قال المفكر العربي العراقي علي الوردي ( نحن لا نستدعي الماضي نظراً لجماله بل بسبب بشاعة الحاضر وتدني مستوى الأخلاق فيه )، وهي مقولة صحيحة تذكرتها وأنا أتابع تدني الخطاب الإعلامي وإصرار إعلام البهتان المُدجن على تزييف الحقائق لتبييض صفحات دول ومكونات سياسية بمحاولة التنصل من قضايا وملفات وجماعات يعرف العالم أن هذه الدول والكيانات كانت في الماضي تعطي أولوية مطلقة لتبني هذه القضايا والتصدي لأخرى خالفت النهج المحبب لدى الدولة أو الكيان .
في هذا الصدد تخيلوا أن الإعلام السعودي يتباكى على ثورة 26 سبتمبر والنظام الجمهوري في اليمن ، وينقل الاحتفالات الباهتة بالمناسبة التي أقامها المرتزقة في بعض المحافظات المحتلة بالذات مظاهر الاحتفال في تعز ومارب ، والغريب أن ما سُمي بإيقاد الشعلة لم يحدث في عدن باعتبارها العاصمة المؤقتة كما يقولون ، بما يُشير إلى أن أوضاع المدينة لم تسمح باستحضار الذكرى بعكس ما كان يحدث في زمن التشطير ، كان النظامان في صنعاء وعدن يتسابقان على الاحتفاء بالمناسبة، وكان المعارض الوحيد هي السعودية وأذنابها في اليمن على رأسهم جماعة الإخوان المسلمين كنهج متطرف يعتبر الثورة من صنع الزعيم المصري الراحل جمال عبدالناصر والتنكر كلياً للنظام الجمهوري باعتباره فكرة مستوردة تتعارض مع النموذج الذي جسده الإسلام المتمثل في دولة الخلافة الإسلامية .
الإشكالية أن القنوات التابعة للإخوان الممولة من قطر تنكرت كلياً لذلك الخطاب الذي أثر على حياة الناس وأثار كل أسباب الفتنة ردحاً من الزمن ، كان آخرها الموقف الغريب الذي رفض إعادة توحيد الوطن اليمني، وبعد أن فشل هذا المشروع الإجرامي الخطير توالت الفتاوى الصادرة عن من يُسمون أنفسهم علماء الإصلاح وصبت باتجاه شق الصف واتهام أعضاء الحزب الاشتراكي بالكفر والإلحاد ، وكل الإشاعات التي مهدت لحرب 1994م من خلال التحالف مع رأس النظام السابق الذي صاغه المدعو علي محسن الأحمر باعتباره تحالفاً بين الإصلاح والمؤتمر الشعبي العام .
المدهش والمُثير للسخرية أن هذه القنوات تتباكى وتذرف دموع التماسيح على الثورة والجمهورية ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد لكن نفس الوسائل تدّعي كذباً وزوراً وبهتاناً المشاركة الفاعلة في التمهيد للثورة والقيام بدور فاعل لحظة الصفر والدفاع عنها في زمن الحرب الضروس ، الممولة من أمريكا وبريطانيا والسعودية الطرف المُنفذ ومصدر التمويل ومن أفياء النظام الذي حارب الثورة سبع سنوات يتحدثون عن الثورة والجمهورية ، يا لها من ثورة !؟ ويا لهم من ثوار!؟ إنها فعلاً مقاييس مغلوطة لا بد أن يفهمها كل مواطن يمني شريف .
* أوكار القاعدة
على خلفية هجوم الانتقالي وما يُسمى بالعمالقة الممولة إماراتياً على تنظيمي القاعدة وداعش في محافظتي شبوة وأبين ، ها هو الإعلام السعودي يتباهى بهذا العمل ويعضده في ذلك إعلام المرتزقة ، الكل يحاول إثبات وجود علاقة بين هذه التنظيمات الإرهابية وجماعة الحوثي كما يقولون، حول هذا الموضوع أكتفي برسالة لصديق عزيز صحفي يعيش في عدن أحتفظ بأسمه خوفاً على حياته حيث قال : ( مثل هذه الاسطوانات باتت مشروخة تُثير السخرية والتقزز بالذات حينما نسمعها من حزب الإصلاح الممول الأساسي لجماعات التكفير وكذلك السعودية التي يعرف العالم أجمع أنه هو من صنع هذه الجماعات الإرهابية ومدها بالتمويل الفكري والمادي ولا يزال الأمريكان يطالبون بتطبيق قانون جاستا الذي جرَّم السعودية باعتبارها الدافع على أحداث 2011م في نيويورك والتي تغاضى عنها ترامب بشكل مؤقت لكي يتمكن من ابتزاز السعودية أكثر ، إذاً هؤلاء هم من دعم وأنشأ هذه التنظيمات الإرهابية وهم في الأساس يعرفون أنها عدو لدود لجماعة أنصار الله ولكل المذاهب الإسلامية التي تختلف معهم ، أما أنصار الله فإن دروهم مشهود ومعروف فلقد حاربوا هذه الجماعات من دماج إلى خبزة في محافظة البيضاء ولعب الإصلاح دوراً مباشراً في احتضان هذه الجماعات وتوفير كل مقومات البقاء لها لكي تكون السند القوي عندما يتعرض الإصلاح لأي هجوم من أي طرف، وهذا ما جعل الإمارات تفكر بتوجيه الضربة للقاعدة قبل الانتهاء من استئصال حزب الإصلاح وهم يعرفون هذا جيداً ، أقول هذا الكلام ونحن نعلم أنا وغيري من أبناء عدن الأحرار أن ما يجري لعبة فقط هدفها تأليب العالم على جماعة أنصار الله ، لكنهم لم يفلحوا لأن دور أنصار الله ضد الإرهاب معروف ومشهود وهم الذين خلصوا الشمال في الماضي من براثن هذه الجماعات بعد أن توالت التفجيرات الإجرامية الظالمة وطالت المساجد وكل ما أمكنهم الوصول إليه ) أكتفي بما أسلفت من رسالة الصديق العزيز ، وأقول فعلاً أننا في الزمن الرديء البشع لبشاعة هؤلاء الناس الذين لا يترددون عن توظيف أي شيء لخدمة مصالحهم ، أسأل الله أن يجنب اليمن كل المكاره وأن ينصر المجاهدين في كل جبهات العزة والكرامة ، والله من وراء القصد ..
أحمد يحيى الديلمي