بالأمس قادت أمريكا الدول العشر، حتى وصل اليمن إلى مرحلة الحرب والانقسامات وخاض اليمن معركته الوجودية على مدى عشر سنوات ولم تجن أمريكا سوى الخزي والعار وخرج اليمن أقوى مما كان عليه وأشد، وفشلت أمريكا في الوصول إلى أهدافها، اليوم تدعو أمريكا إلى تحالف دولي لحماية الملاحة في البحر الأحمر كما تدّعي، رغم أن التهديدات لا تمس المجتمع الدولي بل تخص دولة إسرائيل المحتلة لفلسطين وهو ليس أكثر من إجراء مماثل لما تقوم به إسرائيل ضد غزة وشعب غزة من قتل وحصار وتجويع، وحين يتداعى المجتمع الدولي إلى هذا الحلف فهو بالضرورة يقر ما تقوم به إسرائيل ضد شعب غزة وكأنه بمثل ذلك يكون قد قفز على مبادئ حقوق الإنسان وهي ذات السياسة التي تعاملوا بها سواء في التحالف العربي لعودة ما يسمى الشرعية كما يزعمون ما يسمى فقتلوا ودمروا وعاثوا في الأرض فساد ما ولم يكتفوا بذلك بل عملوا ما بوسعهم ورغم توفر الإمكانات المادية والتقنية إلا أنهم فشلوا فشلا ذريعا في اليمن، ولم يجدوا ما يشفي صدورهم وحقدهم سوى الحصار البري والجوي والبحري، لم يشفع لأهل اليمن الضرورات الإنسانية ولا الجوع ولا الأمراض بل أمعنوا في حصارهم ولكن بدأت تباشير الله تنذرهم، فاليمن بلد عزيز كريم وقيادته عزيزة كريمة، إذ لن يطول صبرهم على بلادة العربان والأمريكان إلى الدرجة التي يرون فيها الاستسلام خيارا فذلك من المستحيلات وقد قالها قائد الثورة أن ذلك غير وارد في اليمن، واليوم أصبحت الكرة في ملعب أهل اليمن وتحريكها في الملعب يعتمد على قرار من قائد الثورة، فالمعادلة تقتضي الحركة اليوم وقد فرض اليمن واقعا جديد في الجغرافيا وها هي أمريكا تخرج من تحالف لتدخل في تحالف جديد لكن الله غالب على أمره ولو كره المشركون .
لن تستقر الحياة في الجزيرة والخليج ولا في المنطقة بكلها إذا لم تستقر اليمن، ولن ينعم الصهاينة بالعيش الكريم إذا لم ينعم شعب اليمن بذلك، تلك معادلة وجودية، كانت قيادتنا الثورية والسياسية قد أرسلت رموزها إلى العالم وعرب الصحراء والخليج ولكنهم قوم عمون لا يفقهون.
اليوم نحن في المحك وقد تسارعت الأحداث الدولية كي تعزز من موقفنا، فالاضطرابات العالمية واتساع دائرتها الجغرافية سوف يجعل الخرق يتسع على أمريكا وبالتالي تضع نفسها في دائرة أخلاقية ضيقة ،الأمر الذي سوف يحد من صلفها وعنتها وطغيانها ويعيدها إلى المساحة التي تليق بها، وبالتالي سوف نشهد تقزما لرعاة البقر، وفقدانا لمفردات التحكم في النظام الدولي القادم الذي بدأ يتشكل في الواقع من خلال حركة الروس وتأهب الصين والانهيارات المتوالية للنظام الرأسمالي وفقدانه الكثير من مفردات اللعبة الدولية .
اليوم العالم أمام واقع جديد، وأمام شروط جديدة، ونظام جديد، الأمر الذي يجعل دول العدوان في تبدل وتغير مستمر، فدوام الحال من المحال، فالطغيان إلى زوال مهما طال أمده، والبذخ ورخاء العيش لن يكون في قابل الأيام، وكما تجري سنن الله في كونه سوف يتحول الشعب المحاصر في اليمن إلى دائرة الرخاء والعزة والكرامة، وسوف نشهد تبدل في حال الأنظمة التي تحاصرنا وتحاصر غزة، من التجبر إلى الذل ومن الرخاء إلى الشدة، حدث مثل ذلك قديما للمؤمنين في شِعْب أبي طالب ويحدث اليوم في شعب اليمن وفي شعب غزة، وهناك الكثير من المماثل التاريخي، ورأينا كيف تحولت الأحوال من الضعف إلى القوة، ومن الذل إلى العزة والكرامة، تلك معادلة صعبة قد لا يفقهها عرب الصحراء ولا أولياء نعمتهم من اليهود والنصارى، لكنها قادمة وسوف نشهد الكثير من تفاصيلها في قابل الأيام، فروسيا اليوم تسقي أمريكا من ذات الكأس الذي شربت منه ذات يوم، واليمن بالضرورة سوف تسقي إسرائيل وتسقي جيرانها من ذات الكأس، لكن ليس بذات الحقد ولا ذات الطريقة والأساليب فأهل أليمن أعز وأكرم أن يكونوا صغارا، ولم نشهد في التاريخ ما يدل على صغارهم وهوانهم، ولكن بالضرورة إذا ملكوا يحسنون وهم إلى العفو أقرب منهم إلى الانتقام لكن يعلَّمون سواهم شرف الخصومة والخصام، ويعتزون بالانتماء إلى مكارم الأخلاق المحمدية ولا أظنهم سوف يشذون عن قاعدة “ اذهبوا فأنتم الطلقاء “ .
المسيرة القرآنية مسيرة حق وعدل وأخلاق كذلك كانت منذ قائدها الأول الرسول عليه وعلى آله الصلاة والسلام، وهي اليوم كذلك عند مجددها حسين العصر وقائدها السيد عبدالملك الحوثي، لا تحيد عن ذات النهج ولن تحيد لأنها مسيرة حق وعدل وأخلاق، وها هي حركة الواقع تتسارع وكلها تصب في مصلحة محور المقاومة الإسلامية وعلى الذين سارعوا إلى التطبيع وتضييق الخناق على اليمن وأهله أن يفقهوا أن النصر قريب ونثق بنصر الله مهما تمادى طغيانهم وحصارهم، فنحن قادمون نحمل راية الحق وسوف ننتصر وسوف تنتصر فلسطين .