أطفال فسطين في مواجهة الناتو!

يكتبها اليوم / عبد العزيز البغدادي

 

 

هذه ليست من قبيل المبالغة التي جعلت أكذب الشعر عند العرب أعذبه، إنها محاولة متواضعة لكشف ملامح الوجه القبيح لمن يذبح الإنسانية بسكين التحالف الدولي متعدد الجنسيات والأوجه المسمى حلف الناتو، وإلى هذه الملامح تنتمي العلاقة الشوهاء الواضحة بين الكلمة والفعل في أرض العروبة وفي قلبها النابض(فلسطين) في الجسد الميت، والتي ردد الشعراء في تمجيده أناشيد (بلاد العُرب أوطاني ) !، إنها علاقة زاد توترها منذ اختلال التوازن بينهما بما تبعه من اختلال معنى الحياة لأن الكلمة ابنة الفكرة ولا معنى لأي فكر لا يُترجم إلى واقع !، ونتيجة ذلك أن الجزء الحي (فلسطين) لم يعد يعبأ بمناشدة الجسد العربي الذي بات أقرب إلى الموت ، ويأبى أن ينطق بهذه الحقيقة المرة ويتغافل عن التفكير فيها بفعل حرب الإبادة الممنهجة على مدى أكثر من -75- عاماً نعيش اليوم محطتها الأخيرة ينفذها كيان صهيوني يُدعى (إسرائيل ) بدعم مادي ومعنوي من هذا الحلف بزعامة أمريكا ويضم إلى جانب أعضائه المعلنين أعضاء من المحسوبين على الجسد العربي في وضع مستتر مع أن عوامل القوة الكامنة في هذا الجسد لو فُعِّلت لعادلت قوة الناتو إن لم تفُقه ، ومعلوم أن (لو) من عمل الشيطان ، ومن المؤسف أننا ما زلنا ونحن في القرن الواحد والعشرين نتحدث عن القوة المادية الشرسة التي تُسَيِر العالم باعتبارها الحاكم المتحكم في مصيره، أي أن فكرنا لم يغادر حالة التسليم لشريعة الغاب في أبشع صورها بما اكتسبته اليوم من مفرزات التطور العلمي والتكنولوجي المسَخر لخدمة هذه الوحشية، وتم تطويع استخدام حقوق الإنسان ضد الإنسان باعتماد المعايير المزدوجة والنفاق في أكثر تجلياته مكراً ودهاءً ، وأي صورة أكثر وحشية مما يجري في غزة من إبادة جماعية للأطفال والنساء وإزالة أبراج سكنية وأحياء بكاملها وبمن فيها من الوجود باستخدام مختلف الذرائع والحيل وما يسمى الشرعية الدولية التي تُساوي بين المعتدي المحتل والمعتدى عليه بل وتدين أي مقاومة للعدوان من قبل المعتدى عليه ومنح المعتدي حق الدفاع عن نفسه الذي يعني التصريح المفتوح بإبادة الفلسطينيين .
ومن عجائب حَمِيَّة وعظمة الدولة العظمى (أمريكا)- الراعية لكل هذا الصلف- سرعة تحركها لنجدة أقوى جيش احتلال في المنطقة ضد أطفال ونساء فلسطين بإرسال بارجة حربية للمرابطة قبالة غزة والمشاركة في سحق عظام الأطفال ومساعدة حمامة السلام المسماة (إسرائيل).
نعم لم يعد للكلمة معنى في ظل هذا الانفصال بين الكلمة والفعل طوال هذه المدة لدى الحكام العرب وبعض القيادات الفلسطينية من سلطة رام الله القابعة في: (المقاطعة) المطبعة بل والمنسقة أمنياً مع الكيان بالخطابات الرنانة والتحليلات البعيدة عن الوعي والواقع في ظل انشغال الحكام المدجنين بقهر شعوبهم وإبقائها حبيسة تبرير الضعف والهوان أمام بطش وجبروت نملة إسرائيل وإذلالها للفيل العربي!.
ومع كل هذا المشهد السوداوي فإني أرى الدماء الفلسطينية قادرة على إنعاش الشعوب والحكام معاً وإيقاظ ضمائرهم رغم كثرة الحديث عن موتها السريري وإعادتها الى الحياة في وطن عربي مازال حكامه وشعوبه ناسين أو متناسين إمكاناته التي لا يحييها سوى العمل في سبيل استعادة الحرية والكرامة أولاً لأن العبيد لا يمكن أن يصنعوا الحرية والخانعون لا يعرفون طريق الكرامة والعزة ، وأرى المقاومة الفلسطينية تعلمنا اليقين بما تقدمه من دماء وتضحيات ، يقين الجهاد بمعناه الإنساني المقاوم لقوى الشر التي لا تفرق بين العدوان على فلسطين والعدوان على اليمن والعراق وسوريا وكل جزء من هذا الجسد الذي لا بد أن يستعيد عافيته ، والذاكرة العربية والإنسانية الحية تدرك أن موكب الشهداء العرب موكب واحد ولقضية واحدة ، ولهذا فإننا نذكر اليوم اغتيال الشهيد الرئيس إبراهيم الحمدي الذي نعيش الذكرى46 لاستشاده بذلك الأسلوب الوقح وتورط الجار المعروف بتدخله في شؤون اليمن وكذا الشهيد الرئيس سالم ربيع علي ضحية الصراعات الداخلية البلهاء المدعومة من نفس الجار، وعدد من شهداء الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر وكل شهداء العدوان الهمجي وحركات التصحيح وشهداء النضال الفلسطيني والعربي ومنهم : خليل الوزير ومحمد الزواري ومحمد صلاح وجول جمال وقافلة لا تحصى من الشهداء سواء في ساحات الفداء والمعارك أو في أماكن الاغتيال بسبب مواقفهم الوطنية والقومية والإنسانية أو الفكرية والدينية .
إن دماء الشهداء وقود استمرار شعلة الثورة الحقيقية على الظلم والاستبداد وأشكال الفساد، وهي شعلة لن تنطفي أو تموت رغم أنف كل جبار.
في دم الطفل
تهجَّوا سورة الفاتحة
اقرأوا في وجوه السلاطين والرؤساء
وتيجان كل الملوك قصة الانبطاح
بئساً لمن ينشر الموت
باسم الدفاع عن النفس
من يدعي أنه من حماة السلام.

قد يعجبك ايضا