ميسون عبده عثمان التميمي –
في الأسرة يتلقى الطفل كثيرا من الخبرات والمهارات الأساسية التي يستسقيها عن طريقة التقليد والمحاكاة فالأجواء التربوية التسلطية بحاجة إلى العلاقات الإنسانية وإزالة الحواجز النفسية والاجتماعية التي يتخلص فيها الطفل من أحاسيس البؤس والشقاء بعيدا عن قيم البغضاء والجمود والكراهية والقلق والخجل وغيرها فنحن بحاجة إلى ثقافة تربوية تنمي في الطفل القدرة على الإبداع وحب التحصيل والميل إلى تأكيد الذات وحضورها..
فالتربية المتسلطة تنطلق من خلفية ثقافية تتمثل في مبادئ تربوية أبوية المنشأ تقليدية الاتجاه وهذا ما نلاحظه في واقعنا المعاصر فأصبح الآباء يوجهون أبناءهم إلى حيث يريدون دون إتاحة الفرصة للخيار لديهم خاصة فيما يخص بتحديد المستقبل ومجال العمل فالوظيفة الأساسية للحوارات الأسرية إيجاد التماسك والتفاهم والاحترام المتبادل بين أفراد الأسرة وحينها تصبح الحوارات مادة ممتعة ولذة دائمة يستطيع من خلالها الفرد تحديد اتجاهه في الحياة فهذه الوظيفة هي صمام أمان الأسرة والمجتمع قبل أن تنمو الأفكار الشاذة والميول العدوانية والاتجاهات المتطرفة في نفوس أبنائنا وقبل أن تعشعش في مشاعرهم وعقولهم الانحرافات النفسية نعالجها برحيق الحكمة وبريق البصيرة فالحوارات الحرة تحمي الجميع من مفاجآت أليمة وتعالج الأخطاء في بدايتها كما أن انتقاء العبارات الايجابية الموحية بالحب قولا وكتابة واجتناب البرمجة السلبية في الجدل والهزل من انفع الطرق لزرع أزهار المودة وأشجار المحبة وهو ما قدر عليه الآباء المتعلمون وغير المتعلمين ..
سلطتان
فسلطة الأهل يمكن أن تأخذ شكلين أساسين سلطة قهرية وسلطة عقلية فالسلطة القهرية تقوم على مبدأ الطاعة بينما السلطة العقلية تقوم على مبدأ التفاهم وغالبا ما ينتمي الآباء المتسلطون إلى بيئة تربوية متسلطة والى أسرة متسلطة تمارس العنف والإكراه في العملية التربوية ..
فالخبرات التربوية القاسية التي عاشها الآباء في طفولتهم تشكل منطلق الممارسة التربوية الجلفاء في مرحلة الرشد الرجولة الكهولة ..
وغالبا ما يكون الأطفال وأحيانا الزوجات ضحايا تلك الممارسات الخاطئة ..وفي هذا المجال تشير دراسات متعددة إلى أن الآباء الذين يعانون اضطرابات نفسية هم غالبا هؤلاء الذين يمارسون الطغيان والاستبداد والطفل هو الذي يدفع ثمن فشل أو نجاح العملية التربوية ..فالطفل الصغير صفحة بيضاء فهو راشد صغير له ما للكبير من قدرات وبخاصة على المستوى الأخلاقي وغالبا ما يكون لديه نزعة شريرة يجب أن تستأصل بالعقاب والإكراه وذلك يبرر استخدام العقاب ضده.
قيمة الطفل
ومما يغلب على الثقافة الأسرية أن الطفل يلعب به ولا يلاعب فهو أداة تسلية ..فهذا الطفل لا يستمد قيمته من ذاته بل من مقدار النفع المادي والمعنوي الذي يحمله الأهل ..حيث تشكل المدارس إضافة إلى الأسرة والسلوك الاجتماعي الذي يتوجه الطفل في إطاره مؤثرات بالغة على نموه ..هذه المؤثرات تلتحم التحاما شديدا مع مؤثرات المدرسة وتمثل بمجمعها بناء الشخصية ..
الأسرة مدينة الأخلاق الفاضلة ..لا نعني هنا المثالية الكاملة بل نعني السعي إلى تطبيق مكارم الأخلاق والسعي إلى بناء الذات فالإنسان يحتاج إلى إشباع حاجاته المادية والمعنوية لإيجاد أسرة مستقرة في أوضاعها ..رفيعة في التعامل مع أفرادها ..منتجة في غدها ..متجهة نحو القمة في كل أحوالها .. فما نلمسه في واقعنا والتوجه نحو رسم معالم المستقبل واختيار الهدف للشباب لم يترك فيه الخيار للبعض فثقافة التوجيه تكاد تنعدم ودور الموجه انعدم وحضر التوجيه القسري أو الإجباري لأغراض عده منها المباهاة أو المماثلة غير المتكافئة …فلم توجد مخرجات تعليمية تقنية إنتاجية بالكثافة المطلوبة لما له من نظرة قاصرة سلبية في المجتمع مما اوجد لدى الشباب الإحباط وغياب الهدف والرؤية لديه …