-عمد اللوبي الصهيوني – منذ عقود طويلة – على إحكام سيطرته، على وكالات الأنباء الدولية، وعلى كبريات وسائل الإعلام العالمية، وسخرها لخدمة مشاريعه الإجرامية، والتغطية على جرائمه وانتهاكاته، وجعلها مطية لأجندته، ومنصات لحمايته والتبرير لممارساته وتبييض صورته البشعة، عبر دعاية واسعة النطاق، لا تتوقف ليلا أو نهارا، بكم هائل، من الأكاذيب والحملات الدعائية المتواصلة، التي ما فتئت تصوّر رقيه ومدنيته، وتتباكى على مظلوميته ومشروعية توجهاته.
-هذه الاستراتيجية، التي عُرفت في العُرف الإعلامي، بنظرية التدفق الاخباري، من الشمال إلى الجنوب، وبدعم أنظمة الاستكبار والاستعمار العالمي، وبتخاذل عربي رسمي، نجحت إلى حد كبير، في جعل الكيان الغاصب، أكثر نفيرا وتعاطفا، من قبل شعوب بلدان الدعم والإسناد، رغم كل ما عاناه، ويعانيه الشعب الفلسطيني، وأبناء الأمة العربية والإسلامية، من وحشيته وبشاعته، لأكثر من سبعين عاما.
-اليوم، وبعد أكثر من مائتي يوم، من المجازر والمذابح الصهيونية، النكراء وغير المسبوقة، في التاريخ بوحشيتها وبشاعتها في قطاع غزة، ظهر فشل وعجز ماكينة اللوبي الصهيوني الإعلامية، عن تلميع الكيان، وإخفاء جرائم قادته الإرهابيين، وتعطشهم لسفك دماء الأبرياء من الفلسطينيين، وعن التغطية على نزعاتهم الشريرة، وعشقهم المجنون للتخريب والتدمير، والضرب بكل القوانين والأعراف والمبادئ الدولية والإنسانية، عرض الحائط.
– الحراك المتصاعد، لطلاب الجامعات الأمريكية – ومعها العديد من كبريات الجامعات، في أوربا وأستراليا، والتي بلغت ذروتها خلال الساعات الماضية، وتعالي صرخات حملة الضمير الإنساني، في مشارق الأرض ومغاربها – كانت دليلا واضحا على تلاشي واضمحلال سيطرة اللوبي الصهيوني، على الرأي العام العالمي، والتحكّم في ميوله وتوجهاته، رغم حملات القمع والاعتقالات والتضييق والتهديدات، التي تعرض ويتعرض لها الطلبة والناشطون، من قبل أنظمتهم وحكومات بلدانهم، الشريكة للقتلة والمجرمين، في مذابحهم بحق أطفال ونساء غزة.
-بدأ الرأي العام العالمي، يتململ ويعبر صراحة، عن رفضه لتلك الممارسات الإرهابية، ويعلن بأعلى صوته، مناهضته لسياسات الدعم المطلق للكيان، ولسفاحي تل أبيب، الذين راحوا يتفننون في ابتكار أساليب القتل والتنكيل والتعذيب، لأكثر من مليوني مدني، يواجهون فعليا جريمة الإبادة الجماعية، قتلا وسحلا وتجويعا، في مذبحة كبرى، ليس بحق الشعب الفلسطيني فحسب، بل بحق الإنسانية جمعاء، وبحق كل القيم والمبادئ والأخلاق والشرائع السماوية والأرضية.
– أمام هول وفظاعة الإجرام الإسرائيلي، سقط مفعول وتأثير ماكينة إعلام اللوبي الصهيوني، وسقطت معها أمريكا، وكل مزاعمها بقيادة “العالم الحر” وتبنّي قيم الحرية والحقوق الإنسانية، وحرية الرأي والتعبير، وهي تلاحق الناشطين، وأصحاب الضمائر الحية من مواطنيها، وتسوقهم بالمئات، إلى السجون والمعتقلات، فقط لأنهم رفضوا جرائم الجلاد المتوحش، وأبدوا تعاطفا مع الضحية وصدحوا بما أملته عليهم ضمائرهم وانتماؤهم الإنساني.