“الولاية”.. بداية الدعوة وختام البلاغ

منير الشامي

 

 

يجهل الكثير من المسلمين أهمية الولاية بل إن الكثير منهم ينكرها عن جهل أو تعصب أعمى ودون أن يكلفوا أنفسهم التحري عن حقيقتها والتثبت من حكمها متجاهلين أن كل مسلم مكلف بالسعي لمعرفة الحق والتمسك به ومحمّل بأمانة نشره وتبيانه للناس إذا عرفه وتيقن منه، ونظرا لأن الولاية قوام الدين والخطوة الأولى في طريق استقامة المجتمع المسلم فالمفروض أن يدرك كل مسلم أنه يجب عليه أن يبحث عن مشروعية الولاية في الإسلام وكل ما يتعلق بها قبل أن يجحدها أو ينكرها معتمدا على ما سمع من فلان أو علاّن ومكتفيا به، فالعقل الذي وهبك الله هو حجة عليك أمام الله سبحانه وتعالى وما وهبك إياه إلا لتستخدمه في البحث عن الحق وتميز به الصواب من الخطأ وتفرّق به الغث من السمين إن كنت حريصا على إنقاذ نفسك وأهلك من نار وقودها الناس والحجارة وكما أمرك الله في كل أمر ظهر الخلاف فيه، لأن الخلاف في أمر من أمور الدين يدل على أن هناك فريقاً على حق وفريقاً على باطل وهو ما يوجب عليك أن لا ترجح رأي فريق على رأي فريق قبل أن تتأكد بنفسك وتتيقن من الرأي الصحيح والصائب، ويعد أمر الولاية من اشهر الأمور التي اختلفت الأمة فيه وانقسمت نظرتها إليه، ولذلك يجب على كل مسلم أن يبحث في رأي كل فريق عن الولاية ويتفحص حجة كل فريق ويتأمل في أدلة كل فريق وهو متجرد من كل المؤثرات متحل بالمصداقية والحياد ومتجرد من التعصب والتزمت بكل اشكاله ولو طبق ذلك على الولاية لوجد الآتي، وهو ما نذكره بشكل مختصر:
1 – أن دعوة النبي للإسلام بدأت بالولاية فأول من أمر الله رسوله بتبليغهم هم عشيرته الأقربين بقوله (وانذر عشيرتك الأقربين) فدعا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله عشيرته من بني هاشم وبلغهم برسالة ربه وأخبرهم أن أول مؤمن به ومناصر له منهم سيكون وزيره وخليفته وكرر ذلك لهم ثلاثا ولم يؤمن به في ذلك الموقف سوى الإمام علي عليه السلام وكان ما يزال طفلا في العاشرة من عمره أو دونها فأعلن النبي صلوات الله عليه وعلى آله أمامهم قائلا لعلي “أنت وزيري وخليفتي من بعدي” وهذه واقعة مشهورة عند الأمة لا تنكرها أي فرقة.
2 -حديث المنزلة والذي أكد فيه رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله أن منزلة علي منه كمنزلة هارون من موسى تماما باستثناء النبوة، ولو بحثنا في القرآن عن مفهوم منزلة هارون من موسى لعرفنا أنه كان وزيره في حياته وخليفته على بني إسرائيل من بعده.
3 – آية الولاية وهي الآية (55) من سورة المائدة فقد دلت دلالة حصرية على أن الإمام علي (وليكم) بعد الله ورسوله
4 – آية تبليغ الولاية وهي الآية (67) من سورة المائدة فبعد نزولها على النبي صلوات الله عليه وعلى آله في غدير خم أعلن النبي ولاية الإمام علي على الأمة وبيّن أنها ولاية شاملة كاملة لأمرها وبايعته الأمة بعدها على هذه الصفة حتى أن عمر هنأه قائلا له (بخٍ بخٍ لك يا بن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة).
كما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ولاية الإمام علي على الأمة ولاية أمر شاملة وكاملة كما دلت عليها عباراته المشهورة في حديث الغدير وهذه بعض الأدلة أوردتها على سبيل المثال لا الحصر.
وحريُ بنا القول إن النتيجة المؤكدة التي سيصل إليها أي باحث متحر عن حقيقة هذا الأمر بمصداقية وحيادية كاملتين ستتبلور أمامه في 3حقائق مؤكدة هي :-
الحقيقة الأولى: أن الأدلة على ولاية الإمام علي في كتاب الله وهدي نبيه كثيرة وقوية وصحيحة ومتواترة وغير قابلة للتأويل إلى غير حقيقتها
الحقيقة الثانية : أن دعوة النبي صلى الله عليه وعلى آله بدأت بأمر الولاية واختتمت بها وبها أكمل الله دينه وأتم نعمته ورضي لنا بهذا الإسلام دينا.
الحقيقة الثالثة: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله لو لم يبلغ الأمة بولاية الإمام علي عليه السلام فما بلغ رسالة الله وأن أهمية ما بلغة يوم الغدير يفوق أهمية ما بلغه طوال 23 عاما، وفي هذا دليل على أن الولاية هي جوهر دين الله وأساسه المتين وبدونها يكون الإسلام دين أجوف لا قيمة له ولا أثر في واقع الأمة ومستقبلها.

قد يعجبك ايضا