بعد ثماني سنوات من العدوان على اليمن، يمكن القول إن الأضرار التي لحقت بالمحافظات الجنوبية فادحة جداً، ولا تقارن بما ألحقه هذا العدوان بالمحافظات الشمالية .. صحيح أن الجنوب لم يتعرض للتدمير بالغارات الجوية ولم يتأثر كثيراً بالحصار، لكنه يُساق إلى المجهول في ظل تزايد حمى النزعات المناطقية الانفصالية التي يقف خلفها قوى العدوان، وهي من ستتحمل المسؤولية السياسية والقانونية والتاريخية عن دورها في هذا التشظي والتفكيك وما قد يؤول إليه مستقبلاً، فالأشخاص والكيانات والنخب الانفصالية المحلية تدار وتمول من خلال تحالف العدوان .
المواقف الانفصالية التي يطلقها مشايخ وقادة مليشيا وأحفاد السلاطين، هي محل ” احترام ” رئيس مجلس الرياض رشاد العليمي -كما جاء على لسانه مؤخراً. ومن الواضح أن موقف العليمي من هذه التوجهات ليس موقفاً شخصياً، بل يأتي في إطار الدور المرسوم له من قبل القوى التي دفعت به إلى واجهة الشرعية المزعومة .
يتطلع مهريون إلى سلطنة قشن وسقطرى، ويبحث الحضارم عن السيادة وتقرير المصير بعيداً عن عدن وصنعاء، وتسعى قبائل يافعية للحصول على منفذ بحري، وتدَّعي أن حدود يافع تمتد جنوباً إلى ” سبعين باعا ” في البحر، يستنفر آل الفضلي ويحذرون من المساس بأراضيهم الخاصة الممتدة من منطقة العلم شرق عدن إلى حدود شبوة .
هذا مجرد غيض من فيض معاناة الجنوب، الجنوب الذي يسمونه حراً، بينما هو في الحقيقة تحت سلطة غاز مستعمر يدّعي أنه محرر .. مستعمر مبتدئ، لا يعرف واجباته كاحتلال ولا يعرف حقوق الشعوب والأوطان المحتلة .
خلال احتلالها للجنوب، عملت بريطانيا على إيجاد إطار وحدوي شكلي بين مشيخات وسلطنات الجنوب ومستعمرة عدن، بينما تعمل السعودية والإمارات على تفكيك كل الروابط بين المحافظات الجنوبية، فالجنوب اليمني بمساحته وتاريخه وإمكاناته، أكبر من قدراتهم على احتلاله، لذلك يلجأون إلى تفتيته ليسهل عليهم ابتلاعه، لكنهم لا يدركون عواقب حماقتهم وسياستهم الخرقاء .
وعلى تحالف العدوان والعالم أجمع أن يعرف أن عودة المواجهات بين اليمنيين وقوى العدوان سوف تتواصل وتستمر طالما هناك أرض يمنية محتلة، هذا وعد قطعته القيادة اليمنية ومعها كل أحرار اليمن .
هل يعتقدون أن اليمنيين سينسون أرضهم وجزرهم ومياههم المحتلة، بمجرد حرمانهم من المرتبات ؟ هل يمكن لليمنيين أن يساوموا على أرضهم ويتخلوا عن سلاحهم بمجرد فتح مطار أو ميناء ؟ .
لن يفرط اليمنيون بحقوقهم وفي مقدمتها أرضهم مهما كانت الحيل والمؤامرات، حتى وإن استعانت قوى العدوان بكل الشياطين .. لن تكون المعركة محصورة بين اليمنيين كما يخططون، كما لن تكون تداعيات المعركة محصورة على شبه الجزيرة العربية فقط .
لا يمن بلا جنوب، ولا جنوب بدون حضرموت، وسقطرى وميون وحنيش وزقر أغلى عند اليمنيين من العالم كله. والحرب من أجل تحريرها واجب مقدس وإن استمرت إلى يوم الدين .
aassayed@gmail.com