كثير من الناس يفتقدون الكم الهائل من المعلومة التي قد تفيدهم في واقع حياتهم وتجنبهم – بإذن الله – الكثير من الشرور، رغم أنها معلومة قد يكتسبها المهتم (على الطاير)، كما بمخالطة العقلاء الذين لا تخلو مجالسهم من كلام فيه نوع من الحكمة والعقلانية الوافرة بالعبر والعظات أو من خلال قراءة كتب أو مواضيع قيمة أو التأمل في واقع الحياة التي لا خلو من المواقف المحفزة أو المحذرة، وغيرها طرق كثيرة قد تثري الفرد بالمعلومة المفيدة، فمن منا يعرف أن زمننا هذا أكثر زمن اتسم بالضياع، نعم الضياع، البعبع الخطير على المجتمعات، الذي للأسف أن في زمننا الحاضر ينجر كثير من الأفراد – وخاصة فئة الشباب والمراهقين – إلى وحل الضياع وهم لا يدركون أنهم أصبحوا في هكذا حال، بل والأعجب من ذلك أنهم لايتسائلون عن حالهم ووضعم، بحيث يتداركون ما يمكن تداركه من واقعهم وحاضرهم ومستقبلهم.
أصبحنا نرى أناسا صارت أوقاتهم انهماكا لا يصدق في عالم التلفونات الذكية والنت والألعاب والمواقع والمواضيع التي جعلت الفرد في ضياع لا يُصدق ولا يُحتمل، مما جعلهم قنابل مؤقتة للجريمة والأفعال المخلة بالأداب العامة والقوانين واللوائح والأنظمة، فصارت تعاملاتهم وأفكارهم ونقشاتهم فيها من الخديعة والمكر مايدهش ويرعب، ليس هذا وحسب، بل أن كثيرا من الأفراد صار منكمشاً ومنزوياً – مما يخشى عليهم من الدخول في حالات نفسية خطيرة – بحيث لايتعدى معرفته عن الحياة غير النت والأكل والشرب والثقافة الجنسية – حد تعبيرهم في حال إذا وجد من ينتقدهم أو ينصحهم فيقولون :» ثقافة جنسية» ونحن نقولالهم :»ثقافة نجسة ونتنة» -، حتى أنه قبل أسبوعين تقريباً كنت جالسا في صالة يقام فيها مراسيم عزاء، وبينما كنت منهمكاً في مبادلة الناس الحديث عن العزاء والتفكر في حياة تنتهي بالموت والرحيل لكل حي فيها طال الزمن أو قصر، وإذا باثنين شبان يدخلون الصالة ويقومون بمصافحة كل من في الصالة وفي يدهم اليسرى التلفون الخلوي وفي أذنيهم السماعات المرتبطة بالتلفون !!!!، ويصافحون بصمت !!!! « أسلوب غريب !!!»، ثم مالبثوا أن جلسوا، وتصدقون بالله أن أحدهم منذ جلس حتى خرجت أنا من الصالة وهو لم يرفع رأسه عن التلفون للحظة ولا يدري ماذا في الصالة ولم يقرأ لافاتحة ولا صلى على النبي ولا يهمه من مجيئه وتواجده بين خلق الله شيئا !!!!!، فعندها نظرت إلى أحد قربأئي وقلت له :» مثل هؤلاء هم من سيعاني الوطن والأسرة والمجتمع بسببهم» قال كيف ؟ ، قلت :» شخص ترعرع في عالم غير عالمه وواقع غير واقعه وكأنه في المريخ وليس بيننا، ولا يشعر بمشاعرنا ولا يهمه أمرنا ووجودنا من عدمنا فماذا تتوقع منه وأمثاله غير الدلع «والتشراط» والعناد وقلايتي وإلا الديك»، وفعلاً من تراه يعيش في عالم وهم ولعب فهو في ضياع ولن ينتبه إلا وهو محتاج للأكل والشرب وأصبح منبوذا فسرعان ما ينخرط في أعمال مشبوهة ولا يهمه إلا الربح السريع والخداع والمكر عنوان حركاته وسكونه، بل أن هذه العينات البشرية يسهل اختراقهم وجعلهم أداة سياسية لا تعي من أمور المصالح الوطنية العليا والدنيا إلا بعد بزنز أز بزنز ومن دق لهم رقصوا وأشعلوا النت بنيران حقد وتفاهات تصب في مصلحة الأعداء، وما أمر محاولة شرذمة وتفكيك اليمن إلا بسبب تغاريد وشطح ونطح قليل الوعي من شلة الشباب القابعين في وحل الضياع. إن الإنسان إذا لم يدرك أن له وقتا وعمرا سينتهي بالموت ثم يسأل عن كل صغيرة وكبيرة، فهو في ضياع، وسيندم، قال تعالى :» يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها ووفيت كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون « وقال سبحانه :» وحرض المؤمنين على القتال ولا تكلف إلا نفسك» وقال عز من قائل :» إن الإنسان على نفسه بصيره ولو ألقى معاذيره» وقال سبحانه :» وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه» صدق الله العظيم، أي أن كل إنسان سيقف وحيداً ويسأل عن وقت وعمره وحلاله وماله وتوجهه وأنتماءه وميوله ورغبته واهتماماته وأي تقصير حدث منه في حياته وتسببت في ضياعه وعدم التزامه بالمحجة البيضاء ليلها كنهارها حتى ولو كان بسببب الفقر والعوز لقوله تعالى :» قالوا فيما كنتم * قالوا كنا مستضعفين في الأرض * قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها»، لذا يتنبه الناس لكل ما قد يسلب منهم وأبنائهم وبناتهم وأسرهم أوقاتهم وأعمارهم بدون فائدة فيصبحوا عرضة للضياع ونعوذ بالله قال تعالى :» فذكروني أذكركم وشكروا لي ولا تكفرون « صدق الله العظيم، فالله الله في المسارعة إلى ستغلال الأعمار فيما هو قيم ومفيد ويعود على الإنسان بالنفع في الدارين وليس أفضل من قول المصطفى عليه وآله أفضل الصلاة وأزكى السلام :» مايزال لسانك رطبا بذكر الله» صدق رسول الله، أي اجعلوا ألسنتكم عامرة بذكر الله أناء الليل وأطراف النهار.
،،ولله عاقبة الأمور،،.