضان بسبب زيادة الاعتماد على المكيفات لكوننا نقطن في المناطق الحارة ويزداد الأمر سوءاٍ مع زيادة السهر في رمضان حتى الفجر. ووزارة الكهرباء تعرف ذلك وكان ينبغي عليها أن تستعد لذلك بإيجاد الحلول المناسبة وعلى المخربين أن يتذكروا ظروف الناس في رمضان وأن يتقوا دعوات الصائمين
وزاد بالقول : ومع ذلك فلا أتوقع إن لهؤلاء المخربين ضميراٍ ليراعوا ظروف الصائمين والحل يكمن في تعامل الجيش معهم بحزم .
أوضاع صعبة
من جانبه يقول الدكتور مفتاح الزوبة مدرس – بجامعة صنعاء : الكهرباء إحدى لوازم الحياة وعندما تنقطع يختل نسق معيشة الناس في أي مجتمع 0 وفي الشهر الفضيل تزداد حاجة الناس لاستخدام الكهرباء للتبريد وحفظ المواد الغذائية في المنازل والمراكز التجارية ولتكييف المنازل في المحافظات الساحلية والصحراوية0 وأضاف: بدونها يعيش المواطنون في وضع صعب للغاية لاسيما وأننا في فصل الصيف0 وهنا يجب أن يعي الجميع خطورة انقطاع الكهرباء على الوضع الاستثماري للبلد فلم تعد حاجة الكهرباء للإضاءة فقط بل تعتمد عليها مراكز الإنتاج أيضاٍ مثل المصانع والمعامل والشركات
تأمين الخدمة
ويرى الأكاديمي هاشم علوي أن الانطفاءات الكهربائية لم تعد بالنسبة للشعب اليمني مشكلة بل كارثة حلت عليه أمام عجز حكومي واضح في تأمين خدمة الكهرباء للمجتمع
وتابع حديثه قائلا : انطفاءات الكهرباء يعني تعطيل عجلة التنمية وتعطيل المصانع والانتاج وتلف الأدوات المنزلية وتعطيل الأعمال الخاصة والعامة ارتفاع تكلفة الانتاج المعتمد على مصادر طاقة بديلة غير كهرباء الحكومة وزاد بالقول: انطفاء الكهرباء يعني تلوث بيئياٍ فضيعاٍ تعيشه شوارع المدن ومنازل المواطنين عبر ضجيج مولدات الكهرباء الخاصة, وكل هذا يعني تكلفة زيادة في الانتاج الصناعي والإنتاج المحلي وزيادة في استهلاك الوسائل البديلة.
العائد صفر
لا يبدو الأمل حاضراٍ في نفوس الناس تجاه تحسن خدمة الكهرباء حتى مستقبلاٍ.. يقول: الناشط ثابت الحمدي بأن الحديث عن الانطفاءات المتكررة للكهرباء كمن يحرق في البحر وفي حكم الميئوس من أية إصلاحات على المدى القريب خاصة بعد أن أصبحت مدة الإضاءة لا تزيد عن بضع ساعات قليلة أي في حدود 6-3ساعات وهي ما يعني ربع عطاء وربع عمل وربع إنتاج وربع عائد مادي أو معنوي للناس هذا على افتراض إذا صادفت الإضاءة وقتا مناسبا للعمل وإلا فربما كان العائد صفرا.
وأضاف : وعلى أي حال تظل الآمال معقودة على الوزير الجديد وعهدنا به النزاهة والكفاءة والجد أن يحل المشكلة بل المعضلة في أقرب وقت ممكن .
1420 ميجاوات
المهندس خالد راشد عبد المولى مدير عام مؤسسة الكهرباء السابق أوضح بأن نسبة الإجمال المطلوب تغذيتها اليوم بالطاقة الكهربائية 1420 ميجاوات وأن التوليد المتوفر من محطات المؤسسة وشراء الطاقة 850 ميجاوات أي أن المتوفر لا تزيد نسبته عن 60% فقط.
وبين أسعد أن العجز في الطاقة الكهربائية يقدر بـ 570 ميجاوات وبنسبة 40 % من الطاقة المطلوبة . وقال : إنه بعد هذا العجز الكبير في الطاقة الكهربائية يجب أن نعذر إدارة ومهندسي التحكم الذين لا يجدون إلا أن يقوموا بتوزيع الطاقة المتوفرة على مناطق الجمهورية المختلفة .
منوها بأن تشغيل وحدات توليد الطاقة الكهربائية عند أقل من50 % من حمولتها خطير ومدمر للمعدات مثلما كانت محطة المخا في الأيام الماضية تعمل بمولد قدرته 9 ميجاوات أي أن المتوفر لاتزيد نسبته عن أقل من 25% من حمولتها
الديزل والاعتداءات
من جانبه صرح مصدر مسئول في وزارة الكهرباء فضل عدم ذكر اسمه بأن استمرارية مشكلة الكهرباء يعود إلى العجز في التوليد الذي تعاني المنظومة الكهربائية منه وغياب مادة الديزل لتشغيل المحطات.. وقال: تعتبر وزارة الكهرباء ضحية لوزارة المالية والنفط حيث يتوفر لدينا 400 ميجا فقط من الخدمة وبدلاٍ من أن الإضاءة كانت لمدة 24 ساعة الآن لا يمكننا سوى الاستمرار في الإضاءة لمدة 12 ساعة.. وبرر ذلك العجز بالمديونية التي للكهرباء لدى الجهات الحكومية والتي تبلغ 50 ملياراٍ ولدى المواطنين 50 ملياراٍ أي مئة مليار مؤكدا أنه إذا توفرت هذه المبالغ يمكن أن تحل الوزارة بها إشكالية الانطفاء المتكرر للكهرباء.. مضيفا بالقول هذا بالطبع إلى جانب الاعتداءات المتكررة على الكهرباء في ظل عجز في فرق الصيانة التي هي بحاجة إلى دعم من وزارة المالية.