اختلق المرتزقة ذرائع واهية لتحويله
نقل البنك المركزي إلى عدن …مؤامرة أمريكية لتدمير العملة والاقتصاد الوطني وقطع المرتبات
الثورة / محمد الجبري
مثلت عملية نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن، جزءاً من سياسة مالية دولية لم يكن لمنافقي وعملاء الرياض والنظام السعودي والخليجي عموما في اتخاذ قرار بهذا الحجم إلا بتواطؤ وتدخل مباشر من أمريكا ما يؤكد رعايتها رسميا للعدوان على اليمن وتحملها المسؤولية الكاملة إزاء أي أضرار أو تبعات جراءهذا التصعيد العدواني الذي يتعرض له الشعب اليمني بشكل كامل في المحافظات المحررة تحت قيادة أنصار الله والمجلس السياسي الأعلى.
كما أدرك اليمنيون أن من سعى إلى قتل الشعب اليمني بنيران طائراته العدوانية منذ أكثر من سبع سنوات، لن يتردد بلا شك عن قتله بوسائل أخرى كالحصار والتجويع المتعمد، خاصةً حين يكون هذا القاتل هو طاغوت العصر ورأس الاستكبار العالمي، الذي طالما تفنن في قتل واحتلال الشعوب على مدى تاريخه الإجرامي، وهو الذي اعترف دون خجل على لسان سفيره في ذات مفاوضات بأنه سيلجأ لاستخدام سلاح التجويع، إن لم يقبل اليمنيون بالهزيمة والاستسلام والقبول بشروطه العدوانية التي فشل في تحقيقها من خلال المعارك على الصعيدين العسكري والسياسي.
تآمر أمريكي
كشفت الولايات المتحدة عن وجهها القبيح خلال مفاوضات الكويت والتي تجلت في المؤامرة الكبرى على الاقتصاد والريال اليمني، على لسان السفير الأمريكي في اليمن، حين هدد الطرف الوطني في مسقط، مطالباً بالتوقيع على ورقة استسلامية، مقابل العدول عن نقل البنك من صنعاء إلى عدن، وكان ذلك قبل قرار نقل البنك بشهور؛ يهدف الأمريكان من ذلك إلى تحقيق ما عجز عن تحقيقه عسكرياً عبر عملائه، الذين كانوا حينها قد شنوا عشرات الآلاف من الغارات.
الأمر الذي كشف عنه رئيس الوفد الوطني المفاوض محمد عبدالسلام، حيث أكّد أن السفير الأمريكي هدد بنقل البنك ومنع الإيرادات وجعل الريال اليمني لا يساوي قيمة الورق الذي تُطبع به، وهو ما يقودنا إلى الوصول لجذور المؤامرة الأمريكية على الاقتصاد اليمني، ويؤكد ضلوع الأمريكي في تجويع وحصار اليمنيين، وأن قرار هادي ليس سوى تنفيذ للمؤامرة الأمريكية الغادرة.
هنا أكّد محافظ البنك المركزي هاشم إسماعيل، في يونيو 2021، أن العدو الأمريكي أشرف على مخطط التآمر على هذا القطاع، ومتابعة التنفيذ، وذكر أن قوى العدوان استولت على الاحتياطي الخارجي من النقد الأجنبي الذي بلغ ما يقارب مليار دولار في حينه، والقرصنة على صلاحيات نظام التحويلات وتبادل المعلومات بين البنوك العالمية عبر نظام “السويفت”.
نقل البنك وقطع الرواتب
أصدرت سلطات المرتزقة في 18 سبتمبر 2016م قراراً وقامت بارتكاب أكبر جريمة بحق اليمنيين، يفي بنقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى عدن، في مخالفة قانونية ودستورية جسيمة، هدفها تطويع اليمنيين، بعد أن كان البنك المركزي يؤدي مهامه من صنعاء على أكمل وجه، من صرف لرواتب الموظفين حتى في المناطق التي تحت سيطرة تحالف الشر والخونة المشاركين في العدوان.
وجرى نقل البنك المركزي آنذاك تحت ذرائع واهية، قبل أن يتم صرف رواتب الموظفين، و اكتفى هادي بالظهور نهاية نوفمبر 2016م، للتأكيد على تعهد حكومته، بصرف الرواتب، والوفاء بالاستحقاقات المترتبة على قرار نقل البنك المركزي إلى عدن، مبشّراً بانتهاء تداعيات شح الموارد المالية وأزمة نقص السيولة النقدية، وهو ما لم يحدث البتة وحدث نقيضه تماماً.
اليوم ثمان سنوات منذ نقل وظائف البنك المركزي اليمني، أثبتت عكس ما تم الإعلان عنه، من قبل سلطات المرتزقة، من تبنيه سياسات تدميرية للاقتصاد الوطني و على السياسة النقدية، من طباعة العملة التي أضرت بكل مواطن يمني، لولا أن صنعاء تلافت ذلك بمنع تداولها.
وكشف البنك المركزي في صنعاء أن ما تم طباعته بصورة غير قانونية من العملة من قبل دول العدوان والمرتزقة، وصل إلى خمسة تريليونات و320 مليار ريال حتى يونيو 2021م، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف ما طبعه البنك المركزي في صنعاء منذ العام 1964م وحتى 2014م.
فشل بنك عدن
عندما نقل البنك من صنعاء إلى عدن؛ أراد الأمريكي للبنك المركزي في عدن أن يوقف عمل البنك؛ من خلال عدم قيامه بمهامه المنوطة به، فالبنك المركزي في صنعاء سعى طيلة بقائه في صنعاء للحفاظ على قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، وتغطية فاتورة الاستيراد بالعملات الأجنبية رغم شحة الموارد، ونجد ذلك في الفارق الكبير بين سعر الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية بين صنعاء وعدن، الذي ترتبت عليه تداعيات معيشية، مسّت جميع المواطنين.
وأكد محافظ البنك المركزي بصنعاء هاشم إسماعيل سابقاً، أن البنك المركزي في عدن حمل أبناء الشعب اليمني في المحافظات المحتلة أعباء مالية من خلال تحصيله للمبالغ تحت ما يسمى بالودائع والقروض ونهبها في ممارسات مصرفية، مارس من خلالها عمليات واسعة لغسيل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث بلغت هذه الأموال ما يزيد عن ملياري دولار.
فشل البنك المركزي في عدن حتى في إدارة شؤون المناطق التي تقع تحت سيطرة تحالف العدوان، رغم تدفق الموارد المالية؛ بسبب الاستهداف المتعمد من قبل تحالف الشر وعلى رأسه أمريكا، من نهب للموارد النفطية والغازية اليمنية ما أثر بشكل عكسي وألقى بظلاله على تردي الأوضاع الاقتصادية وزيادة المعاناة التي يواجهها المواطنون في مناطق سيطرة الاحتلال، وأشد وطأة وأكثر كارثية ومعاناة، خصوصاً بعد أن أصبح البنك الأهلي السعودي هو الذي يتلقى إيرادات النفط والغاز اليمني.
ويعتبر قرار نقل البنك المركزي ذروة المؤامرة على اقتصاد اليمن، حيث ضرب معيشة أكثر من مليون موظف بانقطاع رواتبهم، واقتصاد ثلاثين مليون يمني بسياسات العبث والنهب للثروات، وهنا عرف اليمنيون من هو عدوهم الحقيقي، الذي أمعن في حربهم ومساومتهم على كرامتهم مقابل العيش.