هل هانت غزة إلى هذه الدرجة على الأمة

د.عوض أحمد العلقمي

 

 

لقد طال سبات الأنظمة العربية والإسلامية ، بل تملكها الهوان والخنوع إلى درجة لايتقبلها إنسان سوي أبدا ، وربما لم أكن مبالغا إذا قلت حتى الطير والحيوان لن يستطيعا السكوت على شيء من ذلك الذل والهوان ، ويؤكد قولي ماحصل معي أنا وطائر من فصيلة الغربان ، إذ خرجت باكرا كعادتي – لتناول كأس من القهوة مصحوبا بحبيبات من التمر – من الباب الخلفي للمنزل الذي يطل على حديقتي المتواضعة ، وإذا بغراب يقترب مني مصدرا نعيقا مزعجا ، الأمر الذي جعلني أقذفه بحصاة صغيرة ، أصابته في جناحه ، ولكنها إصابة غير قاتلة ، غير أنه طار إلى الأعلى وكثف من نعيقه ، وماهي إلا بضع دقائق حتى أصبح يحيط بي عشرات من الغربان ، ويهاجمونني بكل شراسة ، ماجعلني أركض مسرعا إلى داخل المنزل ، وأغلق الأبواب والنوافذ لأحمي نفسي من ذلك الهجوم الشرس الذي شنته علي الغربان انتصارا لأخيها .
ولعل ماجعلني أستذكر هذا الأمر هو ما أراه من احتشاد قوى الشر الغربية إلى جانب الصهاينة المجرمين لقتل الشعب الفلسطيني الأعزل ، مع أن الصهاينة قد أنزلوا من حمم النيران على قطاع غزة فقط مايساوي ربع قنبلة نووية ، وذلك حسب تأكيد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان ، وهذا بعد أن منعوا عن سكان قطاع غزة الكهرباء والمياه والمواد الغذائية ، وقصفوا بأطنان القنابل المحرمة مدارس الأونوروا ليقتلوا من نجا من الموت من النساء والأطفال والشيوخ إذ خرجوا من منازلهم إلى تلك المدارس يبتغون السلامة ، فضلا عن قصفهم للجرحى والمرضى في المشافي .
ومع ذلك لم نطلب من الأنظمة العربية والإسلامية أن يهبوا لنصرة إخوانهم الفلسطينيين كما هبت الغربان للانتصار لأخيها ؛ لأننا نعلم يقينا أنهم ليسوا أهلا لحمل السلاح والانتصار لإخوانهم المظلومين ، ولكن نريد منهم فقط أن يمدوا أهلهم من النساء والأطفال والشيوخ في قطاع غزة بالماء والطعام والوقود ، وهذا لا أظن أنه سيكلفهم الشيء الكثير ، إذ يستطيعون أن يقولوا لقوى الشر والظلم الغربية أنتم جئتم بحاملات الطائرات والجيوش الجرارة لنصرة الظالمين المغتصبين الصهاينة ، ونحن بالمقابل سوف نقدم شيئا زهيدا من الماء والطعام والوقود والدواء للمظلومين المكلومين في أرضهم وداخل منازلهم .ومع ذلك أخي القارئ نعلم يقينا أنهم أعجز من أن يقدموا شيئا لإخوانهم في غزة  من تلك الأمور الإنسانية البسيطة .

قد يعجبك ايضا