في اليوم الذى فيه ينشق الجلد السوداني مخضَّباً بالدماء عن كسور في مفاصل الدولة، تعود سوريا إلى صفوف جامعة الدول العربية (النظام الرسمي العربي)، وكأن المنطقة العربية تحولت إلى رقعة شطرنج بلا ملك ولا وزير في مشهد هو أهون الهوان على الأمة العربية منذ وجد هذا المصطلح.
صديقي فيصل مقداد وزير خارجية سوريا وجد نفسه يقول دمشق لن تغيب عن أي قمة عربية، يالله وقد دمر العرب (العاربة) كل مليمتر في سوريا على مدى 12 عاماً.
أما ممثل حكومة رشاد العليمي اليمنية (الشرعية) فقد وجد نفسه مضطراً، لا أعرف لماذا؟ ليرحب بالوفد السوري في القمة، رغم أن دمشق هي العاصمة العربية الوحيدة التي تحتضن سفارة حكومة صنعاء وسفيرها هناك صديقي عبد الله صبري وآخر نشاط له هو بحث أوضاع الطلاب اليمنيين في جامعة دمشق!
أي قمة تلك؟
من المعلوم سلفاً أن مصر والجزائر قد بذلتا جهداً جباراً لإعادة سوريا إلى مكانها الطبيعي في جامعة الدول العربية، وأنهما مصر والجزائر لم تقطعا علاقاتهما بسوريا طوال سنوات الأزمة، بل كان مقعد دمشق جاهزا لعودتها في قمتي شرم الشيخ والجزائر السابقتين.
الخليج أراد أن تكون العودة من أحد أبوابه فهرولت الإمارات نحو دمشق وبغداد وخلفها الرياض بأسرع ما يمكن،،،، ولتخدع النخبة العربية الفضائية جماهير الأمة بالقول المأثور أن تأتى متأخرا خير من ألا تأتي!
والحقيقة أن لا هذا ذهب ولا هذا أتى ولكنه نظام عالمي أخرجت فيه واشنطن لسانها للجميع عندما امتدت اليد الإيرانية لتصافح السعودية، وبينما الإدارة الأمريكية راضية مرضية به تسرح النخبة العربية الفضائية بعقول مشاهديها فترغي وتزيد حول موقف أمريكي صهيوني لا يقبل بالاتفاق ومفرداتهم مما لا تستحق إعادة كتابتها فهي قديمة جداً وبالية.
لا أشك أبداً أن بعض الفضائيات العربية والمواقع الإخبارية وعلى رأسها القنوات الخليجية الدولية هي خنجر في جنب المواطن العربي، ليأخذه في اتجاه الدين الإبراهيمي الجديد وتجريد الأمة العربية من تراثها وخلق علاقات مصالحية بين شعوب المنطقة العربية تتفوق على علاقاتها العاطفية بحكم اللغة والدين والتاريخ المشترك… إلخ.
فالترويج للمصالح الاقتصادية على أشده وتبرير خطايا التاريخ لا تغتفر، ولك أن تتخيل أن تتبنى الإمارات موقف إثيوبيا بل وتسلح حكوماتها لرغبتها في الاستثمار في الزراعة هناك خصماً من نصيب مصر، بل وتجد من يدافعون عن موقف الإمارات بدافع المصلحة. ولك أن تتصور موافقة سودان البرهان على الاتفاق الإبراهيمي وفتح باب دخول أمام الصهاينة رسمياً، وأن تعقد المغرب اتفاق دفاع مشترك مع تل أبيب، الأمثلة كثيرة ولكن أغربها عدم تحقق المصالحة الفلسطينية حتى اليوم…
والخلاصة.. فليبارك الجميع للسعودية قيادتها للمنطقة العربية في مرحلة سايكس بيكو الثانية، وليهنئ الجميع الإمارات المتصالحة على نجاح مشروع خلجنة العرب.