بايدن: “دعمُنا لإسرائيل لا يتزحزح ولو لم تكن إسرائيل موجودة لعملنا على إيجادها»
الثورة /إعداد/ عبدالرحمن عبدالله
أساطيل وبوارج حربية وطائرات نقل عسكرية وقاذفة وقوات خاصة ومليارات الدولارات تدفقت على الكيان الصهيوني من أمريكا وأوروبا عقب عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر تشرين ، رؤساء وقادة، منهم الرئيس الأمريكي والفرنسي، ورؤساء وزراء ألمانيا وبريطانيا، وآخرون من أوروبا، ووزراء دفاع أبرزهم وزير الدفاع الأمريكي، وقادة عسكريون وسياسيون من غالبية دول الغرب؛ ذهبوا برسالة واحدة “نحن مع إسرائيل».
هذه التحركات واكبها تدفق لشحنات السلاح، خصوصاً من الولايات المتحدة الأمريكية ، هذه الأسلحة هي التي تدكّ غزة والتي حسب محللين فإن ما تعرضت له غزة من دمار يشبه ما تعرضت له هيورشيما في الحرب العالمية الثانية، حينما تعرضت لقصف نووي من الولايات المتحدة الأمريكية ، السلاح الأمريكي الذي يستخدمه العدو الصهيوني في حرب الإبادة على غزة ، يتدفق إلى تل أبيب عبر جسر جوي مستمر ومتواصل منذ 7 أكتوبر والى اليوم.
• ألاف القنابل الأمريكية المدمرة كانت وراء أبشع المجازر في غزة
في 31 من تشرين الأول الماضي، استهدف العدوان الصهيوني مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة بغارة جوية أسقطت خلالها قنابل تزن الواحدة منها حوالي 900 كيلوغرام؛ وفي المذبحة استشهد 195 فلسطينيًا على الأقل ، تركت الغارات ثماني مبانٍ سكنية مدمرة بالكامل ، وأحدث الغارات حفرة يقدر قطرها بـ12 مترًا في عمق الأرض.
حينها أكد كريس كوب سميث، مفتش الأسلحة السابق بالأمم المتحدة، أن إحداث أثر كهذا يعود لاستخدام قنبلة الجدام (JDAM) من نوع الـGBU ذات الرأس الحربي الخارق للتحصينات ، وتصنّف هذه الذخيرة ضمن وحدة القنابل الذكية الموجّهة كسلاح جو-أرض يُلقى بدقة عبر الطائرات، وتتكون من مزيج متفجر من مادتيْ التي أن تي ومسحوق الألومنيوم.
لاحقاً، اعترف البنتاغون بأنه زوّد الكيان الصهيوني بألاف القنابل من هذا النوع ، ولطالما كانت هذه القنابل، التي تصنعها شركة بوينغ الأمريكية، جزءًا من الأسلحة التي تقدمها الولايات المتحدة الأمريكية للترسانة الإسرائيلية بالمجان.
ما بين الأعوام 2018 و2022، حصلت «إسرائيل» على 4100 قنبلة من هذا النوع، ومنذ بدء حربها الحالية على غزة، أرسلت إدارة بايدن ثلاثة آلاف قنبلة إضافية منها، ظهرت في صور وفيديوهات عديدة نشرها سلاح الجو الصهيوني على صفحاته مؤخرًا.
أكثر من 10 آلاف طن من المعدات العسكرية الامريكية
يوم أمس ومع اشتداد القصف الإجرامي على غزة ، طالبت منظمة العفو الدولية الولايات المتحدة التي تزوّد الصهاينة بالأسلحة التي تستخدم في حرب الإبادة الصهيونية على غزة بالتوقف فورًا عن ذلك ، وقالت رئيسة المنظمة أنييس كالامار: “من خلال القيام بذلك، يمكن أن نعدّ هذه الدول مسؤولة بشكل مشترك عن انتهاكات القانون الإنساني الدولي”. وأضافت أن: “خبراء الأسلحة والمحلّلين، في منظمة العفو الدولية، قاموا بفحص صور الأقمار الصناعية وصور المباني المدمّرة وشظايا الذخائر التي أُنتشلت من تحت الأنقاض.. حيث تُظهر الصور بوضوح أن ذخائر «JDAM» أميركية الصنع “استخدمت في الهجمات على مدنيين في غزة .
وأشارت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، في تقرير، الى تزويد الولايات المتحدة كيان العدو الإسرائيلي بقنابل كبيرة خارقة للتحصينات، من بين عشرات الآلاف من الأسلحة الأخرى وقذائف المدفعية، خلال عدوانه المستمر على غزة.
ونقلت الصحيفة، عن مسؤولين أميركيين، قولهم إنّ: “موجة الأسلحة، بما في ذلك ما يقارب 15 ألف قنبلة و57 ألف قذيفة مدفعية بدأت بعد وقت قصير من هجوم 7 /أكتوبر، واستمرت في الأيام الأخيرة” ، ياتي هذا فيما أعلنت” إسرائيل”، الأربعاء، تسلمها أكثر من 10 آلاف طن من المعدات العسكرية من الولايات المتحدة الأمريكية منذ 7 أكتوبر الماضي.
من جانبها، نقلت وكالة رويترز عن مسؤولين أميركيين قولهم إن واشنطن تستبعد حاليا إعادة النظر في إمدادات الأسلحة التي تقدمها إلى “إسرائيل” من أجل حملها على تغيير تكتيكاتها في حربها المستمرة على قطاع غزة.
بالإضافة لذلك تمنح الولايات المتحدة العدو الصهيوني مساعدات عسكرية بقيمة 3.8 مليار دولار سنويا، تشمل طائرات مقاتلة وقنابل قوية ومدرعات وذخائر متنوعة، كما طلبت إدارة بايدن من الكونجرس الموافقة على مبلغ دعم إضافي قدره 14 مليار دولار.
•إسرائيل ربيبة أمريكا
كانت الولايات المتحدة الأمريكية أول دولة تعترف بـنشوء كيان الاحتلال الصهيوني ، ومنحته الاعتراف كدولة ، ويقال بأن ذلك صدر بعد 11 دقيقة من إعلان الكيان الصهيوني في أيار 1948، وبعد ثلاث سنوات أعلنت أمريكا دعماً مستمراً للكيان الصهيوني لوجستيا وماليا ويشمل الملفات السياسية والأمنية ، وفي حرب السويس عام 1956، بدأت أمريكا توسع دعمها للكيان الصهيوني ، وزادت من ذلك في حرب عام 1967 ، والتي تمثل مرحلة الدعم الأمريكي العسكري المفتوح للكيان الصهيوني ، إذ أدركت الإدارات الأمريكية ما بعد حرب السويس الأهمية الاستراتيجية لكيان العدو الصهيوني ، ودوره الوظيفي الذي يخدم المصالح الأمريكية في المنطقة، بما فيها خارج فلسطين واحتلالها ، مثل مواجهة الحركات التحررية الثورية ، والسيطرة على الموارد واختراق الشعوب.
وفي حرب الاستنزاف خلال الأعوام 1968-1970، زودت الولايات المتحدة «إسرائيل» بطائرات الفانتوم وسكاي هوك لتضمن انتصارها على ما أسمته «ترسانة العرب السوفياتية»، بحسب اللواء المتقاعد يوسف شرقاوي ، وفي حرب أكتوبر 1973 قدّمت الولايات المتحدة لـلكيان الصهوني الأسلحة عبر جسر جوي ، يشبه ما تفعله اليوم.
ومنذ ذلك الحين تلتزم أمريكا بتقديم دعم سنوي منتظم للكيان الصهيوني ، وتلتزم الولايات المتحدة بتوفير الأسلحة التي تضمن التفوق العسكري النوعي للكيان الصهيوني على محيطها الإقليمي وبشكل رئيسي عبر سلاح الطيران، للتعويض عن كونها أصغر بكثير جغرافيًا وديموغرافيًا من مصر والدول العربية المحيطة.
•الأسلحة الأمريكية تدك غزة منذ ستين يوما
تُظهِر الصور والمشاهد من غزة كيف سُوّيت أحياء بالكامل بالأرض بعد تعرضها لغارات الكيان الصهيوني ، تقول معلومات أن ما لا يقل عن 12 ألف هدف في غزة خلال شهر تشرين الأول قام العدوان الصهيوني بقصفه في غزة وكل الأهداف مدنية ما بين مستشفيات ونازحين ومدارس وجامعات ومباني سكنية ، مستخدمةً فيها أكثر من 25 ألف طن من المتفجرات، أي ما يعادل قنبلتين نوويتين، بحسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ، هذا خلال شهر أكتوبر ، لكن ما بعده مضاعف إلى أربع مرات حسب تقديرات.
منذ اندلاع العدوان على غزة، حرصت أمريكا على توفير إمداد مستمر من الأسلحة؛ فأرسلت إلى الكيان الصهيوني قائمة طويلة من الأسلحة ضمن ما سُمّي بصفقات تجديد الموارد، وأتاحت لها الوصول إلى المخزون الأمريكي داخل الكيان الصهيوني ، للمرة الثالثة في تاريخها بعد حرب صيف 2006 ضد حزب الله وحرب 2014 أثناء العدوان على غزة. بالإضافة لذلك، أقرّ مجلس النواب الأمريكي في الثاني من تشرين الثاني الفائت مشروع قانون ينص على تقديم مساعدات عسكرية عاجلة إلى الكيان الصهيوني بقيمة 14.3 مليار دولار.
وبحسب وزارة الحرب الصهيونية، فإنها قد استلمت منذ بداية العدوان على غزة أكثر من 10 آلاف طن من الأسلحة والمعدات الأميركية، بما في ذلك: مركبات مدرعة، وأسلحة، ومعدات حماية شخصية، ومعدات طبية، وذخيرة، وأن الطائرة رقم 200، ضمن الجسر الجوي من الولايات المتحدة إلى الكيان الصهيوني وصلت إلى الكيان بحلول السادس من كانون الأول.
تشمل هذه الأسلحة منظومتي قبة حديدية بما فيها ذخيرتها من الصواريخ الاعتراضية، والقنابل ذات القطر الصغير، وقنابل الـJDAM، وقذائف المدفعية عيار 155 ملم، وقنابل البيفواي، وصواريخ الهيلفاير، ومعدات تحويل القنابل غير الموجهة إلى أسلحة دقيقة. تأتي هذه الأسلحة المتقدمة بالإضافة إلى الصفقات المتفق عليها سابقًا مثل الطائرات المقاتلة من طراز F-35، وطائرات الهليكوبتر من طراز CH-53 الثقيلة ومروحيات الأباتشي وناقلات التزوّد بالوقود جوًا من طراز KC-46، تضاف لها زوارق وسفن حربية ودبابات قتالية.
يمكن لقنبلة تزن 225 كيلو غرام إلحاق أضرار جسيمة أو قتل كل شخص حولها في نطاق 20 مترًا وإحداث حفرة عرضها حوالي 8 أمتار وبعمق 3 أمتار. يتناسب طرديًا حجم الانفجار مع زيادة وزن القنبلة والذي يمكن أن يصل 900 كيلو غرام. يتم إطلاق هذه القنابل الموجهة بدقة (PGMs)، والمعروفة أيضًا باسم القنابل الذكية، من الطائرات والطائرات المسيّرة (UAVs) عبر تقنية GPS أو أنظمة الملاحة (INS) أو التوجيه بالليزر. كما أنها مجهزة برؤوس حربية مصممة لاختراق المخابئ المحصنة، في حين أن البعض الآخر لديه رؤوس حربية متشظية كلوح دوّار من السكاكين لتعظيم الضرر الذي يلحق بالمعدات وأطراف الأفراد، مثل قنبلة R9X Hellfire والتي رصدت في محيط مستشفى الشفاء.
تعتبر قذائف المدفعية عيار 155 ملم واحدة من أكثر الأسلحة عشوائية، إذ لا يمكن توجيهها بدقة إلى أهداف عسكرية وتتفاقم أضرارها في الأماكن المكتظة بالسكان مثلما حدث خلال عملية الرصاص المصبوب* (2008-2009) وعملية الجرف الصامد* في عام 2014 حيث أطلق جيش الاحتلال ما مجموعه 42 ألف قذيفة أصابت من ضمن ما أصابته المدارس والمستشفيات ومخيمات اللاجئين. غالبًا ما تسقط هذه القذائف على بعد 25 مترًا من الهدف المقصود. وعند الارتطام أو قبله، تقذف ألفي شظية معدنية حادة في كل اتجاه، مما يعرض كلّ شخص، على مسافة 300 متر من الانفجار، للموت أو الإعاقة الدائمة أو الإصابة البليغة.
يقول روبنر إن معظم الأسلحة التي استخدمها الكيان الصهيوني لضرب قطاع غزة في هذه الحرب أمريكية الصنع، إذ لا يتيح حجم الاقتصاد الإسرائيلي لها أن تستثمر سنوات طويلة من البحث والإنتاج والتطوير كذلك المتاح للولايات المتحدة عبر مصانع الأسلحة الثلاثة الكبرى؛ وهي ريثون للتكنولوجيا وبوينغ وجنرال داينمك. ومع استعداد الولايات المتحدة الكامل لإعادة إمداد المعدات والمواد الدفاعية الإسرائيلية على أساس معدل احتراقها، أي سرعة استخدامها في العمليات العسكرية المستمرة وبدون أية شروط على استخدامها، “فإن الولايات المتحدة شريكة في الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي بحق الفلسطينيين”.
يقول الباحث الأمريكي في المساعدات الأمنية الأمريكية، سيث بندر، إن إدارة بايدن لم تنشر قائمة الأسلحة المرسلة إلى الكيان الصهيوني بعكس قائمة الأسلحة التي أرسلت إلى أوكرانيا، ولذا يحصل المختصون والعوام على حد سواء على معرفتهم حول الأسلحة من التقارير الصحفية وبعض البيانات الحكومية القليلة، ما يعقّد إمكانية المساءلة أو إعادة النظر في هذه القوائم من قبل المجتمع المدني والجهات الرقابية الأخرى.
كشفت وثيقة داخلية لوزارة الدفاع الأمريكية أن الأسلحة التي أرسلتها الولايات المتحدة أو تعمل على إتاحتها تشمل 36 ألف قذيفة مدفعية بقطر 30 ملم، و1800 قنبلة خارقة للتحصينات من طراز M-141 تستطيع ضرب ما لا يقل عن 20 سم من الخرسانة من أصل 3000 كان الكيان الصهيوني قد طلبها، وما لا يقل عن 3500 جهاز رؤية ليلية، وألفي صاروخ موجّه من خلال الليزر لطائرات «الأباتشي»، و57 ألف قذيفة بقطر 155 ملم، و312 صاروخًا اعتراضيًا من طراز تامير وبطاريتين للقبة الحديدية.
طلب الكيان الصهيوني أيضًا أكثر من 20 ألف بندقية هجومية من طراز M4A1، شبيهة بتلك التي قام وزير الأمن القومي الإسرائيلي ايتمار بن غفير بتوزيعها على المستوطنين، و400 مدفع هاون عيار 120 ملم، و75 آلية عسكرية للجيش ومشاة البحرية، و200 طائرة بدون طيار من طراز سويتش بليد 600، يصل مداها إلى 40 كيلومترًا، وتطير أكثر من 40 دقيقة، وتحتوي على مجموعة من الكاميرات وأجهزة استشعار الأشعة تحت الحمراء.
وقد نشرت صحيفة وول ستريت جورنال مؤخرًا أرقامًا توضح حجم الأسلحة التي زودت الولايات المتحدة بها «إسرائيل»، وضمنها مئة قنبلة من طراز BLU-109، وزن الواحدة منها 900 كيلو غرام، وأكثر من خمسة آلاف قنبلة غير موجهة أو «غبية» من طراز Mk82، وأكثر من 5400 قنبلة من طراز Mk84، وحوالي ألف قنبلة من طراز GBU-39، كما نشرت الصحيفة نفسها أخبار عن إخطار البيت الأبيض للكونغرس عزمه إرسال حزمة قنابل ذكية بقيمة 320 مليون دولار، وتشمل أنظمة توجيه قنابل من عائلة spice، وقد أشيع أن هذه القنابل استعملت مؤخرًا في قطاع غزة.
أعلن بايدن في وقت سابق اعتماد 14 مليار دولار ، وقدم طلبها إلى الكونغرس ، أمر يحل المعضلة الاقتصادية للكيان الصهيوني الذي يتعرض لهزات اقتصادية من تداعيات حربه الإجرامية على غزة ، وما انعكاسات إغلاق اليمن للبحر الأحمر أمام السفن الصهيونية.
•حرب إبادة إجرامية وفي كل شبر مجزرة
تتعرض غزة لعملية سحق شاملة ، وتحرق أمام العالم في أبشع جريمة بحق الإنسانية في التاريخ الحديث، أكثر من 100 ألف قنبلة وعشرات آلاف الصواريخ ذات القدرة التدميرية الهائلة، وأسلحة أمريكية وغربية محرمة دولياً، قصف بها العدو الإسرائيلي على مدى 60 يوماً كل شبر في قطاع غزة المنكوب.
في السابع من تشرين الأول الماضي، بدأ كيان العود الصهيوني حرب الإبادة الجماعية بحق 2.4 مليون فلسطيني في القطاع، عدد الشهداء حتى الآن يتجاوز سبعة عشر ألف شهيد ، ونحو خمسين ألف مصاب ، معظمهم أطفال ونساء، بينهم آلاف الإصابات بحروق شديدة وذوبان للجلد والأطراف يتعامل معها الأطباء لأول مرة، إضافة إلى دمار 60 بالمئة من منازل القطاع، وأكثر من 70 بالمئة من بنيته التحتية.
تتعرض غزة لإبادة متلفزة ، يباد شعب كامل بالأسلحة الأمريكية، والصور تظهر على الشاشات. تُستخدم أحدث وسائل التكنولوجيا للقتل والتجويع والتهجير، وأمريكا ترسل مزيدا من الأسلحة والغرب يصفق للمذبحة ، وهو يدعي بأنه الأكثر تقدماً في العالم. مبتهجاً بنجاح آلة الحرب التي قضى عقوداً يدعمها ويُموّلها ضد شعب يُقتلع من أرضه أو يُقتل فيها.
ومع بشاعة وفضاعة وتعري الحرب الإجرامية على غزة ، يتوهم البعض بأن أمريكا ستصبح أخلاقية أكثر ، وذلك وهم بلا أساس ، فلا رهان على تحولات أخلاقية لدى أمريكا ،هي أساسا راعية لإسرائيل من قبل ولن تتغير الآن ، وبناء عليه فإن مشروع القانون الذى تقدم به نواب ديمقراطيون في الكونجرس لمنع بيع 320 مليون دولار أسلحة لإسرائيل، ومثله دعوة ومطالب عشرات النواب بالكونجرس للرئيس جو بايدن بوقف إطلاق النار في غزة، سقطت بقرار الإدارة الأمريكية ، وكانت مجرد ظواهر صوتية.
بل على عكس الدعوات أكد ناطق البيت الأبيض بأن أمريكا تقف مع حق الكيان الصهيوني في مواصلة الحرب ، أما بلينكن وزير خارجية أمريكا الذي أكد بأنه صهيوني قبل أن يكون وزيرا للخارجية ، فقال بأنه لم يعثر على دليل يؤكد على أن الكيان الصهيوني يقتل المدنيين في غزة ، فيما استمر المسؤولون الأمريكيون على تأكيد مواصلة الكيان الصهيوني الحرب على غزة دون توقف.
الولايات المتحدة غير معنية بالشؤون الأخلاقية، وكل الإدارات الأمريكية كانت ولا تزال داعمة لكيان العدو الإسرائيلى، بصورة حاسمة، وهو ما أكده بايدن حينما قال دعمنا لإسرائيل حاسم وثابت ولا يتزعزع ، مضيفا ، ولو لم تكن هناك إسرائيل لعملنا على إيجادها.
الولايات المتحدة لا تبيع السلاح لكيان العدو الصهيوني ، فهي ترسلها بدون مقابل ، علاوة على أنها تقدم له الدعم المادي الذى يمكنه من شراء الأسلحة، وفى أعقاب بدء العدوان تم منح كيان العدو الصهيوني 10 مليارات دولار، وتتواصل المنح التى تمكن القوات من مواصلة الحرب بالرغم من الطوارئ والاحتياط الذى يتم استدعاؤه ويوقف عجلة الاقتصاد تماما.
وبالتالى لا يمكن الرهان على طفرة أخلاق في الولايات المتحدة، ولا اعتدال الغرب، لأن الأمر يتعلق بالكيان الصهيوني الذي يعد واجهة للوبي الصهيوني الذي يتحكم بأمريكا والغرب ويحكمها ، وكل السوابق تؤكد أن الرهان على أخلاق الولايات المتحدة والعالم المتحضر هو رهان على سراب، وهذه الكارثة الإنسانية وحرب الإبادة والحصار، وقصف المستشفيات وهذا الرقم من الشهداء الأطفال شاهد على إجرام أمريكا وهمجية حضارة الغرب ، وعلى سقوط القانون الدولي ومجلس الأمن والمجتمع الدولي ، وعلى النفاق الغربي بازدواجية المعايير، ولا أخلاق يمكن الرهان عليها.
يمكن للعدوان على غزة أن يتوقف بضغط أمريكي في حال التأكد من فشل سيناريو إزاحة أو تهجير الفلسطينيين وإدراك الولايات المتحدة لخطر اتساع النزاع إقليمياً، وهو ما قد يتطلب موقفا فلسطينيا موحدا، بعيدا عن الانشقاقات التي تضعف الجبهة الفلسطينية، فيما هو قادم، ومدى إدراك أهمية وجود موقف فلسطينى موحد، وموقف عربى داعم، وهو المسار الأصعب، لكنه أفضل من الرهان على موقف غير موجود يراهن على أخلاق أمريكية وغربية هى والسراب سواء.