مستقبل المفاوضات.. بين مطالب الشعب اليمني والمشروع الغربي

منير الشامي

 

 

يتمنى اليمنيون قيادة وشعبا ويأملون أن تفضي المفاوضات الجارية برعاية عمانية بين وفدنا الوطني ووفد دول العدوان والجارية منذ شهور عدة إلى اتفاق على هدنة حقيقية عادلة تخفف من معاناة ابناء الشعب وتشكل قاعدة واساساً قوياً لمفاوضات جادة لاحلال السلام بالجزيرة العربية، إلا أن كل المستجدات التي يمارسها تحالف العدوان على ارض الواقع اليمني وكذلك عدم التوصل إلى اتفاق جدي لتمديد الهدنة خلال اكثر من 3 اشهر يؤكد أنه لن يتحقق أي تقدم في هذا المسار رغم الجهود الكبيرة التي يبذلها الاشقاء في سلطنة عمان، وهذه الحقيقة تدركها قيادتنا جيدا و ليست ناتجة عن ظن تشاؤمي اطلاقا بل إن قيادتنا الحكيمة الطرف الوحيد الاكثر حرصا وتفاؤلا أن تتكلل جهود وفدنا الوطني والوساطة العمانية بالنجاح، لكنها تستند في واقعيتها على اسباب كثيرة قوية وعلى عوامل دولية عديدة مفروضه على النظام السعودي ولا يستطيع أن يركنها جانبا أو يتحاشاها ويمضي في مفاوضات جادة وصادقة، ولو كان بامكانه ذلك لتم التوصل إلى اتفاق في ظرف جلسة مباحثات واحدة أو اثنتين ويرجع ذلك لعدم وجود أي مصلحة خاصة له في العدوان علينا والدليل أن وفده صرح مرارا وتكرارا خلال مباحثاته مع وفدنا الوطني بشرطه الرئيسي والمتمثل بعدم الاعتداء على المملكة مستقبلا من اليمن وضرورة وجود ضمانات بهذا الخصوص، وهذا السبب مجرد ذريعة واهية يحتج بها ليثبت ولاءه وطاعته العميا لاسياده في النظام الصهيوامريكي ويؤكد به وفائه وجديته لتحقيق مشروعهم في الجزيرة العربية، لأنه يعلم جيدا أن تحقق هذا الشرط بيده وحده وليس بيد غيره من خلال وفائه والتزامه بشروط اي اتفاق يتم التوافق عليه مع قيادتنا يقوم على اساس التعامل الندي والاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤوننا الداخلية هذا من جهة ومن أخرى هو يعلم علم اليقين أن قيادتنا يستحيل أن تنكث عهدا تعهدت به لأي طرف إلا أن نكث ذلك الطرف بالعهد المبرم بينهما مسبقا، ومن جهة ثالثة يدرك جيدا أن قيادتنا الحكيمة ممثلة بالسيد قائد الثورة – يحفظه الله ويرعاه- لم يطرح حتى الآن شروطا حقيقية لتمديد الهدنة بل عرض استحقاقات انسانية فقط تمثلت في فتح المنافذ الانسانية وصرف المرتبات ووقف الحصار الاقتصادي وهذه استحقاقات مشروعة لأي شعب يخوض حربا مع اطراف خارجية اقرها القانون الدولي واعتبر منعها عنه جرائم حرب ، والكل يعرف ذلك، ولعل هذا اكبر دليل على حرص قيادتنا على احلال السلام ولذلك هي اليوم تُصر على ضرورة فصل الملف الانساني عن الملف العسكري كخطوة أولى لاثبات حسن النية وتهيئة الطاولة للدخول في مفاوضات حقيقية وجدية وإذا وافقت دول العدوان على ذلك حينها سيثبتوا حسن نواياهم إلا أنهم لن يوافقوا.
وقد يقول قائل إذا كان الامر كذلك فلماذا توافق قيادتكم على الدخول في مباحثات لن تفضي إلى نتيجه وتضيعون الوقت سدىً ما دمتم تعلمون ذلك. والجواب على هذا القول يتمثل بسببين الاول هو أن قيادتنا تتعامل مع تحالف العدوان من منطلق قرآني عملا بقوله تعالى (وإن جنحوا للسلم فأجنح لها وتوكل على الله) وأما السبب الثاني فهو لتثبت للعالم أنها جادة في وقف العدوان على اليمن وأنها تسعى لإحلال السلام كواحد من اهم اهدافها ولذلك ستمضي في هذا المسار لإكمال الحجة على دول العدوان امام الله وامام العالم، أما عن العوامل التي تؤكد بأنه لن يتم التوصل إلى اتفاق عادل عبر هذه المفاوضات فهي واضحة للجميع نذكر منها على سبيل المثال ما يلي :
–إن العدوان على اليمن هو عدوان امريكي صهيوني بريطاني منذ وهلته الأولى من اجل تحقيق مصالحهم التوسعية ومشروعهم الخبيث بالمنطقة وليس للسعودية او الامارات اي مصلحة في العدوان على اليمن بل بالعكس هو ضد مصالحهم ومصالح شعوبهم جملة وتفصيلا وهما مجرد ادوات لا قرار لهم في وقف العدوان
استمرار دول العدوان في ادخال قواتهم و استحداث القواعد العسكرية وتنفيذ الانشاءات في الجزر والشواطئ وفي المحافظات المحتلة يدل على أن هدفهم المستقبلي هو البقاء وهذا هدف جوهري في عدوانهم بعد فشلهم في تحقيق اهدافهم عسكريا وسياسيا عبر تمرير مؤامرات الاقلمة أوتقسيم اليمن وتقزيمه خلال اكثر من عقد
عدم موافقة دول العدوان على تمكين الشعب اليمني من استحقاقاته الانسانية وقيامهم بوصف ها بالمستحيلة تارة وبالمتطرفة تارة أخرى
استمرار مماطلتهم في فصل الملفات الانسانية عن الملف العسكري يعكس رفضهم لتحقيق ذلك لأن هذا الامر لا يحتاج إلى وقت ولا إلى جهد ولا إلى دراسة وتحليل بل لا يحتاج سوى لنية صادقة ما يعني ان هدفهم من مسرحية المفاوضات الهزيلة هو المزيد من الوقت لترتيب اوراقهم ليس إلا لأن قيام دولة يمنية قوية تحمل مشروعا قرآنيا ليس في مصلحة العدو الصهيوني والامريكي والغربي بل هو تهديد خطير جدا لمشروعهم الغربي في المنطقة وهو ما يعلمونه جيدا ويحسبو حسابه إن اليمن الموحد القوي والمستقر لن يحول دون تحقيق اطماعهم التوسعية فحسب بل ستكون تلك الدولة إن ظهرت من أهم عوامل زوال تواجدهم في المنطقة كلها وستفشل مشروع التطبيع وتعيد دول المنطقة إلى مربع المناهضة للمشروع الصهيوني في حين أن قيام تلك الدولة اليمنية القوية يصب في مصلحة السعودي والاماراتي وكل دول الجزيرة والمنطقة بشكل عام وأهم عامل من عوامل استقرارها واحلال السلام فيها
تلك هي بعضا من العوامل التي لا يستطيع العدو السعودي أن يزيحها عن كاهلة ليدخل في مفاوضات حقيقية وجادة ولذلك فالحرب ستعود حتما وبكل تأكيد وستستعر نيرانها وتتوسع ساحاتها لتشمل البر والبحار وستفرض قواعد مواجهة ومعادلات عسكرية جديدتين وستستخدم فيها أوراق خطيرة ليس على مستوى المنطقة بل على مستوى العالم ولن تستطيع دول العدوان التحكم في مجرياتها وساحاتها لأن مجرياتها وساحاتها سيفرضه نطاق الصراع الذي ربما يتجاوز اليمن والجزيرة العربية وهذا ما ترتب له قيادتنا الحكيمة وتعد عدته، حينها لن يفاوض المعتدي بل سيركع مجبرا رغم أنفه وما ذلك اليوم ببعيد ولا وقوعه على الله بعزيز
فانتظروا إنا منتظرون..

قد يعجبك ايضا