بصورة لا أخلاقية تظل أمريكا على حالها من التشدد في معارضة إيقاف العملية الإرهابية التي تنفذها المليشيات الصهيونية في غزة، وتتحدث بكل سفور عن الاكتفاء بما زعمت أنها تعمل عليه لجهة استمرار تدفق المساعدات الإنسانية، وهو تأكيد أبدته صراحة للجنة الوزارية العربية المنبثقة عن قمة الرياض والتي لا تزال تطوف العالم بديباحة من الحيثيات لتستجدي السلام وإيقاف شلال الدم النازف في قطاع غزة.
رفض بلينكن وساطة ممثلي قمة الرياض التي ضمت اكثر من خمسين دولة، وتلا مندوب واشنطن في مجلس الأمن موقف البيت الأبيض الرافض لمشروع قرار الوقف الفوري للإبادة في غزة، ومضى الأمر في مساره كما تريد أمريكا في تحدٍ للإرادة الدولية.
العالم أجمع، صار على قناعة بأن إيقاف إزهاق الأرواح المستمر في غزة أصبح أمراً حتمياً، إلا أمريكا وباقي دول الشر، وساديّة أمريكا التي لم يكفها قرابة الـ (18) ألف شهيد، و(40) الف طن من القنابل والمتفجرات على غزة، كي تصل إلى قناعة بأن إيقاف هذه الهمجية أصبح حاجة إنسانية، ليعني ذلك بوضوح أن العدوان أمريكي، فأمريكا هي الأكثر حرصاً حتى من الاحتلال على توفير المناخ الآمن للكيان المؤقت، باعتباره عصى واشنطن لإرهاب المنطقة، ومخزن السلاح لقتل العرب والمسلمين.
فهل صار على المجتمع الدولي الرضوخ، وأن يبقى رهينة هذه النفسية الأمريكية المنحرفة ليكون على هذا الحال من الضعف والعجز عن فرض إرادته من أجل إنقاذ شعب تجري إبادته على مرأى ومسمع من العالم بآلة البطش الأمريكية بيَد الوكيل الصهيوني؟
أمريكا ترغب في استمرار هذا الإرهاب الصهيوني والقضاء على المقاومة، وهو هدف يكشف عن بلادة سياسية، تُعيق حساباتها عن إدراك حقيقة أن المقاومة فعل ناتج عن احتلال مغتصب للأرض وليست نزوة هدفها إشباع الحاجة للمال أو السلطة، ويكفي التأمل إلى مسار سبعين عاماً من الاحتلال والمقاومة، ومن فشل فرض الأمر الواقع، أمام استمرار النضال من أجل نيل الحرية والاستقلال لإدراك أنه من المستحيل تحقيق الهدف الصهيوأمريكي، وستبقى المقاومة ما بقي الاحتلال وما كان هناك تهديد للدولة الفلسطينية.
وطوال عمر الصراع العربي الصهيوني، كانت هناك مئات الآلاف من المجازر بحق الفلسطينيين، مع ذلك ظلت روح المقاومة باقية تقارع الطموحات المنحرفة لأمريكا والكيان الصهيوني، ولا يمكن بأي حال إقناع الشعب الفلسطيني بغير ذلك.
لن تجني أمريكا من حربها عن طريق هذا الكيان للعرب في فلسطين إلا المزيد من الكراهية والعداء تجاهها، أما الكيان الصهيوني فهو لا شيء أكثر منه عصابة مرتزقة تحارب بالوكالة للبقاء في المنطقة من أجل إرهاب العرب والمسلمين وإدارة عمليات الهيمنة ورعاية مصالح دول محور الشر، ولولا استمرار الدعم الأمريكي بالمال وبالسلاح لكانت المقاومة الفلسطينية قد أجهزت على جيش الاحتلال وأعادت كيانه إلى دول الشتات.
وأمس الأول، صفعت المقاومة الفلسطينية العدو الصهيوأمريكي لتؤكد فشل ما خطط له لصُنع (أنطوان لحود) بديلاً لحماس وباقي فصائل المقاومة، ففيما بدأ بتقييم الوضع لاستخلاص ما انجزه خلال شهرين من محاولات تدمير حماس، نشرت المقاومة مقطع فيديو ظهرت فيه على ذات العنفوان وهي تتوعد العدو بالجديد والمزيد تحت عنوان “تل أبيب ستحترق والقدس ستتحرر”، وليُظهر المقاوِمون مفاجآتهم من السلاح، وبأنهم باقون، حتى مع محاولة أغراق الأنفاق بالمياه، في تصرف صبياني وعمل عصابات لا ينُم عن جيش نظامي، ما يؤكد أن العدو الصهيوني ليس أكثر من وكيل لأمريكا لاستمرار زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وفي أي مكان من العالم، إذا ما استدعت مصلحة واشنطن ذلك.