قبيل ساعات من انتهاء مدتها الثالثة.. المبعوث الأممي يسعى لهدنة لمصلحة العدوان

صنعاء: صرف رواتب الموظفين والمتقاعدين من ثروات اليمن ورفع الحصار حقوق لا مساومة عليها

عائدات الثروات المنهوبة تزيد عن 12 مليار دولار تغطي رواتب أكثر من ثمانية أعوام
بعد تحذيرات قائد الثورة.. معادلة حماية الثروة من النهب والسرقة تثبتها جهوزية عسكرية

الثورة/ وديع العبسي

بتثاقل، تحالف العدوان ومن ورائه الأمم المتحدة يخوضون في استحقاقات الهدنة دون البت في إعطاء رد إيجابي في ما يطرحه المجلس السياسي الأعلى حول مطالب تمديد الهدنة للمرة الثالثة.

مراقبون رأوا في الأمر تواطؤاً واضحاً من الأمم المتحدة لجهة عدم رفع المعاناة عن اليمنيين خصوصاً وأن الأمر لن يكلفها عناء جمع المانحين إلى طاولة التبرعات، فموارد المرتبات موجودة، متمثلة بعائدات المشتقات النفطية اليمنية، كما أنه يضع تحالف العدوان في الزاوية الضيقة أمام المجتمع الدولي ويبين حقيقة المعرقل لإنجاز خطوة إلى الأمام في اطار إنهاء حالة الاستهداف لليمنيين.

حالة التقاعس الحاصلة ومحاولة الهروب من الالتزامات الأخلاقية والإنسانية رغم بدء العد التنازلي للساعات الأخيرة للهدنة في تمديدها الثاني يبين حرص تحالف العدوان في الحفاظ على جني هذه العائدات بعيداً عن مصالح الدولة والشعب اليمني صاحب الحق فيها.

خلال سنوات العدوان والحصار مارس التحالف النهب المنظم لمخزون النفط والغاز، وكشفت وزارة النفط أرقاما تصل إلى مليارات الدولارات وهي الأرقام التي فضحت مقاصد التحالف بعدوانه على اليمن، إذ لا يستفيد اليمنيون من هذه المبالغ، بما فيهم حتى الواقعين تحت سيطرة قوى تحالف العدوان السعودي الأمريكي في المحافظات الجنوبية المحتلة.

وبالنظر إلى ما هو حاصل اليوم في المحافظات المحتلة وعلى وجه الخصوص الغنية بالنفط ومصادر الثروة، حضرموت، أبين، المهرة، وشبوة، من صراع بين فصائل التحالف للسيطرة على حقول الثروة فيها، يتأكد أن الهَمّ الرئيسي لهم هو نهب هذه الثروات.

عدن وباقي المحافظات الجنوبية المحتلة تعيش وضعا مترديا في الخدمات كما يعاني سكان تلك المحافظات من انعدام الأمن، والتعامل مع حقهم في العيش الكريم بكثير من الانتهاك والاستهتار من قبل التحالف وقواه الحاكمة هناك.

من هنا تتضح خلفية هذا التململ في عدم الالتزام ببنود الهدنة وفي مقدمتها صرف المرتبات، لصالح نهبها.

مغالطات في الإيرادات

في أغسطس الماضي وفي محاولة لصرف الأنظار عن أي تشكيك بنهب الإيرادات، ذهب القائمون بتسيير أعمال المناطق النفطية وبنك عدن إلى الإعلان عن أرقام، بزعم أنها حاصل إيرادات النفط والغاز، غير أن واقع الحال يكذّب ذلك بأرقام مضاعفة.

ففي الـ ٢١ من الشهر كشفت اللجنة الاقتصادية العليا مغالطات تقرير صادر عن بنك عدن بشأن حجم عائدات النفط، حين نفى مصدر في اللجنة صحة المعلومات التي أوردتها وكالة «رويترز» عن تقرير «بنك عدن» حول عائدات النفط والغاز خلال النصف الأول، مؤكداً أنّ عائدات النفط تجاوزت ملياري دولار، وليس739.3 مليون دولار، كما زعم التقرير.

المصدر أكد أنّ التقرير الصادر عن بنك عدن، «مضلل ولم يكشف الحقيقة»، مشيرا إلى أن “الهدف من نشره التعتيم على الحقيقة”.

وقال المصدر إنّ «قطاع الإيرادات في وزارة المالية التابعة للمرتزقة في مدينة عدن لا يتلقى أيّ بيانات عن حجم الصادرات الفعلية من النفط الخام ولا مقدار عائداته»، موضحاً أن «العائدات تورد إلى البنك الأهلي السعودي ولا تظهر قوى العدوان أيّ بيانات حول التصدير الذي تتحكم فيه لجنة مصغرة برئاسة السفير السعودي آل جابر ومعين عبد الملك”.

وأضاف أن «لا وجود لأيّ بيانات في موقع وزارة النفط تظهر عدد المناقصات التي أجريت لبيع النفط اليمني الخام»، كاشفاً أنّ عائدات النفط المصدر والغاز المباع خلال الفترة من كانون الثاني/ يناير إلى حزيران/ يونيو إلى 1 ترليون و200مليار ريال، ما يوازي أكثر من ملياري دولار”.

وفي الـ ٣ من شهر سبتمبر الماضي أكد وزير النفط والمعادن أحمد عبدالله دارس، أن حجم النفط الخام المنهوب خلال الفترة منذ العام 2018 م إلى نهاية شهر يوليو 2022م فقط، بلغ نحو 130 مليوناً و41 ألفاً و500 برميل، فيما بلغت قيمة عائداته تسعة مليارات و490 مليونا و639 ألف دولار، تم توريدها إلى بنوك تحالف العدوان.. وأشار دارس إلى أن تلك المبالغ كافية لصرف مرتبات موظفي الدولة في مختلف المحافظات اليمنية لمدة خمس سنوات.

الوزير دارس بيّن أن تهريب النفط الخام وتصديره إلى الخارج يتم عبر العديد من الموانئ تشمل ميناء الشحر “الضبة “ وميناء بئر علي “النشيمة – رضوم “ ومينائي نشطون وقنا.

ولفت إلى أن كميات النفط الخام التي يتم نهبها وتهريبها من تلك الموانئ يتم تفريغها في عدة موانئ منها: موانئ الصين وتيلاند ومصر وماليزيا والإمارات والهند وغيرها من موانئ دول تحالف العدوان.

كما أوضح أن هناك نفطاً خاماً غير معلن عنه يتم نهبه من الآبار مباشرة، وتهريبه بواسطة سفن خاصة بالمشتقات النفطية تسمى «أويل تنكر »، كما أن هناك سفناً كبيرة لتهريب النفط الخام تبقى في الغاطس بعيدة عن الميناء، ثم تتم عملية نقل النفط الخام بواسطة سفن مشتقات نفطية صغيرة من ميناء التهريب إلى هذه السفن الكبيرة “بطريقة المسافنة”.

المراوغة واللعب بالكلام

عقب الاتفاق على التمديد الثاني للهدنة، أوضح المبعوث الأممي في بيان إعلان الاتفاق بأنه سيعمل على إجراء مباحثات في ما يتعلق بصرف المرتبات، هذه المرة وفي بيان أسماه مبادرة ارتفع بلهجة الطرح في الشأن ليؤكد على إجراء مباحثات «جادة» في الأمور الاقتصادية ومن ضمنها صرف المرتبات، وهي حالة من الإصرار العجيب، لترحيل هذا البند، وخلال الأسابيع الماضية، اقتضت سياسة المراوغة الإشارة في تصريحات المبعوث الأمريكي والمبعوث الأممي إلى اتفاق بشأن تمديد الهدنة تشمل صرف المرتبات.

الوفد الوطني المفاوض والمجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ، الجميع وقفوا على هذه المراوغة لكنهم حددوا مسارهم، بالتأكيد على طروحات حازمة وواضحة تتضمنها الهدنة ومن شأنها تحسين الواقع المعيشي للناس، بصرف المرتبات وفتح مطار صنعاء ورفع الحصار عن وصول السفن.

يؤكد رئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام أن إيرادات اليمن السيادية من النفط والغاز التي تنهب من دول العدوان كفيلة بصرف الرواتب لكافة الموظفين ومعاشات المتقاعدين.

وأضاف رئيس الوفد الوطني في تغريدة له الخميس: «المرتبات والمعاشات والخدمات استحقاقات إنسانية وقانونية لا منة لأحد فيها، والمراوغة عنها لن تؤدي لسلام ثابت وحقيقي”.

فيما يؤكد رئيس الوزراء الدكتور عبدالعزيز بن حبتور أن ما يعانيه الشعب اليمني من حصار وتجويع وقتل نتيجة العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي الذين لم يكتفوا بتجويع وحصار هذا الشعب بل ويسرقون ثرواته.

وقال بن حبتور- خلال فعالية خطابية نظمتها وزارة النفط والمعادن وشركة النفط اليمنية بمناسبة المولد النبوي في ٢٨ سبتمبر الماضي- «لقد باعوا بما يزيد عن 14 مليار دولار وكلها ثُبتت في البنك الأهلي السعودي بجدة، أي أنهم لم يكتفوا بقتل شعبنا بل ويسرقون خيراته بشكل واضح ولم يعد يخيفهم شيء”.

وأضاف «إنهم يمارسون هذا النهب لثروات الشعب اليمني وكأنه جزء من وظيفتهم، بينما يبرر المرتزقة لهم هذا الأمر، وتقوم دول الاستكبار العالمي بعمل تغطية سياسية وإعلامية على المستوى الدولي للتستر على هذا العمل الإجرامي”.

بينما حمّل نائب وزير النفط ياسر الواحدي تحالف العدوان وحكومة المرتزقة وجميع الشركات النفطية والغازية وكل من يعمل معهم كامل المسؤولية عن استمرار نهب النفط الخام والغاز كونها ثروات سيادية وملك لجميع أبناء الشعب اليمني.. معتبرا ذلك خيانة عظمى بحق الشعب اليمني.

وأشار الواحدي إلى استمرار العدوان وأدواته في نهب ثروات اليمن من النفط الخام حيث غادرت السفينة لوفينا ميناء «بئر علي» يوم الخميس الماضي متوجهة إلى ماليزيا وعلى متنها قرابة 700 ألف برميل من النفط الخام.

مسلسل سُفُن النهب

السفينة التي أشار إليها نائب وزير النفط، تأتي ضمن سلسلة سفن عملاقة تصل تباعا إلى السواحل الشرقية اليمنية لتنهب النفط الخام بملايين الدولارات.

والخميس ٢٩ سبتمبر، كشفت وزارة النفط في حكومة صنعاء، عن قدوم “ناقلة نفط عملاقة قادمة من الصين في طريقها إلى ميناء الضبة في حضرموت لنهب كميات كبيرة من النفط اليمني الخام”، ويأتي ذلك بعد أسبوع من مغادرة سفينة نفطية مماثلة محملة بالنفط الخام اليمني، من ميناء النشيمة في محافظة شبوة، في ظل بيع السلطات الموالية للتحالف للنفط الخام اليمني وإيداع قيمته في البنك الأهلي السعودي، بينما تمتنع عن تسليم رواتب الموظفين، كما أن الناقلة تأتي ولا يزال التحذير قائماً بضرب مثل هذه السفن التي تقوم بنهب النفط اليمني، التنبيه بعده التحذير جاء من السيد القائد ثم القوات المسلحة، والتحالف وحده من سيتحمل التبعات.

ونهاية أغسطس الماضي، في الـ ٣٠ منه، ناقلة نفط عملاقة «بوليتارس» تصل ميناء النشيمة في محافظة شبوة، لنهب مليون برميل من النفط الخام اليمني، حسب شركة النفط اليمنية، وذكر مصدر في الشركة، أنّ «الناقلة النفطية الكبيرة قادمة من الصين، وحمولتها الإجمالية تقدر بـ105 آلاف طن من النفط الخام»، ولفت المصدر إلى أنّ “عملية نهب النفط اليمني من ميناء النشيمة تأتي في وقت تشهد محافظة شبوة أزمة وقود خانقة”.

ونهاية مايو الماضي، الناقلة العملاقة «APOLYTARES» تنقل عبر ميناء الشحر، بمحافظة حضرموت، ما يزيد عن مليوني برميل من النفط الخام، بقيمة تزيد عن 270 مليون دولار وفقاً لأسعار النفط في البورصة العالمية، وهو ما يعادل 162 مليار ريال يمني.

وأكد مصدر في شركة النفط أن العدوان ومرتزقته يصدرون بشكل شهري شحنة واحدة على الأقل من هذا النوع، حيث كانت الناقلة «APOLYTARES» قد رست في 10 أبريل الماضي في ميناء الشحر بمحافظة حضرموت قادمة من ميناء Zhoushan الصيني، وقامت بتحميل ( 316.679 ) ألف طن من النفط الخام وهو ما يساوي ( 2.375.090 ) مليون برميل.

وبحسب حكومة الإنقاذ فإن التحالف السعودي يقوم ببيع ملايين البراميل بواسطة سفن عملاقة تأتي بوتيرة شبه شهرية إلى الموانئ اليمنية، كما يظهر في مواقع رصد حركة الملاحة الدولية.

فيما يرى مراقبون أن نهب النفط اليمني من قبل التحالف ومرتزقته أو الدول المتواطئة معه، يعد جريمة اقتصادية جسيمة ومنظمة، ما يضع الاحتلال ومرتزقته والمتواطئين معهم أمام المساءلة القانونية والشعبية لمعرفة مصير إيرادات النفط.

قد يعجبك ايضا