أكد العديد من السياسيين والمراقبين أن الأعمال الارهابية التخريبية الخارجة عن القانون تشكل أبرز تحديات المرحلة وتستهدف النسيج الوحدوي للبلاد , فضلا عن كونها من أكبر معوقات تطبيق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وإحلال الأمن والسلم الاجتماعي , باعتبارها تعمل على تشظي الوطن ودخوله مرحلة اللادولة .. مؤكدين على أهمية اتساع عمليات الاصطفاف الشعبي في مواجهة تلك الأعمال الاجرامية , بكون حاضر ومستقبل اليمن رهين بناء الدولة الوطنية وفق رؤية سياسية جديدة موحدة لا مجال معها لتمزيق الجغرافيا وتمزيق الهوية السياسية , من خلال نظام حكم محلي (أقاليم) في اطار مشروع وطني ديمقراطي .
* وحول تأثير تلك الأعمال الارهابية على التحولات السياسية التاريخية والنسيج الوحدوي يوضح لنا السياسي أيمن جرمش – مكتب رئاسة الوزراء بالقول : تعد المرحلة الحالية صعبة للغاية حيث أن اطراف سياسية تعمل وبشكل غير مباشر إلى دعم الارهاب و زعزعة الأمن وتفشي ظاهرة الاغتيالات والتفجيرات التي تطال أبراج الكهرباء وانابيب النفط فكبدت الدولة خسائر بالفعل فادحة أدت إلى تدهور الوضع الاقتصادي ويمكن نقول على وشك افلاس الخزينة العامة ومن جهة أخرى نشاط تنظيم القاعدة خلال المرحلة الحالية الذي يجعلنا نكون على يقين بأن هناك أطراف دولية تقف خلف نشاطهم الارهابي .
موضحا أن كل ذلك الهدف منه عرقلة المرحلة السياسية وعدم الاستقرار والخروج إلى بر الامان وتنامي دعوات الانفصال وعدم تنفيذ مخرجات الحوار الوطني حيث تعتبرها بعض الأطراف السياسية أنها ضد مصالحها حيث كانت تلك الأطراف خلال الفترات السابقة متفقة بعضها وكانت تمسك بزمام الأمور في كافة مفاصل الدولة ومسيطرة على ثرواته .
وقال : وبالرغم من وجود رقابة دولية على تنفيذ مخرجات الحوار وإقرار بنود عقابية ضد كل من يقوم بعرقلة المرحلة الانتقالية لكن ذلك لا يكفي , وأن الواجب على منظمات المجتمع المدني والمثقفين وغيرهم العمل على بث الوعي في أوساط المجتمع للتحرر من التبعية للأشخاص وأن يكون همهم الأول الوطن بدل الانقسام الذي يستفيد منه اشخاص وباسم الحزبية او باسم الدين.
مؤكدا على أهمية الاصطفاف الوطني في دعم الجيش في خوضه الحرب ضد عناصر الشر .
مشروع ديمقراطي
* من جانبه يقول المحلل السياسي البروفسور فؤاد الصلاحي – جامعة صنعاء : مما لاشك فيه أن الفوضى الأمنية وعمليات التخريب الممنهجة والمخطط لها تستهدف تدمير النسيج الاجتماعي والوحدوي من خلال تدمير الكيان السياسي القانوني (الدولة) وهنا لا يمكن إكمال المسار السياسي والتغييري نحو إعادة البناء وتطبيق مخرجات الحوار على الأقل وفق ما تم التوقيع عليه من الأحزاب المشاركة في الحوار .
وأكد على أهمية اتساع عمليات الاصطفاف الشعبي مع حملة الجيش ومواجهاته للإرهابيين والمخربين , فحاضر ومستقبل اليمن رهين بناء الدولة الوطنية وفق رؤية سياسية جديدة وهي دولة موحدة لا مجال معها لتمزيق الجغرافيا وتمزيق الهوية السياسية , لكون اليمن بحاجة إلى دولة وطنية مدنية قادرة على تحقيق التنمية وتوسيع المشاركة السياسية من خلال نظام حكم محلي (أقاليم) في اطار مشروع وطني ديمقراطي .
معوقات المرحلة
* وأما الكاتب والإعلامي عبده الضراب فيقول : إن تلك الأعمال تؤثر تأثيرا كبيرا على العملية السياسية خلال هذه المرحلة الانتقالية وهو ما انعكس سلبا على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل الذي ضم على طاولته ممثلين عن مختلف القوى السياسية بالإضافة إلى ممثلين عن الشباب والمرأة وعلى مدى ?? أشهر وبعد نقاشات مستفيضة قدم فيها المؤتمرون عصارة افكارهم ورؤاهم في مخرجات الحوار الوطني الشامل لتكون الأسس التي ستقوم عليها الدولة اليمنية القادمة بصيغتها الاتحادية المكونة من ستة اقاليم بالإضافة إلى صياغة دستور جديد يتلاءم ومتطلبات الدولة الجديدة.
واستطرد حديثه بالقول : إلا أننا وللأسف الشديد نلاحظ أن هناك بعض القوى والتي تتعارض مصالحها مع مخرجات الحوار تسعى جاهدة لإعاقة تنفيذ تلك المخرجات على أرض الواقع بافتعال الأزمات هنا وهناك وتمويل براثن الارهاب مما أثر على سير العملية السياسية القائمة على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة بالرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها القيادة السياسية للسير قدما والمضي بالعملية السياسية إلى الأمام رغم الصعوبات والمعوقات التي تضعها بعض القوى التي لا تريد لليمن الخروج من الأزمة الراهنة وما لم تتكاتف كل تلك القوى وكل شرائح المجتمع لتنفيذ ما اتفق عليه في مؤتمر الحوار باعتباره الحل الأمثل للعبور بالوطن إلى بر الأمان فسنظل ندور في حلقة مفرغة وستتعثر العملية السياسية ولن نخطو خطوة واحدة إلى الأمام وسيمتد أثر ذلك الاخفاق ليشمل العديد من مناحي الحياة وبخاصة النسيج الوحدوي.
فصيل الارهاب
* من جانبه يوضح الناشط شوقي الميموني أن الاستقرار في أي بلد ناتج عن عوامل عدة أهمها استتباب الأمن وقوة الاقتصاد وتناغم العمل السياسي ولا يمكن لتلك الأسباب أن تتوفر إلا في ظل دولة قوية تبسط سيطرتها على كل شبر من أرضها ويسود فيها القانون.
وأضاف : بلادنا تمر بمرحلة حرجة تحتاج إلى تكاتف الجهود والعمل بإخلاص تام لهذا الوطن وفرض هيبة الدولة على الجميع والعمل بقوة على قمع أي فصيل يحاول العبث بأمن واستقرار البلد ومحاربة الإرهاب بطريقة ذكية ونزع سلاح الميليشيات المختلفة مهما كانت قوتها , و بدون نذلك يلوح التخوف من أن تدخل اليمن نفق مظلم يموت العمل السياسي وتغيب البرامج السياسية وتظهر بدلا من ذلك البرامج العسكرية ونصل إلى مرحلة الفوضى عندها ستصبح البلد بلدان الاخوة أعداء.
الصلب الوطني
* ويرى الدكتور حسان القدمي – جامعة إب أن النسيج الوحدوي لليمن لن تفتته تلك القوى الارهابية لكون الوحدة صنعتها صلب الارادة الشعبية بعد أن كانت حلماٍ طويلاٍ لأبناء اليمن أجيالاٍ متلاحقة فكانت عملية تحقيقها خلاصة لجهود القيادات الوطنية الساعية من أجل تحقيق هذا الحلم منذ السبعينيات وحتى تحقيقها في 22 مايو 1990م لتمثل إنجازاٍ تاريخياٍ وعظيماٍ رنت إليه كل دول وشعوب العالم من حولنا بعين الإجلال والإكبار وجاءت الوحدة اليمنية لتنقل الشعب اليمني من مربع الصراع والحروب الشطرية إلى مربع الدولة اليمنية الحديثة ولم تكن عامل استقرار لليمن فحسب بل عامل نماء واستقرار وتطور.
ومضى يقول : إنه وبالرغم من الصراعات التخريبية الارهابية المدمرة للوطن أرضا وإنسانا والتي تفاقم من حدتها بعض الترسبات لصراعات سياسية قديمة وهي حصيلة أخطاء سياسية فادحة ولا دخل للوحدة بها ويتوجب على عقلاء البلد وأعضاء مؤتمر الحوار الوطني أن يدفعوا بجهودهم في الطريق الصحيح بمعالجة هذه القضايا تحت سقف وطن موحد مدركين أن مستقبل هذا الوطن وآماله وطموحاته لا تتحقق إلا في ظل وحدته وبدون الوحدة لن يكون هناك مستقبل أو وطن يمكن التحدث عنه.
التحكيم القبلي
* ويؤكد السياسي مجاهد الحضراني أن تلك الانتهاكات الارهابية ستقود إلى المزيد من الدمار والتشقق والتصدع للنسيج الاجتماعي والانهيار الاقتصادي , وستزيد من صعوبة إيجاد مخرج يحفظ لوطننا سلامته ولشعبنا تماسكه.
بينما يرى الصحفي حسان ياسر أن الإرهاب لم يؤثر سلبا على العملية السياسية والنسيج الوحدوي فقط بل أثر على الوضع الاقتصادي والتنموي للبلد وحياة الناس بالدرجة الأولى , معولا السبب في ذلك إلى اللجوء إلى التحكيم القبلي دون القانون الأمر الذي فاقم حدة تلك الأعمال التخريبية.
أزمات مفتعلة
* الناشط عدنان القباطي أوضح قائلا : الأوضاع الأمنية والأعمال الارهابية التخريبية كلها مفتعلة ومقصودة من قبل المتنفذين في اليمن وتحت اشراف وتمويل خارجي لتنفيذ السيناريو الذي تم تنفيذه في عدد من الدول العربية بغية تدميرها , بالإضافة إلى كونها استهدافا لإفشال تكوين دولة مدنية حديثة. مستدلا على ذلك بافتعال أزمة النفط وإخراج ما يسمى بالقاعدة وتوجيهها بتنفيذ الأعمال الارهابية بتفجير أنابيب التصدير وأبراج الكهرباء واغتيال الضباط والعسكر في كل مكان . بهدف نشر الرعب والخوف بين الناس حتى يستسلموا للأمر الواقع .
اللادولة
* من جهته يقول السياسي هيثم القدسي : إن الأعمال الخارجة عن القانون تؤثر في عملية التنمية والاقتصاد الوطني فضلا عن كونها من أكبر معوقات تطبيق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وكذا إحلال الأمن والسلم الاجتماعي , بالإضافة إلى أنها تمثل تحديا على أمن الوطن والأمة وتعمل على تشظي الوطن ودخوله مرحلة اللادولة .
انتصار سياسي
* في حين يرى الناشط السياسي الدكتور ماهر شجاع الدين – جامعة صنعاء أن الأوضاع الأمنية المضطربة والأعمال الإرهابية والتخريبية ناجمة عن الصراع السياسي الحالي فبعض الأطراف تساهم وتشجع الانفلات الأمني في مقابل الضغط على أطراف أخرى لتحقيق انتصار سياسي .
وقال شجاع الدين: إن غياب الدولة واضمحلال دورها عامل مساعد في زيادة الانفلات الأمني كما أن ضعف القضاء وأجهزته وشعور غالبية المواطنين بغياب العدالة الاجتماعية وعدم عدالة توزيع الثروات سبب آخر في زيادة وتيرة الانفلات الأمني وعدم الاستقرار , بيد أن تلك الأعمال لا ولن تؤثر على النسيج الوحدوي فالأمور لازالت تحت السيطرة وبمجرد تحقيق أي تقدم سياسي واقتصادي فسوف تخفت الأصوات التي تطالب بالانفصال .