تنقلت في مواقع وظيفية متعددة بدأت من الحديدة فاتحاد الطلبة والشؤون الاجتماعية
الأستاذ يحيى العرشي في حوار الذكريات…التجربة العملية والنضال من أجل الوحدة
النجاح في الشؤون الاجتماعية وإنشاء مصلحة الضرائب قادني إلى تأسيس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة
أصبحت وزيراً لشؤون الوحدة عن الشمال وعشيش ثم راشد ثابت عن الجنوب
الوحدة كان لا بد لها أن تتم في 30 نوفمبر 67 بخروج الاستعمار البريطاني
الوحدة هي الوضع الطبيعي لليمن وصمام أمان في مواجهة التدخلات الخارجية
– كل قطر يتعرض لشتات وتقسيم يكون مدعاة لحضور الآخرين
– أحداث يناير1986 دحضت شائعة أن الشمال سينقض على الجنوب إذا سقط فحدث العكس
– بدأت خطوات الوحدة الحقيقية بقرار حرية التنقل بين الشرطين عام87 ثم الاستثمار النفطي المشترك وأخيراً الاتفاق على الدستور في89
كان من المقرر أن نجري مقابلة – مع الأستاذ يحيى العرشي – عضو مجلس الشورى، والوزير والسفير وصاحب التجربة النضالية الواسعة- لصحيفة الثورة، تتركز حول الوحدة اليمنية كقضية هي في صلب القضايا الوطنية الراهنة، غير أننا وجدنا أنفسنا أمام تجربة متعددة وواسعة وممتدة لعقود منذ بدأت فكرة الدولة اليمنية تتولد رويدا رويدا، فكانت هذه المقابلة بحجم ذلك التعدد في التجربة والخبرة، وبحجم الدور النضالي البارز والمشهود للأستاذ يحيى العرشي في تحقيق الوحدة اليمنية.
الثورة / حوار/ رئيس التحرير- أعد الحوار للنشر : أحمد السعيدي
الميلاد والدراسة
* من هو الأستاذ يحيى العرشي؟
– الاسم يحيى حسين العرشي من مواليد صنعاء حي “القزالي”، تلقيت دراستي هنا في صنعاء في البداية ولما تعين أخي عبد الكريم – الله يرحمه عاملاً في منطقة مغرب عنس، وكان هذا في العام 1955 وكان عمري في السادسة كنت معه أنا والوالدة ثم استقررت في مغرب عنس للدراسة هناك وكانت المدرسة التي يدرس فيها أخي عبد الكريم والقاضي يحيى حمود الصديق وكان من حسن الحظ أن شقيق زوجة أخي عبد الكريم الأستاذ عبد الله الذماري كان مديراً للمدارس في صنعاء الثانوية والأيتام وكان يأتيه المنهج المصري مطبوعاً كاملاً ويبعث لنا بنسخة إلى هناك للتعلم بالمنهج المصري، وهكذا كلما انتقل أخي عبد الكريم إلى منطقة كنت أنتقل معه إلى ذيبين في حاشد ثم إلى جبل راس ثم زبيد وتلقيت دراستي في زبيد في مدرسة الاشاعر وفي ذمار كنت في المدرسة الشمسية يعني جمعت بين زبيد والمدرسة الشمسية وبين مدرسة صنعاء وهكذا كانت مسيرتي التعليمية متنقلاً وحياتي في سنواتها الأولى مع الأسرة وتحديداً أخي القاضي عبد الكريم الذي كان أخي الأكبر ولكنه كان بمثابة الوالد.
المناصب التي تدرّج فيها الأستاذ يحيى العرشي
– بداية عملي تطورت تدريجياً حيث أن المشير السلال اختارني لأكون في الحديدة وبدأت مشواري في الحديدة مديراً لمكتب المحافظة في عهد الرئيس المشير السلال ثم كلفني كذلك إلى جانب عملي كمدير عام المحافظة أن أكون مديراً عاماً للمستشفيات في الحديدة وكان المحافظ وقتها عبد الله الضبي وكذلك كلفني بالإدارة العامة للمستشفيات مستشفى العلفي وكان ذلك بعيداً عن طبيعة عملي ولكنه قال هذه مهمة إنسانية فقمت بها، وبعد ذلك حدث أن شكلت مصلحة الشؤون الاجتماعية والعمل في عام 68 بعد الحصار وشكلت كمصلحة قبل أن تكون وزارة وشكلت بقرار جمهوري فلما أُنشئت استدعوني حينها لأكون مديراً عاماً مؤسساً لها، والحمد لله توفقت في تأسيس هذه المصلحة واستقدمنا خبيراً من الأمم المتحدة لوضع قانون العمل وكنا معنيين بتكوين الجمعيات وكان بداية الجمعيات التعاونية وأول جمعية تعاونية كانت في عمران والأخرى كانت في الحجرية …جمعية عمران كان عملها كهرباء عمران والحجرية في المجال التربوي والتعليمي، ثم كنا سعداء بتكوين أول اتحاد نسوي وكانت بنت المؤيد وبنت الشامي في قيادته وكان تحدياً في ذلك الوقت للظروف …ظروف التخلف وكان الاتحاد معنياً في بداية النشأة بتدريب وتأهيل المرأة في مراكز الخياطة والتمريض ومحو الأمية في قطاع المرأة ونجحت الجمعية بشكل ممتاز وكان لها مؤتمر تأسيسي كما كانت تصدر صحيفة وكنت أنا ممن كتب في تلك الصحيفة عن معاناة المرأة وحقوق المرأة.
تأسيس اتحاد الطلبة
– وفي نفس الوقت كنا نهتم بقطاع الطلبة في المستوى الثانوي، والطلبة في الخارج على مستوى الجامعات في البلدان الغربية الاتحاد السوفيتي وتشيكو سلوفاكيا ومصر وغيرها لأنه لم يكن لدينا جامعات، فقمنا بتكوين أول مؤتمر لاتحاد الطلاب في صنعاء وجاء ممثليهم في مختلف بلدان العالم إلى هنا وتم لهم المؤتمر وكان الطلبة في الخارج لهم انتماءاتهم السياسية المتنوعة، هذا التنوع في الانتماء السياسي بما انه شغلهم قليلاً عن الدراسة لكنه كان مفيداً للتكوين السياسي لهم فكان المؤتمر انعكاساً لهذا التنوع إذ حصل شيء من التباينات في الرؤى نتائج المؤتمر وحينما ألقيت كلمتي في المؤتمر عن الشؤون الاجتماعية والعمل كان القاضي الإرياني رئيس المجلس الجمهوري كان على علم من خلال مصلحة الشؤون الاجتماعية والعمل بالتباينات فيما يتعلق بأفكار ورؤى الطلاب وتعدد انتماءاتهم الحزبية ولهذا قال كلمته المشهورة “الحزبية تبدأ بالتأثر وتنتهي بالعمالة ” وقالها من منطلق النصح حتى لا ينشغل الشباب بالأفكار أو بالحزبية وأن يركز على الجانب التعليمي ومن حقه أن ينتقد واندرجت حتى في الدستور تحريم الحزبية وكان هذا في الواقع فيه تجنّ على الحرية والرأي والراي الآخر ولكن ظروف التخلف كانت تتطلب مثل هذه الضوابط وفي الأخير بعد الوحدة فتحت التعددية وكان هذا هو القرار الحكيم للوحدة.
* الشؤون الاجتماعية ومصلحة الضرائب
– بعد ذلك وبعد نجاحنا في تأسيس الشؤون الاجتماعية …هذا النجاح دفع الرئيس الإرياني لأن يقول: الشؤون الاجتماعية بحاجة إلى إمكانيات …فتم إنشاء مصلحة الضرائب بجانب الأستاذ محمد احمد الرعدي، كان رئيساً وكان من حسن حظي أن أقوم بتأسيس المصلحة وتأسيس القوانين الضريبية أهمها قانون الأرباح التجارية كان في عهدي وكان لأول مرة في تاريخ اليمن قانون ضريبة الأرباح التجارية والصناعية وقانون تحصيل الأموال العامة، قانون الأرباح التجارية والصناعية يحقق العدالة بين المواطنين الذي يأخذ المرتب يدفع ضريبة كسب العمل وبين التجار الذين يربحون يقدمون أرباحاً، وكذلك واجهت صعوبة في مجلس الشورى أن يقتنعوا بهذا لكنهم اقتنعوا وصوتوا لصالحه طبعاً وقانون تحصيل الأموال العامة استبدال عسكريي الإمام وتنفيذ الإمام في تحصيل الزكاة ونحو ذلك لأنه كان أسلوباً عشوائياً وفيه ظلم فقانون تحصيل الأموال العامة ينظم تحصيل المال العام بضوابط وبدون حاجة لاستخدام العصا على عباد الله فهذا كان الهدف ونجح القانون كذلك.
تأسيس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة
– بعد ذلك عينوني رئيساً للجنة العليا التابعة للمجلس الجمهوري الذي شكل لجنة عليا اسمها اللجنة العليا للمتابعة المالية والاقتصادية معنية بالرقابة على الحكومة وكانت تتبع المجلس الجمهوري مباشرة وأنا رئيسها وبعضوية عدد من الإخوة الزملاء الوزراء من بينهم محمد إسماعيل ومحمد عبد القادر ومحمد عبد نعمان ومحمد حمود الصرحي كانوا وزراء وأعضاء فيه وكنا نراقب أجهزة الدولة كميزانية ونراقبها كقروض ومساعدات أين تذهب وحينما توليت هذه المسؤولية وجدت أن هذه المسؤولية لا تفي بحاجة الرقابة في البلد وان الرقابة في أي بلد لا يمكن أن تتم من خلال مجموعة مسؤولين في لجنة ولكن تأتي من خلال جهاز مختص يتولى الرقابة والمحاسبة لكل قطاعات الدولة مثل ما هو في مصر وما هو في سوريا وبلدان أخرى، فتقدمت بطلب إلى مصر وإلى العراق وعدد من البلدان قوانين أنظمة الأجهزة فيها ومن خلالها قدمت مشروع قانون لإنشاء الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والنيابة العامة والمحكمة التأديبية ونشر في صحيفة الثورة وموجود في أرشيفكم، فقلت للمجلس الجمهوري أنتم تريدون تحكموا الدولة عبر ثلاثة أو أربعة أشخاص وهذه مسألة غير مجدية قالوا: ما هو مقترحك؟ قلت: مقترحي قانون إنشاء الجهاز المركزي للرقابة، والمحاسبة وفقاً لما هو عليه الحال في المؤسسات في الدول الأخرى بما فيها الشطر الجنوبي كان موجوداً فيه جهاز للرقابة فاقتنعوا به وصوتوا له بالأجماع وأحالوه حسب القانون والدستور إلى مجلس الشورى، وكتبت صحيفة الثورة يومها بالخط العريض “المجلس الجمهوري يحيل قانون إنشاء الجهاز المركزي والمقدم من رئيس اللجنة العليا للمتابعة المالية والاقتصادية” وأحيل لمجلس الشورى لمناقشته وإقراره وكانت بداية تواصلي مع مجلس الشورى وكانوا متفهمين جدا لأنه قانون يفيد الرقابة في المجلس التشريعي هو المفروض الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة يتبعه ولكن يومها قدمناه على اعتبار يخطو خطوة حتى لا تشعر السلطة السياسية كاملة أنها مستهدفة بالرقابة ولكن هي جزء من الدولة وكانوا متفهمين.
الحمدي وحركة التصحيح
– وفي نفس اليوم قامت 13 يونيو أو في نفس الأسبوع أو الثاني أو الثالث الحركة التصحيحية للرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي وكان شعارها التصحيح المالي والإداري، ذهبت لمجلس القيادة برئاسة إبراهيم الحمدي وعدد من الأعضاء وقلت لهم أنتم أعلنتم الآن حركة التصحيح المالي والإداري فبماذا سوف تصححوا؟ آليتكم ماهي للتصحيح المالي والإداري في أجهزة الدولة؟ شعار موجود في البيان الأول صح، قالوا ما هو مقترحك؟ قلت: هذا مقترحي، وقدمت لهم المشروع وقلت لهم قد أقره المجلس الجمهوري قبلكم وأنتم إذا موافقين عليه فهو وسيلتكم للتصحيح وعينوا له من أردتم وكانت بالنسبة لهم مخرج لآلية الشعار “التصحيح المالي والإداري” فتم إصدار القانون، لأن مجلس الشورى تم تعليقه حينها فهم أصدروه بقانون وأصدروا قانون النيابة العامة والمحكمة وأصدروا تعييني في نفس القرار رئيس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وتعينوا أعضاء عندي في اللجنة العليا أحدهم رئيس النيابة المالية والإدارية برئاسة عبده محمد نعمان عضو اللجنة وكذلك محكمة تأديبية برئاسة إسماعيل الوزير وأعضاء آخرين يوسف الشحاري، وعين لهذه الأماكن وكلاء من خيرة المسؤولين يومها، منهم من كان عضواً في مجلس الشورى مثل عبد الحفيظ ضهران وعز الدين المؤذن، بدأت مشواري في تكوين الجهاز بتعب شديد لكنني عملت ضوابط أن لا يلتحق بالجهاز إلا من كان له تخصص في المحاسبة أو القانون أو الاقتصاد وكانت شروطاً أساسية بمن يريد الالتحاق وفقاً لهذه الشروط منها خريج محاسبة وحقوق وقانون وتخصصات أخرى باعتبارها تراقب الأشغال فمنها المهندس فبما أننا نراقب قطاعات أخرى فلا بد من متمكن، وضعنا لائحة بأن الجهاز مستقل وميزانيته مستقلة لا تخضع لرقابة وزير المالية ولا تخضع لأي جهة، يعطون الرقم كاملاً هو يضعه يوزعه كما يريد وفقا لما هو عليه الحال مصر وغيرها ..هذه الأمانة التي اُلقيت على عاتقي كان لا بد أن أوظفها توظيفاً قدر الإمكان سليماً بمعنى أن أبدأ بنفسي لأضع لنفسي الحقوق والمرتبات ولا أشتري لنفسي سيارة وأستخدم السيارة القديمة، وفي نفس الوقت أن يكون المرتب مغرياً فارتفاع المرتب هذا جعل الشباب المؤهل أن يتجهوا إلى الجهاز فالتحق بالجهاز من خيرة الكفاءات، معظمهم فيما بعد تولوا وزارات ووكلاء التحقوا يومها كأعضاء فنيين معظمهم، لا يوجد درجات … كل عضو معني بوزارة معينة مع آخرين متخصصين وكنا معنيين بأن نحقق جيداً والنيابة بجانبنا نحيل إليها من يجب التحقيق معه، نحن نكتشف المخالفة وتحقق فيها النيابة وتحكم فيها المحكمة، ودخلوا ناس السجون وأتذكر انه وكيل الجهاز والده موقوف تحت تهمة وهو وكيل، كانت عملية تصحيح بكل ما تحمله الكلمة من معنى، كان إبراهيم الحمدي يتردد على الجهاز وأحلنا من المخالفات الكثير وبدأنا بالكبار وليس الصغار من مجلس الوزراء وتحت على مستوى المؤسسات والوزارات كانت عملية تصحيح لا أعتقد أنها تكررت ولا أعتقد أن ينساها تاريخ اليمن الحديث وما زالت تُذكر على ألسنة الآخرين.
وزيراً للإعلام
– وبعدما أمضيت فترة التأسيس قال لي إبراهيم الحمدي: لقد أكملت مهمتك في تأسيس الجهاز المركزي أريدك الآن أن تؤسس المؤسسات الإعلامية، تعال وزيراً للإعلام لأن التلفزيون ظهر لكن لا توجد مؤسسات تستوعبه ولا توجد كوادر تنهض بالإعلام، التلفزيون ظهر في سبتمبر وأنا بعدها بشهرين حيث أن الإمارات منحت التلفزيون لليمن وقدمه الشيخ زايد مع سد مارب، فقال لي الحمدي: المؤسسات الإعلامية بدون كفاءات بدون قدرات تعال هنا، فقلت له حاضر وانتقلت إلى طبيعة جديدة من العمل وتسلمت المسؤولية وكان لي صلاحيات واسعة أختار من أريد مثلما اخترت من أريد للمؤسسات الأخرى فقلت المهم أن لا تتدخل أي جهة أوظف من أريد بدون تدخل الأمن السياسي، قال: هذا لك اختارهم على مسؤوليتك، قلت على مسؤوليتي اذا هناك شيء فانا المسؤول وأنشأت المؤسسات الإعلامية الثلاث مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، مؤسسة الصحافة، مؤسسة السياحة …والوزارة حولتها من وزارة إعلام إلى وزارة من قطاعين قطاع الإعلام وقطاع الثقافة لتكون وزارة الإعلام والثقافة كل قطاع له وكيل، والمؤسسات مدير عام مؤسسة مستقل بميزانية مستقلة، أنا كوزير رئيس مجلس إدارة المؤسسات أحضر الاجتماعات فقط لكن لا أتدخل في شئون إدارية، هم المعنيون بهذا، المدير العام له الصلاحيات الكاملة وأنشأنا أماكن ومقرات وكل يوم أذهب إلى مؤسسة بدل ما يأتي المدير العام إلى الوزارة اذهب أنا، يوم إلى الإعلام المرئي ويوم في الصحافة ويوم في الأنباء ويوم في السياحة، والأنباء كانت صحيفة الثورة وأصدرنا مجلة معين فيما بعد ومجلة اليمن الجديد واخترنا لها أفضل الكفاءات مثل عبد الباري طاهر وحمود سيف والحاج وغيرهم وكان دخول هذه الكفاءات في هذه المؤسسة شابة طموحة في عادتها متعددة الانتماء الحزبي وكان هذا واضحاً، هذا حزبي من حقه أن يشتغل المهم أن يؤدي مهمته بأمانة ما يوظفها للحزبية، لكن انتماءه السياسي من حقه، يلتزم بمسئوليته وفقاً للوائح، لأننا لا نستطيع أن نقول للحزبي أنت خارج الوطن ما تشتغل من أين يأكل، انشغالهم في الحياة كان يضعف حماسهم في التحزب فخليهم يشتغلوا ويعيشوا وهذا ما حدث، وكان الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي خير عون وكان يسد أذنه عن كل ما يسمع أن الحزبيين استولوا على الإعلام، كنت وزيراً للإعلام في حكومة عبد العزيز عبد الغني رئيس الوزراء والذي كان مع كل الرؤساء السابقين وجاء بعد محسن العيني وبعد ذلك جاءت الظروف وبعد نهاية الحمدي والغشمي عدت إلى الإعلام من جديد في عهد علي عبد الله صالح وتوليت الإعلام والثقافة مجدداً وقمت بواجبي بعدما كنت قد بدأته في مشواري الأول.
صحيفة الثورة أعتبرها أحد أولادي
– مع إيماني الكامل بحرية الرأي طبعاً، صحيفة الثورة بالنسبة لي أحد الأولاد مما تعبنا فيها، وحين احترقت المطبعة في الليل تعبنا حتى لا تتوقف صحيفة الثورة يوماً، وطبعنا في التوجيه المعنوي بالنص اليدوي لأن المطبعة احترقت في عهد إبراهيم الحمدي، وكنت يومذاك وزيراً للإعلام، وحين احترقت ذلك اليوم كنا في حفل رسمي، وكان شيئاً كبيراً ومحزناً وكان الوكيل زين السقاف الله يرحمه مع حسن اللوزي وصادف كنا في حفل الأمن المركزي وكان عندنا ضيف الأمير نايف وزير الداخلية السعودي واحترقت وكانا في الحفل الاستعراضي وقلت له: “احترقت المطبعة هيا عتدي لنا مطبعة” وبعدما قلنا له هكذا رجع للسعودية ووجه لنا بمطبعة وكان يبدو أنها مستخدمة أرسلوها وركبناها وأخذنا هنجر وكان حسين محمد عبد الله مدير عام المؤسسة لكن أتذكر يومها سهرنا في الليل في التوجيه المعنوي من شان لا توقف الصحيفة ولم توقف أبدا وكان هذا في عام 1976م وكانت معاناة كبيرة لان الذي يعمل في الإعلام مثل الجندي بسبب أن عمله ليل ونهار وأخطاؤه مكشوفة، بخلاف من يعمل في المجالات الأخرى، قد لا يعملون، وقد تكون أخطاؤهم كثيرة ولكن لا يدري أحد بذلك.
سفيراً لليمن في المغرب وما أنجزته مع الملك الحسن الثاني
– وبعدها خرجت سفيراً لليمن في المغرب وقمت بواجبي هنا ويكفيني شرفاً أني أقنعت الملك الحسن الثاني أن تكون له سفارة وسفير في اليمن لأنه لم يكن له سفارة واستجاب لهذا وعين أول سفير أبو بكر بنونة، قلت له يومها: اليمن الفقير لا توجد له سفارة لديك وأنت معني الآن بمؤتمرات القمة العربية فاس الأول وفاس الثاني وووالخ وليس لديك سفير في اليمن، قال لي :مش معقول، قلت نعم، الخارجية يومها كانت غير متفاعلة ووضع اليمن يجعل لا احد يتنافس للمجيء إليها، فقال: من مكتبي هذا أبو بكر بنونة سفيراً لكم في اليمن، هو اختاره واستغربت حتى وزارة الخارجية، وكانت أول اتفاقية في مجال التعليم وأول طالب لا زلت أتذكره إلى الآن الأخ عبد السلام الاثوري طالب اقتصاد وتجارة وهو الآن يعمل مع بيت هايل سعيد، بعد ذلك انتقلت سفيراً أيضاً إلى ألمانيا الاتحادية بداية العام 1984.م.
وزيراً لشؤون الوحدة
– وبعد تعييني سفيراً مباشرة اتفق الرئيس علي ناصر محمد وعلي عبد الله صالح أن يكون للشأن الوحدوي وزيران ولهما الثقة، أنت تختار من نكون متفقين عليه وكذلك أنا، فاختار علي ناصر محمد من عدن الأخ محمود عشيش واختارني الرئيس علي عبدالله صالح يومها من صنعاء وزيراً لشؤون الوحدة، بدأت مشواري في هذا العمل وبقيت مع نظيري عشيش أقوم بواجبي، اشتغلنا مع بعض لكن أحداث يناير في الجنوب أفقدتني زمالة محمود عشيش حيث قُتل في ذلك المشوار بدم بارد وهو يسعف صديقه الزومحي قائد عسكري هناك فأسعفه إلى المستشفى وعندما علموا أن هذا عشيش قتلوه وقتلوا صديقه الزومحي معه لأنهم كانوا محسوبين على الطرف الآخر وكانت خلفية الأحداث حينها صراعاً على الكرسي ذهب ضحيتها تلك القيادات كلها، تم تعيين رشيد محمد ثابت ليكون نظيري وهو كان نظيري في الإعلام والثقافة وأنشأنا علاقة ثقافية وحدوية راقية أولا بإيقاف الحملات الإعلامية المتبادلة بالكامل إيقاف الشتم، كل أخبار الجنوب تنشر والعكس وبقي الإعلام القناة المهداة للأعصاب والكاسرة للحواجز النفسية وكذلك في الثقافة مسرحية هناك تعرض أيضا في صنعاء والعكس، الفرق الفنية تأتي من الجنوب إلى الشمال والعكس وتقوم بزيارات كل المحافظات، هذه الأجواء الوحدوية في مجال الثقافة والإعلام كسرت الحاجز النفسي وأعطت مناخاً ملائماً للعمل الوحدوي وهذا المناخ الملائم ساعدنا في مهمتنا الوحدوية فيما بعد واستمررنا هكذا حتى تمت الوحدة…
مهام وزيري شؤون الوحدة اليمنية في الجنوب والشمال
– تسلمنا المهام أنا من الشمال، ورشيد محمد ثابت وزيرا للوحدة من الجنوب، وكانت المهمة الأولى كيف نستطيع أن نعزز الثقة بين القيادتين وهي أساس التوصل إلى نتيجة، وتعلموا أن مسيرة الوحدة لم تكن من ذلك اليوم بل بدأت من العام 72 بعد الحرب والمواجهة بين الشمال والجنوب مواجهة عسكرية مؤسفة وكانت دافعة نحو الوحدة، التدخل العربي الكويتي والمصري والجامعة العربية احتضن الحوار الثنائي بين الشطرين علي ناصر محمد ومحسن العيني كرئيسي وزراء أيام القاضي عبد الرحمن الإرياني وأيام سالمين واتفقوا على الوحدة في 72 ، اتفاقية الوحدة قضت بتشكيل ثمان لجان : لجنة تعد الدستور من أفضل الكفاءات في الشطرين الكفاءات الفقهية والسياسية والقانونية – لجنة لشؤون القضاء – لجنة عسكرية – لجنة الأمن – لجنة التربية والثقافة – وبقية القطاعات الأخرى وتم تشكيل هذه اللجان من خيرة الشخصيات اليمنية والكفاءات وعزز لقاء القاهرة بلقاء طرابلس بين الرئيسين سالمين والقاضي عبد الرحمن الإرياني بحضور معمر القذافي وصادقوا على ما تم التوافق عليه لكن أضافوا لجنة تاسعة التي هي لجنة التنظيم السياسي الموحد، كان هناك حزب اشتراكي وهنا لا شيء يومها وكان للرئيس القذافي نظرة الكتاب الأخضر وكان ليس حزبياً ولا انتخابياً اختار أن الجماهير هي التي تحكم البيت المالك وكانت النظرة هو استقاها من كثير من التجارب وكان جوهرها يتعلق بالجانب الإسلامي وكان الكتاب الأخضر وثيقته وبالإمكان قراءة الكتاب الأخضر وما كان عليه الحال، من هذه الأجواء كان الاتفاق على التنظيم السياسي الموحد وشكلت لجنة حينها وعززت باتفاق في الجزائر لنفس الرئيسين، اللجان بدأت تعمل وتلتقي ووصلت إلى نسب إنجاز لا بأس بها ولكن مع هذا أحيانا الأسباب الصغيرة تؤثر، فقد حصلت حادثة وبعدها حوادث وكانت الثقة ليست بمستواها وكان العمل الجبهوي على أشده المدعوم من الجنوب في المناطق الوسطى ما يسمى بالجبهة الوطنية، هذا التباين في الرؤى أوجد معارضة ضد الشمال في الجنوب ووجود معارضة مثلها في الشمال لكن في الشمال لم يسمح لها بأي عمل عسكري عدا السياسي فقط وكانت قيادته عبد الله الأصنج ومحمد سالم باسندوه وهؤلاء كانوا في صلب الدولة يعملون بالعمل السلمي معارضة لأن معظمهم كان في جبهة التحرير..
* مقتل الرؤساء الثلاثة في الشمال والجنوب وحرب 1979م
– بعد مقتل الحمدي والغشمي ومقتل سالمين بالتتالي والتعاقب “اليمن تعبر عن وحدتها حتى في نهاية الرؤساء والحكام”، كانت تلك الأحداث جرعة دموية محزنة في عدن وفي صنعاء هذه الأجواء خلقت تطورا سلبي عام 79 فوقعت الحرب في الشطر الجنوبي وأعطت اقتناع جديد انه بضرورة الوحدة وكان على اثر هذه الحرب قمة الكويت بين علي عبد الله صالح وعبدالفتاح إسماعيل الذي كان قد تسلم القيادة وأمين عام الحزب ولما جرى الالتقاء برعاية كويتية ولهذا يسجل للكويت دائماُ احتضان الوئام والعلاقات بين الشطرين ويحسب لها هذا التاريخ كدولة خليجية وقفت إلى جانب اليمن وكان عبد الفتاح إسماعيل توجهه وحدوي في الواقع بما يراه من وضع سياسيي لكن توجهه وحدوي ويومها قال في قمة الكويت هذا مشروعي وحدة تتم اندماجية كاملة وأنت الرئيس – يخاطب علي عبد الله صالح – وقدم مشروع الدمج الكامل يومها وفد الشمال رأى أن في ذلك قفز على الواقع ولا بد للأمور أن تنضج اكثر وكل واحد له وجهة نظر، تم الاتفاق على إنجاز العمل الوحدوي في فترة زمنية محددة يعني أن اللجان تنهي عملها خلال فترة معينة تزمين العمل لكي تتم الوحدة مباشرة لأشهر فقط اللجان التسع بما فيها لجنة التنظيم السياسي التي لم تجتمع لكي يدرك الجميع أن هذه اللجنة ليست سهلة بل هي عمق الاتفاق على الديمقراطية واتفق الجميع أن لا مخرج لليمن إلا بالوحدة وهذه الحقيقة ما عداها هو سلام .
انقلاب عدن على عبد الفتاح إسماعيل
– وبعدها حدث ما حدث في عدن، علي ناصر محمد كان رئيس وزراء وأتى إلى هنا نيابة عن عبد الفتاح إسماعيل، واتفقنا معه اتفاقات ممتازة خاصة في مجال الإعلام والثقافة وغيرها وهدأت الأحوال النفسية وكان بدا الخلاف لإزاحة عبد الفتاح إسماعيل ولهذا لم يتيسر له المجيء إلى صنعاء فجاء علي ناصر محمد ثم أزيح عبد الفتاح إسماعيل إزاحة سلمية على انه يسافر إلى روسيا، نفي بطريقة محترمة واقتنع عبد الفتاح وسافر وتسلم المسئولية علي ناصر محمد الأمانة العامة للحزب ورئاسة الوزراء ورئيس مجلس الشعب الأعلى الثلاث السلطات وفي الواقع كان مرناً وفي اتجاه سلمي نحو الشمال وكان في مستوى المسؤولية كي يحقق استقراراً بين الشطرين أوقف العمل الجبهوي المسلح وقلهم ابقوا جبهويين لكن بطريقة سلمية وأوقف أي عمل غائب عنه الحوار واستضافت عدن أول قمة يمنية لعلي عبد الله صالح مع علي ناصر محمد ولم يحدث قبلها ذهاب أي رئيس إلى عدن وهي زيارة تاريخية لأنه استشهد الحمدي ليلة سفره وقبله لم يذهب احد ولما اجتمعوا هناك اتفقوا على خطوات وحدوية جيدة منها إنشاء المجلس اليمني الأعلى وإنشاء اللجنة الوزارية وتكوين مؤسسات مشتركة في مجال السياحة والمواصلات مؤسسات موحدة راس مال مشترك وفي نفس الوقت مدير عام مؤسسة من هنا ورئيسها من هناك والعكس والمجلس الأعلى له رئيسان واللجنة الوزارية من رئيس الوزراء وعدد من المسؤولين والسكرتارية أمانة عامة التي هي وزير شؤون الوحدة هنا وهناك واستمرت هذه المؤسسات حوالى سبع سنوات واجتماع هنا واجتماع هناك وفقا لما كتبته في كتاباتي وإصداراتي مع نتائج كل اللجان لكن لم يتم اجتماع لجنة التنظيم السياسي الموحد، غير ذلك كان يسير بشكل طبيعي وتعززت الثقة وكان علي ناصر محمد في مستوى الثقة وقيادياً لا يستعجل في الأمور وتحقق التفاهم بين الشطرين .
أحداث يناير 1986م
– وفوجئنا بأحداث 13 يناير 86، وكانت هذه فاجعة ولكن كان من إيجابيات الفاجعة إن كان للفاجعة إيجابيات هو دحر شائعة انه لو يسقط الجنوب الشمال سينقض على الجنوب فحدث العكس هذا الضعف للجنوب فتم اتخاذ قرار في صنعاء بعدم التعامل معهم إلا بمسؤولية أن لا تطلق رصاصة واحدة من الشمال تعزيزاً لطرف آخر وجاء علي ناصر محمد إلى صنعاء ونزح معه ما يقارب عشرين ألفاً من الجنود والضباط والوزراء و و و الخ، شبه دولة نزحت إلى صنعاء وكانت صنعاء الحاضنة الأم الرؤوف احتضنت إخوتها القادمين مثلما احتضنت من جاء في الأحداث السابقة، كانت تأتي مجاميع إلى صنعاء وتحتضنهم بكل مودة واحترام وتشاركهم في المسؤولية ويدخلون في مجلس النواب مثل عشال والأصنج وباسندوه، فالقرار الحكيم الذي اتخذ في صنعاء كان من نزحوا يريدون أن نتعاون معهم لينتقموا يقول لهم النظام يومها توقفوا، مثلما تعاملنا معكم بالسلم لن نسمح لكم باي شيء غير هذا، بلدكم نأكل جميعاً ونشرب لكن تقوموا بأي نشاط عسكري ممنوع وسمح لهم بإذاعة وصحيفة لكي تعبر عن رأيهم لامتصاص اندفاعهم للتعبير عن رأيهم وصحيح أنها أقلقت إخوتنا هناك لكن تفهموا أن هذا الذي بإمكاننا ، طلبنا أن يتحاوروا معهم بل ودعوناهم نحن للحوار وإيقاف الصراع بينهم، فكان موقفاً رائداً لصنعاء يجب أن نعترف بهذه الحقيقة التاريخية، الشمال لا يريد إلا الاستقلال والحوار، هكذا سعينا حتى امتصصنا المواجهة وتابعنا بكل اهتمام إطلاق السجناء هناك من ضمنهم باجمال وآخرين وأوقفنا الإعدامات وكانت قد بدأت مع المحاكمات وتدخلنا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الإعدامات والسجناء وحاولنا نلملم الجراح وهيأنا لهم لقاءات ثنائية في صنعاء ليتحاوروا فيما بينهم.
صنعاء الأم الحنون لليمنيين جميعاً
– قلنا لإخواننا في عدن لن نعيد الحوار الوحدوي إلا بعد أن تتفاهموا وتتحاوروا وكان عامل الضغط الوحيد هو هذا لأنه لن نستأنف اللجان ولا السكرتارية إلا بعد الاتفاق معهم، قالوا توقف الإذاعة والصحيفة، حصلت نتائج لا بأس بها إيقاف الإعدامات هناك بالمقابل حصل هنا تفاهم ووصل الحد إلى إيقاف الصحيفة والإذاعة ثم دخلنا في حوار وأعدنا الحوار الوحدوي وبدل ما كان تكتيكياً قبل أصبح استراتيجياً بعد لأنها صارت الثقة أقوى، هم مقتنعون أن الوحدة هي التي تسدل الستار عن الدماء في عدن ونحن مقتنعون أنها تسدل الستار عن الانقلابات المسلحة وكان التوجه بعد المواجهات الدامية نحو الوحدة باستراتيجية وليس تكتيكية تحت شعار “اضحك عليا واضحك عليك” بل ثقة متبادلة، وكان أهم الخطوات التي أنجزت في عهد علي سالم البيض هي التنقل بين المواطنين بدون بطاقة وإجراءات أمنية مش الذي يسير من هانا هو مخبر والذي يجي من هناك هو شيوعي، كانوا يعتقدون أن التنقل سيؤدي إلى مشاكل تفجير أو ما شابه لكن بالعكس أمنت الدولة وأمن المواطنون، يا أخي تعزي يشتي يشوف زوجته أو أم تشتي تشوف بنتها وكان هذا التنقل في عام 87 فاتحة خير، ثم انتقلنا للخطوة الثانية وهي الاستثمار النفطي وكنا بدأنا نختلف لأن الثروة توحد الخلاف وظهر النفط في الشمال وصارت في مكان واحد شبوة ومارب وكنا قد بدانا في 85 أيام علي ناصر محمد بإنشاء مشروع استثماري مشترك ووصلنا إلى نتيجة أن لا نختلف على امتار أو اطراف، نطلع منها البترول ونقسمه نصفين وشركة التنقيب نتفق عليها وخلاص، يشتركون الروس وتشترك هانت والأوروبيون والفرنسية توتال، بعد ذلك اتفقنا على الدستور في 30 نوفمبر 89، وهذا قمة الإنجاز وكان موجوداً في الأدراج منذ تسع سنوات ولم تقرأه حتى حكومتا صنعاء وعدن وفي ذلك اليوم تم إقراره وشكلت اللجنة للموافقة عليه وإنزاله.
التنظيم السياسي الموحد
– والتنظيم السياسي الموحد شُكلت اللجنة واجتمعنا واتفقنا على التعددية السياسية، اجتمعنا في دورات كثيرة في صنعاء وعدن لكن النهاية كان الاتفاق أن العالم اليوم متعدد الأحزاب لا يوجد حزب واحد يحكم أو مرجعية أو طائفة ما بعدها إلا الله، بعد هذا الكلام أصبح الإنسان حراً في التعدد الحزبي وتعدد الرؤى والتعدد السياسي هو الذي يخدم استقرار اليمن بمذاهبه وبمناطقه بتنوع مناخاته حتى يبقى الحزب كما هو وعلى الأحزاب أن تظهر، هي كانت موجودة لكن من تحت الطاولة وانتم أحرار والذي هو منطو في المؤتمر يتوكل على الله مثل الإصلاح لا ضرورة أن يكون عليكم وصاية لا من الحزب الاشتراكي ولا من المؤتمر، كل الأفكار تخرج والمواطن هو الحكم، الرؤى موجودة وكل حزب له برنامجه المواطن بما يقتنع به والصندوق هو الحكم، فأنجزت الوحدة على هذا الأساس في 22 مايو 90 وتعددت الأحزاب وتعددت الصحف وتنفس الشعب الصعداء، وكان ذلك خاتمة المطاف لنضال طويل منذ وقع الاستعمار في عدن وخروج الأتراك من اليمن فبعد أن خلصت اليمن من هذه الموانع استعادت وحدتها في الثاني والعشرين من مايو 90 .
رئيس التحرير
– هناك سؤالان: الأول يبدو كما استرسلت أنت كل الرؤساء الذين تعاقبوا على الجنوب والشمال كانوا يمضون خطوات نحو الوحدة من الجانبين منذ القاضي عبد الرحمن الإرياني والحمدي وعلي عبد الله صالح وربما قبله المشير السلال، كل رئيس كان يخطو خطوات محددة من اجل الوحدة…
-الأستاذ يحيى العرشي:
حقيقة أن الوحدة كان لا بد لها أن تتم في 30 نوفمبر 67 بخروج الاستعمار البريطاني من عدن وانتهاء الإمامة في صنعاء حيث أن الهدف الأول من أهداف الثورة اليمنية يقول: القضاء على الاستعمار والاستبداد، انتهى الاستبداد من صنعاء والاستعمار من عدن فلماذا لا تتم الوحدة، اذاً الخلل فينا وهذا ما جعل الأمور تعيش حالة تشطير على مدى بعيد أكثر من عشرين سنة بعد التحرر ودخلنا في هذه المنعطفات منها ما هو حرب ومنها ما هو سلم ومنها ما هو حوار ومنها ما هو نهاية قيادات الخ .
ومثلما قلت سابقا أن الوحدة اسدلت الستار على ذلك كله لأنها الوضع الطبيعي وأنهت كل ما كان عليه من تباين وصراع هناك وهنا وبالتالي الآن أصبح اليمنيون بإمكانهم بناء دولتهم ومؤسساتهم ويكوّنوا لهم كياناً وحدوياً.
* رئيس التحرير
-باعتقادك ما هو قائم اليوم ماهي الآثار المترتبة على الوحدة وما هو الطريق لإعادة ترميم الشرخ في الوحدة؟؟
-الأستاذ يحيى العرشي:
أنا سأجيب عليك لكن أتمنى أن تنشروه كما هو ..الوحدة هي صمام أمان وهي التي تمنع الفتن بكل أنواعها طائفية ومناطقية عنصرية وكذلك تدخلات خارجية حيث لا يمنع التدخلات الخارجية سوى الوحدة فالوحدة هي صمام أمان، وكل قطر يتعرض لشتات وتقسيم بالتأكيد انه يكون مدعاة لحضور الآخرين من حولنا ومن بعيد حتى فالوحدة هي صمام أمان، الآن نحن عشنا سنوات الحرب يكفي ما عانيناه وأثبتت التجارب أن الحروب لا تؤدي إلى نتيجة وتخلف أحقاداً وخسائر ودماء، فخسرنا الوقت فعلينا الآن أن ندرك وكل الأطراف معنية بهذا خاصة الطرف الموجود في صنعاء لأن الطرف الذي في العاصمة هو المعني الأول بأن يهيئ عدم تعرض اليمن للشتات والتقسيم وهو المعني الأول ولذلك قلتها في اكثر من مناسبة عليكم أن تسعوا من أجل المحافظة على الوحدة اليمنية وهذا لا يكون إلا بقدرتكم على أن تتعاملوا بعقل ورؤية وبسياسة على المستوى المحلي والمستوى الخارجي ..المستوى المحلي لا بد أن جميع اليمنيين أن يلتقوا بالشكل الذي يريدون كل الأطراف اليمنية تلتقي بالشكل التي تريد …تريد مؤتمراً جامعاً أو لقاء من خلال ممثلين أو تواصل قبل اللقاء ..حجب عدم التعامل مع أي طرف هو ضعف وفشل وخسارة أي طرف كان لأن عدوي من جسدي أو من أختلف معه من جسدي عليّ أن أعالج الأمر أنا ..الحوار والمصالحة الوطنية مطلوبة كأساس للدفاع عن الوحدة والوطن والحياة والكيانات الموجودة والوسائل السلمية هي التي توصل نتيجة للمشاركة السياسية الفاعلة والآمنة بدون سلاح.. الحوار يؤدي إلى تعددية الرؤى السياسية وكل فصيل بما له من جماهير واقتناع لدى أوساط الناس لكي يحققوا وفاق في الدفاع عن الوحدة وإنشاء مؤسسة دولة ذات كفاءة تحت عنوان الوحدة اليمنية والنظام الجمهوري والأهداف التي اتفقنا عليها وهي أهداف محققة للآمال برؤى، فقط كيف نستطيع أن نستخدم العقل صح لأنه أحياناً الهدف تستخدمه غلط بدون كياسة لتحقيق ما تريد وعليك أن توصل الفكرة وتوصل قناعتك بالطريقة المناسبة لكي تستطيع أن يكون لك حضورك الشعبي ومن ثم هذا الحضور الشعبي هو الذي سيشكل داعماً لكل الخطوات التي تأسس استعادة بناء الدولة بحيث تكون التعددية السياسية هي التي تكفل الحرية والتنوع وتكفل الاستقرار واستقلال المؤسسات لا يجوز أن تكون مؤسسة قضاء غير واعية ومستقلة ولا مؤسسة برلمانية غير مستقلة ولا مؤسسة تنفيذية كذلك والفصل بين السلطات كل سلطة يكون لها مسؤوليات معينة توديها سلطات رقابية الرقابة التي تفعل العين على المال العام هي المؤسسات التي تتوخى أن تكون مؤسسة نظيفة وان يكون من فيها انظف من فينا اذا تحقق هذا لليمن فاليمن ليست، في اطار تجربة الدولة هي اقدم دولة في المنطقة لماذا تكون اليوم بهذا الشتات نحن لسنا بحاجة أن يعلمونا الأوصياء كيف ننشئ حياتنا وكيف نكون انفسنا نحن دولة ولنا تاريخنا وتراثنا نهيئ أنفسنا للتعامل مع البناء المؤسسي الناضج في اليمن لهذا الجيل حتى لمستقبل أجيالنا
شكراً لكم.
* رسالة أخيرة
– هذه رسالتي وأقولها بكل إخلاص… الشتات داخل العمل التنظيمي الذي كان قد ظهر في اليمن ..لم شمل المؤتمريين لم شمل الإصلاح لم شمل الاشتراكي لم شمل الناصري لم شمل القوى الشعبية كل هذه كانت نواة للتعدد للواقع اليمني تعيد النظر في تكوين نفسها بأسس ديمقراطية من داخلها أن لا يكون الأمين العام إلى الأبد والمسؤول التنظيمي إلى الأبد لكي تعطي درساً للمواطن أن الديمقراطية موجودة داخلهم فإذا كانت التعددية داخلهم فبطبيعة الحال تنعكس على ما هو خارج وعلى أي نظام أن يعمل من أجل تقوية الكيان التعددي وليس تشتيته وتفتيته، فالتعددية في وطننا تحول دون المناطقية وتحول دون المذهبية وتحول دون الشتات، وهكذا هي طبيعة الحياة، ورسالة بأنه لا نوظف الدين في السياسة ولا السياسة في الدين خدمة للاثنين الدين والسياسة ..
شكراً لكم أستاذ يحيى العرشي على هذا الحوار الشيق والمستفيض.