القيادة أحاطت الشباب بالرعاية والاهتمام.. والأنشطة الشبابية جسدت روح الانتماء والهوية الإيمانية
ثورة 21 سبتمبر تنقل اليمن من أطماع الوصاية إلى واقع السيادة
قبل تسعة أعوام، تبددت أحلام الطُغاة والمفسدين.. وأُحيلت مخططات الوصاية والهيمنة إلى سراب.. وولد الأمل من جديد في يمن الحكمة.. وأضاء نور الفجر ليبدد ظُلمة الليل الحالك.. معلنا ميلاد يمن الحرية والاستقلال والكرامة.
في يوم 21 سبتمبر 2014م، تكللت جهود الثائرين في الميادين والساحات.. في الثغور والجبال والسهول.. في البوادي والحضر.. لتثمر عزاً وسمواً ورفعة، وتعلن الثورة الوليدة إسدال الستار على حقبة زمنية مظلمة سادها الظلم والإفساد.. والارتهان للعمالة وتنفيذ مخططات الوصاية الخارجية.
ومع بزوغ فجر الثورة تسابق وقودها الشباب التواقون للحرية رافعين أصوات مجلجلة تنادي ببسط السيادة الكاملة على كامل التراب اليمني وإعلان انتهاء حقبة الانعتاق للقرار الخارجي والتحرر من عباءة الوصاية وتغيير مفاهيم «الحديقة الخلفية» ومحو الصورة الذهنية التي حاول أدعياء العروبة وهوامش التاريخ إلصاقها بيمن الحضارة والإيمان.الثورة/ خالد عبدالعزيز
الشباب.. وقود الثورة
كان شباب الوطن في طليعة التواقين لإشعال شرارة ثورة 21 سبتمبر والمساندين لها ولمبادئها وحملوا لواء الحق وتصدروا طلائع المقاومين لمحور الشر العالمي، متسلحين بروح الإيمان المتجسد من هويتهم الإيمانية الصادقة، فانطلقوا إلى ميادين العزة والشرف لمقارعة حزب الشيطان المتمثل برأس الشر العالمي أمريكا و»إسرائيل» وأدواتهما في المنطقة السعودية والإمارات ومن خلفهما المرتزقة الأكثر خسة في التاريخ والذين باعوا أوطانهم بثمن بخس وساعدوا الأعداء ليجدوا لهم موطئ قدم على التراب اليمني مقابل حفنة مدنسة من المال.
وعلى مدى تسعة أعوام من قيام ثورة 21 سبتمبر الخالدة، كان الشباب ولا يزالون يشكلون أيقونة التحدي والاستبسال أمام آلة القتل والتدمير التي طالت كل ساكن ومتحرك على الأرض اليمنية التي تخضبت بالدم الطاهر الذي تحول إلى حبر يحكي قصة شعب أسطوري تفوق على قوى الكبر والغطرسة.
جيل الحاضر وقادة المستقبل كانوا عند مستوى التحدي والاستشعار لحجم المسؤولية حينما حملوا على عاتقهم مهام الذود عن حياض الوطن فافترشوا الأرض والتحفوا السماء واتخذوا من الثكنات والثغور مسكناً لهم للتصدي لمخططات الأعداء وتلقينهم دروساً في التضحية والفداء.
وكونهم الشريحة الأكبر حجما والأكثر سواداً في المجتمع فقد تسابقوا في مختلف ميادين الصمود سياسياً وعسكرياً وثقافياً ورياضياً واجتماعياً، فتنوعت أنشطتهم التي صبت في مجملها ببوتقة واحدة عنوانها الالتفاف حول اليمن الواحد الذي تكالبت عليه قوى العدوان محاولة النيل من وحدته واستقراره.
وفي ظل الإدراك والوعي بحجم المؤامرة التي أحيكت تحت جنح الظلام ومآلات العدوان الممنهج على الوطن ومقدراته، انبرى شباب الوطن ليشكلوا ملحمة وطنية للوقوف أمام هذه الهجمة البربرية الشرسة والتسابق في ميادين الجهاد والعلم والثقافة والرياضية للتأكيد على صوابية القضية وبطلان مشروع العدوان وأعوانه ومرتزقته.
التحرر من قوى الارتزاق
لقد أحدثت ثورة 21 سبتمبر المجيدة، تغييراً جذرياً في التاريخ المعاصر لليمن، حينما أخرجت البلاد من عباءة الارتهان للخارج وفرض الوصاية على اليمن من قبل بعض الدويلات العابرة على التاريخ، ليستعيد اليمن السعيد حاضره ومستقبله معلناً التحرر من قوى العمالة والارتزاق والتي باعت ضمائرها للشيطان وارتمت في أحضان العدوان في محاولة بائسة للعودة إلى كراسي السلطة ولو على حساب دماء اليمنيين وأشلاء الأطفال.
إسقاط الهيمنة ومشروع الوصاية
وكان من أبرز منجزات ثورة 21 سبتمبر أنها أسقطت الهيمنة الخارجية إلى غير رجعة واستعادت القرار السيادي الذي يمكن الشعب اليمني من أن يحكم نفسه بنفسه بعد أن تسلطت عليه الوصاية الخارجية لفترة من الزمن وجعلته مكبلاً غير قادر على تحقيق نقلة النمو الذي يصبو إليه الجميع، لتفتح الثورة الوليدة بارقة أمل ومستقبلاً جديداً واعداً بالخير والعطاء.
إفشال مخططات العدوان
وفي ظل الإسناد الشعبي وفي مقدمته اسناد قطاع الشباب الذين تقدموا صفوف الثائرين، فقد وضعت ثورة 21 سبتمبر حداً لمخططات مشروع الوصاية من قبل بعض دول الإقليم والتي لجأت لشن عدوان غاشم على اليمن بهدف وأد الثورة في مهدها، لكن الصمود الشعبي الأسطوريذ كان حاضراً وبدد كل تلك المحاولات وأحالها إلى سراب، لتصمد الثورة في وجه كل الأعاصير ويتحدى المارد اليمني جبورت الطغاة والظلمة شاهراً سيف الحق والعدل أما آلة الظلم والعدوان محققاً الانتصار بإيمانه بأحقيته مشروعه وعدالة قضيته.
ثورة تصحيحية
لقد مثلت ثورة 21 سبتمبر امتداداً للثورات الشعبية التي سبقتها وكانت فرصة لتصحيح مسار الثورات وتعديل مسارها وإيجاد نظام جمهوري نهضوي عنوانه السيادة والكرامة والحرية والاستقلال، كما أنها مثلت بارقة أمل وضاءة لكل الأحرار التواقين إلى العزة والكرامة.
وفي ظل زخم شبابي منقطع النظير، كانت ثورة 21 سبتمبر ضرورة ملحة للتحرر والاستقلال والخلاص من الوصاية والتبعية والارتهان للعمالة، وقطعت الطريق على المؤامرات التي كانت تحاك ضد اليمن، وتصدر أهدافها مشروع تحقيق كامل السيادة والاستقلال للبلاد.
اهتمام ورعاية
وبعد نجاح ثورة 21 سبتمبر، عانق الشباب فضاء الحرية والاستقلال فنالوا نصيباً وافراً من الرعاية والاهتمام من قبل القيادة الثورية والسياسية في شتى مجالات الحياة من خلال صقل مهارات وقدرات الشباب الإبداعية في المجالات الثقافية والسياسية والرياضية والعمل على إدماجهم في المجتمع والاستفادة من قدراتهم في تحقيق التنمية المستدامة في شتى مجالات الحياة.
وجسدت الأنشطة الشبابية المتنوعة روح الانتماء ليمن الإيمان والحضارة والهوية اليمنية النابعة من الهوية الإيمانية القرآنية الأصيلة.
تضحيات جسيمة
لقد كان الشباب عند مستوى التحدي وامتلكوا قدراً عالياً من الوعي والبصيرة والإيمان بالقضية والاستشعار بمسؤولية المخاطر التي يحيكها الأعداء، فانطلقوا في مقدمة صفوف المساندين لثورة 21 سبتمبر والتصدي لقوى العدوان والتوجه صوب جبهات العزة والشرف، مجاهدين في سبيل إعلاء راية الحق والتصدي للباطل وحزبه.
وقدم القطاع الشبابي قوافل من الشهداء الأبرار، مجسدين روح الفداء والتضحية في سبيل الدين والوطن والحرية والتحرر من الوصاية التي تسعى جارة السوء لفرضها على بلادنا.
وسطر شباب الوطن أنصع البطولات في مختلف مواقع العزة والشرف، حينما لقنوا أعداء الوطن ومرتزقتهم دروساً في الذود عن الحمى وتحرير البلاد من دنس الاحتلال وأعوانهم، كما رسموا صورة من العزة والإباء وهم يقتحمون مواقع الأعداء ويغتنمون عتادهم العسكري وعرباتهم المتطورة التي اشتروها بملايين الدولارات وداسوا عليها بأقدامهم وأحرقوها بولاعاتهم، مرددين الأهازيج الشعبية اليمنية التي باتت كابوساً يقض مضاجع العدوان لتصبح أهزوجة «سلم نفسك يا سعودي» قصة من نسج الخيال تتعاقبها الأجيال.
استهداف ممنهج
وعقب نجاح ثورة 21 سبتمبر وفشل المشروع الخارجي، عمدت قوى العدوان إلى التدخل عسكرياً لفرض أجندتها وشن حرب كونية ظالمة على الشعب اليمني مستهدفة بنيته التحتية، والتي كان في مقدمتها مقدرات الشباب وتحريك عناصرها الإجرامية المتطرفة لتنفيذ عمليات اغتيال بحق القيادات الشبابية، وفي إطار الاستهداف الممنهج للقطاع الشبابي قامت عناصر إجرامية تابعة للعدوان يوم 27 أكتوبر 2020م، باغتيال وزير الشباب والرياضة الشهيد حسن زيد في منطقة حدة بصنعاء وهو في طريقه إلى مقر عمله وبرفقته ابنته سكينة، قبل أن تطاله رصاصات الغدر من قبل مجرمين باعوا أنفسهم للشيطان في عملية جبانة كشفت قبح العدوان،
وبعد رصد دقيق ومتابعة مستمرة، تمكنت الأجهزة الأمنية من الوصول إلى منفذي جريمة اغتيال الوزير حسن زيد والتي تقف وراءها أجهزة استخبارات دول العدوان، وكشفت هوية منفذي الجريمة وهما سائق الدراجة النارية المجرم «ياسر أحمد سعد جابر مثنى»، والمنفذ المباشر بإطلاق النار المجرم «إبراهيم صالح عبدالله الجباء»، وإثر المتابعات الأمنية تمت معرفة مكان تواجد المجرمين وملاحقتهما إلى حين وصولهما مديرية ميفعة عنس مدخل منطقة حورور في ذمار، حيث تمت محاصرة مكان تواجد المجرمَين وعند مناداتهما بتسليم نفسيهما باشرا بإطلاق النار تجاه رجال الأمن وألقيا قنبلة هجومية، ما أدى إلى إصابة عنصر من رجال الأمن، وخلال الاشتباك قُتل منفذ جريمة الاغتيال المجرم إبراهيم صالح عبدالله الجباء، وأصيب المجرم ياسر أحمد سعد جابر بإصابة خطيرة توفي على إثرها.
تدمير المنشآت
ووفقا لإحصائية صادرة عن وزارة الشباب والرياضة، فقد بلغ إجمالي الخسائر المباشرة وغير المباشرة أكثر من مليار دولار، تراوحت بين 655 مليون دولار خسائر مباشرة و350 مليون دولار خسائر غير مباشرة.
وأوضح التقرير أن العدوان ألحق بالمنشآت الشبابية والرياضية أضراراً كبيرة وبلغت المنشآت المتضررة 114 منشأة شبابية ورياضية توزعت على 17 محافظة.
وتوزعت الأضرار الناجمة عن العدوان على 7 استادات رياضية و13 ملعباً و23 صالة رياضية مغلقة، و9 بيوت شباب، و27 مقراً إدارياً، و6 مقرات اتحادات وهيئات رياضية، و3 مراكز ومضامير فروسية وهجن، ومسبحين أولمبيين و1 مقر لجنة أولمبية، و1 مركز طب رياضي، و1 معهد تربية بدنية، و12 ملعبا خفيفاً، و1 قصر شباب، و1 مركز الكشافة والمرشدات، ومبنيين إداريين، و5 منشآت أخرى.
وكشف التقرير عن تكبد الهيئات والأطر الشبابية والرياضية خسائر بلغت 3 ملايين دولار كإيجارات للمقرات البديلة بعد تعرض المقرات الرئيسية لتلك الهيئات للقصف والتدمير من قبل العدوان.
وبيَّن التقرير عدد المنشآت المتضررة بحسب المحافظات، حيث تصدرت المنشآت الرياضية المتضررة في أمانة العاصمة بواقع 32 منشأة، وعدن 9 منشآت، وتعز 6 منشآت، وأبين 8 منشآت، وإب 3 منشآت، والحديدة 8 منشآت، وشبوة 1 منشأة، وصعدة 7 منشآت، وعمران منشأتين، والبيضاء 12 منشأة، والضالع 1 منشأة، وحضرموت منشأتين، وحجة 7 منشآت، ومأرب 3 منشآت، والمحويت 9 منشآت، وريمة 1 منشأة.
وأشار التقرير إلى أن العدوان تسبب في فقدان أكثر من ستة آلاف فرصة عمل كانت متوفرة في المشاريع التي كانت تنفذها وزارة الشباب والرياضة، كما تسبب القصف في التأثير سلباً على برامج صيانة وتشغيل المنشآت الشبابية والرياضية.
كما تناول التقرير عدداً من الآثار والتداعيات المترتبة على العدوان، أبرزها توقف الأنشطة الشبابية والرياضية وحرمان الشباب والرياضيين من مزاولة أنشطتهم في مختلف الألعاب.
واستعرض التقرير عدداً من المشاريع التي تم تنفيذها في ترميم وإعادة تأهيل عدد من المنشآت المتضررة من العدوان وفي مقدمتها تأهيل مبنى ديوان عام الوزارة ومركز الطب الرياضي وإنشاء صالة الشهيد حسن زيد للألعاب الرياضية وتأهيل الصالة الرياضية بصعدة والمركز الأولمبي بصنعاء وتأهيل صالة العماد الرياضية بالأمانة.
أنشطة شبابية رغم العدوان
ورغم الاستهداف المتعمد للمنشآت الشبابية والرياضية بمختلف المحافظات في محاولة لكسر إرادة الشباب والرياضيين وإجهاض أحلامهم في مزاولة أنشطتهم ومسابقاتهم، إلا أن شباب الوطن حطموا رهان العدوان وتغلبوا على كل المعوقات من خلال الاستمرارية في الأنشطة والمسابقات المختلفة التي كسرت العزلة التي حاول العدوان فرضها وتجاوزت كل المعوقات التي أوجدها، حيث عمد الشباب إلى إعادة الحياة للمنشآت المدمرة وإزالة الركام الذي خلفه القصف وإعادة الحياة إليها من جديد بمزاولة النشاط الشبابي والرياضي في رسالة قوية تؤكد الصمود في وجه العدو.
ولم يقتصر الحضور الشبابي والرياضي على المسابقات المحلية في زمن العدوان، بل إنه تجاوز كل المعوقات التي أوجدها التحالف الكوني من خلال الإصرار على الحضور في مختلف البطولات والتجمعات الشبابية والرياضية عربياً وآسيوياً وتحقيق نتائج إيجابية جسدت الإبداع اليمني من روح المعاناة في ظل الحرب والحصار والقصف والتدمير وإزهاق الأرواح البريئة، ولم يكن حضور شباب الوطن في المحافل الخارجية لمجرد تسجيل المشاركة، بل تجاوز ذلك إلى المنافسة وحصد نتائج إيجابية، وأبرزها تأهل منتخبات كرة القدم إلى النهائيات الآسيوية، بالإضافة إلى مشاركات إيجابية في مختلف الألعاب الفردية.
كما شهدت الساحة الرياضية حراكاً شبابياً فاق التوقعات وكان له وقع كبير لدى قوى العدوان التي أصيبت بالصدمة وخيبة الأمل وهي تشاهد شباب الوطن يحملون راية التحدي بعنفوان وشموخ غير مبالين بآلة الفتك والتدمير.
وبالرغم من الإمكانات المحدودة فقد تسابقت عدد من الاتحادات والأندية الرياضية في إقامة الأنشطة والمسابقات واستقطاب النجوم والمبدعين الذين وجدوا ضالتهم في إفراغ طاقاتهم وصقل مهاراتهم وإمتاع الجماهير التي واكبت تلك الفعاليات تحت شعار الصمود ومقارعة العدوان، لتشكل الملاعب الرياضية مزاراً للشباب والمهتمين والمتابعين، وهو ما أكسبها أهمية كبيرة خاصة وأنها باتت لوحة ناصعة في إثبات الوجود وإحدى جبهات الصمود في وجه العدوان الذي فشل في كسر إرادة الشعب اليمني.