كيف أكد الشهيد القائد أهمية التمسك بثنائية القول والفعل في مواجهة أمريكا وإسرائيل؟

الصرخة والمقاطعة الاقتصادية، ركيزتا المشروع القرآني الذي هزّ عروش المستكبرين

 

 

أكاديميون:
الصرخة لا تستهدف الشعوب والأمم بل تؤكد رفض غطرسة أمريكا وصلف إسرائيل والمقاطعة لبضائعهما ترجمة عملية لها
تقارير اقتصادية:
المقاطعة كبدت أمريكا أكثر من 100 مليار دولار حتى العام 2017م وبتصعيد الأمة الإسلامية لها كفيل بردع أمريكا

إن تلازمية الصرخة والمقاطعة الاقتصادية لكل ما هو إسرائيلي وأمريكي، تعد ثنائية يلتقي فيها القول والفعل، ليس بكونهما وسيلتان من وسائل التعبير عن رفض أمتنا الإسلامية للسياسات الأمريكية المدمرة للشعوب والأمم، ومقت ونقمة على الصلف الصهيوني الغاصب في الأراضي والمقدسات الإسلامية المحتلة، بل وبكون ثنائية القول والفعل تعد التكوين السحري والناجع لمنظومة السلاح الاستراتيجي الممكن والمتاح أمام شعوب الأمة الإسلامية.
وفيما تظل الصرخة برغم ما تحمله من تعبير مزلزل لقوى الاستكبار، شعاراً نظرياً، تمثل المقاطعة الاقتصادية الخطوة الأولى للترجمة العملية للصرخة، فتكتمل ثنائية القول والفعل بكونهما ركيزتي المشروع القرآني الذي أطلقه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي- رحمه الله – في عام 2002م ليزلزل به عروش المستكبرين.
في هذه المادة سنتتبع كيفيات استخدام هذا السلاح الاستراتيجي الذي يبدو ممكناً وفي متناول شعوب الأمة الإسلامية، من وجهة نظر مؤسس المشروع القرآني الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- مع تأصيل دلالي للصرخة، من وجهة نظر سياسية، وأهمية تحويل المقاطعة إلى ثقافة مجتمعية واسعة في نجاحها، من وجهة نظر اقتصادية… إلى التفاصيل:

الثورة /إدارة التحقيقات

إن الصرخة –التي هتف بها الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، حيث أعلن البراءة من أعداء الله وأعداء الإسلام، مثلت الموقف العلني الأول لانبثاق المشروع القرآني الذي أطلقه الشهيد القائد -رضوان الله عليه- في مدرسة الإمام الهادي -عليه السلام- من مران محافظة صعدة، أثناء إلقائه محاضرة على ثلة من المجاهدين بعنوان “الصرخة في وجه المستكبرين” وتحديداً في يوم الخميس الـ3 من ذي القعدة 1422هـ الموافق الــ17 من يناير 2002م، لتبدأ الصرخة مسيرتها كموقفٍ صريحٍ مغاير ومختلف تماماً عما كان سائداً في اليمن والمنطقة العربية من الخضوع السياسي والحاكمي للهيمنة الأمريكية، غير أن الأهم في الصرخة أن جاءت بعد أربعة أشهر من إطلاق الرئيس الأمريكي/ جورج دبليو بوش حربه على الإسلام والمسلمين، بعد حادثة تدمير برجي التجارة العالميين، وصرح بوش يومها بأنها بداية حرب صليبية أي ضد الإسلام، معلنا مقولته المشهورة: «من لم يكن معنا فهو ضدنا».
حينها أدرك الشهيد القائد حسين بن بدر الدين الحوثي-عليه السلام- عظم المسؤولية أمام النزعة والتوجه الأمريكي نحو حرب صليبية يقودها النظام الأمريكي ضد الأمة الإسلامية، فنظر الشهد القائد –سلام الله عليه- إلى حادثة البرجين برؤية ثاقبة، ليست سطحية، أو عادية، كما يرى رؤساء وزعماء الأنظمة العربية ومحللوهم الخانعون حينها، معتبراً أن الحادثة من تدبير الإدارة الأمريكية ومن خلفها اللوبي الصهيوني اليهودي، كذريعة للتدخل والاحتلال، فكان تفسير الشهيد القائد تفسيراً علمياً، ومنطلقاً من ثقافة قرآنية وبصيرة نافذة، كونها استندت إلى الواقعية القرآنية، بعد أن لاحظ مدى إذعان الأنظمة العربية والإسلامية وسكوتهم، بل إن البعض انخرط في التوجه الأمريكي- الصهيوني في الحرب ضد الأمة الإسلامية، وتحت شعار مكافحة الإرهاب، فيما الإرهاب الحقيقي والواضح هو عمل أمريكا والصهيونية العالمية، من وجهة نظر الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي «رضوان الله عليه».
ومن اللافت أن اشتمال الصرخة -بعد عبارة «الله أكبر»- على شعار رباعي الأهداف (الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام) يمثل بياناً واضحاً للناس ودعوة للتوجه لاستخدام الشعار كسلاح ممكنٍ يبين الرفض للغطرسة الأمريكية، وبراءة من أعداء الله، حيث قال الشهيد القائد في السياق: «إذا عرفنا أن باستطاعتنا أن نعمل، وأن بأيدينا وفي متناولنا كثير من الأعمال، وهذه الصرخة (الله أكبر- الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود – النصر للإسلام) لأنهم هم من يحركون هذا العالم، من يفسدون في هذا العالم ستترك أثرها، ستترك أثراً كبيراً في نفوس الناس».
ويرى الأكاديميون أن الصرخة شعار لا يستهدف الأمم ولا الشعوب ولا الأديان، بل هو إعلان مسموع لإبلاغ العالم الرفض المطلق من قبل الشهيد القائد ومن معه من المجاهدين في كافة شعوب الأمة الإسلامية، لسياسات الإدارة الأمريكية ومن ورائها منظومة الصهيونية العالمية التي تدير وتدعم حروب الإبادة والتنكيل والإرهاب بحق الشعوب المستضعفة، بهدف البغي في الأرض بغير الحق، والنهب العلني والاستلاب لثروات الشعوب المستضعفة.
والصرخة من وجهة نظر سياسية هي أقل ما يمكن أن يقوم به أي مسلم في مواجهة قوى الهيمنة والاستكبار أمريكا وإسرائيل، ومن يدور في فلكهما في عصرنا الراهن، أما من الناحية الاقتصادية، فإن الصرخة التي جاءت كشعارٍ يعبّر عن توجهٍ، وعن مشروع يتكامل فيه القول والفعل، فقد تضمنت مقتضيات تطبيق هذه الصرخة وهذا الشعار ضرورات تفعيل المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية، عبر رؤية عملية لخطة تضمنت نشاطاً توعوياً كبيراً في أوساط الشعب، في أوساط الأمة؛ لتوعيتها بالمخاطر الكبيرة التي تعيشها، بالمؤامرات الأمريكية والإسرائيلية، وكذلك لإفشال الكثير من الأنشطة المعادية التي يتحرك بها الأمريكي والإسرائيلي في واقع الأمة.
تحويل الصرخة والمقاطعة إلى ثقافة
من المهم بل ومن الضرورة القصوى، أن تصبح المقاطعة الاقتصادية لكل ما هو إسرائيلي أو أمريكي، مطبقة كما هي الصرخة معلنة، بل وتتحول ثنائية الصرخة المقاطعة إلى ثقافة مجتمعية عربية وإسلامية شاملة، لتكون بشمولها عاملاً حاسماً في نصر الأمة الإسلامية، إذ ليس من المنطق أن تتعرض كل مقدرات الأمة الإنتاجية والعملية والصناعية من الآلة الأمريكية والسياسية الأمريكية، فيما شعوب أمتنا الإسلامية، ودولها تظل مجتمعات استهلاكية لكل ما تنتجه شركات العدو الإسرائيلي والأمريكي من بضائع وسلع، ومن أفكار ومصطلحات من تدبير العقل الأمريكي الخبيث.
ذلك ما أكده مشروع الشهيد القايد السيد حسين بدر الدين الحوثي منذ وقت مبكر، عندما لاحظ ما تتعرض له الأمة من تعدد صور وأشكال العدوان الإسرائيلي والأمريكي، ليس على أقدس مقدساتها (القرآن الكريم، وثالث الحرمين الشريفين القدس) فحسب، بل طال ذلك العدوان أبرز قلاع الصناعات والأنشطة والثروات في المنطقة العربية والإسلامية، وتم عزو أفغانستان والعراق، وكان يتابع ذلك بثقافته وبصيرته ورؤيته القرآنية الملمة والمحيطة بمقومات وعوامل ووسائل المواجهة في معركة الصراع مع أهل الكتاب، فأدرك الشهيد القايد السيد حسين بدر الدين الحوثي، رضوان الله عليه أهمية الصرخة وفي الوقت نفسه ضرورة المقاطعة الاقتصادية كترجمة عملية وسلاح ممكن في متناول المسلمين، وليس غريباً ذلك فكون الشهيد قرين القرآن فقد قرأ بعين الحكمة والقول السديد أن لا سبيل للأمة الإسلامية في مقاومة عدوهم الذي عرفه الله في القرآن الكريم، إلا بامتلاك أسباب الإنتاج لكل ما يحتاجونها من غذاء ودواء وسلع كمالية أو استهلاكية، وترك كلما يزيد من أسباب قوة أمريكا وإسرائيل الاقتصادية خصوصا والإحصاءات التجارية تؤكد أن مليارات الدولارات تجنيها إسرائيل وأمريكا من عائدات منتجات شركاتها في المنطقة العربية والإسلامية.
ومن ذلك المنطلق حذر الشهيد القائد من الاستهانة بأمر المقاطعة الاقتصادية تحت أي مبرر، مؤكدا أن من السنن الإلهية انه -جل شأنه- لا يسمح للعدو أن يكبر دون أن يكون فيه نقاط ضعف كبيرة، وأن أمريكا عندها تكنولوجيا متقدمة جداً، عندها سلاح متطور، عندها جيش كبير، عندها عتاد عسكري كثير جداً».. واستدرك الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، قائلاً: «لكن لو أن العرب قاطعوها اقتصاديًا، وقطعوا النفط ـ لانهارت، لو سحبوا أموالهم من بنوكها لانهارت أمريكا. أيضاً إذا هناك فهم لما هو التكافؤ، المسلمون ملزمون بأن يطوروا أنفسهم على أرقى مستوى، أن يعدو كل القوة، لكن قوة واحدة (مسألة التوازن) يجب أن لا تكون لديهم دائماً، ومسيطرة على مشاعرهم، مسألة التوازن هذا نفسه، أن تفهم سنن أخرى، لا تأتي تقارن بين نفسك بأن ما لديك إلا بندق، أو لديك حاجة بسيطة والآخر عنده طائرة، وعنده كذا، فتقول: (متى ما قد عندي طائرات ودبابات، وعندي كذا، وعندي كذا … الخ، فسأعمل كذا)، أليس الناس قد يقولون هكذا؟.
وأضاف رضوان الله عليه: «ثم في الأخير تجد أنه (العدو الأمريكي) بحاجة إلى المال في حركته هذه، والمال مصدره من عندك كسوق استهلاكية، والنفط الذي أنت مهيمن عليه. فلاحظ من باب التوازن هذا، أليس العرب عندهم هذا السلاح: سلاح النفط، وسلاح المقاطعة الاقتصادية؟ سيوقف أمريكا عن قراراتها هذه كلها؟ لم يتحرك الأمريكيون إلا بعد ما حاولوا في العرب أن يعملوا اتفاقيات معهم أن النفط لا يستخدم كسلاح، أولاً يجمدوا سلاحنا!».
دليل قرآني على المقاطعة
إن المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل وأمريكا من وجهة نظر الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي ليس سوى جزء من مقاطعة اليهود حتى على المستوى الفكري والخطابي، حيث يقول السيد حسين رضوان الله عليه في (الدرس السادس من دروس رمضان): «عندما يقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا} (البقرة: من الآية104) لماذا لا يأتي الخطاب لليهود؟ يا أيها اليهود اسكتوا أو اتركوا استخدام هذه الكلمة؟ (لأن مفتاح أن يضرك العدو، أن يهينك العدو، أن يهزمك العدو هو من عندك أنت). في إشارة إلى أن تقليد اليهود في هذه الكلمة سيفتح باب للعدو لأن يلحق الضرر بالمسلمين، وهو ما وضحه الشهيد القائد قائلاً: هذه القضية في القرآن مؤكدة هنا توجه الخطاب إلى المؤمنين كلهم، الإمام علي بن أبي طالب ملزم هو أن يترك كلمة: {رَاعِنَا} وهل يمكن أن الإمام علياً سيستخدم كلمة: {رَاعِنَا}في المعنى اليهودي الذي يستخدمه اليهود؟ لا، لماذا؟ (…) (إقفال المجالات التي فيها ثغرات للأعداء تأتي من عند المؤمنين).
ويؤكد الشهيد القائد «رضوان الله عليه» أن هذه الآية تعتبر شهادة فيما يتعلق بالمقاطعة الاقتصادية ألم يحصل هنا مقاطعة للكلمة؟ قاطع المسلمون في أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) كلمة؛ لأن استخدامها يمثل ماذا؟ دعماً لليهود، إذاً فأنت قاطع بضائعهم؛ لأن بضائعهم تشكل دعماً مادياً كبيراً لهم وتفتح عليك مجالاً لأن تتقبل كل ما يريدون أن يوصلوه إلى بدنك إلى جسمك من سموم أو من أشياء لتعقيمك حتى لا تعد تنجب أو تورث عندك أمراض مستعصية أشياء كثيرة جداً مع تقدمهم العلمي يعتبرون خطيرين جداً، سيطرتهم على الشركات التي تعتبر متطورة في صناعات أشياء خطيرة من المواد السامَّة عناصر كثيرة تستخدم قد أصبحوا يستخدمون عناصر تؤثر نفسياً تقتل عندك الاهتمام تصبح إنساناً بارداً لا تهتم ولا تبالي».
خسائر المقاطعة تجارب سابقة
كان الشهيد القائد حسين بدر الحوثي «رضوان الله» يضرب الكثير من الأمثلة على انتصار كثير من الأمم والشعوب على الهيمنة الأمريكية وغطرسة الأعداء وهو ما نلاحظه قائماً اليوم بكل تفاصيله، لذلك فإن المقاطعة في الوقت الراهن إذا ما اتسعت لتشمل كال شعوب الأمة الإسلامية، ستكون السلاح الأكثر تأثيراً في ظل غياب المواقف الرادعة الرسمية، وقد عاشت الأمة العربية والإسلامية تجارب كانت ناجحة، فمثلاً عندما أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قرارا عدائياً بعد صعوده في 2017م تمثل بنقل السفارة الأميركية إلى القدس والاعتراف بها عاصمة للاحتلال الإسرائيلي، الجماهير العربية والإسلامية للمقاطعة للبضائع الإسرائيلية والأمريكية ما هدد أمريكا بخسارة 100 مليار دولار حسب التقارير الاقتصادية التي أشارت إلى أن هذا الرقم هو نفسه حجم ما استوردته الدول العربية المتعاطفة مع فلسطين وبعض الدول الإسلامية خلال العام 2016 قبل صدور القرار، وفي 2003، عقب الاحتلال الأميركي للعراق، تبنت الشعوب العربية مقاطعة واسعة للسلع الأميركية، وأبلغت بعض الشركات الأميركية على إثرها عن انخفاض في المبيعات يتراوح بين 25 % و40 %، بسبب مقاطعة نسبة كبيرة من مواطني الدول لمنتجاتها، وفي مقابل المقاطعة استطاعت شركات من دول عربية وإسلامية طرح منتجات بديلة لاقت رواجاً، مثل زمزم الإيرانية للمياه الغازية، التي زادت مبيعاتها بصورة كبيرة خلال السنوات الماضية، وفي أغسطس العام ٢٠٠٤م ذكر تقرير اقتصادي أمريكي ان حصة المنتجات الأمريكية من مجموع واردات الدول العربية خلال السنوات الأخيرة انخفضت بشكل ملحوظ نتيجة لعدة عوامل من بينها المقاطعة. حيث انخفضت الواردات من 18 % عام 1997م إلى 12 % عام 2002م.

قد يعجبك ايضا