ثمة محطات محورية في ديننا يفترض منا أن نتوقف أمامها ونتأمل في معانيها وأهدافها والغايات المرجوة منها، محطات يصعب تجاوزها والتعامل معها بطرق عابرة، بل تتطلب منا التأمل فيها ومراجعة مواقفنا منها ومن قيم ديننا وأوامره ونواهيه وتعاليم سيدنا محمد رسول البشرية وخاتم الأنبياء والمرسلين الذي حمل إلينا نور الله مشمولا بكل النواميس والتشريعات والقوانين التي تنظم علاقتنا بخالقنا وبرسوله الخاتم عليه الصلاة والسلام وعلى آله، وأيضا علاقتنا فيما بيننا وبين الحاكمية التي تتولى شئوننا، وتنظم علاقتنا مع الآخر الحضاري..
لكن تبقى العلاقة بين المسلمين كأفراد ومجتمع وعلاقتهم معاً مع المنظومة الحاكمة التي تتولى شؤون حياتهم هي المحور المهم الذي يفرض علينا التأمل في مفاصله وألية التعاطي معه والكيفية التي يفترض أن تكون هذه العلاقة المجسدة لقيم وأخلاقيات ديننا وتعاليمه وسيرة وسلوك رسولنا الكريم.
أن شهر رمضان المبارك يعد من أهم المحطات المحورية التي يقف أمامها المسلم ويحاول أن يعطيها من المشاعر الروحانية ما يليق بعظمة وقدسية هذا الشهر الذي أُنزل فيه القرآن، وفيه ليلة القدر، وهي خير من ألف شهر، كما وصفها الله سبحانه وتعالى.. وقفة مطلوبة نتأمل فيها في علاقتنا ومسارنا وسلوكنا ومواقفنا كأفراد ومجتمع وحاكمية ومسؤولين. وقفة يجب أن يقفها الجميع ويتأملون في كل شئون حياتهم على أن نراجع جميعنا مواقفنا من ديننا أولا ومن سيرة وسنة رسولنا المصطفى عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام، وان نتسأل أنفسنا وبصوت عال: هل نحن فعلا مسلمون، نطبق تعاليم ديننا كما أمر به الله ورسوله؟ وان كنا كذلك، وكانت الإيجابة بنعم نحن مسلمون نطبق تعاليم ديننا كما أمر به الله ورسوله، فلماذا نعيش هذه الحال التي نعيشها؟ لماذا نعيش حياة التمزق كأمة ودول ومجتمعات؟ لماذا؟ ولمصلحة من هذا التمزق والشتات والخلافات والاحترابات التي تعيشها الأمة الإسلامية؟ وهي الحالة التمزقية التي عمت الأمة الإسلامية، وفرضت نفسها داخل النطاقات الاجتماعية للمجتمعات الإسلامية وصولا لحالة احتراب ذاتي تعيشها المجتمعات الإسلامية؟!
لدرجة ان صار من النادر مشاهدة مجتمع إسلامي مستقراً ويعيش حالة من التناغم الذاتي بين مكوناته وطبقاته وشرائحه الاجتماعية..!!
ناهيكم أن مظاهر القهر والظلم والتعسف والطغيان والسلوكيات الجبروتية نراها تترسخ وتزدهر في المجتمعات الإسلامية، إلي جانب الفقر و(العبودية) المغلفة بالولآءات الوجاهية والقبلية والطائفية والمذهبية والمناطقية وحتى الحزبية، بعد أن صارت الأحزاب في مجتمعاتنا العربية الإسلامية عبارة عن إقطاعيات وجاهية تحكمها وتتحكم بها وبمصير أعضائها قلة من النافذين، فيما النخب الدينية التي ترفع شعار (الإسلام هو الحل) رفعت شعاراً لا تؤمن به ولا تعمل بمنهجه، وذهبت بعيدا في طغيانها وتعسفاتها، لدرجة أنها خالفت تعاليم الدين وكلام الله القائل (مَن يَهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِلْ فلا هاديَ له) وهو القائل سبحانه (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) وهو القائل سبحانه وتعالى ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم)..
وهو القائل سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) صدق الله العلي العظيم.
Prev Post
Next Post